أخبار السودان

حتي يوقع الرئيس

بسم الله الرحمن الرحيم

د. على السيد

قيل أن رئيس الجمهورية أعاد للهيئة التشريعية القومية مشروع قانون مفوضية مكافحة الفساد وذلك استناد لما لديه من سلطات بموجب المادة 108 من الدستور التي تخول له عدم المصادقة علي مشروع اي قانون وفي هذه الحالة يجب إعادة المشروع للهيئة التشريعية القومية مبدئيا أسباب اعتراضه او ملاحظاته طالبا من الهيئة إعادة النظر فيه وللهيئة الحق في اعادة النظر في المشروع ولها الحق في الامتناع ايضا والإصرار علي مشروعها الذي تقدمت به ولكن هذه المرة لابد من موافقة ثلثي أعضاء الهيئة التشريعية القومية علي ذلك المشروع واذا تمت الموافقة علي المشروع السابق بالنصاب المطلوب فان المشروع يصبح قانون ساري المفعول ولايلزم لسريانه مصادقة رئيس الجمهورية عليه .

القانون بين سندان الهيئة التشريعية ومطرقة رئيس الجمهورية
قيل ايضا ان رئيس الجمهورية اعاد مشروع القانون معترضا علي ماجاء به من عدم الاعتداد بالحصانات حيث ان هناك ضرورة من اعتماد الحصانة لقيادات الدولة العليا وذلك تجنبا للبلاغات والاتهامات الكيدية المقصود منها تعطيل ادارة الدولة أو الانتقاص من هيبتها(وهذا راي له وجاهته)
مضمون حديث رئيس الجمهورية او اعتراضه هو المبدأ الذي قرر بشانه موضوع الحصانات الإجرائية والموضوعية في القوانين الحديثة في دول العالم المعاصر ومن ثم اصبح لازما في القانون الدولي مما اضطر الدول علي اعماله في قوانينها
استطيع القول بان مشروع القانون قدم علي عجل واجيز ايضا علي عجل تمشيا مع حالة الهياج ضد الفساد والمفسدين في وسائل الاعلام وعزم قيادات الدولة علي محاربته و هذه العجلة جعلت القانون محل نقد من الجميع وقدمت مقترحات لاصلاحه ولكن لم تراع الهئية التشريعية تلك المقترحات وتجاوزتها الي ان صدمت بقرار ريئس الجمهورية
الحقيقة ان القانون ولو لم يعترض عليه رئيس الجمهورية ما كانت ليصمد امام اول طعن لدي المحكمة الدستورية لانه حقيقة مخالف للدستور فيما يتعلق بعدم الاعتداد بالحصانات الممنوحة لريئس الجمهورية و نائبيه (المادة 60 )وكذلك حصانات اعضاء الهئية التشريعية والمجالس التشريعية الولايئة والولاه والوزراء المادة ( 180/5) لان حصاناتهم مستمدة من الدستور صحيح ان باقي الحصانات منصوص عليها في القوانين وهذه يمكن عدم الاعتداد بها حيث ان القانون في المادة 25 منه جرد اصحابها من الحصانة التي يتمتعون بها (بموجب أي قانون اخر) غير ان القانون غير الدستور وكان يمكن ان يفهم من هذا انه لا مساس بحصانة من نص الدستور علي حصانته ويدخل في هذا الاستثناء الاشخاص المذكورين في المادة(60و92) من الدستور وفي هذا توسع غير مقبول ويخالف التشريع
الغريب في الامر ان المفوضية حصنت نفسها من أي اتخاذ اجراءات او رفع دعوي فيما يتعلق بعملها الا باذن من رئيس الجمهورية الذي جردته من حصانته بموجب ذلك النص بالرغم ان مهام المفوضية تجعل منسوبيها عرضة لرفع الدعاوي في حالات كثيرة حيث المحاباة والتستر امر وارد

حل وسط
حتي لا يصبح القانون محل صراع بين رئيس الجمهورية والهيئة التشريعية ويصبح عرضة للنسيان فأنني أري عدم المساس بحصانة رئيس الجمهورية ونائبيه رغم ان حصانتهم من حيث العموم مخالفة للشريعة الإسلامية للسلطان او غيره أي ان يعاد النظر في مسالة الحصانة لاحقا وان يعدل النص الدستوري في المادة 92 المتعلق بحصانة اعضاء الهيئة التشريعية القومية وكذلك تعديل المادة 108 الفقرة 5 المتعلقة بحصانة الولاه والوزراء واعضاء المجالس التشريعية الولائية حيث تنعدم الحصانة في حالة الاتهام بموجب قانون مكافحة الفساد وبهذا يكون الله كفانا شر قتال السلطان وأعوانه لان مجرد وجود قانون لمكافحة الفساد يمكن ان يساعد علي الحد منه رغم قناعتي ان اهم آلية لمكافحة الفساد هي الديمقراطية وماينتج عنها من تداول للسلطة ، ووجود رقابة برلمانية ومعارضة تتربص بفساد الحكومة ،والديمقراطية توفر نظام رقابي فعال علي كافة اعمال الجهاز التنفيذي بالدولة والديمقراطية توفر الاعلام الحر ومؤسسات المجتمع المدني التي من شانها فضح الفساد من خلال النشر والبث وتكوين الراي العام المناهض للفساد غير ان الديمقراطية تعتمد في النهاية في مكافحتها للفساد علي القضاء العادل المستقل النزيه و بغيره تكون الديمقراطية ذاتها بلا معني .

بالرغم مما تقدم فان الديمقراطية لاتستطيع وحدها مكافحة الفساد ، اذ لابد من الضروري من اعلام حر وهو واحد من اعمدة الديمقراطية واهماها . حيث ان نشر الاخبار المتعلقة بالفساد وتعليق كتاب الاعمدة عليها وعرضها في الاجهزة الاعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة من شانه تكوين راي عام ضاغط ومعلوم ان العاملين في الاعلام لهم وسائل خاصة في تلقي الاخبار والسعي لها الامر الذي يجعل للاعلام رقابة غير تابعة او خاضعة للاجهزة الرقابية الرسمية ، فالاعلام الحر يعمل علي فضح الفساد وكشف وسائله قبل معرفة الرقابة الرسمية ومنعه قبل وقوعه صحيح ان هناك بلدان ذات ديمقراطية راسخة مع ذلك لاتخلو من الفساد غير ان فساد تلك الدول غالبا مايتم اكتشافه ويتم ردع مرتكبيه والفساد في الدول الديمقراطية عادة ما يتعلق بالانتخابات او التهرب من الجمارك او الضرائب .

اعود فاقول ان الفساد لا يكافح بالقوانين ولا بالمحاكمات ولا بالمفوضيات فهناك قوانين كثيرة لمكافحة الفساد غير ان هناك ايضا وبالمقابل (مكاتب معروفة للمحاماه في البلدان النامية تخصصت في الترافع عن كبار اللصوص سارقي المال العام والذين يعملون في غسيل الاموال حيث تتفنن تلك المكاتب في التنقيب عن الثغرات القانونية الممكنة والبحث عن الاجراءات القانونية الشكلية والتمسك بها وتفسير النصوص لصالح المفسدين وقد يساعدهم في ذلك بعض القضاة الذين لا ضمير لهم فالسارقون الذين ينهبون كميات ضخمة من المال العام لايضيرهم ان يخصصوا جزءا منها (بالمليارات) كما شاهدنا وذلك للحماية والدفاع القانوني والفساد القانوني ايضا وهؤلاء بدورهم عادة مايفسدون القضاء والقضاة والحكومة ذاتها ) وللحد من الفساد لابد من الاتي:-

1/اتساع رقعة الديمقراطية لتشمل كل مناحي الحياة وتعديل القوانين المقيدة للحريات والتداول السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهةحتي لايعشعش الفساد لامد طويل يتم توارثه والتستر عليه واصدار الفتاوي المضللة مع التاكيد علي حرية الاعلام مع حصانة الصحفي ورجال الاعلام
2/اصلاح هياكل الاجور اذ لا بد من تحسين معاش العاملين من صغار وكبار الموظفين في القطاعين العام والخاص حتي تصبح الاجور اداة للعيش الكريم وهذه هي الضمانة الاولي للحماية من الفساد الصغير .
3/الاسراع بالاصلاح المالي والاداري ووضع الضوابط اللازمة لمنع التداخل بين الوظيفة العامة و العمل التجاري منعا لاختلاط المال العام بالمال الخاص وعدم تعين رجال الاعمال في الوظائف العامة والحكومة .
(لله الامر من قبل ومن بعد واليه ترجع الامور)

نشر بالتيار

تعليق واحد

  1. وهل نحن اصلا محتاجين لقوانين لمكافحة الفساد ؟ ارجعوا للقوانين التى تركها لنا الأنجليز من الخمسينيات .

  2. يسد نيتك يا علي السيد البلاغ الكيدي وااضح وفي قوانين تثبته او تنفيه ليس للمجرم حصانة في القانون

  3. اتمن من اللة الكريم في هذا الشهر الكريم ان يظهر حق الحرام في كل من نهب وا اختلص من حق العشب السوداني

  4. الصبر الصبر خدام الجن انقلبت عليهم . انى ارى مليشيات جن من مدتى وما حولها متجة الى شرق النيل ! ناس الوسط يهدو فى غضبهم . مع الصبر يااخى رابط يعنى اسأل الله التوفيق والعافية حتى لو عم القتل وطالك فكن من الذين يصيرون الى مغفرة ولا تكن كالعامة حطب للنار .

  5. who is going to be involved under this law ….the poor traffic police man or ,the multi millunaire brothers of his excellency Omer Basher, or Basher himself…let us lean to the fact that ,when the fish got spoiled the the fist part that get rotten is the head

  6. رغم كلامك الجيد عن الدموقراطية فى الاخر ال ان تسميتك للاحتجاج على الفساد بالهيجان يدعوا الى الشبهة فى انك منهم ومن منهم لا يعتد برايه حتى ولو احتج فاسقا بالكتاب ..وكمان يا دكتور (؟؟) اذا استثنيت كل هؤلاء من المحاسبة من الذى سيحاسب على الفساد ستات الشاى وسائقي الدرداقات ؟؟؟؟

  7. يا عمر من يعصمكم يوم الحساب …يوم تقفون عرايا تتكلم السنتكم لاحصانه ولا سياده
    اللهم عليك بالظالمين الفاسدين العاهرين البشير وجماعته

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..