ولاية أميركية تعلن عطلة عامة في ذكرى العرض الأول لفيلم «ذهب مع الريح»

رائعة «ذهب مع الريح» ليست مجرد كتاب أدبي، بل هي أقرب للأسطورة: تلك الرواية البديعة التي كتبتها مارغريت ميتشل على الآلة الكاتبة مستخدمة أصبعين فحسب، وحققت لها ثروة ولا تزال تحقق نجاحا عالميا، يمر على خروجها للنور 75 عاما بعد يومين. كان من المقرر أن يكون اسم الشخصية الرئيسية في الرواية بانسي والكتاب نفسه لم يكن مقدرا له هذا الاسم الذي اشتهر به، بل كان اسمه «احمل حقائبك الثقيلة»، غير أن المؤلفة الشابة التي ولدت عام 1900، اختارت للبطلة اسم سكارليت وللرواية اسم «ذهب مع الريح» لتخرج للعالم واحدة من أنجح الروايات على الإطلاق.

يقال إن ميتشل قالت وهي بعد في الرابعة عشرة من عمرها: «أريد أن أكون مشهورة بشكل ما.. خطيبة أو فنانة أو كاتبة أو جندية أو مقاتلة أو سيدة دولة أو أي شيء من هذا القبيل».

كانت شرارة الحرب العالمية الأولى اشتعلت لتوها في أوروبا، بينما لم تكن جراح الحرب الأهلية الأميركية (1861 – 1865) قد اندملت بعد وذكرياتها لا تزال حية في خواطر سكان الولايات الجنوبية ومنها أتلانتا مسقط رأس أديبتنا.

عندما بلغت السادسة والعشرين، دخلت ميتشل مرحلة نقاهة طويلة بعد حادث ركوب خيل، وقد استغلت تلك الفترة أيما استغلال.

تقول جوانا أرييتا التي تعمل حاليا في منزل ميتشل الذي تحول لمتحف وكانت ميتشل اعتادت الكتابة فيه: «لقد ألفت كتابا..لكن فصلا بعد فصل.. كانت تخفي كل فصل في مظروف في شقتها». «كما أنها بدأت بالنهاية ثم عادت أدراجها (فصلا فصلا) حتى البداية».

كانت المهمة بالغة المشقة، الآلة الكاتبة من طراز رمينجتون التي كانت ميتشل تكتب عليها بأصبعين فحسب موجودة حاليا في منزل مارغريت ميتشل في أتلانتا. تتندر أرييتا وهي تبتسم «غالبا ما يسألني تلاميذ المدارس أين زر الإلغاء».

تدور القصة حول سكارليت أوهارا، تلك الحسناء المدللة الانتهازية وخطيبها الأناني كابتن ريت بتلر، وهو شاب من أغنياء الحروب أعجب بروحها المتقدة. حياة المزرعة المثالية – الرواية تصور آل أوهارا أسرة تعطف على خدمها – تتداعى مع نفير الحرب، لترسم خلفية واضحة لمثلث الحب الكلاسيكي: ريت يهوى سكارليت، سكارليت تحب إقطاعيا من الجنوب يدعى أشلي ويلكس، بينما يتزوج الأخير ابنة عمه ميلاني.

تلجأ سكارليت لريت وتظهر اهتماما به لأنه مفيد بالنسبة لها، بل وتتزوجه وتنجب منه طفلا، غير أنها لا تدرك أنها تحبه بحق إلا بعد فوات الأوان.

في أحد مشاهد النهاية، تسأل سكارليت ريت ماذا ستفعل؟ ومن سيهتم بها؟.. يرد عليها «لا أعبأ بذلك على الإطلاق». وفي النسخة السينمائية من الرواية التي ظهرت عام 1939 تتسع المساحة لمزيد من الجمل التي باتت شهيرة للغاية فيقول «حقا عزيزتي..لا آبه على الإطلاق» ويتركها تنهار على درج القصر في دموعها.

غير أن الرواية تنتهي بخاتمة أكثر بهجة وتفاؤلا، حيث تتذكر سكارليت مزرعة أسرتها – تارا – وتدرك أنها يجب أن تعود وتبدأ من جديد، لتنتهي الرواية بجملتها الشهيرة وهي واقفة في شموخ «غدا يوم آخر».

بين مارغريت وسكارليت أوجه شبه كبيرة، هي أيضا وصلت إلى أمها وهي على فراش الموت، لكن بعد أن يكون القضاء قد خط النهاية، هي أيضا كانت ممزقة بين رجلين. زوجها الثاني جون مارش الذي أحبته ووقفت بجواره، وزوجها الأول بهي الطلعة متقلب المزاج بيريين أبشو.

في عام 1936، باعت ميتشل روايتها مقابل ثلاثة دولارات للنسخ وهو ما يعادل خمسين دولارا حاليا. ومع ذلك، بيعت نحو مليون نسخة من الكتاب بحلول احتفالات عيد الميلاد في العام نفسه. ولم تتوقف المبيعات منذ ذلك الحين: طوال 75 عاما والكتاب يعاد طبعه ونشره مرة بعد مرة، دون توقف.

حقق الكتاب رواجا عالميا، وأصبح واحدا من أكثر الكتب مبيعا أو كاد، النازيون منعوا توزيعه، حيث اعتبرته ألمانيا الشرقية وبعض الدول المسلمة، في وقت لاحق أنه يحمل طابعا أميركيا مبالغا فيه.

عندما عرض الفيلم للمرة الأولى عام 1939، وكان واحدا من أوائل الأفلام الملونة في تاريخ السينما، حقق نجاحا منقطع النظير وأرباحا بلغت 400 مليون دولار، وهو رقم لا يزال ضخما حتى اليوم، الجدير بالذكر أن سعر التذكرة آنذاك كان 25 سنتا مقارنة بسعرها اليوم الذي يتراوح بين 8 إلى 18 دولارا.

الخلاصة، وكي نتمكن من تخيل ما حققه ذلك الفيلم من نجاح، فإن «ذهب مع الريح» يمكن مقارنته بروائع مثل «أفاتار» و«تيتانيك» و«سبايدر مان».

حاكم جورجيا أقر بأهمية العمل، وأعلن يوم عرض الفيلم للمرة الأولى عطلة عامة.

أصبحت ميتشل سيدة ثرية، لكنها أيضا كانت تنفق الكثير من النقود، وكثيرا ما اختصمها آخرون أمام القضاء. حتى إن أحدهم طالبها بتعويض قدره ستة مليارات دولار لأن جملة «مات شيرمان» التي وردت في روايتها هي في الحقيقة جملته هو. عاشت ميتشل حياتها كلها في وسط أتلانتا، إلى أن دهسها سائق مخمور في أغسطس (آب) 1949، وماتت بعد ذلك بخمسة أيام. لم يفت يوم منذ وفاة مارغريت ميتشل، إلا وترك بعضهم باقة زهر على قبرها.

الشرق الاوسط

تعليق واحد

  1. عاشت ميتشل حياتها كلها في وسط أتلانتا، إلى أن دهسها سائق مخمور في أغسطس (آب) 1949………………………..ذهبت مع الريح!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..