أمريكا: خطة روسيا بشأن عملية إنسانية في سوريا قد تكون “خدعة”

واشنطن/بيروت (رويترز) – قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الجمعة إن بلاده تسعى للتحقق من مدى صدق خطة أعلنتها روسيا لبدء عملية إنسانية في سوريا مشيرا إلى أنه إذا اتضح أنها “خدعة” فقد تعصف بالتعاون بين موسكو وواشنطن.

وفي حلب ربع مليون شخص محاصرين منذ أسابيع داخل مناطق سيطرة المعارضة من المدينة وهؤلاء لم يقتربوا حتى الآن من “ممرات آمنة” وعدت موسكو ودمشق بتوفيرها لمن يحاولون الفرار من أهم معاقل المعارضة في البلاد.

ويوم الخميس أعلنت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وحليفتها روسيا عملية إنسانية مشتركة للمنطقة المحاصرة وأسقطت فيها منشورات تطالب المقاتلين بالاستسلام والمدنيين بالمغادرة.

وعبرت الأمم المتحدة عن شكوك بشأن الخطة فيما اعتبرها مسؤولون أمريكيون محاولة لتفريغ المدينة من سكانها ليتسنى للجيش السيطرة عليها. ووصفت المعارضة السورية الخطة بأنها تغيير للتركيبة السكانية وتهجير قسري يرقى لجريمة حرب.

وقسمت حلب منذ 2012 وهي التي كانت كبرى المدن السورية قبل الحرب ليصبح قسم منها الآن في قبضة الحكومة وقسم آخر في قبضة المعارضة المسلحة. ومن شأن السيطرة على حلب منح الأسد أكبر انتصار في خمس سنوات من القتال وتحقيق أهم تغير في الموازين لصالحه منذ بدأت موسكو عملية لدعمه العام الماضي.

غير أن هذا سيمثل إهانة لكيري الذي قاد مبادرة دبلوماسية مع موسكو ليتسنى للقوتين العالميتين التعاون في مواجهة متشددين إسلاميين والعودة لتطبيق هدنة في مناطق أوسع من سوريا.

وحين سئل عن الخطة الروسية قال كيري إن واشنطن لا تزال غير واثقة من نوايا موسكو. وقال “إذا كانت خدعة فإنها تحمل مخاطرة تدمير التعاون تماما.

“من ناحية أخرى إذا تمكنا من حل الأمر اليوم والوصول إلى تفهم كامل لما يحدث ثم التوصل إلى اتفاق بشأن سبل المضي قدما فإن ذلك يمكن أن يفتح فعليا بعض الاحتمالات.”

وقال كيري أيضا إنه تحدث مع موسكو مرتين خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية في محاولة لاستيضاح خططهم.

وعبر البيت الأبيض عن شكوكه. وقال المتحدث باسمه إيريك شولتز “بالنظر لسجلهم في هذا الخصوص.. فإن لدينا شكوكا.. وهذا أقل وصف.”

* نقطة تحول

ربما يصبح مصير حلب خلال الأسابيع المقبلة نقطة تحول في الحرب الأهلية متعددة الأطراف التي تبدو بلا نهاية في الأفق والتي أودت بحياة مئات الآلاف وشردت الملايين.

وحققت القوات الموالية للحكومة السورية مدعومة من روسيا تقدما خلال الشهور الثلاثة الماضية منذ انهيار وقف إطلاق النار وتحاصر مناطق سيطرة المعارضة المسلحة في حلب منذ أوائل هذا الشهر حين سيطرت على الطريق الرئيسي المؤدي للمدينة.

وتقول الأمم المتحدة إن المواد الغذائية ستنفد خلال أسابيع من المناطق المحاصرة في حلب وحاولت التفاوض لوقف القتال للسماح بوصول المساعدات الإنسانية.

وحتى الآن لم يلجأ أحد للمناطق الآمنة. واتهم التلفزيون الرسمي السوري المعارضة المسلحة بمنع المدنيين من الرحيل عن مناطق سيطرتهم وهي تهمة ينفيها المعارضون. وقال مراسل للتلفزيون السوري في حلب إن مراكز استقبال أقيمت حول المدينة لاستقبال المدنيين مضيفا أن قليلين لجأوا إليها بسبب تهديدات مقاتلي المعارضة.

تقول الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل طيفا واسعا من المعارضة السورية إنها تعتقد بأن الهدف هو تطهير المنطقة ليتسنى للقوات الحكومية السيطرة عليها.

وقالت بسمة قضماني عضو الهيئة “لن يسمح العالم لروسيا بإخفاء هجومها على حلب من خلال الحديث كذبا عن ممرات إنسانية. لنكن واضحين هذه الممرات ليست بهدف إدخال المساعدات بل لإخراج الناس. الرسالة الوحشية لشعبنا هي أن ارحلوا أو موتوا جوعا.”

وعبرت واشنطن عن نفس المخاوف. وقال جون كيربي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية يوم الخميس “سيبدو هذا وكأنه طلب باستسلام فصائل المعارضة وإجلاء المدنيين السوريين من حلب.”

وقال مسؤول أمريكي إن مسؤولين أمريكيين يتحدثون في أحاديث خاصة عن مخاوف من أن المقترح الروسي يخفي النية الحقيقية للحليف السوري بفصل الصبية والرجال عن بقية السكان بزعم أنهم إرهابيون ومن ثم سجنهم أو إعدامهم. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه إن هذا “هو ما فعله الأسد وأبوه مرارا منذ 1982 على الأقل.”

وأضاف مسؤول آخر “لماذا تخلي مدينة تريد أن ترسل إليها مساعدات إنسانية؟”

وقال غيث ياقوت المرجان وهو ناشط في حلب لرويترز إن المدنيين يتجنبون الممرات لأنها لا تزال غير آمنة. وأضاف أن هناك من يرغبون في الخروج لعدم قدرتهم على تحمل قصف طائرات الهليكوبتر والمقاتلات والبراميل المتفجرة وأن مقاتلي المعارضة لا يمنعون أحدا إن أراد الرحيل.

وقال أيضا إن من يريد الرحيل عليه السير لمسافة كيلومتر في منطقة قتال حيث سيخاطر بإصابته بنيران من أي من الجانبين.

والتزمت الأمم المتحدة التي تأمل في استئناف محادثات السلام السورية في أغسطس آب المقبل بالحذر في تقييمها للممرات الآمنة وقالت إنها قد تكون مفيدة فقط إذا اقترنت بوصول منتظم للمساعدات الإنسانية لمن لا يرغبون في الرحيل.

* حاجة ماسة لتطوير الخطة

قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا إن هناك “حاجة ماسة لتطوير الخطة” وإن موسكو تبدو منفتحة على الاقتراح.

وقال دي ميستورا إن من الضروري أن يتوقف القتال للسماح بوصول المساعدات الإنسانية وإن الأمم المتحدة ينبغي أن تشارك في إدارة أي ممرات آمنة للخروج.

وأضاف “الأمم المتحدة وشركاؤها في مجال الإغاثة.. لديهم الخبرة. هذا عملنا. جلب المساعدات الإنسانية والإمدادات للمدنيين أينما اقتضت الحاجة. لهذا السبب تحديدا الأمم المتحدة موجودة هناك.”

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن خطة إقامة ممر إنساني في حلب لن تنجح إلا إذا اتفقت عليها الأطراف المتحاربة وإنه لا تتوفر أي مؤشرات في الوقت الحالي على اتفاق بشأن حلب.

وقال روبرت مارديني مدير الشرق الأوسط والأدنى في اللجنة الدولية للصليب الأحمر متحدثا في جنيف “أهم شرط لإقامة الممرات بالشكل الملائم هو ضرورة أن توافق جميع الأطراف المعنية أولا وقبل كل شيء على إقامتها.. بخلاف ذلك سيتعرض المدنيون لمخاطر كبيرة.”

وأضاف “الصليب الأحمر ليست من أنصار الممرات الآمنة لأنها دائما تحمل فكرة وجود مناطق آمنة.. وكل ما خارج المناطق الآمنة يصبح مناطق لا يحترم فيها القانون الإنساني الدولي.”

وتقول منظمات إغاثة إن المدنيين عاجزون عن المغادرة من خلال الممرات الآمنة بسبب القتال وإن الموقف داخل المدينة المحاصرة يزداد خطورة.

ونقلت منظمة إنقاذ الطفولة عن طبيب وصفه للأوضاع البائسة بسبب القصف المستمر والأعداد الكبيرة من الضحايا في المدينة.

وقال الطبيب في بيان أصدرته المنظمة “تخيلوا غرفة طوارئ في أي مستشفى ميداني لا يوجد بها أكثر من خمسة أو ستة أسرة وحين نتعامل مع مذبحة نستقبل قرابة 30 أو 40 جريحا في نفس الوقت.”

وأضاف أن طفلا لا يتجاوز العاشرة من عمره ركض نحوه في أحد مواقع القصف وتوسل إليه ليعيد ذراعه اليسرى لمكانها بعد أن بترت وكان يحملها بيده اليمنى.

وقالت المنظمة أيضا إن مستشفى ولادة تدعمه في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة بمحافظة إدلب السورية تعرض لأضرار بالغة يوم الجمعة بعد أن أصيب بقصف مباشر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..