“تداعيات حصار” إزاء محنة الاقتصاد يقف المواطن يرقب ما يحمله غد من تطورات..

الخرطوم ? سلمى معروف
منذ أمد تحاول الحكومة الوقوف على حيلة تعضد بها جنوحها لتنفيذ سياسة رفع الدعم نهائيًا، وإيجاد حلول لتلافي أزمة الاقتصاد المستمرة. وفي ظل تعليق وزير المالية للأزمة على مشجب الضغوط السياسية والحصار الاقتصادي على البلاد، ومع شح السيولة وملاحقة الدول الدائنة للسودان، ومع دولار تخطى حاجز الـ(16) جنيهاً بالسوق السوداء وتراجع العملة المحلية وانهيارها، يبرز التوجه الحكومي الواضح لرفع الدعم نهائياً عن السلع، وتحويله لدعم الإنتاج، خلال موازنة العام 2017م التي سيبدأ الإعداد لها في سبتمبر المقبل. وفي اجتماع الأسبوع الماضي بث بدر الدين محمود وزير المالية شكواه للبرلمان أثناء مناقشة أزمة الدولار وانهيار الجنيه.. شكا من شح السيولة وملاحقة الدول الدائنة للسودان، وأن أزمة الاقتصاد السوداني سياسية في المقام الأول، إذ أن الحصار الاقتصادي ألقى بظلال سالبة على البلاد، بالإضافة إلى الديون الخارجية والفوائد المترتبة عليها، وأن مصروفات البلاد حتى النصف الأول من العام الجاري بلغت أكثر من 9 ملايين دولار بينما بلغت الإيرادات 1.4 مليون دولار.
ليس أمراً جديداً
حسناً، اتجاه بدر الدين وحكومته لرفع الدعم عن كل السلع أقريباً كان أم بعيداً موعدها، فإن الوزير ساق مبرراته في تحويل أموال الدعم للإنتاج المحلي، لتحقيق النهضة الاقتصادية المنشودة. حديث الحكومة عن رفع الدعم تدريجياً أو حتى نهائياً ليست بالأمر الجديد، فمع كل ميزانية جديدة تشهر الحكومة ووزير ماليتها سلاح رفع الدعم عن السلع وخاصة الوقود والخبز وأحيانًا الكهرباء، وهو ما يستدعي التساؤل، أين هي السلع المدعومة التي يتحدث وزير المالية عن رفع الدعم عنها، وسياسة السوق الحر تحكم قبضتها على السلع المختلفة منذ سنوات؟
سياسة الأمر الواقع
من واقع الحال والأرقام، فإنه حينما كانت الحكومة تحدث عن استمرار دعم الخبز الوقود فوجيء المواطنون بسياسة الأمر الواقع وشراء قطعتي خبز بجنيه، وتلويحات بدت من وزير الكهرباء برفع الدعم عن الكهرباء وإلا لن يشهد القطاع استقراراً، كل هذا بجانب حالة الضجر المسيطر على المواطنين من زيادات طارئة تكاد تكون يومية أو أسبوعية في مختلف السلع الاستهلاكية ومخاوف من قادم أسوأ في أسعار المواد الغذائية، وتبدو الحكومة كما لو أنها ماضية في رفع الدعم عن أشياء أخرى مثل التعليم الصحة المياه الكهرباء والخبز والمحروقات، خاصة بعد فقدان الميزانية لإيرادات نفط الجنوب الذي كان يمثل أكثر من 75% من ميزانية الدولة، والبحث عن الذهب كمورد بديل.
هل تصدق في المسعى؟
كثيرًا ما تبرر الحكومة بأن الهدف من اللجوء الى رفع الدعم من أجل توفير الأموال لدعم الإنتاج، وعدم دعم الشرائح الغنية على حساب الفقراء، فهل تصدق الحكومة في مسعاها؟ بالنظر إلى سياسات عامة تمضي فيها الحكومة تخبر عن عجز في موازنة الدولة الدولة بلغ 2.4 مليار جنيه بحسب الأداء عن الربع الأول من العام المالي، بجانب زيادة كبيرة في المنصرفات وعجز الميزان التجاري وانخفاض قيمة الصادرات خاصة الذهب.
تراجع وانهيار
في كل عام تجتر الحكومة في خطاباتها الراتبة الحديث عن دعم الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي، وحتى ميزانية العام 2016 تؤكد الحكومة استمرارها في ذات سياستها، بينما يكشف واقع الزراعة والصناعة تراجعاً وانهياراً كبيراً في القطاعين باعترافات المزارعين وأصحاب الأعمال أنفسهم. المزارعون جأروا بالشكوى من ارتفاع تكلفة الإنتاج وغياب التسويق والتمويل وارتفاع أسعار التقاوى والأسمدة عدا انهيار أسعار بعض المحاصيل في المواسم الزراعية السابقة. وتكشف الأرقام واقع المصانع التي أوصدت أبوابها وخرجت من دائرة الإنتاج وخلفت أعدادًا جديدة من العطالة، ويقف توقف أكثر من 70% من المصانع بالبلاد ،شاهداً، فالإحصائيات تكشف عن توقف ثلاثة آلاف وأربعة وخمسين (3450) مصنعاً عن الإنتاج بمختلف ولايات البلاد، إذ جاءت ولاية الخرطوم والجزيرة في المركز الأول بخروج 2400 مصنع عن الإنتاج، فيما بلغ عدد المصانع التي أغلقت أبوابها بولايات كردفان الثلاث 229 مصنعاً، بجانب توقف (131) منشأة صناعية بمنطقة بحري الصناعية بحسب الأمين العام للغرفة الصناعية عباس على السيد، رغم توافر كل مقومات الصناعة الجاذبة للاستثمارات الخارجية بجميع المجالات.
“تختلف الأسباب”
الأمر بحسب السيد يتطلب إزالة المعيقات التي تواجه القطاع ومنحه الأولوية من الجهات المختصة، إذ بلغت المنشآت الصناعية الكلية العاملة ببحري 62% فقط، ونحو (247) منشأة غيرت نشاطها تماماً نسبة لمواجهتها عدداً من المعيقات والمشاكل. واختلفت أسباب توقف المصانع بولايات دارفور الخمس من ضمنها الحرب وعدم وجود الطرق والكهرباء التي أسهمت في توقف آليات 173 مصنعاً، فيما بلغت جملة المصانع المتوقفة بالشرق والولايات النيلية 252 مصنعاً، وترجع الأسباب للرسوم والضرائب التي تبلغ 19 رسماً وضريبة، بالإضافة إلى ارتفاع مدخلات الإنتاج وإغراق الأسواق بالسلع الواردة وعدم حماية الدولة للمنتج المحلي.
“الحد الأدنى”
في محنة الاقتصاد يقف المواطن يرقب ما يحمله غد من تطورات، فمع زيادات الأسعار المختلفة في الأسواق،يلف الصمت المؤسسات الحكومية المعنية بأمر الاقتصاد ومعاش الناس، إلا من مطالبات بزيادة الأجور ورفع الرواتب إنفاذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للأجور، رغم أن هذه الخطوة نفسها بدت تشوبها نذر أزمة بين اتحاد نقابات عمال السودان ووزارة المالية بسبب عدم تطبيق التوجيه، وتعهد وزير المالية بزيادة الأجور والمعاشات أثناء مناقشة البرلمان موازنة العام 2016، مقابل إجازة النواب لرفع الدعم الحكومي عن السلع والخدمات. والحد الأدنى للأجور الآن يعادل 10% فقط من تكلفة المعيشة والتي بحسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء للعام 2016 تبلغ 926 جنيهًا بالمقارنة مع 425 جنيه تمثل الحد الأدنى حاليا لرواتب العاملين بالدولة.
“قرار سياسي وليس اقتصادي”
الاتحاد العام لنقابات عمال السودان، جدد، مطالبته لوزارة المالية بتطبيق وإنفاذ توصيات المجلس الأعلى للأجور المتعلقة بتحسين وزيادة الرواتب، إلا أن وزارة المالية تعتبر الزيادة في الأجور لها آثار سلبية على التضخم والأسعار، كما أنها في العادة تمول بالاستدانة وليس بموارد حقيقة من الدولة، في خضم كل ذلك يرى النائب المستقل عبد الجليل عجبين أن محنة الاقتصاد السوداني تتمثل في كونه مبنياً على قرار سياسي وليس اقتصادي، يقود في النهاية إلى ميزانية فاشلة معتمدة على أسس غير قانونية. وأشار إلى أن الحل يكمن في مواصلة تطبيق سياسة التحرير الاقتصادي،، وأكد بأن ميزانية 2016م لم ينفذ فيها أي مشروع حتى الآن، بينما يرى النائب يعقوب السيد أنه على الحكومة إيجاد بدائل سياسية لمعالجة أزمة البلاد الاقتصادية وتداعيات الحصار الاقتصادي الذي قال إنه أثر على حياة المواطنين وليس الحكومة

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. (وإن مصروفات البلاد حتي النصف الأول من العام الجاري بلغت أكثر من 9 ملايين دولار بينما بلغت الارادات 1.4 مليون دولار) السؤال: بالقديم ولا الجديد؟ إظهر إنه الحكاية جاطت في رأسكم وبقيتوا تتعاملوا مع الدولار بطريقة الجنيه!!

  2. (وإن مصروفات البلاد حتي النصف الأول من العام الجاري بلغت أكثر من 9 ملايين دولار بينما بلغت الارادات 1.4 مليون دولار) السؤال: بالقديم ولا الجديد؟ إظهر إنه الحكاية جاطت في رأسكم وبقيتوا تتعاملوا مع الدولار بطريقة الجنيه!!

  3. المجالس التشريعيه….العسكر…المليشيات…الامن الوقائ…والعادى …الوزارت…الرئاسه وهلم جر…. ديل كم؟؟؟ من وين؟؟؟ من ديقنوا وفتلو؟؟؟كلوا وقع…الكلاب ان تعيش وسطكم….لسه قاعدين؟؟؟احا

  4. المجالس التشريعيه….العسكر…المليشيات…الامن الوقائ…والعادى …الوزارت…الرئاسه وهلم جر…. ديل كم؟؟؟ من وين؟؟؟ من ديقنوا وفتلو؟؟؟كلوا وقع…الكلاب ان تعيش وسطكم….لسه قاعدين؟؟؟احا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..