سكت دهرا و نطق (إستحواذا)، بنك الخرطوم هل قضم أكبر مما يستطيع مضغه ؟؟

عمار حمودة

أسدل الستار أخيرا على واحدة من الصفقات التجارية التي أحدثت الكثير من الإهتمام و التنافس في قطاع الإتصالات بالسودان، و هي الصفقة الخاصة بأسهم إتصالات الإمارات في شركة كنار للإتصالات صاحبة الترخيص بخدمات الاتصالات الثابتة. إسدال الستار جاء عبر بيان مقتضب جاء فيه : ( وقفت الهيئة القومية للإتصالات على متبقي إجراءات إستكمال تغيير السيطرة بأسهم شركة كنار من مجموعة إتصالات الإمارات إلى بنك الخرطوم ، و قال فيه مدير عام الهيئة القومية للإتصالات د. يحيى أن الهيئة إطمأنت على سير الإجراءات والتحول حسب الخطة الموضوعة وفق اللوائح والنظم . آخر تحديث بتاريخ 17 أغسطس 2016 ) . مما يعني رسميا إمتلاك بنك الخرطوم لشركة كنار.
إحتدام عنيف و هجمات متبادلة كانت تحت راية التنافس على كنار من ثلاث جهات، هي زين، سوداتل – سوداني، و بنك الخرطوم. أخذ الصراع طابعا شاملا لما يحتوي من أبعاد فنية، و مالية، و قانونية، و سياسية. و لا نذهب بعيدا لو ذكرنا أن الأمر زحف لياخذ طابعا شخصيا بعد التداول الإعلامي الكثيف إذ كانت للمعركة ساحاتها المختلفة من تلفزة، و صحف، و نشر إلكتروني .

من الواجب تهنئة بنك الخرطوم بالفوز بالصفقة و الذهاب حتى النهاية في الصراع التجاري، و يحمد له إشعال المنافسة في سوق الإتصالات. كما و نحترم المهنية العالية لزين السودان في ما إتبعت من أسلوب راشد لدراسة الحالة الراهنة لشركة كنار و تحديد القيمة السوقية بما عرضته من سعر، الأمر الذي جعل الآخرين يقدمون نفس العرض أو ما يقاربه بدون إجراء الخطوات المماثلة.

الرافعة السياسية و معركة إثبات الوجود في المعسكر السياسي النافذ
الرافعة السياسية هنا هي الرافعة ذات الثقل الأكبر، بمعنى أن من فاز بها سيفوز بالصفقة. و الحال أمامنا هكذا فمن الواضح أن بنك الخرطوم ( و من شايعه ) كانوا الأعلى كعبا. و الرافعة السياسية تدك ما دونها. أي أنها تستبيح النظم الفنية و النظم المالية و القوانين إن لزم الأمر. و لذلك فإن مسؤولين رفيعين في تلك الجهات لا تسمع لهم صوتا. و يبدو أن الجرعة السياسية في المنافسة كانت عالية جدا، و محمولة على تاريخ الأشخاص الممثلين لجهات الصراع. تداخلات السياسة و المال و الساسة و رجال الأعمال، و التفاعلات بينهم في ساحة الأعمال في السودان تحتاج إلى توضيحات كبيرة ليفهم الناس بصورة أفضل ماذا يجري بحقوقهم و حقوق وطنهم و هذا مبحث آخر. لكننا نشير فقط إلى أن النسب إلى ( وطن ) كما في حال (رأس المال الوطني)، و (شركة وطنية)، و (المصلحة الوطنية)، و (رجال أعمال وطنيين)، و ( شركة مساهمة عامة وطنية )، و غيرها تم إستخدامها بشكل مُضلل و متعمد في كثير من الأحيان. لنلقي نظرة دقيقة على تصريح من بنك الخرطوم في مايو هذا العام ” جاء في الخبر (أفاد فضل محمد خير، نائب رئيس مجلس إدارة بنك الخرطوم، إلى أن رؤية الاستثمار في القطاع نابعة من رغبة البنك في القيام بدور إيجابي أكبر في تنمية الاقتصاد الوطني، بأن يحوز على هذه الحصة ومن ثم استقطاب مجموعة عريضة من رجال الأعمال والمهتمين كمساهمين ومن بعد ذلك تحويل الشركة إلى شركة مساهمة عامة تطرح للجمهور، وتستثمر عائداتها داخل البلاد في تطوير هذا المجال. وتعهد فضل بأن يتمكن بنك الخرطوم حال إتمام الصفقة من خلق كيان وطني قوي، مستفيداً من علاقاته الخارجية في حشد التمويل .
كما تشكلت مجموعة مالية قوية مساندة لتنفيذ الصفقة التي تبلغ قيمتها أكثر من (90) مليون دولار، يعتقد أنها تضم نحو خمسة من كبار رجال الأعمال الوطنيين. (مايو 2016 اليوم التالي ) .

نحن هنا إذ ندرك و نشير إلى أن المسألة حسمت في كثير من جوانبها بشكل سياسي ، إلا أننا لا نملك غير مناقشة جميع الجوانب لما يقتضيه التناول الموضوعي.

طبيعة الجسم التجاري الفائز بصفقة كنار :
بيان أو خبر الهيئة المشار إليه أعلاه لا يعطي الكثير من المعلومات حول الصفقة. و فيه إشارات فقط للجانب التنظيمي، و لكن حتى هذا الجانب فإن المعلومات شحيحة فيه. فالبيان لم يوضح ما إذا كان بنك الخرطوم قد تملك الأسهم فقط عبر نقل ملكية بحت، أي بدون أي تغييرات في الطاقم الإداري، أو أن بنك الخرطوم قد دفع بخطة متكاملة ذات جوانب فنية و تجارية مقنعة تمكنه من إدارة شركة كنار للإتصالات. و إلا فإن الترخيص الممنوح لإتصالات الأمارات ( بإعتبار أن العمل في مجال الإتصالات من صميم عملها ) لا يعقل تمريره لبنك الخرطوم من غير الإطمئنان إلى المقدرة الفنية لتشغيل شركة إتصالات بعيدا عن العمليات التقليدية للمصارف كالتمويل مثلا. جدير بالذكر أن تراخيص العمل في مجال الإتصالات لا تتوقف شروطها على المقدرة المالية فقط، بل يشمل في ما يشمل المقدرة و الكفاءة الفنية لإدارة النشاط. هذا من الجانب الفني الذي يخص الهيئة القومية للإتصالات. أما عن الجانب المالي و ماهية دور بنك السودان ( الجهة المنظمة لعمل المصارف ) فإن الأمر أشد اقتضابا، فلم نشهد أي تصريح رسمي، و لكن الأخبار المنسوبة لوزير المالية عن أفضلية ان تكون شركات الإتصالات شركات مساهمة عامة أوحت بظلال على المشهد، و أعطت ضوءا باهتا عن موقف المنظم المالي من صفقة كنار. جدير بالذكر أن بنك الخرطوم قد تغزل في فكرة تكوين شركات المساهمة العامة في الإتصالات. لكن و للغرابة الشديدة، فبعد الفوز بالصفقة لم نجد في البيان أي إشارة لتحول كنار إلى شركة مساهمة عامة، و لا وجود لإشارة إلي تكوين كونسورتيوم مؤهل فنيا و مستوفي لشروط الهيئة القومية للإتصالات اللازمة لممارسة الأعمال في مجال الإتصالات. و الراجح عندي – بفعل عامل قصر الزمن الذي تمت فيه الإجراءات – أنه قد تم التغاضي من قبل الهيئة عن وجود جسم مرخص له فنيا، و تمت الموافقة على نقل ملكية الأسهم فقط. ربما بتعهد بالإستمرار بنفس فريق القيادة منقوصا منه الأعضاء التابعين لإتصالات الإمارات أو حتى بتغيير تبعيتهم للمالك الجديد، و الذين يمثلون في الغالب بالمدير العام، و المدير المالي، و المدير التجاري، و ربما المدير الفني. مثل هذا الحل يعطي الأطراف راحة في تبسيط الإجراءات لتقنين الوضع الجديد، لكنه قد يرحل مشاكل للإنفجار في مستوى يهدد وجود كنار بسوق الاتصالات لاحقاً. و بذلك تكون الهيئة مسؤولة جزئيا في حال الفشل.
هذا التجاوز لا يعطي للمنافسين حقا للإعتراض و لكنه قد يكون إهدارًا لحق المواطن نتيجة لتخطي اللوائح الحكومية. و الحق يقال أن تجربة معكوسة قد حصلت من ذات الهيئة عندما منحت امتيازا ( في ظروف غامضة ) لشركة أريبا (بتركيبة ملاكها الأوائل الغريبة) التي تم بيعها لشركة MTN لاحقا. فهنا الشركة المستحوذة تملك سلفا المقدرة الفنية و الإدارية، بل هي أصلا تعمل في مجال الإتصالات و ليس قطاع المصارف. و بدرجة أقل نجد فراغات تنظيمية في تجربة إستحواذ موبيتل.

الأرقام تخذل بنك الخرطوم، و خطوة زين لسحب إيداعاتها :
بالرغم من وجاهة ما ساقه بنك الخرطوم من حديث عن التكتلات ( الوطنية )، و حق المنافسة، و غيرها إلا أن الحقائق المالية و الأرقام المنشورة من بنك الخرطوم نفسه في ديسمبر من العام الماضي 2015 تفسد كل النوايا الحسنة لقبول هذا الحديث. و لسوء حظ البنك فإن الأرقام لا تتجمَّل.
دعنا نَبْسُط الأرقام ثم نجري التساؤلات. و دعنا نوحد الحسابات بالدولار لتسهيل المقارنات.
و لأن القوائم المالية المنشورة لبنك الخرطوم بالجنيه السوداني فإننا سنفترض فقط ستة جنيهات لكل دولار تماشيا مع السعر المعلن لبنك السودان المركزي و ليس السعر الموازي الأقرب للحقيقة. و سنعتمد تقريب المبالغ لأغراض المقارنة فَقَط. (التقرير المالي متاح بموقع البنك و لنا منه نسخة).
حجم رأس مال بنك الخرطوم لا يتجاوز 90 مليون دولار.
الأرباح في العام 2015 في حدود 60 مليون دولار.
حسابات العملاء في حدود 600 مليون دولار .
حجم صفقة كنار في حدود 92 مليون دولار .

بالطبع فليس من الممكن شراء كنار خصما مباشرا على رأس المال، و المضحك أن هذا لو تم فهو غير كاف. و لكن هناك طرق للتمويل، و هو ما زعمه بنك الخرطوم ، فهناك (رجال اعمال وطنيين !!!) و هناك (علاقات مالية جيدة بالخارج) و غيرها. لكن يبقى السؤال ما هي الجهة التي تُقرض جهة أخرى بقيمة تفوق القيمة المالية للجهة التي تطلب التمويل ؟ مبلغ القرض لوحده أكبر من رأسمال بنك الخرطوم ناهيك عن الفوائد.
نعتقد أن بنك السودان المركزي يجب أن تكون له خطوط حمراء حول النسبة المسموح بإقتراضها مقارنة برأس المال. غني عن القول أن أموال المودعين تعتبر أمانات عند البنك و لا يحق له المخاطرة بها أو الدخول في أي أعمال تجارية. و هذا ما جعل زين تتحسس ودائعها و حساباتها في بنك الخرطوم. و هذه خطوة يتطلبها التفكير العقلاني ناهيك عن رغبة البنك في منافسة زين نفسها !!. و ما أقدمت عليه زين هو عين المنطق في سوق العمل، و هو خطوة تتماشى مع طبيعة الصراع القائم. فالتاجر لا يقرض تاجرا آخر إلا و هو مستفيد، فكيف يودع عنده!!؟؟

الطريق الثاني هو بإفتراض أن بنك الخرطوم سيسدد من خلال أقساط خصما على أرباحه السنوية المتوقعة. فإذا إفترضنا أن البنك سيدفع 50٪‏ من أرباحه سنويا، فهو يحتاج إلى أكثر من ثلاث سنوات للسداد ! مع العلم ان الشركة المشتراه تحتاج إلى ضخ أموال إضافية مع خطط جديدة و مدة زمنية كافية حتى تعطي أرباحا.
الإفتراضان السابقان يتطلبان موافقة بنك السودان، و لا أحد يعلم إن تم هذا أو لم يتم.
هناك إفتراض آخر بعيد، يقول بحصول البنك على تمويل من جهة مجهولة (داخلية أو خارجية) لها مصلحة في فوز البنك بصفقة كنار، و في هذه الحالة يصبح البنك في وضع المحلل، توصيفا للدخول نيابة عن صاحب الحق.

في ظل هذا الضعف البائن على المستوى المالي و المستوى الفني غير الواضح فإن الغطاء السياسي الكافي لتمرير مجمل العملية يمثل مربط الفرس في الحصول على الصفقة.

سوداتل و الدخول بفرصتين لا تساويان الواحد الصحيح :
دخول سوداتل في المنافسة من أساسه باطل، إذ سيجعل منها الجهة المحتكرة الوحيدة المخول لها تقديم خدمات الربط عبر المدن عن طريق كوابل الألياف الضوئية. و هذا فيه ضرر على المنافسة و على توازنات سوق الإتصالات و هو أمر من البدهيات. إذن الدخول كان بغرض إستراتيجي و هو إبعاد المنافس، فإذا كان الفوز بالصفقة بعيدا جدا، فإن تأخير الصفقة أو العمل على إرسائها لغير المنافس تظل هي الفرصة القائمة. و هكذا لعبت سوداتل دورا تحفيزيا لخلق منافسة، بل و تقديم عرض شراء بمبلغ زايدت فيه على المبلغ المقدم من زين في وقت وجيز لا يسمح بقبول فرضية إجراءات عملية كشف الحسابات، و الفحص النافي للجهالة، و التقييم التجاري، و خلافها من المطلوبات. و لكنها قدمت عرضا على أية حال، مما جعل السعر المقدم يبدو أمرا مسلما به. و يبدو أن عدم حصول زين على الصفقة كان سببا كافيا لسوداتل لتهنئ بنك الخرطوم. و لا يستبعد أي نوع من التدخلات لترجيح كفة بنك الخرطوم في مواجهة زين. تدخلات قد تأخذ في براءتها طابع الإستشارة، و تأخذ في جانبها الخشن تقديم المساعدات المالية و تسخير الشركات الصديقة بالخليج، و تقديم المساعدات السياسية لجعل العملية مقبولة للجهات السياسية بالسودان، و حملهم على التعامي عن المطلوبات الفنية و المالية التي تعتور موقف بنك الخرطوم.

زين و كنار ، عن المرحلتين المتضادتين ، التنافس الشرس ، و ضرورة التعاون !!
ببيان الهيئة المقتضب يكون الصراع على المكون الصلب للمنظومة قد حسم و آل الي بنك الخرطوم، لينتقل الصراع إلى المستوى الأهم, و هو البرامج و الإستراتيجيات التي ستحكم العملية التجارية في مقبل الأيام. و التي تجعل شركة بعينها تتفوق على الأخرى بغض النظر عن الحجم المالي أو حجم الإستثمارات عموماً.
إذا كان المناخ و التجربة التجارية في مجال صناعة الإتصالات قد بلغت الرشد المهني فإننا سنشهد مرونة في التعاطي مع مخرجات السوق، و حقائقه الجديدة المتمثّلة في تجديد ملكية كنار، و بالتالي إصطفاف مصلحي جديد بين كبار الفاعلين في مجال الإتصالات. و يجدر بِنَا ملاحظة أن الأبعاد الشخصية ما زالت تلقي بظلالها على مجمل التفاعل التجاري بين مقدمي الخدمات، و لم نصل بعد لما يعرف بالسلوك المؤسسي الكافي للتكهنات المهنية، خصوصا عند تضخم الحصة السوقية لأحد الأطراف، و تضخم الذات في القيادة التنفيذية. عموما تبقى مصالح الشركات أكبر من المصالح الفردية مهما تعاظمت الذوات، و من الحكمة أن تسير المصالح الشخصية في تيار مصلحة الشركة للحصول على فوائد لكل الأطراف، الظاهر منها و الخفي.

ترتيبات ما بعد الفوز بالصفقة ، كنار و حتمية التغيير :
كنار – و بلا شك – سوف تغير إستراتيجياتها للتعامل مع السوق السوداني و تغير من خططها و طريقة عمل قطاعها التجاري، و قطاعها الفني بالضرورة. و لو لم تفعل ذلك، يكون بنك الخرطوم قد غامر في عملية غير مربحة. فالاصل في نية شراء أي شركة (في حكم الخاسرة) هو الرؤية الإستراتيجية في وجود منفعة و ذلك بإفتراض تغيير طريقة العمل، أي وجود خطة محكمة فيها تخطيط إستراتيجي للتحول و التغيير المطلوب علي كافة الأصعدة ، التجاري ، المالي ، الفني ، البشري ، …….. إلخ. و لأن كنار شركة تبيع منتجات هندسية و تقنية بالأساس فهي بالضرورة تحتاج الي قيادة تعي أبعاد و ضرورات و كيفية التغيير اللازم في كل القطاعات، بل و تعي الوضع الجديد الذي خرج من بين تنافس حامي الوطيس. في الحالات المماثلة يكون في العادة الإسترشاد برؤية بيت خبرة في المجال، ليضع التشخيص الجيد لأسباب كون الشركة (كانت) في حكم الخاسرة، و فرز المكونات لتحديد الصالح للمنافسة التجارية و يمكن البناء علية، و تحديد العناصر التي تحتاج إلى تطوير، و التطوير المطلوب نفسه. غني عن الذكر أن إدارة التغيير في قطاع الأعمال أصبحت من الأمور الهامة و التي وضعت لها الأسس المبنية على الدراسات، بل و أصبحت كأنها الثابت في التأقلم المطلوب نسبة لطبيعة مجال الإتصالات و التنافس الشديد على كسب المشتركين بصورة مستمرة. (في بيئة الاعمال لا ثابت إلا التغير)، و لذلك وجب الإهتمام به خصوصا عند الإندماجات الكبرى، أو الانفصال من مجموعة كبيرة. و ما تواجهه كنار حاليا هو تغير مركب، فبالإضافة الى الإنفصال من مجموعة عالمية كبرى لها وزنها في المجال و هي إتصالات الإمارات نجد أهمية تغيير الأسلوب التجاري الحالي إلى آخر فيه عشم الربح. فهذا التغيير المزدوج يتعمق في كافة إدارات الشركة . لنستعرض أهم التغييرات المطلوبة :

قطاع الموارد البشرية : و هو يمثل راس الرمح في عملية التغيير ، إذ بدونه تصبح كل التغيرات إهدارًا للموارد إذا لم يتمكن الأفراد كل في محله من فهم طبيعة و أهمية التغيير المطلوب. هذا علم قائم بذاته و له جذور بدءا من التهيئة النفسية (السايكولوجية) للأفراد، و انتهاءا بالدورات التدريبية اللازمة لأحداث التغيير. في هذا الجانب هناك عمل ضخم يجب أن يكون في أجندة الملاك الجدد، و عليهم التمويل بسخاء لمثل هذه البرامج وإلا فان الكادر البشري سوف يستمر كما هو بما يعني نهاية المغامرة التجارية من أول عقبة.
القطاع المالي و القطاع الفني : و هما مرتبطان في هذه الحالة لأن الحديث عن التطوير التقني بدون الحديث عن إمتلاك القدرات الفنية و التكنولوجيا الأحدث و تطوير الموجود، يجعل الحديث فارغ من محتواه. إذ لا يمكن إنجاز ريادة بنفس البنية الفنية القديمة. و هنا أيضا على المالك الجديد أن يعي أهمية ضخ الأموال لإحداث النجاح في المستقبل المنظور، مما يعني سياسات مالية تنظر إلى جني الأرباح بعد عدد من السنين و ليس المردود العاجل. أي أن تجليات المقدرة المالية مطلوبة جدا و تمثل عاملا حاسما في المقدرة على المنافسة مستقبلا. هنا يمكن الإسترسال كثيرا حول صعوبات التمويل للمشتريات الخارجية و إرتباط ذلك بما هو حاصل في السوق الموازي من تنافس على العملة الحرة للإستيراد.
القطاع التجاري : و هذا يحتاج إلى ثورة حقيقية ليقود تغييرا ناجحا يخرج بالشركة من خانة الشركة الخاسرة إلى آفاق الأرباح. غني عن الذكر أن كنار في الفترة السابقة لم تقدر السوق السوداني حق قدره، لا في جانب إحتياجات الأفراد و لا في جانب إحتياجات المؤسسات. و قد يكون ذلك لوجود عائق تقني ! و لكن الآن – بإفتراض جاهزية الملاك الجدد لضخ الأموال اللازمة لشراء المكون التقني – فإن التحدي يصبح فرض عين على القطاع التجاري .
تقتضي الحصافة التجارية أن تقدم كنار خدمات جديدة، أو بصورة جديدة، بحيث تقنع مشتركيها بالاعتماد عليها، و تعطي قيمة تجارية (و لا أقول أسعار أقل) لمنتجاتها الجديدة أو المجددة، بحيث تكون أفضل من المنافسين. بل لو ذهبنا أكثر في خط التجويد يمكننا أن نقول بما يقنع الآخرين بالشراء منهم بدلا من إنتاج الخدمة بأنفسهم.

عملية التغيير هذه عملية ضخمة و جذرية و أساسية لإعتماد كامل المغامرة التجارية على نجاحها. و هي تتطلب تفهما و تفاهما و إستعدادا للتغير من كل أصحاب المصلحة من مجلس الإدارة، و حتى أصغر موزع خدمة في أقصى الأطراف. كما يجب أن يكون التغيير واضحا و جليا من وجهة نظر المستهلكين سواء الأفراد أو المؤسسات.
هذا على مستوى ما هو مطلوب داخليا. لكن ماذا عن التفاعل الجديد المطلوب مع كبار مستهلكي الخدمة ؟ هذا بلا شك هو مهمة الطاقم الإداري الجديد. و لنكون اكثر تحديدا، فإن ملابسات إمتلاك الملاك الجدد للشركة كان بالصراع المباشر مع أكبر مشتر لخدمات كنار و هو شركة زين. و لذاك فإن التعامل مع زين تحديدا يمثل قمة التحدي في النجاح التجاري من عدمه. و لأن الأمر أخذ سجالات صحفية إتخذت أحيانا الطابع الشخصي فإن هذه المهمة ليست سهلة إطلاقا. فإذا كانت الحكمة مطلوبة عموما، فإنها هنا مطلوبة أضعافا و بشكل إستثنائي.

توقعات المستقبل القريب لأهم الفاعلين :
زين : ستضغط في إتجاه تقليل الخدمات المشتراه من كنار و لن تجدد أي معاملات تم أجلها . و ستستفيد أقصى فائدة من إتفاقية التبادل المزدوج للحصول على خدمات جديدة إذا لزم الأمر. ستعمل زين لتقليل المكالمات العالمية الواردة لها عبر كنار. و بشكل عام فإنها ستجعل من السنة القادمة أو الشهور الستة القادمة شهورا بئيسة لكنار لتقليل القيمة السوقية لكنار عبر التشاؤم في الفرص و التدفقات النقدية المستقبلية. إذا نجحت زين في ذلك فإنها ستجعل قيمة كنار في حدود 70 مليون دولار إذا تم عرضها مجددا.
سوداتل : ربما تدخل في إتفاقية تبادل مزدوج مع كنار بالرغم من عدم الإستفادة الفنية من ذلك، و لكن لموازنة السوق. و مد اليد لكنار لتصل لغرب السودان الأقصى بطريق مغاير لطريق زين.
بنك الخرطوم : سيسعى لتطمين العاملين بكنار، و أتوقع وعود كثيرة في مجال التطوير، بشريا و ماديا، و ربما لو توفرت الإرادة الصادقة للنجاح أن تبدأ عمليات التطوير فورا، و لكن النتائج ربما تأتي بعد عام في شرط وجود التدفقات المالية اللازمة للتطوير.
كنار : ستحاول إدارتها الجديدة ان تلطف الأجواء ما وجدت لذاك سبيلا، و تهدئ من وتيرة التجاذبات. لا أقول ستسعى جاهدة لخلق فرص جديدة مع زين و لكنها ستستميت في المحافظة على ما هو قائم من أعمال. و ستحاول الإدارة أن تلبس قناع المهنية على الدوام درءا للمواجهات السياسية التي تضر مباشرة بالاعمال.
متلقي الخدمة : أفرادا و مؤسسات هم الخاسر الأكبر بضياع فرصة لإحتدام المنافسة بين زين و سوداتل – سوداني. أما و قد ذهبت الصفقة إلى بنك الخرطوم فستظل الخدمة على حالها بدون منافسة، و ربما ساءت لعوامل أخرى مثل تدهور قيمة الجنيه السوداني. هناك بصيص أمل في تحسن الخدمة المقدمة للمؤسسات من كنار نتيجة المحاولات المتوقعة للحد من تأثير إنهاء زين لبعض الخدمات المشتراه من كنار .

وجهة نظر موضوعية :
كنت أتمنى و إنطلاقا من وجهة نظر مستقلة و موضوعية لصالح التنافس الذي يخدم متلقي الخدمة أيلولة الصفقة لزين للحيثيات الآتية :
أولا : لتعديل كفة المنافسة في سوق الهاتف الجوال بوضع زين و سوداني علي نفس رصيف الإنطلاق، إذ تظل سوداني متمتعة بخدمات الشركة الأخت سوداتل صاحبة الألياف الضوئية الممتدة علي كل السودان، بينما زين لا تملك شبكة متكاملة لكل السودان في جانب الألياف الضوئية.
ثانيا : زين تملك القدرات المالية، و المعرفية، و البشرية الكافية لإخراج كنار بثوب جديد فيه تناغم مع الشركة الأخت، بل و تكامل شبكتيهما لإشعال المنافسة في سوق الهاتف الجوال.
ثالثا : زين هي المشتري الأول لخدمات كنار، فربما تذهب في خيارات الإستثمار في بنيتها الخاصة و تقليل الإعتماد على كنار بدلا عن الإستمرار في تلقي الخدمات من كنار.
رابعا : حفاظا على الموارد الشحيحة للدولة و التي من المحتمل تبديدها بالإبتعاد عن التشارك في البنى التحتية القائمة للشركتين.
خامسا : النجاح الحقيقي هو أن تسري حركة بحجم حركة الهاتف الجوال في عَصب و شرايين بنية كنار لتجني أرباحا حقيقية من خلال الخدمات المقدمة لحاملي الهواتف النقالة. عندما يكون هذا في تناغم مع شركة أخت تكون الفوائد أكبر في حجمها من الحصول علي رخصة الهاتف الجوال (الرابعة).

خلاصات مضغوطة :
# رسالة قوية سالبة عن مناخ الإستثمار بالسودان و الآثار المباشرة للتدخلات السياسية تم إرسالها بقصد، أو بدون قصد. و لن يكون ما بعدها كما قبلها.
# ضغوط هائلة ستوضع على عاتق إدارة كنار الجديدة . و عقبات هائلة ستوضع في طريقها. نتمنى لهم النجاح.
# تتعاظم الشكوك حول مقدرة بنك الخرطوم لقيادة التغيير المطلوب في كنار و بعثها للمنافسة. و ذلك إنطلاقا من حقيقة أن بنك الخرطوم لم يبد أي نية في امتلاك كنار بالرغم من علمه بمفاوضات زين حولها قبل أكثر من عامين، لياتي في آخر شهر و مع الإعلان ليؤكد رغبته و يفوز بالإستحواذ !! سكت دهرا و نطق (إستحواذا).
# الفترة القادمة إختبار حقيقي للمهنية، و للمؤسسية، في مقابل هيمنة الأفراد علي اِلقرار الإستراتيجي للمؤسسات التجارية.

تعليق واحد

  1. من كل هذا أين مصلحه الوطن ،زين اجنبيه ،كنار الممول اجنبي ،بنك الخرطوم 80٪‏ اجنبي
    تجربته بيع الاتصالات من قبل ء؟!؟! اغنت الأفراد وأفلست الوطن
    المختصر المفيد تماسيح تحت الطاوله والوطن الضحيه واللبيب بالاشارة يفهم
    الي تي نهدر حق الوطن الضايع الي متي ؟؟؟؟؟

  2. مقال محنك ويحتاج الى هدوء وتروى لفهم ما فيه من تداخلات .
    بنك الخرطوم اﻵن يستحوز على اسهم كنار ، زين المنافس الاكثر تأهيلا انسحبت غصبا .
    التدخلات السياسيه كانت هى الاقوى والاعلا صوتا .بالتالى آلت اسهم كنار لبنك الخرطوم بالرغم من دخوله المنافسة بعد بنك الخرطوم بكثير .
    الواضح من المقال ان البنك لا يملك القدرات الفنيه التى تملكها زين . وان رأسمال البنك وهو :
    60
    مليون دولار لايفى بالغرض ، وكما ذكر الكاتب فان البنك لن يجد من يقرضه مبلغا يعادل رأسماله . وبالتالى فان موقفه فى غاية التعقيد اذا لم يحدد بعض الاسهم لﻷكتتاب محليا وخارجيا . وهنا يأتى دور زين لاخذ نصيبها من كيكة كنار بطريقة غير مباشرة . هذا أذا يتوقف على حجم الكيكه وضمان ارباح معقولة بالطبع والا فستكون قد خدمت خصمها بلا فايدة ترجى .
    ان ما يهمنا نحن كمواطنين هو الخدمه ثم الخدمة وليس ما يدور فى كواليس الادارة والسياسة فهذه امور لانفهمها ولن نشغل بها بالنا باكثر مما يجب .
    وشكرا للاستاذ عمار حموده الذى نطق صدقا .

  3. شركه ذين همها الاول و الاخر الطمع والجشع واستغلال الناس بالاسعار العاليه، لذلك وجب منافستها، حتي لو فاذت بالصفقة فلن تغير من الواقع شيئا

  4. بامر تنظيم الاخوان المتاسلمين وبقيادة الكوز الخبيث تاج السر مصطفي تمت سرقة المؤسسه العامه للمواصلات السلكيه واللاسلكيه وتشريد افضل الكفاءات الهندسية بقطاع الاتصالات وفي العام 2004 تم انشاء سوداتل وبادارة اخوانيه صرفه واستعانت بكومبارس من السماسرة المستجلبين من هولندا وتم اتمام البيع الصوري مع متبقي انتهازي من بقايا العاملين بالسلكيه ليتم تحوريهم عبر مراحل مختلفة لتكوين الهيثه القوميه للاتصالات والتي تلازمت بها ومنذ تاريخ انشائها صفة عدم المهنيه باحتشاد عناصر منظمة اخوانيا وضعيفه مهنيا وتدار بعقليه امنيه صرفة…والجسم السيادي المناط به ادارة قطاع الاتصالات وتطويره فنيا وضبط ومراقية وحماية انشطة قطاعاته المختلفة تحول لادارة للجباية وفرض الرسوم الجزافيه واداة في يد الناقذين تنظيميا لرعاية مصالحهم الخاصة ومنصرفه كليا عند دورها الهندسي في تطوير قطاع الاتصالات…وكامر طبيعي تمر كوارث كثيره بقطاع الاتصالات وفي انشطة الشركات المرخص لها من غير اي دور فاعل للجسم السيادي
    سوداتل فشل متلازم وعشوائيه وبلا رقيب او حسيب ومصدر ثراء لفئة قليله من النافذين واستحلاب وبلا رحمة لجيب المواطن وتتكرر نفس الاحن والمحن ولكن بسيناريو مغاير مع انشطة الشركات الاخري………..

  5. هل هنالك احتمال لعودة اتصالات الامارات إذا كانت هنالك ثمة موافقة على فتح مجال الاتصالات الهاتفية لكنار الجديدة كشركة منافسة للثلاث شركات الاخرى ؟؟؟؟ مع الوضع في الاعتبار ان بنك الخرطوم في الاصل جزء من أصول بنك دبي الاسلامي والمساهمة في اتصالات الامارات !
    اشكاليات كنار كانت في حرمانها من العمل كشبكة اتصالات رابعة في السودان ، حل الاشكالية قد ترجع بإتصالات الى السودان ……………. ربما

  6. ملخص لكل هذا الكلام بسؤال واحد

    كيف يتثنى لبنك ما منافسة عملائه في الصفقات

    هذه لوحدها ضد فكرة قيام البنوك من أساسها

    معقولة في حد عاقل يعطي فلوسه لجهة عشان تنافسه بها في السوق

    نحن لو عندنا أقتصاد صاحي وصحيح هذه لوحدها كافية لتفرغ بنك الخرطوم من الأدخارات والدائع ليعلن أفلاسه فورا

  7. زين شركة أجنبيه وكذلك بنك الخرطوم هما شركات أجنبيه ومن المعلوم أن الشركات الأجنبيه تقوم بتحويل ارباحها سنويا للملاك خارج السودان بالعمله الصعبه من النظام المصرفى وغيره ومن المعلوم ان الدولار لا يأتى الى السودان إلا عن طريق بعض الصادرات فتقوم الحكومه بتقديمه الى الشركات الاجنيه لتحويله للملاك خارج الوطن ، وشركة زين وحدها كفيله بإفراغ بنك السودان من الدولار لأنها تكسب أرباح طائله تقوم بتحويلها ، كان الأولى أن تئول كل شركات الاتصالات الى مستثمر وطنى وسوداتل أولى بالصفقه فى هذه الحالة

  8. للأسف كاتب المقال لايفقه شيئ في الاقتصاد . البنوك لاتستثمر راس مالها في العالم كله . البنوك تسمح لها البنوك المركزية في العالم باستثمار أموال المودعين مع الاحتفاظ باحتياطي مالي . هذا الاحتياطي لايتعدي 20% في معظم الأحيان . فبنك الخرطوم يملك القدرة المالية المباشرة للشراء . ومافي خطوط حمراء. وايضاً معرفته. بقطاع الاتصالات ضعيفة جدا وتفسيراته غير علمية منها ان زين ستوقف التعامل مع كنار وهذا من المستحيلات مقدمي الخدمة في السودان هما كنار وسوداتل. . فجميع شركات الاتصالات الآخري تحتاج لمتعلقة رئيسي والثاني احتياطي. تشغيلي وعادة عندما تكون الكنار وسوداتيل تعملان بكفائة عالية نصف الحركة تذهب لكل علي حدي . وعندما تصاب سوداتل بخلل تحمل كنار 100 ٪‏ من الحركة. موضوع الشركة المساهمة العامة هي خطوة تتم بعد سنة او سنتين من الاستحواذ ومرور مرحلة التغيير في الادارة وتحقيق نجاح . حتي يحقق البنك أرباح علي عملية الطرح. للأسف انت زول ماعارف حاجة ومافاهم حاجة ارجو منك الصمت

  9. حسبي الله ونعم الوكيل نحن اكتتبنا في بنك الامارات في عام 2005 وكانت قيمة السهم دولار وكان الدولار يساوي 200ر2 جنيه والان الدولار يساوي 17 جنيه وتم تحولينا الى بنك السلام ثم بنك الخرطوم ومنحنا اسهم بقيمة 100ر1 جنيه ولم يرد لنا فائض الاكتتاب حتى الان وقيمة السهم الان 5ر1 جنيه واما عن الارباح سنة في وسنة مافي وهي تبلغ 10 بالمائة ويقولوا ارباحك حولت الى اسهم والارباح بالنسبة الى صغار المساهمين هي حق المواصلات وكاتب المقال يقول ان البنك حقق ارباح 2015 60 مليون دولار والسءال هل قانوني ان تكتتب في جهة ثم تحول الى جهة اخري ومن السمئول عن تحويل اموالنا من دولار الي جنيه وماهي حقوقنا وانا اشبه هذا البنك بمشروع سندس ناس اكتتب ثم انتقلت الى الرفيق الاعلى ولم تعرف اين حقوقها اناشد اي منهوب مساهم في البنك ان يطالب بحقوقه والاخوة الصحفين والقانونين الموقوف مع اصحاب الحق وكشف المستور في هذا البنك وحسبنا الله ونعم الوكيل

  10. شاكر لكل المتداخين جهدهم للبحث عن الحقائق و تمليك المعلومات للراي العام .

    هذا هو بريدي الالكتروني لاي نقاش مستفيض ان كلن مفضلا للبعض ,, لكني عموما احبذ النقاش المفتوح .
    [email protected]

    عمار قاسم حمودة

  11. زين و ام تى ان المفروض تؤمم تكون شركات مساهمه عامه سودانيه؛ اهم فاىدتان من ذلك:
    استقرار السوق الموازى للعملات الصعب فى وضعه الطبيعى
    انتعاش سوق الخرطوم للاوراق الماديه
    نرجو من الاخ بكرى حسن صالح حسم هذا الامر

  12. زين و ام تى ان المفروض تؤمم تكون شركات مساهمه عامه سودانيه؛ اهم فاىدتان من ذلك:
    استقرار السوق الموازى للعملات الصعب فى وضعه الطبيعى
    انتعاش سوق الخرطوم للاوراق الماديه
    نرجو من الاخ بكرى حسن صالح حسم هذا الامر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..