المفاوضات…بعد غياب زيناوى.

في ما أري

المفاوضات…بعد غياب زيناوى.

عادل الباز

قال المحلل السياسى بصحيفة الغارديان اجننو غلاردون ( بموت زيناوى اصبحت اثيوبيا على مفترق طرق). تذكرت ان ذات العبارة قالها لى ملس زيناوى فى حوار لى معه العام 2005 بعد اتفاق السلام( السودان على مفترق طرق اذا لم يتوحد ستدفع القارة الثمن)، وهذا ماحدث. الحقيقة ليست اثيوبيا وحدها بل افريقيا كلها الآن على مفترق طرق وخاصة منطقة القرن الافريقى.ترك زيناوى اثيوبيا فى حالة نهوض اقتصادى وازدهار لم تعرفها من قبل اذ بلغ معدل النمو اكثر من 11 % العام الماضى.يحدث ذلك في وقت تشهد فيه البلاد حراكا وتململا وتوترا سياسيا واثنيا ودينيا غير مسبوق. القرن الافريقى يشهد صراعات تشكل اثيوبيا قطب الرحى فيها.فى الجوار لايزال العداء الاثيوبى الارترى على اشده ولايعرف ما إذا كانت صفحاته ستطوى بموت زيناوى ام يستمر الى ما لانهاية.فى الصومال تلعب اثيوبيا دورا مركزيا فى الصراع على السلطة ولاتزال قواتها تحت راية الاتحاد الافريقي تقوم بدور اساسى فى محاربة حركة الشباب التى تزعزع الآن استقرار الصومال.قال المحلل السياسى عبد الوهاب الافندى( نهاية عصر زيناوى) ان الاكاديميين الغربيين صنفوا زيناوى ضمن القادة الافارقة الجدد (تميز هؤلاء القادة عند مادحيهم بالبعد عن أساليب القمع والفساد التي سادت العهود السابقة في افريقيا، والنظرة المستقبلية، والرؤية الواضحة، وعدم التمسك بالقوالب الآيديولوجية المتحجرة. وقد اتهم زيناوي ورفاقه بكثير من النقائص، لكن أحداً لم يرمهم بتهمة الفساد، أو يقلل من قدراتهم القيادية.)
فى االسودان لعبت اثيوبيا فى عهد زيناوى دورا مهما فى عملية السلام فى السودان منذ العام 1994 حين طرحت لاول مرة ما عرف وقتها بمبادرة الايقاد وهى المبادرة التى قادت لاتفاق ميشاكوس من بعده نيفاشا.كان ملف السودان احد الهموم الكبرى لزيناوى لاسباب تتعلق بالرؤيا الاستراتيجية التى يتمتع بها فى تعامله مع قضايا القارة اذ كان يؤمن بان قضايا الامن فى القارة لاتتجزأ وان زعرعة الامن فى اى جزء من القارة سيضر بكل بلدانها.وقف مبدئيا ضد انفصال الجنوب وحاول تسويق معادلة الحكم الذاتى التى نجحت اثيوبيا فى تسويقها من قبل للجنوبيين فى اتفاقية اديس ابابا فى سبعينيات القرن الماضى.واصل زيناوى عنايته بقضايا السلام فى السودان وليس فى الجنوب فحسب فكانت اديس ابابا اول المساهمين فى قوات اليونميد فى دارفور ورفض يومها وجود قوات اجنبية فى السودان وسعى لتجنيد دول القارة لارسال قوات افريقية للاقليم بدلا من القوات الاممية.مرة اخرى حين اندلعت حرب محدودة فى ابيى بين الشمال والجنوب غداة استقلال الجنوب سارع باقتراح ان تحل قوات اثيوبية محل القوتين المتنازعتين وبالفعل لاتزال قوات اثيوبية اممية تؤدى دورا مهما فى حفظ الامن فى ابيى.
بدأ زيناوى وساطته بين دولتى السودان اخيراً برعايته لمفاوضات السلام ابتداءا من مفاوضات مكلى قبل عامين والى الآن. كان زيناوى بشخصيته الكارزمية وقدرته على الحياد ومعرفته العميقة بالسودانيين قادرا على التاثير فى مجريات الامور فظل وسيطا نزيها بينهما مما جعله مقبولا لدى كل الاطراف.رغم تشكى الجنوبيين مؤخرا واتهامه بالانحياز للشمال الا انهم كانوا كثيرا مايلجأون اليه للتوسط لدى القيادة السودانية.اذكر فى جولة المفاوضات التى اغلقت بعدها آبار النفط طلب الرئيس سلفاكير من زيناوى التوسط لدى الرئيس البشير لاطلاق سراح البواخر الثلاث التى كانت بميناء بورتسودان رغم ان المفاوضين الجنوبيين رفضوا توقيع اتفاق النفط المبدئى.اذكر ان الرئيس زيناوى جاء الى الرئيس البشير فى محل اقامته بمنزل السفير عبد الرحمن سر الختم فى منتصف الليل وطلبه اليه ان يطلق سراح البواخر وبالفعل استجاب الرئيس لطلب زيناوى وطلب من الخرطوم الافراج عن البواخر فورا وقد كان.
الآن وقد طويت صفحة زيناوى فهل ستتأثر مفاوضات السلام بين دولتى السودان.؟.هناك تحليلات شتى احدهما يميل للتركيز على الدور الاثيوبى باعتبار ان اثيوبيا دولة مؤسسات لن تتأثر برحيل زيناوى ولن تتخلف عن لعب دورها الاقليمى كدولة رائدة بالاقليم.وتحليل ثانى يشير الى ان الدور الموكل لاثيوبيا من الدول الغربية للعبه فى الاقليم سيستمر بمعنى ان هذا الملف هو بيد الدول الغربية وليس بيد زيناوى انما هو مجرد وسيط وان الاتحاد الافريقى ولجنة امبيكى كانا ممسكين بالملف بعيدا عن زيناوى.وثالث يؤكد ان اثيوبيا فى الفترة القادمة ستنكفئ على ذاتها بسبب مشاكلها الداخلية المتفاقمة ولن يجد ملف السلام فى السودان العناية التى وجدها ابان عصر زيناوى.تحليل اخير يرجئ الامر لحين انجلاء الاوضاع فى اثيوبيا او الى حين ظهور قيادة جديدة لمعرفة الاتجاهات العامة باعتبار ان هايلا مريام ديزالين سيتولى الآن رئاسة الوزراء بالتكليف حتى مؤتمر الحزب الحاكم مطلع العام القادم.ايا كانت اتجاهات الرأى والتحليل الا ان غياب زيناوى عن المسرح السياسى سيكون مؤثرا ليس على مفاوضات السلام السودانية فحسب بل على كل المشهد السياسى بالقارة خاصة فى القرن الافريقى.اذا يصعب تعويض قائد بخبرات زيناوى ورؤاه العميقة للقارة ومشاكلها فى وقت قريب وغالبا ما تؤثر الشخصيات الكارزمية فى تاريخ ومستقبل الشعوب. .بالقطع سيفتقد السودانيون فى دولتيهما وسيطا محايدا ونزيها وقادرا على الفعل والمبادرة وذا معرفة عميقة بالسياسة السودانية التى عاصرها منذ سبعينيات القرن الماضى.

الصحافة

تعليق واحد

  1. بالله يا ود الباز اى مقال وضح لينا نوع مقالك ” دعارى وله ما دعارى ” حسب الوسام الممنوح لك من
    (الخال الحنين ) كما تصفه بذلك .

  2. تجربتي في صحيفة (الأحداث)فصول من تجليات و سقوط الاقنعة أجوك عوض الله جابو
    08-29-2012 11:10 AM

    تجربتي في صحيفة (الأحداث)فصول من تجليات و سقوط الاقنعة

    أجوك عوض الله جابو
    [email protected]

    (الفصل الأول)

    قد يطرأ سؤال على ذهنك أعزك الله من عنوان المقال قبل أن تجول بين طيات أحرفنا حول الباعث لنظم خيوط تجربتنا الصحفية في صحيفة الأحداث (الآن) لاسيما وأن البعض درج على إتيان ما أتينا في أوقات الرفاهية الذهنية بينما نحن الآن كما تشهد (الأحداث) في أوج انزعاجنا جراء ما كان من تداعي صحيفة الأحداث و ذهاب حقوق العاملين جراء الإحتيال المقنن وسقوط الأقنعة؛ ولكن ما حملنا على تسطير ماسطرنا سوى الضرب على الحديد حاميا لأن المصائب كما ألفنا تستدعي أخواتها، وكما أسلفنا القول لن نقف لنبكي على أطلال صحيفة (الأحداث) وما ذاك لأنها لم تكن جديرة ولكن لأن مكانة الأحداث عصية على الزمان ودرسه من أن تتحول الى مجرد أطلال. فحقيقة ذهاب الأحداث ستظل غصة في حلق المهنية وحسرات في زمان تكسرت فيه نصال سنان يراع الأحداث كما تراها العين عنوة ودُلقت فيها أحبار المهنية في فضاءات الحاجة والغرض. ونحن إذ نبكي صفحات الأحداث نبكي أماً رؤوما كم حملت أوجاعنا وترجمت على صفحاتها ما نجد ونحاذر في كنف وطن عانى من الأعراض حد التداعي والتشظي؛ نبكي دارا أوتنا يوم أن ضعضعنا ريب الزمان بحثا عن صفحات نرى من خلالها وجهنا دون تشويه في وقت كانت فيه المنابر على كثرتها غثاء كغثاء السيل. لا نكتب بقصد إيداع بلاغ إحاطة على منضدة الرأي العام فحسب بل نطمح إزاء ما نابنا من جور في خواتم عهدنا بصحيفة الأحداث الى الاختصام في حضرة وجلالة من لا يضام عنده أحد يوم لا ظل إلا ظله. ولأن استضعافنا كان في الظلام وتحت ستار استغلال التراتيبية الهيكلية الوظيفية، ولأنه سبحانه حرم الظلم على ذاته العلية وجعله محرما بين عباده ننشر التفاصيل نشدانا للعظة والاعتبار تأسيا بنقل القراء لحياة الأولين والآخرين من الأمم والسعيد من اعتبر بغيره من جهة وحتى لا نكتم شهادة عندنا ونحن نحسب أن هناك من سيكون بحاجتها في مقبل أو غابر الأيام من جهة أخرى وعلى أقل الفوائد لاعتقادنا المتواضع أن التاريخ سجل للحياة ومن الأنانية أن نحكم بقيمة أو تفاهة تجربة خاصتنا دون الرجوع ولاعتبار اللآخر لاختلاف الآراء..وأخيرا يأتي توثيقنا لتجربتنا بصحيفة الأحداث كإجابة متأخرة(مع التماس العذر) للتساؤلات الملحة من قبل الزملاء والأصدقاء والقراء والأساتذة والمحللين السياسيين الذين كنا نستعين بهم في العمل والمصادر والمهاتفات المتلاحقة المستفهمة عن سر غيابنا عن صفحات الأحداث مقالا ومواد صحفية بالرغم من وجودنا بالخرطوم ونقول لهم غُيبنا ولم نغب يوما حتى آخر رمق للصحيفة قبل أن توأد وتلفظ أنفاسها الأخيرة.

    وما المرء إلا حيث يجعل نفسه
    ففي صالح الأعمال نفسك فاجعلا

    لما كان حسب كل حي تحديد رسالته وتبليغها وفقا ما يرى كانت الأحداث نافذة في قامة أشواقنا طلينا منها على الناس وأنعم بها من مقام. بعد أن تركنا دار صحيفة أجراس الحرية.ولجنا باحة صحيفة الأحداث وشمس شهر يونيو من العام 2008 يأذن بالرحيل برفقة الزميلين لهم السلام أينما حلا علاء الدين بشير وياي جوزيف فقد كان خطب ود الأحداث حينها ليس بالأمر السهل وهي بعد يانعة غضة تختال فخرا في شارع الصحافة؛ ظن صاحب الأحداث وقتها أن شخصي أتى للالتحاق بركب محرريها وتلك رغبة لا شك كانت مطوية في دواخلنا ولكن آثرنا تأخيرها حتى نقدر لرجلنا قبل الخطو موضعها تحسبا ألا نزلج على حين غرة ..المهم خطبناها وذهبنا وفي الأول من يوليو من نفس العام كنا نستفتي قراء الأحداث في صمت القبول ونحن نعرض أول بضاعتنا على صفحاتها ولما آنسنا منهم ما رجونا درجنا على الإطلاله عليهم. كما أسلفنا كان الالتحاق بركب محرري الأحداث رغبة تلازمنا وكان يزيد من إشعالها جبر الله كسره الأستاذ عثمان فضل فقد خالنا الرجل في البداية ممن يركبون موجة الزهو بمقام الكُتًاب فينظرون الى المحررين بابعاد جوهره ترفعا وكبرا أو أننا ممن يستهويه الإشارة إليه تعريفا بكلمة كاتب ويكتفي بذلك ولكنه تفاجأ منا بغير ذلك ونحن نبدي صادق رغبتنا في الالتحاق بصالة تحرير الاحداث. وبعد أن استوينا على صفحات الأحداث كان لله ثم لعثمان فضل الله فضل الالتحاق بصالة تحرير الأحداث في الأول من يونيو 2010م. كان صاحب الأحداث الأستاذ عادل الباز يومها غائبا عنها لأربعة اشهر وكان يبلغنا إيجاب رأيه لما نعد على صفحات الاحداث وعندما عاد وجدنا فرضنا أنفسنا على صفحاتها بمستوى حمله على مباركة الميلاد الجديد وأبدى حرصه على استمراره دون أي تردد فكنا بذلك ضمن الكوكبة التحريرية بالأحداث.

    بداية البداية…

    كانت الأمور تجري وفق مقاديرها دون أن تعكر صفونا طارئة حتى كانت الطامة التي قرحت عيون الوطن قاطبة وأدمت مقلة ما كان من مليون ميل قبل التشظي وتحركت الأرض من تحت الاقدام وإزاء ما كان من انقسام البلاد. تغير كل شيء وتبدل الحال غير الحال وكان تمسك الباز بوجودنا دأخل صالة تحرير الأحداث استثناء ولكنها الأيام أبت الا إعلامنا ما كنا نجهل وتزويدنا من الأنباء بما لم نزود.

    الانتقال والعودة الى المصير والأحداث..

    ثم لاحت في الآفاق تباشير اقتراب ميلاد صحيفة المصير في أوائل يناير من العام 2011م وهي لمن لا يعلم أول صحيفة ناطقة باللغة العربية في دولة جنوب السودان فحدثنا أستاذ عادل الباز برغبتنا في شد الرحال الى جوبا للوقوف على تجربة وميلاد الصحيفة الجديدة كما أملى علينا الواجب حينها لم يمانع الباز ما عرضنا عليه و لكنه نصحنا بعدم تبديد جهدنا و البقاء في الاحداث هو يقول:( نستبشر لكم بمستقبل واعد في عالم الصحافة وفقا لبدايتكم الموفقه).أخذنا نصيحته مأخذ الجد و لكن نداء الواجب كان اشد الحاحا. ومع أننا لم نعقد العزم على مغادرة الاحداث بصفة كلية أبت نفس الاحداثيين وجيرانهم في طيبة برس تحديدا الأستاذ فيصل محمد صالح إلا موادعتنا يومها بالعبرات وصادق الأمنيات وخالص الدعوات ولم يفت عليهم إمعانا في التقدير والمعزة إهداءنا يومها جهاز لاب توب وأغدق بعض الزملاء علينا بالهدايا وكلنا يذرف دموعا في حفل احتفاء ووداع شرفنا أيما شرف بإحيائه الفنان الشاب المبدع عماد أحمد الطيب. فسرى من صفحات الأحداث صباح يومنا التالي بين البدو والحضر نبأ انتقالنا الى حاضرة جنوب السودان تلبية لنداء سنة الحياة وكتب الأستاذ ابو أدريس الذي كان يترأس القسم السياسي الذي ننضم تحت لوائه يومها وغيره كثر مادة صحفية أجاد صناعتها يومها يعزي نفسه على فقدنا عنونها بـ(يوم غياب الجنوب وأجوك). لكن لم تسر الأمور كما كان مقدرا لها وبدلا عن السفر الى جوبا راسلنا صحيفة المصير من الخرطوم. كان قلب (الاحداث) يومها عامرا نقيا ينبض بحب أبنائها فأصر علينا الاستاذ عادل الباز وألح علينا بالعودة الى كنف الصحيفة طالما كنا وجودا بالخرطوم لحاجة الصحيفة الينا فعاودنا أدراجنا بشوق ونجوع خالف شوق ونجوع عودة البعض الى كنف وقراء الصحافة . واستقمنا على ما كان من موضع لنا بالقسم السياسي بالأحداث ولكن رياح التصريحات السياسية الهوجاء كانت عاتية لاسيما المتوعدة والمخوفة منها الأمر الذي أدى الى هجرات جنوبيي الشمال الى دولتهم الجديدة رعبا وخوفا من ان تمطر تلك التصريحات التي لم تكف عن الإبراق منذ ايام الاستفتاء وبالرغم من أن الجنوبيين أعفوا من الخدمة مبكرا في القطاع العام وتم تسليمهم مرتبات عام جبرا للضرر بينما كان البعض منهم لا يزال يزاول عمله في القطاع الخاص كانت التصريحات السياسية تعمل شغلها في زلزلة الأركان وإذ باليوم لم يعد كما كان الأمس.

    عين السخط وإبداء المساوئ..

    نهجنا في كتابة المقال هو نفسه وعينه لم نغير شيئا من المكونات التي نصنع منها طبخنا على موقد صحيفة الأحداث لم نضف توابل جديدة دون التي كنا نسبك بها قدور مقالاتنا بالأحداث ولكن بالرغم من ذلك اختلف مذاق “باميتنا” عند استذاقة الاستاذ عادل الباز لما نكتب ولا غرو فمتحري الحجة يرى في كل حل مشكلة.. حدثناه إن كانت المكونات أو الطريقة والنهج اختلف كما ذهبت فنحن على الأقل لا نكتب لك تحديدا بل نسوق بضاعتنا في سوق الله أكبر والدليل أن الصحافة هي المهنة الوحيدة التي لا تصمد أمام الزيف والغش، المرض والخواء أمامها طويلا و مع ذلك لم يدخل عليك أحد القراء يحمل ردا يفند أو يقلل مما نورد كما جرت العادة في الصحف يشكو إليك أحد بئس ما نعرض أيعقل أن يكون كل الصفوة من قراء الأحداث صدفة مجاملين ومتعاطفين معنا؟! ثم إنك ولمرات عديدة عندما نتوقف عن الكتابة لقرابة الشهر او أكثر كنت تقول لنا نتلقى تساؤلات كثيرة عن سر انقطاع أحرفك عن الصحيفة ولكن لم نتلق من الباز الا أجابة فلسفية محجاجية مسببة حافلة بكل شئ عدا المنطق ولما كان الشيء بالشئ يقاس نترك لك التمحيص ياهداك الله.

    وطمرتنا غيمة الأحزان ..

    أنطقت عجلة السياسة الهوجاء كما الثور في مستودع الخزف تأتي على كل شيء وأخذ تيرمومتر التصريحات المشددة بضبط الوجود الأجنبي يضرب أعلى الأرقام بل وتختار لنفسها أهم المواضع على صفحات الصحف وأخذ شهر يناير 2012 يطوي بساطه بينما كانت الأحزان النبيلة العظيمة في ظهر الغيب تبسط بساطها دون أن نعلم وعندما جاء الأجل المكتوب لم تستقدم الاقدار ساعة و لم تستأخر فكانت المشيئة وفجعت أسرتي الكريمة صباح 28 يناير 2012 برحيل أصغر شقيقاتي بدرية عوض الله جابو الى دار البقاء رحمها الله رحمة واسعة وأنزل على قبرها شآبيب رحمته وتقبلها عنده مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا. ولأنها لم تكن تعاني أو تشكو مرضا وكان الوفاة بغتة تأثرا بالوضوع كانت الفاجعة اكبر و أصدم فحضر الينا معزيا من نعرف و من لم يتسن لنا شرف التعرف عليهم ومواصلتهم من الزملاء من الصحف الأخرى عظم الله أجرهم. غبنا عن صالة تحرير الأحداث من تاريخ الوفاة وحضرنا الى مبانيها نتوكأ على أحزاننا صباح 13 فبراير 2012م فوجدنا أن اجتمع التحرير الذي كان له فضل نظم صحيفة الأحداث عقدا فريدا قد عقد وجلسنا شأننا شأن المحررين ولكنا اضطررنا للاعتذار والخروج من الاجتماع لأن الزملاء بالقسم الفني برئاسة العزيزة رندة بخاري و الزميل رامي بمحض الصدفة كانا يديران جلسة مناقشة عن موضوع “الغناء الهابط” مصحوبا باستماع لنماذج من الأغاني قيد الطرق فجلسنا الى عثمان فضل الله في مكتبه وطفق مواسيا لنا قبل ان يستقر بنا المقام في جوف كرسي بصالة التحرير وبعد انتهاء الاجتماع الذي كان يعقد في العاشرة صباحا قصدنا الأستاذ عادل الباز و قرأ معنا الفاتحة على روح شقيقتي لأنه كان في سفر في أول أيام العزاء وعندما عاد ولأكثر من أسبوع كنا نسمع من الزملاء عزم الاستاذ عادل الباز الحضور لتقديم واجب العزاء ولكن “القدم ليهو رافع” كما يقول المثل لم يتسن للاستاذ ذلك كما لم يتسن له مجرد مهاتفتنا معزيا وأوجدنا له العذر فإذا صدقت المشاعر لا يجدر بنا الوقوف على الأماكن هكذا حملنا الأمر.

    بداية اللعب النظيف…

    غادر أستاذ عادل الباز مباني الصحيفة ولم يقل لنا شيئا بعد قراءة الفاتحة معنا؛ و كان لابد من ترك أحزاننا جانبا فهذه سنة الحياة وشرعنا في إعداد تقرير دون أن نتقاضي نثريات العمل ولما كانت عقارب الساعة تشير الى الخامسة عصرا وأوشكنا على الفراغ من إعداد التقرير عاد استاذ عادل الى الصحيفة في تمام الخامسة عصرا و بعد أن جلس قليلا بمكتبة شرع باب مكتبه المشرف على صالة التحرير و خاطبنا: أجوك تعالي دايرك دقيقة فتوقفت عن الطباعة وحملت بعضي الى مكتب الاستاذ ثم دار بيني و بينه الحوار التالي:

    الباز: وفاة شقيقتك رحمها الله كان نفاذا لمشيئة الله و لكنك غبت أكثر من الوقت المسموح به وحضرت بعد أن قدمت طلب لمكتب العمل بشأنك لكي يفتني في التعامل معك وعليه أرجو ان تمكثي في المنزل حتى يفتيني مكتب العمل بشأنك.

    أجبته: من حقك ان تقدم لمكتب العمل ما رأيت وفقا لما قدرت غير أن لدي مأخذين عليك.
    اعتدل في جلسته وقد بدت عليه أمارات التشوق وتساءل.. وما هما؟!
    أجبته..لماذا لم تخبرني بتلك الخطوة منذ الصباح
    أجاب: كنت أود أخبارك و لكنك خرجت من اجتماع التحرير
    استدركته : ولكنك قرأت معي الفاتحة على روح المرحومة داخل الصالة لماذا لم تخبرني بما اخبرتني به الآن؟ و إذا كنت قد رأيت ذلك غير لائقا ولطالما كنت حريصا على حقك بالتعامل معنا بمخاطبات عبر ابراهيم عمار”سكرتيره” لماذا لم تأمره ليخاطبني بخطاب رسمي كما درج على توزيع إنذرات التأخير والغياب على الزملاء بدلا عن التحدث الينا شفاهة.
    أجاب ببساطة.. هل تعاتبيني في الساعتين اللتين قضيتها بالصالة؟!
    أجبته: الامر ليس بهذه البساطة انا هنا منذ الصباح بل وأوشكت على الفراغ من كتابة تقرير أعددته للنشر، وانت تعلم ظرفي فلم آت اليوم للترويح او حبا للجلوس و قضاء الوقت داخل صالة التحرير على الاقل ظرفي يتطلب وجودي بالمنزل.على العموم حصل خير سأنتظر بالمنزل كما طلبت حتى تخطرني بفتوى مكتب العمل في شأني.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..