قراءة في الازمة السودانية

قراءة في الازمة السودانية

احمد سنار
[email][email protected][/email]

و هكذا يكون الشعب السوداني الذي كان في يوم من الايام شعبا نضاليا ابيا لكل الحكومات الفاشلة والفاشية وضيقة الافق التي تحاول ان تقوده الى غياهب جب عميق لا نعلم مكانه وكم يبلغ عمقه حتى يخرجنا منه بعض السيارة.ان السودان هذه الايام يمر بمنعطف خطير بدات ملامحه في الوضوح حيث نقبل هذه الايام على استفتاء تقرير مصير السودان بعد ازمة بدات منذ الاستقلال او بالاحرى منذ ايام المهدية.بدات الازمة عندما حاول المركز الايدولوجي اقصاء المجموعات الثقافية الاخرى الموجودة داخل الدولة السودانية والعمل على التحكم في في كل مدخلات ومخرجات الواقع السوداني. هذا المركز لازال يمارس نفس اساليبه الاقصائية التي كما تنبأنا في جدلية المركز والهامش تقود الى الانفصال لا محالة وتقسيم السودان الى دويلات عديدة عذرا دولا عديدة ستكون في الغالب عدائية للمركز.هذا الانفصال ناتج من عدم وجود الاخر في الدولة السودانية.في هذه الدول الجديدة في الغالب ستكون المواطنة هي الاساس للحقوق والواجبات دون النظر للتراتيب الاجتماعية كما في السودان القديم الذي كانوا فيهحيث كانو في الغالب مواطنين من الدرجة الخامسة او العاشرة لكل من هو خارج الحقل الاسلاموعروبي الذي ينكر عليهم في الاصل ابسط انواع الانتماء للدولة وبل يطالبهم بان يتنازلوا عن حقوقهم بل يصف المطالبين منهم بالمتمردين اما لمن هم في نفس الحقل بالمعارضين انظروا الى الاجحاف واقتصر في المطالبة لمن هو من نفس الحقل الايدلوجي-الاسلاموعروبي- وعندما اصبح الهامش لايكترث بالمسميات و استوعب طبيعة الصراع في الدولة بدء المركز بممارسة سياسة كارثية جديدة الا وهي الترميز التضليلي حيث اتت ببعضهم واشركتهم في مؤسسات الدولة لكن بعد ان طمست هويتهم وثقافتهم واعادة انتاجهم ضمن الحقل الاسلاموعروبي فارضة لمقولة احدهم ان افريقيا منطقة خالية يجب حشوهها بالثقافة العربية ,وجعلتهم يحاربون ابناء جلدتهم مطبقين اضرب المهمش بالمهمش.لكن عندما تكون هنالك ارادة حقيقية للتغير يمكن ان يحدث التغير كما هو الحال للجنوب والغرب والشرق حيث نجد ان الحركات الثورية ذات برامج سياسية متقاربة.ان ازمة الدولة السودانية ازمة ثقافية بين الهامش والمركز لا كما يقول البعض من انها ازمة ديمقراطيةدينية اقتصادية.فمنذ الاستقلال نجد ان الحزب الاتحادي الديقراطي عند اعلان الاستقلال يصيح زعيمه الراحل اسماعيل الازهري قائلا اعلناها دولة عربية اسلامية,دون ان ياخذ في العتبار المجموعات الثقافية الاخرى الموجودة داخل الدولة السودانية في اعراف ضمني بان كل من ليس له صلة بالعروبة وبالاسلام لا مكان له داخل الدولة ,كما انه لم يراعي التعدد والاختلافات الثقافية-العرقية والاثنية- داخل الدولة السودانية. وكذلك الموقف من عملية السودنة قبل الاستقلال حيث كانت كل الوظائف لابناء الحقل الاسلاموعروبي.الامر الذي لا يمكن للصدفة ان تلعب اي دور فيه حيث كان اقصاءا حقيقيا من مؤسسات الدولة اذا كان هذا هو المثقف السوداني فكيف يكون الشارع السوداني.كذللك حاول بعض القيادات اضفاء القدسية الى انفسهم وذلك بانتسابهم الى الرسو(ص) او لعمه العباس-اين ابناء ابو لهب اليس هو الاخرعم الرسول(ص),وكذلك طرحهم للجمهورية الاسلامية ف انتخابات عام 1986م .الان يبدو ان الامر اضحى جلي حيث غير الحزب الاتحادي رويته في موضوع الهوية وتحدث عن الشخصية السودانية ذات الطابع المزاجي ليحسم امرها بالجغرافيا. وكذلك حزب الامة الذي عمل على اقصاء الاخرين كموقف عبدالرحمن المهدي من ثورة اللواء الابيض عندما اطلق عليها ثورة العبيد مرورا بالصحوة الاسلامية في عام1986م .اليسار ايضا كان مواطئا ايدولوجيا تجاه العروبة والاسلام.حتى الحركات الاسلامية اتت لتزيد النار اشتعالا عندما قالت ان ازمة السودان ازمة دينية وتبنت برنامج المشروع الحضاري.نلاحظ جليا كيف كان التشخيص الخاطئ وهو ما ادى في نهاية الامر الى الاقصاء الذي ولدت الثورات في الجنوب والغرب والشرق.وقد استغل الحقل الاسلاموعروبي كل ادوات الدولة ليمحوثقافة الاخر و عمل على اعادة انتاجهم داخل منظومة الحقل الاسلاموعروبي من خلال الاعلام ذو الوجهة الواحدة الذي يعبر في الاساس عن الحقل الاسلاموعروبي وكذلك التعليم بفرض اللغة العربية.ان عدم وضوح الرؤية وعدم الاعتراف بالنعدد داخل الدولة السودانية هو اس البلاء وهو الازمة الحقيقية اذن لابد من استيعاب الاخر والاعتراف به.وفي رأي ان الحل لمشكلة السودان يكمن في الاتي:
اولا:الاعتراف بالاخر وقبوله بكل خصائصه وصفاته من عادات وتقاليد واديان واعراق واثنيات مختلفة.
ثانيا:الاعتذار من قبل ابناء المركز لابناء الهامش عن الاخطاء والممارسات التاريخية وقبول الاعتذار من اجل المصالحة الوطنية.
ثالثا:اقرار مبدأ التسامح بين مكونات الدولة السودانية ومحاربة الاستعلاء بين هذه المكونات.
رابعا:كتابة التاريخ الحقيقي والاعتراف بنضالات المكونات الاخرى داخل الدولة السودانية وتدرسيه في المراحل التعليمية المختلفة.
خامسا:المساواة داخل الدولة بين المواطنين دون اي تمييزدينيعرقيثقافي او بسسب اللون.
سادسا:صياغة دستور يعترف بالتعدد داخل الدولة السودانية يجد كل مواطن سوداني نفسه داخل هذا الدستور.
سابعا:ما يتعلق بالهوية تبني القومية السودانية التي من خلالها يتم التفاعل الحقيقي بين الثقافات المختلفة داخل الدولة السودانية دون اي تدخل من قبل الدولة لنحصل في الاخر على قومية سودانية.
في الختام يجب ان نعلم ان الدين لله و الوطن للجميع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..