ولاية نهر النيل(معهد تأهيل كوادر الحزب الحاكم-ولاية حقل التجارب)

لايخفى على الشعب السوداني قاطبة ان انقلاب الثلاثين من يونيو 1989 كان مدبرا له بليل وان بيان المجلس العسكري الاول كان يحمل رائحة الاسلامين كما يسمون انفسهم ورويدا رويدا بدأت الحقائق تتكشف من خلال الشعارات وحالة الهوس التي ملأت ارض السودان دون ان نرى مشروعا اسلاميا سليما حتى يومنا هذا رغم مضي مايزيد على ربع قرن من الزمان.
ومعلوم ان معظم الاسلامين الذين وجدوا في استيلائهم على السلطة فرصة ذهبية لاشباع رغباتهم الكثيرة ولست في حاجة ان اعددها فنحن نعرفها وهم يعرفونها ويمارسونها يوميا من خلال ما اتيح لهم من سلطة ومال دون اي اعتبار لمصلحة البلد واهلها ضاربين نموذجا سيئا في ادارة شئون البلاد والعباد منذ ان عرف السودان كدولة ذات سيادة. ومعلوم لدى الجميع ان الاسلامين في السودان لم تكن لديهم اي تجربة وخبرة لادارة شئون بلد كالسودان فمعظمهم لم تتعد خبرتهم اتحادات الطلاب ومجالس ادارات بعض البنوك والشركات وقليل منهم من له خبرة قليلة في العمل السياسي من خلال نظام مايو ولو بشكل منفرد او تحت لواء الاتحاد الشتراكي لنظام مايو وعليه يمكن القول ان هؤلاء وجدوا انفسهم على حين غرة يديرون دولة كاملة فكان لزاما عليهم ابعاد كل من لا ينتمي الي تنظيمهم حسب ادبيات التنظيم العالمي و تنصيب كل عضويتهم في المناصب العليا في الدولة والقوات النظامية والخدمة المدنية بغض النظر عن خبرة الشخص المكلف ومقدرته السياسية والادارية فكان ان انعكس ذلك سلبا على كل مؤسسات الدولة حتى وصلنا لهذه المرحلة الكارثية التي تعيشها بلدنا وشعبنا من ضاقئة اقتصادية وانهيار كل المشاريع المنتجة واعتماد الدولة على الضرائب وفرض رسوم متعددة وعلى سلعة واحدة في اكثر من مكان ولجوء الدولة الي بيع مؤسسات البلد واصولها الثابتة .
والملاحظ ان الحزب الحاكم اتبع سياسة تدريب كوادره وصقلها بخلق وظائف كثير منها صورية الغرض منها تدريب كوادر الحزب فكان تمدد الظل الاداري وكثرة المصروفات في وظائف لافائدة منها للبلد والشعب ولكنها مفيدة للحزب الحاكم الذي لايعنيه حال البلد واهلها وكان ذلك فيما عرف بعهد التمكين .
ومن سوء حظنا نحن في ولاية نهر النيل المفترى عليها ليس من الحزب الحاكم فقط وانما من كثيرين من اخوتنا وابناء شعبنا في كثير من مناطق السودان الاخرى ليس لان الولاية متطورة وبها خدمات لاتوجد في ولايات السودان الاخرى وانما لان نفر من قادة الحزب الحاكم ينتمون لها اما بالميلاد او بالانتماء القبلي وفي اعتقادي الشخصي ان الانتماء بالميلاد او القبلي لاي رقعة جغرافة لا يعني انك تنتمي لها وجدانيا وفي حال ولاية نهر النيل الذي نعرفه نحن ابنائها اكبر دليل على صحة هذه الفرضية وزيارتها متاحة للجميع حتى نتحاكم جميعنا الي مشاهدات على ارض الواقع بلا تنظير وكتابة عبر الاسافير دون دليل على مانقوله.
ولعل اول حاكم عسكري في هذا العهد هو الرجل الوحيد الذي جاء الي هذه الولاية وهو يحمل هم القسم الذي اداه امام الرئيس ولان الرجل كان مخلصا ويعرف مسئولية القسم الذي اداه لم يستمر طويلا لانه ادرك صعوبة تحمل هذه المسئولية ولانه رجل يخاف الله فضل التخلي عن الوظيفة وعاد ادراجه ليبحث عن لقمة عيشه بما يرضي الله مع عامة الشعب. وقد اصبحت ولاية نهر النيل بعد الوالي الطاهر محمد عثمان معهدا لتخريج وتأهيل كوادر الحزب الحاكم ليس في منصب الوالي فقط وانما في كل المسميات الادارية التي ابتدعها هؤلاء فتارة محافظين وتارة اخرى معتمدين وغيرها من فرص العمل التي اتاحها الحزب الحاكم لكوادره تمشيا مع رؤية احد الاسلامين الكبار الذي صرح في بدايات حكمهم انه مع تمكين الشباب الموالي للمشروع الحضاري اجتماعيا بتوظبفهم في وظائف عليا واقتصاديا بمدهم برؤوس اموال وفتح الاسواق امامهم ومحاربة غيرهم ممن لا ينتمون لحزب الاخوان . وقد انتهز معظمهم هذه الفرص المتاحة امامهم وفضل كثيرون منهم اعرفهم فرص عمل داخل السودان في ظل نظامهم الشمولي على وظائف في دول نفطية لان وظيفة الحزب تعطيه المال والسلطة بينما وظيفة الدولة النفطية تعطيه مالا ولاتعطيه سلطة ومعروف ان الاخوان يحبون الظهور والاعلام والرئاسة في كل شيئ وكما وصفهم احد شيوخ السلفية في بلدنا بقوله( ان الاخ المسلم نذير شؤم في الحي فهو يريد ان يكون رئيس اللجنة الشعبية والنادي وامام المسجد ومأذون الانكحة الشرعية فادبيياتهم تقول لا تدع فرصة لغيرك فكل ماتستطيع ومالا تستطيع القيام به اجعله في يدك ونصب من نفسك الامر والناهي في الشان العام في الحي الذي تسكنه او في المؤسسة التي تديرها.
نعود الي ولاية نهر النيل التي ابتلينا نحن مواطنوها بمسئولين فاشلين وعديمي خبرة طوال ربع قرن من الزمان واستطيع ان اجزم انهم جميعهم تدربوا على العمل السياسي هنا في هذه الولاية حتى الخطابة والشجاعة الادبية في مواجهة الحضور تدربوا عليها هنا في ولاية حقل التجارب فكان ان شاهدنا واليا مهموم بقضايا احد اندية الرياضة اكثر من قضايا ولايته فسخر القليل المتاح له في ولايته لدعم النادي العريق بمولد كهرباء في وقت كانت ولايته ومدنها الرئيسية الدامر- عطبرة- شندي وبربر تعيش في ظلام دامس امتد في معظم احياء هذه المدن لاربعة اشهر متتالية بأستثناء بعض المناطق بحكم وجود مؤسسات حكومية في نطاقها الجغرافي. وراينا احد المعتمدين مغرم بالغناء والعذف على العود فجمع حوله بعض المقربين منه فابدع واجاد واتقن فن العذف على العود وغادرنا بعد ان تعلم شيئا من الخطابة وشحذ همم الناس واستقر به المقام معتمدا في مسقط راسه حيث بدأت تظهر نتائج فترة تلقيه لفنون الادارة فالرجل كما الطالب يذهب الي مكتبه صباحا ليلتقى دروسه اليومية ويأخذ واجبه المنزلي في نهاية اليوم ويعود الي بيته ومن ثم يتفرغ لممارسة هواية الغناء والعذف على العود في المساء. ان اردت ان احصي عدد المسئولين الفاشلين الذين تعاقبوا على الولاية ومحلياتها المختلفة فلن استطيع حصرهم وكلهم كان وجودهم في مناصبهم خصما على الولاية ومحلياتها المختلفة فلم يضيفوا لها شيئا واتحدى اي واحد منهم واليا كان او معتمدا ان يعطينا شيئا واحدا فقط نحسبه له انجازا .
وبعد ربع قرن تخرج المئات من كوادر الحزب الحاكم وسمعت انهم في اطار تكوين رابطة تضم خريجي معهد نهر النيل لتدريب الكوادر على العمل السياسي فهم مدينون بالفضل لحزبهم الذي رشحهم لهذه الفترة التدريبية ويعتقدون ان الولاية لا فضل لها عليهم فكل مصروفاتهم من سكن واعاشة ورسوم دراسة وترحيل وبدل مناطق شدة كان يدفعها الحزب الحاكم من اشتراكات اعضائه وهم تجاوزا عشرة ملاين عضو (رغم ان مؤتمرجي سابق ورجل من قيادات الصف الاول قال انه لم يدفع يوما واحدا رسوم اشتراك في الحزب) وربما كان معفيا منها نسبة لظروفه المادية السيئة.
ولا اعرف سر هذا الحب المتبادل بين النادي الامدرماني الشهير وبين الولاة الذين يتم تعينهم في ولاية نهر النيل فوالينا الحالي والذي لا اعرف اسمه حتى الان سمعنا عن تكريمه لرئيس ذلك النادي في مهرجان وجد فيه الوالي ضالته ليخاطب جمهورا فحسب علمي انه استقبل استقبالا فاترا في الولاية حيث لم تتح له فرصة اختبار شجاعته الادبية ومقدرته الخطابية ولو كنت مكانه لتقدمت باستقالتي فواضح انه زائر غير مرحب به في الولاية فلم تعد الولاية اكاديمة كما كانت فقد اختلفت معايير القبول لها وتطورت مناهجها فلم تعد تستقبل طلابا دون المستوى وقد اصبح من الضروري ان يجتاز كل المتقدمين للالتحاق ببرامج التدريب ان يجتازوا امتحان قدرات يكون النجاح فيه هو جواز المرور للانتساب لها.
واخيرا هذا النموذج السيئ في الادارة قد لا يكون قاصرا على ولاية نهر النيل وحدها ولكن بالقياس لمستوى الخدمات والتنمية فيها هي تتذيل ولايات السودان حتى تلك التي حمل بعض اهلها السلاح على الدولة تجد مدنها الرئيسية اوفر حظا من مدن ولاية نهر النيل والله المستعان وعليه التكلان.
مجذوب محمد عبدالرحيم منصور
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. قال مظلومين قال؟ كاتلين الجدادة وخامين بيضها

    نهر النيل نهر النيل وكأن البلد ما فيها غير ولاية نهر النيل

    مشاريع العرب الزراعية محصورة في ولاية نهر النيل
    مصانع الأسمنت حصريا في ولاية نهر النيل
    قالوا دهب شركة سيبيريا كلها في ولاية نهر النيل
    طرق من الغرب والشرق وكبارى وكهرباء ومدارس ومستشفيات في ولاية نهر النيل
    السلطة السياسية الحقيقية محصورة في أبناء ولاية نهر النيل
    الدولة العميقة في أيدى أبناء ولاية نهر النيل
    قادة جهاز الأمن ووزارة الدفاع وكبار الضباط من ولاية نهر النيل
    مخططو حملات الإبادة من ولاية نهر النيل
    رعاة الجنجويد وهم الآن متمركزين في ولاية نهر النيل
    حاملى وزر فصل السودان من ولاية نهر النيل
    الطيب مصطفى من ولاية نهر النيل
    أصحاب الحلاقيم الكبيرة والجيوب المنتفخة من لصوص الإسلاميين من ولاية نهر النيل
    أدعياء الكذب والبهتان والإنتساب للأشراف وبيت النبوة من ولاية نهر النيل

    كل هذا وهى ولاية صحراوية قليلة السكان تجمعهم كلهم في حارتين من حارات أمبدة والسلام.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..