اطفال سودانيون يعانون نفسيّاً

ما حدث مع لمياء ليس بأمر بسيط. مدرّستها طردتها بسبب ?ملابسها الرثّة?، وطلبت منها شراء ملابس جديدة قبل الدخول إلى الصفّ مجدداً. لكنّ والدتها فاطمة التي تسكن في أحد أحياء العاصمة السودانية الخرطوم، لا تستطيع شراء ملابس جديدة لها، هي التي فقدت زوجها الذي قُتل على يد مجهولين أخيراً. بعد هذه الحادثة، بقيت فاطمة في منزلها أربعة أشهر، قبل أن تبدأ المأساة. تقول لـ ?العربي الجديد?: ?أشعر بالألم الذي سبّبته لابنتي. لكن ليس في اليد حيلة. حتى الآن، لم أحصل على عمل. بالكاد أستطيع أن أوفّر لها ولأشقائها وجبة واحدة يومياً?.

حال لمياء لا يختلف عن حال تلاميذ آخرين طُردوا من مدارسهم لأسباب مختلفة، من بينها عدم القدرة على تسديد الرسوم، علماً أنّ الدولة كانت قد صرحت عن مجانية التعليم. وهذا الأمر ينعكس سلباً على التلاميذ وأسرهم. وأخيراً، صرحت وزارة الصحة في ولاية الخرطوم أنّ أكثر من 27 في المائة من تلاميذ المدارس في العاصمة يعانون من اضطرابات نفسية. نسبة شكّكت فيها وزارة التربية والتعليم في الخرطوم، مشيرة إلى أنّها غير حقيقية.

وتقول مديرة وحدة الإرشاد النفسي والسلامة في وزارة التربية، إخلاص عباس، لـ ?العربي الجديد?، إنّ ?هذه المشاكل النفسيّة تمكن ملاحظتها في المدارس والبيوت ومراكز العلاج?، مشيرة إلى ?زيادة في استعانة المدارس بالمرشدين النفسيّين?.

في وقت سابق، طالبت ممثلة منظمة الصحة العالمية في الخرطوم، نعيمة القيصة، بإدخال ?الصحة النفسية? إلى المناهج الدراسية واعتماد برامج الرعاية الصحية الأولية في المدارس السودانية، للحدّ من زيادة المشاكل النفسية بين تلاميذها. وفي مايو/ أيار الماضي، كشف تقرير صادر عن وزارة الصحة في ولاية الخرطوم عن ارتفاع نسبة الذين يعانون من مشاكل نفسية خلال العام الماضي، مشيرة إلى أنّ الرقم وصل إلى 16 ألفاً و800 حالة.

ويلفت معالجون نفسيّون إلى زيادة في عدد الأشخاص الذين يتردّدون على عياداتهم المتخصصة. من جهة أخرى، يشكّك خبراء نفسيون وباحثون اجتماعيون في النسبة التي أعلنتها وزارة الصحة السودانية، في إشارة إلى أنّها أقل من الواقع، مرجّحين أن تزداد خلال السنوات القليلة المقبلة بسبب سوء التخطيط وعدم وضوح السياسات، بالإضافة إلى هجرة الكوادر المدرّبة. هذا الأمر يتطلّب تدخّل الدولة وإنشاء مراكز إرشاد نفسي ومناهج للصحة النفسية، وتعيين مرشدين نفسيين في المدارس، فضلاً عن إقرار العلاج النفسي المجاني نظراً إلى كلفته العالية.

لا شكّ في أنّ أموراً كثيرة في السودان تؤدّي إلى مشاكل نفسية لدى التلاميذ، بالإضافة إلى إرباك العملية التربوية عموماً، نظراً للبيئة المدرسية المترديّة في بعض المناطق والفوارق الطبقية بين التلاميذ وكذلك المناهج الدراسية الضاغطة في ظل غياب النشاطات الجاذبة.
ويرى الأستاذ المحاضر في الصحة النفسية علي بلدو أنّ ?النسبة المعلنة والمتعلقة بحالات الاضطرابات النفسية بين تلاميذ المدارس، لا تعكس الواقع?. ويلفت إلى أنّ ?النسبة الحقيقية تتخطّى تلك بأضعاف، إذا أخذنا في الاعتبار الخوف من الوصمة وعدم إبلاغ المرشدين النفسيين وإغفال عدد كبير من الأمراض النفسية التي تأتي كألم في المعدة أو تقيؤ أو غيرهما?.

العربي

تعليق واحد

  1. في الحقيقة لقد اصابني حزن شديد لحال لمياء فالله ينتقم من عمر البشير لانه افقر الشعب السوداني وخلاهم حتى الوجبة الواحدة في اليوم غالية عليهم .
    ارجو من الاخوة في الراكوبة عمل صندوق لمثل هذه الحالات وفتح باب التبرعات للمقتدرين كل يساهم بقدر استطاعته ، وعنوان شخصي الضعيف الالكتروني طرفكم ودمتم خدمة للشعب السوداني .

  2. الله لايوفق عمر الخنزير المجرم اللهم دمره هو وعصابته وعائلاتهم اللهم اهلكهم كما اهلكت عاد وثمود وفرعون اللهم ابدهم واحصهم عددا بحق هذا اليوم الفضيل اللهم لاتبقي منهم احدا انت الجبار المنتقم وانت الملك العدل

  3. العارور عمر البشير يتبرع بأكثر من سبئمائة الف دولار لحجاج يوغنديين لأداء فريضة الحج التى شرطها الاستطاعة وفى نفس الوقت تلاميذ من رعاياه عراة حفاة وجياع حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم ي كيزان

  4. أكثر من 27 في المائة من تلاميذ المدارس في العاصمة يعانون من اضطرابات نفسيةواكثر من 50% من الشعب السودانى ايضا لديهم اضطرابات نفسية، ليست لمياء وحدهاالتى ستعانى من الاضطراب النفسى بل والدتها واعداد مهولة من الشعب السودانى ستعانى ايضا، الفقر والفاقة والبطالة،المستقبل المجهول كلها تسبب لدى الضحايا سلوكا نفسيا لم يعرفونه من قبل. ينمو هذا السلوك كاضطرابات نفسية جديدة على الفرد (رجالا ونساء) من غير إحساس منهم بالمشكلةأولا، ومن ثم بعد فترة (ربما أشهر أو سنة أو أكثر) تبدأ أعراض الاضطرابات النفسية. طبعا يتوقع كثير منا أن يشعر المرء بالاكتئاب والحزن والقلق. لكن المسألة أكبر وأكثر وتخص المجتمع كما الفرد.
    يبدأ الرجل مثلا يشعر بأنه منبوذ أو لا يقدره أحد، ويضمر فى نفسة بذرة الانتقام من القريب والبعيد . يلجأ البعض لتخدير آلامه بما تجود به الساحة من مخدرات وكحول أو عادات عدوانية أو سلبية.
    سيعاني الرجل أو المرأة من الوصمة (بلا عمل ? عاطل -او العمل لا يكفى حاجيات اسرته، عدمان، صرمان). هذه الوصمة تبعده عن المجتمع، وربما تجعله ينزوي أكثر.بعضهم يهرب من منزله، وبعضهم يطلق زوجته ويتفكفك من المسئولية، فى المحاكم الان من ينكر نسب اولاده، كل هذا يزيد من العزلة النفسية التي تكون بداية للاضطراب النفسي عند البعض،ويلجأ بعضهم بجهل أو يأس لتسكين آلامه بتعاطى المخدرات أوشرب الخمر. بعد فترة طويلة يبدأ بلوم النفس، ويكره نفسه بطريقة لا يمكن لنا أن نتخيلها. هذا الكره مرة أخرى سيعمم وسيكون بداية لأن يكره الآخرين ويرغب الانتقام منهم، والأسوأ ربما ينتقم منهم فعليا، هنالك من يقتل لاتفه الاسباب،هنالك من قتل كمسارى الحافلة بسبب خلاف حول التعرفة، اللصى قد يقتلك وهو يحول سرقة موبايلك، ممكن تضرب زوجتك بساطور، وممكن زوجتك تدلق عليك حلة موية مغلية،كلو وارد (يعني أن الفكرة انتقلت إلى سلوك سلبي أو إجرامي.. إلخ).
    من السلبيات في السلوك ( المصاحب للبطالة عند الكثيرين) هي النوم بصورة غريبة، الشباب اصبحوا ينامون حتى الواحدة او التانية ظهرا، وانعدم عندهم وجود إحساس بالزمن أو المناسبات الاجتماعية أو المسؤولية الأسرية أو الاجتماعية، إن العمل يوجد للفرد هدفا وبرنامجا يوميا (وإن لم يحب عمله. أما البطالة فإنها تحرمه من جدولة يومه ووضع اهداف للحياة!! ومن السلبيات أن يبدأ البعض بالسلوك العدواني وطبعا أقرب الضحايا سيكونون الأضعف: في مجتمعنا الأضعف هو الطفل والمرأة (على مستوى الأفراد).نلاحظ تصاعد حالات العنف ضد المرأة باشكاله المختلفة،واغتصاب الاطفال. .

    للأسف مما يلاحظ الآن عندنااذديادالجرائم بصورة مخيفة ولم نكن نتخيلها أن تحدث بيننا من قبل،اقرا جريدة الدار او صفحة الحوادث فى بعض الصحف لتعرف ان هذا هوأول الغيث. ستبدأ الجرائم بكل الأشكال والأنواع من الرجال والنساء والأطفال اذا استمرت حالة الفقر والبطالة. ستذداد جرائم انتحال الشخصية وسرقة المعلومات الإلكترونية وسرقة أموال الناس من البنوك وتزوير العملات، ستكون هنالك كثير من الأمثلة الجديدة..لانه لا يمكن أن تكون هناك تغييرات اقتصادية ومالية من دون تغيرات اجتماعية واضطرابات نفسية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..