بعد فضيحة «نيوز أوف ذي وورلد».. بريطانيا تفكر في صفقة جديدة مع مردوخ

بعد أيام من فضيحة التنصت، التي أدت لإغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، كبرى صحف الأحد البريطانية، أفادت تقارير، أمس، بأن الحكومة البريطانية، تسعى للحصول على المشورة بخصوص ما إذا كانت توسع نطاق الإجراءات التنظيمية المرتبطة بعرض تقدمت به شركة «نيوز كوربوريشن»، المملوكة لروبرت مردوخ، (صاحب نيوز أوف ذي وورلد) بقيمة 12 مليار دولار لشراء شركة «بي سكاي بي» (بريتيش سكاي برودكاستنغ)، البريطانية الإعلامية الأكثر إدرارا للربح على مستوى البلاد.

وقد واجه هذا العرض مشكلات جديدة، عندما وعد حزب العمال المعارض بنقل المعركة ضد صفقة الاستحواذ إلى مجلس العموم لإجراء تصويت بشأنها.. في خطوة، حال نجاحها، قد تشكل ضربة قاصمة للصفقة. وخلال التداولات المبكرة في بورصة لندن، أمس، تراجعت أسهم «بريتيش سكاي برودكاستنغ» بصورة حادة، مع شعور مستثمرين بالقلق حيال انهيار صفقة الاستحواذ، الذي كان قد دفع الأسهم نحو الارتفاع.

وفي وقت مبكر من أمس، انخفض سعر الأسهم بنسبة 7.3 في المائة ليصل إلى 695 بنسا، أو 11.12 دولار، ليمضي بذلك في التراجع الذي مني به من مستوى 850 بنسا قبل فضيحة التنصت على الهاتف في «نيوز أوف ذي وورلد»، التي تسببت في حالة من الفوضى العارمة داخل شركة مردوخ.

وذكرت تقارير صحافية بريطانية أن وزير الثقافة، جيرمي هنت، وهو الوزير المعني بالصفقة، يجري اتصالات مع مكتب التجارة العادلة ومؤسسة «أوفكوم» المعنية بالتنظيمات الإعلامية، لتحديد ما إذا كان يتعين الآن تحويل الصفقة إلى السلطات المعنية بشؤون المنافسة.

ويبدو أيضا أن الصفقة أثارت خلافا بين الشركاء داخل الائتلاف المقلقل، الذي يترأسه رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، مع إعلان الشركاء أصحاب النصيب الأقل، «الديمقراطيين الليبراليين»، أنهم ربما ينضمون لصف حزب العمال المعارض داخل مجلس العموم.

وتعرضت جهود «نيوز كوربوريشن» لشراء حصة الـ61 في المائة، التي لا تملكها الآن، للخطر بسبب فضيحة التنصت على الهاتف التي أسفرت خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع عن إغلاق واحدة من كبرى صحف التابلويد المملوكة لمردوخ، «نيوز أوف ذي وورلد».

ومن المتوقع أن تثير مشاورات هنت مع الجهات التنظيمية المعنية تساؤل ما إذا كانت فضيحة التنصت على الهواتف تقضي على الجهود التي بذلتها «نيوز كوربوريشن» من قبل للفوز بالصفقة. تحديدا، رغب هنت في التعرف على ما إذا كانت الصفقة المقترحة ستؤثر على عدد الأصوات الإعلامية داخل بريطانيا، وما إذا كانت السلطات المعنية بالمنافسة تساورها مخاوف الآن حيال وضع «نيوز كوربوريشن» كشركة «ملائمة ومناسبة» لامتلاك ترخيص بث.

ويأتي تحرك حزب العمال ضد صفقة الاستحواذ في الوقت الذي وصل مردوخ، 80 عاما، لمطار خارج لندن كي يتولى بصورة مباشرة مسؤولية تناول الأزمة التي ألمت بشركة «نيوز إنترناشيونال»، التابعة لـ«نيوز كوربوريشن» ومقرها لندن.

من جهته، أعلن إد ميليباند، زعيم حزب العمال، عزمه إجراء تصويت داخل مجلس العموم حول صفقة الاستحواذ على «بي سكاي بي»، وذلك خلال مقابلة تلفزيونية أجرتها معه «بي بي سي»، أول من أمس، الأحد، مشيرا إلى شعوره بالأسف لاضطراره اتخاذ هذه الخطوة، لكنه استطرد معربا عن اعتقاده بأن كاميرون لم يترك خيارا آخر بسبب رفضه اتخاذ خطوات ملموسة لوقف الصفقة.

من جهته، قال كاميرون إن الائتلاف الحاكم من المحافظين والديمقراطيين الليبراليين، الذي يترأسه، ملزم قانونيا بعدم التدخل في المراجعة التنظيمية لصفقة «بريتيش سكاي برودكاستنغ»، التي اقتربت بالفعل من إجازة الصفقة.

وخلال المقابلة التي أجراها معه أندرو مار، مذيع «بي بي سي»، نفى ميليباند إعلانه «الحرب ضد روبرت مردوخ»، الذي يعد بالفعل أقوى قطب إعلامي في بريطانيا، وصاحب نفوذ سياسي هائل مستمر منذ عقود، مما دفع حكومات بريطانية، من العمال والمحافظين، للسعي لكسب وده.

أمس، أخبر تيم فارون، رئيس حزب الديمقراطيين الليبراليين، «بي بي سي»، بأنه من حيث المبدأ، من الممكن أن يؤيد الأعضاء البرلمانيون من الحزب المقترح المقدم من حزب العمال أمام طموحات مردوخ. وقال: «لا أرى سببا يدعو الديمقراطيين الليبراليين، حال طرح مقترح مصوغ قانونيا داخل مجلس العموم يعارض سيطرة مردوخ على حصة أكبر من (بي سكاي بي)، للتصويت ضد المقترح»، وأضاف: «لا يخفى على أحد أن الديمقراطيين الليبراليين ككيان عارضوا دوما غياب التعددية في إعلامنا، وأنهم شعروا بصورة خاصة أن نفوذ روبرت مردوخ على الصعيد السياسي البريطاني كان شائنا. هذا اعتقادنا منذ عقود».

الملاحظ أن تردد السياسيين إزاء إثارة غضب بارونات الإعلام الأقوياء اعترف به أيضا كاميرون بصراحة غير معهودة، الجمعة، حيث صرح خلال مؤتمر صحافي بأن فضيحة «نيوز أوف ذي وورلد» كشفت أهمية كبح جماح ما وصفه بالعلاقة «الودودة» داخل بريطانيا بين وسائل الإعلام والسياسيين والشرطة.

وخلال مؤتمر صحافي، أعلن عن خطط لوضع قيود تنظيمية جديدة للقضاء على التعاون غير الصحي، وربما غير القانوني، بين هذه الأطراف.

من جهته، أعلن ميليباند بوضوح مطالبته بأن يبدل كاميرون توجهه حيال صفقة الاستحواذ على «بريتيش سكاي برودكاستنغ» وأن يصدر توجيهات لهنت، وزير الثقافة، بتحويل الصفقة إلى مفوضية شؤون المنافسة التي تملك سلطة قتل الصفقة، عبر إصدار قرار يقضي بأنها ستسفر عن تركيز مفرط للملكية في المجال الإعلامي البريطاني.

الجمعة، أعلن هنت تلقيه 156000 طلب إذعان، واعتراض جماعي يحمل 100000 توقيع.

وقال ميليباند إن كاميرون: «عليه أن يعي أنه عندما أطلع الرأي العام على الحقائق المثيرة للغثيان التي شهدناها هذا الأسبوع، فإن فكرة السماح لهذه المؤسسة المتورطة في هذه الممارسات البشعة بالاستحواذ على (بي سكاي بي)، والحصول على نسبة 100 في المائة من أسهمها من دون اكتمال تحقيق جنائي، وعلى أساس تطمينات صادرة عن المؤسسة ذاتها، لا تقنع الرأي العام، بصراحة».

وتشير أقاويل إلى أن نيك كليغ، زعيم الديمقراطيين الليبراليين، وهو نائب رئيس الوزراء، وفينس كيبل، عضو حزب الديمقراطيين الليبراليين، وهو وزير شؤون التجارة داخل حكومة كاميرون، أعربا بقوة عن معارضتهما لصفقة الاستحواذ أمام كاميرون، وبالتالي فإن السماح بهذه الصفقة سيفاقم التوترات الحادة بين شريكي الائتلاف، الأمر الذي يثير الشكوك حول إمكانية استمراره.

* شارك في التغطية جون إف بيرنز من لندن وآلان كويل من باريس، ورافي سومايا من لندن.

– خدمة «نيويورك تايمز»

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..