تعقيباً على الدكتور/ الشفيع خضر: التجمع الوطنى الديمقراطى 1989 ? 2005م (2)

قضايا ليست كذلك
تعقيباً على الدكتور/ الشفيع خضر: التجمع الوطنى الديمقراطى 1989 ? 2005م (2)

توقفنا فى الحلقة الماضية عند الضلع الثالث من مكونات التجمع الوطنى الديمقراطى الا وهو القيادة العسكرية الشرعية للقوات المسلحة السودانية كما يدعون بعد أن ازال هذه الشرعية الجيش السودانى بأنقلاب الأنقاذ فى 30 يونيو 1989م. ومثلت هذه القيادة العسكرية فى التجمع الوطنى الديمقراطى فى هيئة قيادة التجمع بالفريق فتحى أحمد على القائد العام قبل أنقلاب الأنقاذ والفريق عبد الرحمن سعيد وأنقسمت منهم قوات التحالف السودانية العسكرية بقيادة العميد عبد العزيز خالد وأيضاً مثلت فى هيئة قيادة التجمع الوطنى الديمقراطى وكلا التنظيمين العسكريين لم يستطيعا استلام السلطة من عساكر الأنقاذ ليستعيدا الديمقراطية من أنقلاب الجبهة القومية الأسلامية. ولقد تاه العسكر بين تهويمات السياسيين فى التجمع بل لقد كانوا سبباً قوياً فى تخدير جماهير الشعب السودانى بأنهم قادرون على ألحاق الهزيمة بأنقلاب الأنقاذ وأستعادة الديمقراطية فنام الشعب السودانى فى انتظار عودة جودو خاصة وأن شعارات سلم تسلم والأقتلاع من الجذور كانت هى الرسالة القوية التى ترسل لجماهير الشعب السودانى والقى كل أسلحته المجربة فى الثورة أنتظاراً للنصر القادم عبر الحود الشرقية. وقد كان رأينا وقتها واضحاً أن هذه القوات المشتتة والتى لها قيادات متناحرة ومختلفة الرؤي رغم أنهم يضمهم ميثاق واحد لن يحققوا هزيمة الأنقاذ واستعادة الديمقراطية.
نأتى للضلع الرابع وهو أنضمام الحركة الشعبية بقيادة الدكتور جون قرنق للتجمع الوطنى الديمقراطى وتوقيعه لميثاق التجمع. وقلنا وقتها أن أنضمام الحركة الشعبية للتجمع وهى لها أجندة مختلفة تماماً عن ميثاق التجمع وهو المبنى على استعادة الديمقراطية وهى تقاتل نظام الحكم منذ ما قبل الأستقلال وهؤلاء يجب التأكد من أنهم مع ما تم الأتفاق عليه فى اسمرا للقضايا المصيرية وبذلك يجب أن تتخلى الحركة الشعبية عن المنفستو الخاص بها ويكون ميثاق التجمع الوطنى الديمقراطى هو منفستو كل القوى السياسية السودانية لكيفية حكم السودان مستقبلاً واستعادة الديمقراطية وألا تقوم بأى حلول منفردة مع السلطة الحاكمة فى الخرطوم مهما كانت الضغوض الأقليمية والدولية. وقلنا يجب أن تتوحد البندقية العسكرية تحت قيادة موحدة من كل الفصائل الحاملة للسلاح وهى الحركة الشعبية، قوات التحالف ، جيش الأمة، قوات الفتح وقوات الحزب الفيدرالى القومى بقيادة أحمد ابراهيم دريج. وقلنا يجب أن يكون قرار أطلاق أى طلقة نابعة من القرار السياسى لقيادة التجمع وليس من قيادة الفصائل العسكرية. وبرغم كما قالوا أنهم على الورق قد وحدوا العمل العسكرى تحت قيادة الدكتور جون قرنق ولكن الفصائل العسكرية تقود عملياتها بمعزل عن القيادة الموحدة وبالذات الحركة الشعبية التى لبست طاقيتين قيادة القوات العسكرية لكل الفصائل وقيادة جيشها منفردة. ولو كانت هنالك جدية حقيقية لأقتلاع نظام الأنقاذ لكان يمكن أن تحققه هذه القوة العسكرية الضاربة لقوات التجمع الوطنى الديمقراطى ولكن الحاصل تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى. هذا اذا علمنا أن هنلك ضباطاً فى الجيش والشرطة وايضاً الضباط الذين أحيلوا للصالح العام كما سمعنا أنهم كانوا منظمين وقدموا خطط عسكرية قوية للأستيلاء على السلطة باقل الخسائر ولكن للخلافات وسط قوات التجمع العسكرية وأختلاف الأجندة لم يستجب الذين فى الخارج من العسكريين للذين هم بالداخل من العسكريين ولعل العميد عبد العزيز خالد اصلح من يدلى ويعطى أفادات قوية حول ذلك العمل العسكرى وأتمنى أن يوثق لهذه الحقبة لأنها ضرورية ومهمة.
أن الحركة الشعبية لتحرير السودان قد استغلت القوى السياسية فى التجمع استغلالاً كاملاً لتحقيق أجندتها دونما أن تقدم شئيأ لأجندة القوى السياسية الوطنية. وعلى رأس ذلك الأستغلال أن مررت فى مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية مبدأ والموافقة على أعطاء الجنوب حق تقرير مصيره وهى الكارثة الكبرى التى أرتكبتها المعارضة السودانية التى أعطت بها نظام الأنقاذ تبنى المسير فى تقرير مصير جنوب السودان وأنفصاله. وقلنا نحن الأتحاديون أن السودان قد قرر مصيره فى عام 1956م وأن الأخوة فى الجنوب قد قرروا مصيرهم فى مؤتمر جوبا 1947م عندما أعطوا الخيار بواسطة بريطانيا أن ينضموا الى يوغندا أو يكونوا دولة دولة قائمة بذاتها أو يبقوا مع شمال السودان فأختاروا أن يبقوا مع شمال السودان على يعطوا الحكم الأقليمى الذاتى أو الفيدرالية أو الكونفدرالية ووافقت القوى السياسية فى شمال السودان على هذا المطلب وأن يضمن فى الدستور الدائم للبلاد عند اجازته بواسطة الجمعية التاسيسية المنتخبة ديمقراطياً ولكن للأسف لتغول العسكريون على السلطة فى الخرطوم لم تتم أجازة دستور دائم للبلاد منذ ذلك الوقت وحتى الآن. وعملت القوى السياسية بعد ثورة أكتوبر على بلورة الحكم الأقليمى الذاتى للجنوب بمخرجات مؤتمر المائدة المستديرة ومقررات لجنة الأثنى عشر المنبثقه منه. وقبل أجازته أستولى نميرى على السلطة ووصل لأتفاق مع جوزيف لاقو قائد الأنيانيا بتطبيق الحكم الأقليمى الذاتى للجنوب وكانت أتفاقية اديس ابابا 1972م التى اوقفت الحرب وحققت السلام. وقلنا أيضاً أن جنوب السودان لم يكن فى الوقت الراهن جاهزاً لحكم نفسه بنفسه وليست هذه وصاية عليهم ولكن لعدم وحدة وتجانس مجتمعاته وهو مبنى على مجتمعات قبلية بينها تنافس وصراعات وأحقاد عميقة الجذور فى تاريخهم البعيد والقريب ولا بد للسلطة المركزية أن يكون لها حق المراقبة والتقويم وألا لأنفرط العقد فى الجنوب. ولم نكن أنبياء ولكنا نحن الأتحاديين نستقرأ الأحداث والتاريخ اضافة الى أن كثيرا من منسوبينا قد عاشوا وتعايشوا مع الأخوة فى الجنوب ويعلمون تركيبتهم وبنائهم القبلى. وبعد النظر هذا تجلى بعد أنفصال الجنوب وما هو حادث فى جنوب السودان بين الأخوة فى الجنوب حتى الذين حملوا السلاح مع بعض مناضلين من اجل استقلال الجنوب فى الحركة الشعبية سالت بينهم الدماء غزيرة ومات كثيراً من الأبرياء من أخوتنا فى جنوب السودان وكل الصراع والقتال بينهم مبنى على الصراع القبلى الموقل فى التاريخ بينهم. اذا كان الأخوة من النخبة فى جنوب السودان كانوا يتهمون اخوتهم فى شمال ووسط السودان بالأستعلاء والأستعلاء العنصرى فقد كنا نعلم ايضاً أن بين قبائل الجنوب استعلاءات عنصرية فالدينكا يعتبرون أنفسهم الجنس الآرى ويضطهدون النوير والشلك وكذلك النوير يعتبرون أنفسهم أنهم الأنقى وقبايل الأستوائية تكره القبائل النيلية. وقد كنت فى لندن فى نقاش مع أحد القيادات الجنوبية الأستوائية بعد موت دكتور جون قرنق ودفنه بجوبا أن قال لى بالحرف الواحد أن دفن جون قرن فى أرضنا نحن الأستوائيين هذا تدنيس لأرض الأستوائيين الطاهرة وقال لى وأتحدى قيادة الحركة الشعبية أن تبعد الديابة والجنود الذين يحرسون قبر جون قرنق لمدة يوم واحد ليروا أن كانوا سيجدون رفات او قبر لجون قرنق بأرضنا أم لا. هذا الحقد بينهم كان أقل من حقدهم على أخوتهم فى الشمال. ولذلك نحن الأتحاديون كنا ضد مقررات اسمرا وخاصة تقرير المصير وحملنا المعارضة الشمالية فى التجمع الوطنى الديمقراطى المسئولية الكاملة التى أدت لأنفصال الجنوب قبل أن نحملها لنظام الأنقاذ الذى قال أنه أعتمد على موافقة كل القوى السياسية الشمالية على تقرير المصير ولذلك وجدها ذريعة للسير فى هذا المسار وهو يتمنى أنفصال الجنوب لينفرد بالشمال المسلم. ولوأن القوى السياسية الشمالية فى التجمع الوطنى الديمقراطى لم تساير جون قرنق فى هذا المسار لما تجرأت الأنقاذ السير فى طريق فصل الجنوب. ونحن قد حملنا السيد محمد عثمان الميرغنى بصفته رئيس التجمع والذى مثل الأتحاديين فى هذه الكارثة المسئولية الأولى والأخيرة لأنه لو رفض أو أنسحب من التجمع تماماً لما أنفصل الجنوب ولما أستطاع جون قرنق واليساريون تمرير تقرير المصير ولما تركوا جون قرنق أن يسير مسار ماشاكوس ونيفاشا بدونهم ولكن الوهن والضعف المتغلل فى قيادات التجمع هو الذى ادى لهذه الكارثة الكبري.
أن الدكتور جون قرنق استغل السيد محمد عثمان الميرغنى شر استغلال ويطنب عليه أمام الأخرين بمناداته مولانا أبو طاقيتين اضافة الى أنه موهمهم بأنهم حلفاء بتوقيع أتفاقية نوفمبر 1988م المسماه أتفاقية الميرغنى/ قرنق وهو يعلم علم اليقين ان السيد محمد عثمان الميرغنى ليس له دور غير التوقيع عليها وكل المحادثات حولها كان الأطراف فيها من الأتحاديين سيد أحمد الحسين نائب المين العام والسيد محمد توفيق والفريق يوسف أحمد يوسف. وكان من المفترض أن يوقعها مع دكتور جون قرنق نائب الأمين العام سيد احمد الحسين. ولكن لأن الأتفاقية فيها بند بتجميد الحدود الأسلامية لحين أنعقاد المؤتمر الدستوري أقترح العم محمد توفيق أن يجبروا السيد محمد عثمان الميرغنى بالتوقيع عليها والذى كان رافاضاً فى المبتدأ وذلك تخوفاً منهم أن تقوم عليهم حملة من اصحاب الهوس الدينى وأتهامهم بالعلمانية ولذلك رأوا لدرء ذلك أن يوقعها السيد محمد عثمان الميرغنى شيخ الطريقة الصوفية الختمية. وهذا ما حدث وما زال السيد وبعض الأتحاديين يتغنون بها وفى النهاية جون قرنق قبر أتفاقهم ذلك ولم يلتزم به وهو مع المعارضة فى التجمع الوطنى الديمقراطى. أيضاً جون قرنق والحركة الشعبية قد أستغلا التجمع الوطنى الديمقراطى وقياداته وعلى رأسهم السيد محمد عثمان الميرغنى بأن قدموا الحركة الشعبية للعالم العربى والأسلامى بأن الحركة الشعبية وحدوية وأنها ليست ضد الأسلام فوجدت الحركة الشعبية الدعم من أرتريا ودول الخليج وعلى رأسهما الكويت والسعودية واللتين كان نظام الأنقاذ على عداء معهما بانحيازه لصدام حسين عند احتلال الكويت ولا ننسي ما كان يقوله متحدثهم الرسمى عن الكويت وتمجيد صدام حسين ووصف ملك السعودية بفهد الأعور. وقد أستفادت الحركة الشعبية من هذه الدول العربية أيما استفادة بتقديم قيادات التجمع لهم للدول العربية وفى النهاية كما يقول المثل كتحتها لهم مجندلة. يجب علينا أن نملك الحقائق للشعب السودنى بخيرها وشرها حتى يكون على دراية بمجريات الأحداث اذا كنا نصبوا لتأثيث حكم وطنى قائم على الشفافية والعدل والديمقراطية والمساواة ولتتم محاسبة كل من ارتكب ظلماً فى حق هذا الشعب ولو معنوياً. وفى الحلقة القادمة نواصل حول اداء التجمع الوطنى الديمقراطى وهيمنة اليساريون والقوميون عليه رغم انهم أحزاب أقلية.

تعليق واحد

  1. قال البروف محمد زين العابدين عثمان فى صحيفة الراكوبة
    ردا على الشفيع على مقالاته حول التجمع الديمقراطى

    (وهذا ما جعل عوض عبد الرازق بأن يطالب بدمج الحزب الشيوعى مع الحزب الوطنى الأتحادى حزب الوسط والطبقة الوسطى المستنيرة والقوى الحديثة فى المجتمع السودانى)
    اثبت هذا الكلام او اشير الى الوثيقة
    ووثيقة عوض موجودة

    ثم كتب

    هذا غير أنهزام الحزب الشيوعى بقيادته أمام اليمين المتزمت فى لعبة المسلسل الكرتونى توم وجيرى والخاسر الوحيد فى هذه اللعبة بين أقصى اليمبن واقصى اليسار هو الشعب السودانى فقد خربوا السودان بنظرياتهم المستوردة البعيدة عن الواقع السودانى وليس الحاصل فى السودان الآن من دمار ببعيد عن الصراع بين هذين القطبين. وهم يعلمون الان علم اليقين بعد تجربة مايو والأنقاذ لا مكانة لهم لحكم السودان عبر الخيار الديمقراطى اطال الزمن أم قصر.

    الانقاذ دى انتم وحزب الامة شكلتم معاها حكومة الوفاق واسقطتها لكم مظاهرات السكر
    الاسلام السياسى الحاكم الان انتم من انعشتوه ليحارب لكم الحزب الشوعى وحرضتوه واستعلكم فى حل الحزب الشيوعى
    انتم من اتيتم ببدعة الانقلاب المدنى وليس مرسى
    حزبكم طارح الدولة الاسلامية ومرر دستورها فى برلمان ما قبل مايو 69 فى القراءة الاخيرة
    حزبكم بعد انتفاضة ابريل طرح الدولة الاسلامية
    اما صراعنا مع الاسلام السياسى ففكرى ومنهجى ومستمر فى كل الظروف وقدمنا السهداء واذكرك بهم
    على فضل عبد المنعم رحمة وعلى الماحى السخى وعبدالمنعم و والمهندس راسخ والطالب محمد عبدالسلام وابن عطبرة بدوى والعاض وقبلهم بشير
    واول من ادخلنا بيوت الاشباح وهزمناها وعرفنا الفصل للصالح العام منذ الاستعمار ومايو الانقاذ تطرفت وكنا اوائل المفصولين للصالح العام
    اها انت تعذيب ساكت جربتو فى سنين الانقاذ الاولى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..