هل يستطيع نظام البشير إنهاء سطوة سعر الدولار بالسوق الأسود؟

الخرطوم: جمعة عبد الله

ليس سراً القول إن أسعار الصرف بالبلاد لم تستقر على معدل واحد طيلة السنوات السبع المنصرمة، وهو قول يسنده المنطق والوقائع الماثلة على الأرض، ففي الفترة التي أعقبت توقيع اتفاق السلام لوضع حد لمشكلة الجنوب شهدت البلاد استقرارًا نسبياً وتزامن ذلك مع تعزيز الاستفادة من عائدات النفط، وهو ما أسهم إيجابًا في جعل الاقتصاد المحلي يستعيد جزءا من توازنه، ولكن كل ذلك تبدد مجددًا عقب الانفصال وذهاب نحو 70% من الإيرادات النفطية جنوباً، وإزاء هذا الوضع العصيب عانى الاقتصاد ما عانى من مشكلات ليس أقلها تذبذب أسعار صرف العملات الأجنبية وارتفاعها مما أثر على قدرة العملة المحلية، وكان لذلك نتائج سالبة منها ارتفاع الأسعار وتنامي ارتفاع معدلات التضخم لأرقام قياسية.

محاولات مستمرة:

ويرى خبراء اقتصاد أن محاولات بنك السودان المركزي ووزارة المالية لم تتوقف للتعامل مع الارتفاع المتواصل في أسعار العملات الأجنبية وتدهور قيمة العملة المحلية، وفي غير ما مرة قام البنك المركزي بالسعي لضبط سوق العملات والتحكم في أسعار الصرف بضخ كمية كبيرة من النقد الأجنبي، وهي خطوة فسرها بعض الخبراء بأنها تهدف لمقابلة لتوفير العملة للمستوردين لتوفير السلع المستوردة خاصة أن بعض السلع تمثل احتياجات ملحة للمواطنين ويكثر الطلب عليها بشكل كبير، لذا كان من الضروري وضع المستوردين في موقف مريح من ناحية توفر النقد الأجنبي اللازم للاستيراد ويعتبر خبراء اقتصاديون أن الخطوة مطلوبة معتبرين أن هذا الاتجاه يسهم بشكل ملموس في انخفاض أسعار الدولار في السوق الموازي الذي كان قد شهد في الفترة السابقة ارتفاعاً غير مسبوق وقارب على الوصول لحاجز 19 جنيها للدولار قبل أن ينخفض منذ مطلع العام بحوالي ثلاثة جنيهات أو أقل بقليل عقب رفع الحظر الاقتصادي عن البلاد مؤقتاً، وعلى كل فإن المواطن والمستهلك هو الخاسر الأول من ارتفاع أسعار العملات الأجنبية نظراً لتحمله كافة الزيادات التي تحدث مع قلة دخله في ظل أزمة اقتصادية لا تستثني أحدًا.

عقب إجازة موازنة العام الحالي أعلنت وزارة المالية عن سعيها في تطبيق خطوات تضمن استقرار أسعار الصرف وذلك بجعل معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي لهذا العام “6.4”% ومعدل عرض النقود 19.5%، على أن يستقر معدل التضخم عند حدود “13”%، وقالت إن تلك الأرقام إن تحققت ستعطي دفعة ولو نسبية للأداء الاقتصادي وتسهم في تقوية موقف العملة المحلية، غير أن كثيرا من خبراء الاقتصاد يشككون في قدرة المالية على جعل تلك الأرقام واقعاً على الأرض.

تحويلات وافدين:

لعل أبلغ توصيف لإشكالية النقد الأجنبي هو ما قال به وزير المالية بولاية سنار د. إبراهيم عبد الرحيم الذي قال إن تحويلات الوافدين بولايته تتجاوز ثلاثة ملايين جنيه سنوياً، وقال إن التحويلات الخارجية من الأجانب بالبلاد سبب رئيس في تدني موقف العملة الوطينة، وقطع بأن ضخ هذه الأموال في السوق المحلي وتشغيلها يمكن أن يهبط بأسعار الدولار لأقل من “12” جنيهاً.

ويرى البنك المركزى أن تحجيم ارتفاع أسعار الصرف لن يتم إلا بالإنتاج وزيادة الإنتاجية والعمل على الإنتاج من أجل الصادر فيما يرى عدد من الاختصاصيين بضرورة اتخاذ حزمة من الإجراءات الإصلاحية لتفادى الفجوة بين سعري الصرف الرسمي والموازي.

لعل الملامح التي يستند عليها البنك المركزي في شأن التعامل مع إشكالات توفر النقد الأجنبي هي ذات ما قاله محافظ البنك حازم عبد القادر عقب تعيينه إن سياسة البنك المركزي تأتي بتنسيق كامل بين وزارة المالية وبنك السودان، لافتاً إلى أن سياستهم تستهدف رفع معدلات النمو وخفض نسبة التضخم، معلناً عن وضعهم لإجراءات لحشد الموارد المحلية وتوفير النقد الأجنبي لتوفير التمويل وإعطاء الأولوية للبنوك عند استخدام النقد الأجنبي، وقال إن الأولوية ستكون للتمويل بالنقد المحلي، مؤكداً على إلزام البنوك التجارية بسقف “12%”، للتمويل الأصغر، وهدد بحسب النقد من البنوك غير الملتزمة بهذه النسبة، وقال إن زيادة سقف التمويل من “30” ألف جنيه الى “50” ألفاً للسماح بإدخال أكبر قطاع من المستفيدين، مقرًا بأن زيادة الطلب على التمويل إشكالية تواجه المركزي، معلناً عن بداية ما وصفها بالإجراءات التشجيعية عبر الاتحادات والجمعيات لزيادة حجم الطلب، وقال إن نظام الدفع عبر الموبايل يأتي تماشياً مع الحكومة الإلكترونية، مشيراً لزيادة موارد النقد الأجنبي وإدخالها في نظام الصرف المدار المرن، منوهاً لابتداع البنك المركزي سياسة الحافز مؤخراً، مؤكدًا على الاستمرار فيها بجانب ترشيد الطلب على النقد الأجنبي، معتبراً أن ذلك سيسهم في تخفيف الضغط على النقد.

دخلاء جدد:

ولكن بعض المهتمين بالشأن الاقتصادي يرون أن سعر الصرف غير حقيقي بدليل وجود دخلاء جدد على سوق العملة ويبرر آخرون تلك العملية بوجود بعض المستثمرين الذين دخلوا أيضاً في سوق العملة تحوطاً لعدم فقدان قيمة أرباحهم التي عجزوا عن تحويلها إلى الخارج فيما يؤكد الغالبية أن ارتفاع سعر العقارات في السودان مرده إلى سياسات الحكومة التي جعلت كثيراً من التجار يقفدون ميزتهم النسبية في الأسواق ويتجهون إلى شراء عقارات لحفظ أموالهم فيها ومع قول هذا وذاك يظهر اتجاه جديد بدخول بعض شركات الاتصالات في عمليات الصادر عبر تجار غير حقيقيين وذلك بتوفير العملة الصعبة لهم حتى يتسنى اتمام عمليات الصادر إلى الخارج وبذلك تفقد الدولة حصيلة الصادر مع الاستفادة أيضًا من تحويلات المغتربين التي أيضاً لن يستفيد منها البنك المركزي باعتبارها مجهودات خاصة من قبل بعض المصدرين.

وكان مساعد محمد أحمد رئيس اتحاد المصارف قال للصيحة إن الفجوة الحالية لسعر الصرف جاءت نتيجة لوقف التسهيلات المصرفية والتي تبلغ 2.5 مليار دولار بسبب العقوبات الاقتصادية على البلاد ولتدهور تحويلات العاملين بالخارج ولانخفاض أسعار الصادرات السودانية بالأسواق العالمية، لافتا إلى توجيه معظم العملات الأجنبية للمضاربات والاستثمارات العاجلة غير المنتجة ومطالباً بتحرير سعر الصرف لتحقيق الاستقرار الاقتصادي بالبلاد، مشيراً إلى أن السياسات السابقة كانت موضوعة للتعامل مع وضع العقوبات المفروضة على البلاد بيد أنه يرى أن فترة ما بعد العقوبات تستلزم مواءمة السياسات مع الوضع الجديد خاصة مع توقعات بالمزيد من التحويلات المصرفية ودخول شركات ومستثمرين جدد للسوق السوداني مما يسهم في جذب نسبة مقدرة من النقد الأجنبي.

إجراءات إسعافية:

فيما تشير المحاضرة بجامعة الجزيرة د. إيناس إبراهيم إلى أن الإجراءات الإسعافية من حين لآخر لا تعالج أصل المشكلة موضحة أن المعالجة تحتاج لتضافر جهود كافة الجهات ذات الصلة لوضع سياسات محددة يتم الالتزام بها لإيقاف نزيف العملات الصعبة الموجود الآن، وأشارت إلى وجود أعداد كبيرة من العمالة تشكل عبئاً كبيراً على موارد النقد الأجنبي المتاحة للتداول بالإضافة الى كمية الاستثمارات الهامشية التي أصبحت تشكل ضغطاً على النقد الأجنبي وتؤثر بدورها على ارتفاع الأسعار وتابعت: أن شركات الاتصالات لديها فائض من الأموال يشكل بدوره ضغطاً واعتبرت أن هناك الكثير من الواردات غير المرشدة قالت إنها ألقت بظلالها السالبة على موارد النقد الأجنبي مطالبة برفع حجم الضرائب المفروضة على السلع الكمالية لتحجيم استيرادها وشددت على ضرورة دعم برامج الصادرات وعمل التسهيلات اللازمة له بجانب توفير التمويل التنموي، وأردفت أن هذا الاتجاه من شأنه أن يساعد في إنتاج متميز ومستدام وبأسعار مناسبة، وقالت: الخطوة ستسهم في زيادة الصادرات، وبالتالي جذب المزيد من العملات لداخل البلاد والتي تدعم بدورها سياسات الصناعة المحلية وتقليل الواردات وتشجيع تحويلات المغتربين للمساهمة في سد الفجوة في النقد الأجنبي عبر مدخراتهم، وقطعت بأن ذلك يتطلب برامج جادة وجاذبة لإعادة بناء الثقة لدى المغتربين.

مطلوبات ضرورية:

ثمة مطلوبات ضرورية يجب إعادة النظر فيها قبل التفكير في جعل الميزان الاقتصادي بعامته متوازناً، وهنا يقلل الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الرمادي من حجم الجهود المبذولة للسيطرة على تنامي ارتفاع أسعار النقد الأجنبي، وهو يشير إلى أن الاقتصاد السوداني بعامته وليس فقط أسعار الصرف يجابه العديد من المشكلات العصية، وقال إن الواجب التغلب عليها أولاً ووضع حلول ناجعة لها، وشدد الرمادي على حتمية تحقيق الإصلاح الاقتصادي أولاً معتبراً ذلك أدعى لتهيئة البيئة الداخلية وتقوية موقف البلاد اقتصاديًا قبل التفكير في الانطلاق خطوات للأمام، معيباً على الدولة تبينها لما يرى أنها خطوات سياسية أفقرت موارد البلاد، وقال إن موارد السودان الحالية تكفي لإعاشة قارة كاملة وليس فقط دولة، معتبرًا أن تقسيم الولايات الحالي ونظم الصرف السائدة بتجربتها ليس ذات جدوى، وقال إن الدولة بولاياتها الثماني عشرة تصرف علي “18” دولة، ونوه إلى أن ما نسبته 70% من وقود البلاد يستهلكه القطاع الحكومي، مشيراً إلى أن ذلك لا يعدو كونه هدراً للموارد دون توظيفها في أوجهها المطلوبة مثل كهربة المشاريع الزراعية أو إمداد القرى النائية بالخدمة وتعزيز نظم الإنتاج بها، قبل أن يخلص للدفع بروشتة تقول بضرورة إصلاح السياسات الكلية المنظمة للقطاع الاقتصادي وتعزيز الاهتمام بقطاعات الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية وكل القطاعات الإنتاجية.

الصحافة

تعليق واحد

  1. يا جماعة الخير انا كنت مغترب قرابة 30 سنه .اواخر عام 77 .يعني قبل الانقاذ ب 12 سنه.اولادي معاي . جينا بقد القفه.التزامات عقاب الاسره الفي السودان الامات و الابوات و الداير يعرس و العيان وووووو الخ. الحكايه العارفنها. الغربه ما فيها قروش كتيره.ماهيه داب الداب نباصرا بيشيش كدي لمن يتم الشهر. دا حال معظم المغتربين .السفارات مارست علينا جبايات وماسكانا من ايدنا البتوجعنا الاقامه المرتبطه بتجديد الجواز. رسوم دمغات جبايات مثلا رسوم بناء سفاره . انشاء الله تكون انبنت . رسوم دخول رسوم خروج ……..الخ لغاية ما خرجت روحنا.الشغلانه بقت قلع ونهب عدبل كدي. و بدون مقابل . الثقه انفقدت. ما نحنا البرانا المغتربين شعوب العالم كلها مغتربه. شفنا الكوريين الجنوبيين .العماله الكوريه وبرضاءهم بياخدو جزء كبير من دخلهم . كوريا تستفيد منو في بناء ترسانه بحريه .المغتربين بكونو مساهمين اصيلين في الشركه. مافي واحد بياكل وينصب علي واحد.اهم شئ الثقه ما بين الطرفين المغتربين والحكومات …

  2. ليس كل أهل السودان علماء اقتصاد ولا هم الأغلبية المغتربة فيجب تبسيط المفردات الاقتصادية لتعم الفائدة.وفي حقيقة الامر وما نراقبة من حين لأخر أهتمام الدولة بمدخرات وتحويلات المغتربين وهذا جيد ولكن يجب أن تتعلم تلك العقول التي تدير اقتصاد البلد مبدا المنفعة المتبادلة بمعني ان ارادة الدولة مافي جيب المغترب ومدخراتة لا عيب في ذلك ولكن العيب ان تتعامل معة علي انة عبيط اومغفل .نحن نؤكد علي أن من أراد مدخرات المغترب فلابد من المقابل والسودانيون المغتربون فيهم مايكفي من الوطنية ان وجدواعدالة في التعامل

  3. على الدولة استقطاب الكوادر السودانية الذين لهم قدرات عالية اقتصادية وخبراء بالاقتصاد وعلى مستوى العالم وهم موجودين بالسودان وفي الخرطوم معظمهم على الدولة استطابهم وعدم النظر للونهم السياسي البلد عمره م ح يتقدم إن لم تستقطب الدولة تلك الكوادر التي أبعدت كل ذي عقل وخبير اقتصادي إن لم يكن ملون بلون المؤتمر اللاوطني هذا .

    اذا ارادت الحكومة النهوض بالاقتصاد السوداني عليهم باستقطاب تلك الكوارد ومنهم واحد اسمه التجاني والبدوي وابوالذر هؤلاء ما استحضرهم ولا اعرفهم كليا لكن من اكفاء اقتصاديي السودان عالميا وتلجا لهم معظم البيوتات الاقتصادية العالمية اذا لماذا تاتي بهم الحكومة لاخراج السودان من ازماته المادية المستفحلة طول العمر ليه؟

    متى تعملوا بلد اقتصاده قوي وارتكوا لهم تطبيق ارائهم الاقتصادية دون تدخل المركز فيما يرونه من إصلاحات اقتصادية .

    لمتى الجهل وتاتون بالجهلاء في اهم الوزارات الاقتصادية والبترولية والاستراتجية استقطبوا العلماء من أبناء هذا البلد نحن نريد ان نعمل دولة قوية .

  4. إجابة سؤال العنوان هي نفس إجابة السؤال التالي…..هل تستطيع الحكومة الكف عن السرقة والفساد داخلها?

  5. على الدولة استقطاب الكوادر السودانية الذين لهم قدرات عالية اقتصادية وخبراء بالاقتصاد وعلى مستوى العالم وهم موجودين بالسودان وفي الخرطوم معظمهم على الدولة استطابهم وعدم النظر للونهم السياسي البلد عمره م ح يتقدم إن لم تستقطب الدولة تلك الكوادر التي أبعدت كل ذي عقل وخبير اقتصادي إن لم يكن ملون بلون المؤتمر اللاوطني هذا .

    اذا ارادت الحكومة النهوض بالاقتصاد السوداني عليهم باستقطاب تلك الكوارد ومنهم واحد اسمه التجاني والبدوي وابوالذر هؤلاء ما استحضرهم ولا اعرفهم كليا لكن من اكفاء اقتصاديي السودان عالميا وتلجا لهم معظم البيوتات الاقتصادية العالمية اذا لماذا تاتي بهم الحكومة لاخراج السودان من ازماته المادية المستفحلة طول العمر ليه؟

    متى تعملوا بلد اقتصاده قوي وارتكوا لهم تطبيق ارائهم الاقتصادية دون تدخل المركز فيما يرونه من إصلاحات اقتصادية .

    لمتى الجهل وتاتون بالجهلاء في اهم الوزارات الاقتصادية والبترولية والاستراتجية استقطبوا العلماء من أبناء هذا البلد نحن نريد ان نعمل دولة قوية .

  6. إجابة سؤال العنوان هي نفس إجابة السؤال التالي…..هل تستطيع الحكومة الكف عن السرقة والفساد داخلها?

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..