هل جانب حاج ماجد سوار الصواب ؟

أثار الأستاذ / حاج ماجد سوار الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج كثيرا من اللغط بتصريحه الذي أشار فيه إلى أن مركز دراسات الهجرة والتنمية والسكان سيشهد بداية العام القادم دورات تدريبية مكثفة للمهاجرين والحاصلين علي عقود عمل بالخارج وذلك لتحسين ?الإتكيت ? لدى هؤلاء المهاجرين ليكون السوداني في ? أبهى ? صورة له ويستطيع التعامل مع كافة المجتمعات المتحضرة . و أبان حاج ماجد أن الذي دفعهم إلى تبني هذا الإجراء هو ما وصلهم من معلومات موثوقة تفيد بإعادة أطباء سودانيين للبلاد بسبب سوء المظهر العام رغم اكتمال إجراءات التعاقد معهم.
اطلعت على ردود أفعال كثير ممن تداخلوا للتعليق على هذا الخبر المنشور بموقع صحيفة النيلين الإلكترونية و بدا لي أن المتداخلين كانوا فئتين ، فئة ترى ما يراه حاج ماجد وكانوا كثرا واعتقد أن معظم هؤلاء من المغتربين الذين عايشوا ظروف الاغتراب سنين عددا وشهد بعضهم حالات عضد بها موقفه في هذا الشأن بينما لغيرهم و هؤلاء قلة آراءً مخالفة ، و ثمة فئة قليلة أخرى عرضت خارج النص و لجأت إلى التجني و شخصنة التعليقات و بالتالي لم اعتد بوجهة نظرها في محاولاتي للإدلاء برأيي في هذا الموضوع. و لكوني قد أشرت إلى مسألة مظهر السودانيين هذه في مفكرة منشورة منذ سنوات مضت بأحد المواقع الإلكترونية بعنوان ” مقابلة شخصية” فقد رأيت أن انتهز فرصة وجود بعض الأصدقاء بمنزلنا بمدينة الرياض السعودية نهاية الأسبوع قبل الماضي للتطرق إلى هذا الموضوع ومعرفة ما يجول في خواطرهم عنه فتداولناه على نحو اقرب إلى ” الونسة ” منه إلى النقاش الرسمي و تم استعراض الكثير من الحالات التي شهدها أو سمع عنها الحضور و لعلهم جميعا اجمعوا على أن مظهر البعض يحتاج فعلا إلى “مراجعة و تعديل” مشيرين في ذلك على وجه الخصوص الي الأيام التي كان فيها بعض ضباط الشرطة بمطار الخرطوم يعيدون كل من لا يكون مظهره لائقا ( يلبس عراقي و سفنجة أو جلبابا رثا قبيح المنظر كما ذكر بعضهم) ومنعه من السفر مع التشديد عليه أن يعود ثانية بعد أن يلبس ما يليق به و ببلده وهو مقبل على السفر إلى بلد جديد و مجتمع جديد وحياة جديدة تتطلب أن يكون كل منا سفيرا لوطنه.
أحسست بدءاً أن مصطلح ” إتيكيت ” هو الذي أثار حفيظة كثير من المعلقين بدليل وروده في معظم تعليقاتهم فقد ذكر احدهم ” يعني التربال دا عايز يعلم الأطباء الإتكيت” و أشار آخر إلى أن “تفرغ الدولة لتدريب رعاياها المسافرين إلى الخارج على فن الإتكيت والمظهر العام فكرة درامية مثيرة للضحك والإحباط في آن واحد ” و جاء في تعليق ثالث ” و “كمان داير تعلم إتكيت” و هذا قليل من كثير اذا اطلعتم على هذه التعليقات. دعونا أولا نعرج على هذا المصطلح الذي يعود أصله إلى اللغة الفرنسية etiquette ويرادفه أو يقابله في اللغة العربية مصطلح ذوق أو الذوق و يعني “احترام النفس واحترام الآخرين وحسن التعامل معهم”، ويعني أيضاً “الآداب الاجتماعية والآداب السلوكية واللباقة وفن التصرف في المواقف الحرجة”، كما يعني أيضاً “الآداب العامة في التعامل مع الأشياء ومرجعيتها هي الثقافة الإنسانية الشاملة التي قلما تختلف من بلد إلى آخر”، كما جاء في موسوعة ويكيبيديا الحرة . و بالتالي يكون المعنى الذي قصده حاج ماجد اذا أخذنا عبارته بمحملٍ طيب أن ينم مظهرنا على مخبرنا ( ليكون السوداني في ابهى صورة) و هو مخبر معلوم و لا يزايد عليه احد ولكن يبقى مظهرنا “محل الكلام” و هذه ليست من عند حاج ماجد الذي لم يكن مغتربا في يوم من الأيام حسب علمي و لكنها شكوى كثير من المغتربين قبل أن يصدر من السيد أمين عام جهاز العاملين بالخارج ما صدر و أنا هنا لست بصدد الدفاع عنه فهو قادر على أن يقوم بذلك بنفسه كما أن له من موظفيه و أعضاء حزبه من يقومون بذلك نيابة عنه كما هو حالهم دائما كلما تعرض احد منسوبيهم لنقد موضوعي أو غير ذلك. و اعتقد كذلك أن ما قاله الرجل لا يخرج من سياق مصطلح ” إتكيت” بالصيغة التي ورد بها أعلاه و لكنه لو استخدم عبارة مثل “دورات تعريفية” orientation courses و هي الدورات التي تلجأ اليها الشركات و الجهات الحكومية و حتى السفارات لتعريف موظفيها بزملائهم و مهامهم الجديدة أو طريقة العمل المطلوب منهم تأديته لكان وقعها اخف على من ثاروا عليه ، و مهما يكن من امر فقد خرج السهم من جعبته و لا مجال لتهدئة ثائرة من ثاروا على السيد الأمين العام إلا أن يصدر إيضاح منه يبين مقاصد تصريحه ، أما النقطة الأخرى ذات الصلة بمسألة التدريب فهي انه لم يرد في التصريح المذكور ما يفيد أن هذه الدورات ستكون مدفوعة القيمة ولكن لأن المغتربين اكتووا بما يفرض عليهم من رسوم فقد أصبحت أي إيماءة تصدر من الجهاز المعني بشؤونهم لتقديم أي خدمة تخصهم تعني أنها تخفي وراءها ضريبة غير منظورة وبالتالي لابد من مقاومتها و قتلها في مهدها و كان طبيعيا أن يثار كل هذا الغبار لمنع الضريبة المتوقعة من أن ترى النور. ثم أن أي تصريح فضفاض يصدر من مسؤولي هذا الجهاز يجعل كل مغترب يفسره على هواه و اعتقد أن صياغة التصريح بالطريقة التي ورد بها في موقع النيلين الإلكتروني “أو في غيره” كانت سببا في ما أثير من تعليقات على ما صرح به أمين عام الجهاز. و لعل ما يلفت هو أن بعضا من المتداخلين ترك أساس الموضوع و هو “المظهر” و اخذ يتحدث عن تفوقنا المهني و العلمي والأخلاقي و ما إلى ذلك ، وأقول أننا حتى في هذه الأمور لم نعد الوحيدين و لسنا الأفضل على حد سواء كما يعتقد البعض فالشعوب الواعية ادركت حاجة دول الخليج إلى المهن الفنية الوسيطة كفنيي التكييف والتبريد و صيانة و إصلاح الحاسب الآلي وأعمال التشييد و البناء والمناولة في المطارات والموانئ والتمريض و الأجهزة الطبية وغيرها فوجهت تعليمها إلى هذه التخصصات لضمان حصول مواطنيها على هذه الوظائف دون منافسة تذكر ويمكن أن نلحظ هذا في حالة الفلبين والهند على وجه الخصوص. بالمناسبة اصبح صعبا على خريجي جامعاتنا و معاهدنا (إن وجدت معاهد متخصصة) أن ينافسوا في هذه المجالات لضعف إمكانياتهم لان معظم من يبحثون عن عمل حاليا خريجون جدد بلا خبرة و لا تدريب فضلا عن ضعف لغتهم الإنجليزية. لقد تعمدت الإشارة إلى المهن الوسيطة على وجه التحديد لأنها المهن التي كان بإمكان خريجينا أن يكونوا الفئة الغالبة فيها لو أننا وجهنا تعليمنا لما يخدم هذا الغرض ، رغم مناداة الكثيرين بذلك منذ أن تم تحويل معهد الكليات التكنولوجية إلى جامعة.
عودا إلى لب الموضوع فإن الشواهد تقول أن كثيرا من السودانيين لم يوفقوا بالفعل في الحصول على بعض الوظائف بسبب مظهرهم و احكي أنا من عندي بعضا من هذه الحالات ومنها أن احد الزملاء سافر بالطائرة من مدينة الرياض إلى مدينة ساحلية بالسعودية لإجراء مقابلة (Interview) للحصول على وظيفة في تخصصه وذكر لي انه لم يحصل على تلك الوظيفة لأن الخواجة الذي أجرى معه المقابلة رغم اقتناعه بمؤهلاته و إمكانياته و لغته الأجنبية ظل طوال مدة المقابلة ينظر خلسة إلى الشبط الذي كان ينتعله ومن ثم فإن هذا الزميل يعتقد موقنا أن عدم اهتمامه بإتباع أصول الملبس كان سببا في فقدانه لتلك الوظيفة ، أما الثانية فقد حكاها لي احد الأطباء حين ذهبت إلى منزله معزيا في احد أقربائه منذ سنوات حيث قال أن زميلا له جاء من السودان عندما كان هذا الطبيب يعمل في مستشفىً حكومي معروف بالرياض فقدم له طلبا للالتحاق بالعمل معهم و حين جاء موعد المقابلة التي كانت قبل منتصف النهار طلب من الطبيب الزائر و كان ضيفا عنده أن يلحق به بعربة تاكسي قبل الموعد بربع ساعة إذ ليس من المعقول أن يأخذه إلى مكان العمل في الثامنة صباحا ويظل منتظرا لما يقارب ثلاث ساعات فجاء الضيف الزائر إلى المقابلة و هو يلبس بنطلون جينز وقميص كم قصير كأنه ذاهب إلى نزهة فما كان من هذا الطبيب وقد كان عضوا في لجنة المقابلة إلا الاتصال بأعضاء اللجنة الآخرين طالبا تأجيل المقابلة لموعد آخر مبديا عذرا مناسبا للخروج من هذا الموقف و تم ذلك بأن شرح للضيف الكريم أن حضوره للمقابلة بهذا المظهر سيحرمه من كثير من درجات التقييم التي ربما ترجح كفته في الحصول على الوظيفة لأنه ليس الوحيد المتقدم لها. وعندما حل المساء اخذ الطبيب ضيفه إلى السوق و اشترى له ثلاث مجموعات من الزي الكامل (بدلة وتوابعها ) وطمأنه منعا للحرج انه سيسترد ثمنها منه حال حصوله على الوظيفة وقد كان. أما الثالثة فقد حكاها احد الأصدقاء حين رشح زميلا له للعمل بوظيفة محاسب بالشركة التي يعمل بها في احدى دول الخليج فجاء هذا الزميل لمقابلة المدير المعني و هو يلبس زيا سودانيا كاملا مصحوبا بشنطة سامسونايت تحتوى على سيرته الذاتية وشهادات خبرته فما أن رآه ذلك المدير عبر زجاج مكتبه حتى طلب من سكرتيره أن يبقيه بالخارج و استدعى صديقنا المسكين و ابدى له امتعاضه من ترشيحه لشخص لا يفرق بين الذهاب إلى مناسبة اجتماعية وبين مقابلة للحصول على وظيفة و طلب منه أن يعتذر له و أن يشرح لزميله أن حضوره لمقابلات التوظيف بتلك الهيئة لن يمكنه من الحصول على أي وظيفة و أضاف أن شخصا كهذا يصلح لأن يكون جزارا لا محاسبا. و أخيرا و ليس آخرا فقد استفز احد الأصدقاء (كان ضابطا سابقا بالقوات المسلحة)منظر ثلاثة من السودانيين و هم يتسوقون في حي شعبي بالرياض و قد لبسوا عراريق خفيفة بلا طواقي و ينتعلون من الأحذية ما يستخدم داخل البيوت عادة فما كان منه إلا أن ذهب اليهم و نبههم إلى أن ظهورهم بهذا الشكل لا يليق لأنه يحسب على كل أفراد الجالية السودانية بالبلد المضيف و خلافا لما كان يتوقع (حسب قوله) فقد تقبلوا كلامه بصدر رحب ووعدوا ألا يفعلوا ذلك مستقبلا.
لا يزال بعضنا يعتقد أن دول الخليج لما تزل على حالها الذي كانت عليه قبل عشرين عاما مثلا و لا يدري أن المسافة بيننا و بينهم أصبحت سنوات ضوئية من حيث التطور في المجالات كافة و أن الأغلبية العظمي من أبنائهم شاغلو مختلف الوظائف اصبحوا من الكفاءة بحيث يؤدون مهام عملهم بأعلى درجات الاحترافية كما أن موظفي الشركات الذين تتطلب طبيعة عملهم التعامل مع الجمهور مدربون تدريبا عاليا على كيفية معالجة و حل مشاكل جمهور العملاء على نحو رائع يشعرك بأنك في غير بلاد العرب و “العربان” فضلا عن اهتمامهم الواضح بمظهرهم و انتقاءهم للعبارات التي يتحدثون بها مع العملاء و لذلك أقول أن الأستاذ جمال حسن علي اذا كان يقصد بسؤاله “من يعلم من يا أخي ؟؟ ! ” في مقاله الذي افرده للتعليق على تصريحات الأمين العام لجهاز العاملين بالخارج في إشارة إلى أن الأمر البديهي هو أن نقوم نحن بتعليم أهل الخليج بدلا من قيامهم بتعليمنا ، فأرجوه أن يسمح لي بأن ابدي رأيا مخالفا له ، فهذه معلومة قديمة لم تعد تصدق حاليا فأطباؤنا الذين لا نشك في قدراتهم المتميزة كانوا سيصبحون جزءا من التاريخ اذا لم تتح لهم الفرصة للخروج من السودان و اكتساب معارف جديدة من خلال عملهم في دول الخليج وغيرها فما يتوفر من معدات و إمكانيات و مراكز أبحاث وتواصل مع ارقى المستشفيات في العالم أضاف لأطبائنا الكثير و الكثير جدا و لقد عاد بعضهم إلى دول الخليج مرة أخرى بُعيد عودتهم النهائية للسودان لا لسبب إلا لعدم قدرتهم على معالجة مرضاهم بالسودان على نحو يرضيهم لعدم توفر مثل هذه الإمكانيات في بلادنا و شعورهم بأنهم يأخذون اكثر مما يعطون. وتحضرني بهذه المناسبة قصة حدثت لنا ونحن مدعوون لتناول إفطار رمضان منذ سنوات خلت و كعادتنا في مناقشة قضايا السودان في مثل هذه المناسبات ورد على لساني أن مجموعة من الأطباء السعوديين سيذهبون إلى الخرطوم و معهم بعض الأطباء السودانيين بعد العيد لتقديم دورات تدريبية لأطبائنا على ” طب الطوارئ ” وكان وقتئذٍ فرعا جديدا من فروع الطب فما كان من احد المدعوين الذي لم التقِ به غير تلك المرة إلا أن ثار في وجهي ” سعوديين يعلمونا نحن ؟ ياخي إنت بتتكلم كيف ؟ ياخي …، ونحن…. و جامعة الخرطوم … الخ فسألته إن كان طبيبا فأجاب بالنفي فذكرت له أن المعلومات التي أوردتها أفادني بها طبيب سوداني يعمل بمستشفى حكومي بالرياض وكان مسافرا برفقة هؤلاء السعوديين وأكد له احد الأصدقاء الحاضرين هذه المعلومة لكوننا كنا حضورا بمنزل هذا الطبيب في إفطار رمضاني أيضا قبل أسبوع فتراجع الرجل قليلا عن حدة انفعاله مستخدما كلمات مثل لكن … بس … و الحقيقة ، فلم أحاول التضييق عليه و إفساد الجلسة بنقاش لا طائل من ورائه مع سودانيين لا يزالون يجترون فوز السودان بكأس أفريقيا عام 1970 م وزيارة عبود لبريطانيا عام 1961م.
أرجو أن نقر من حيث المبدأ أننا تخلفنا عن ركب كثير من الدول التي حولنا بسبب اعتدادنا غير المبرر و تعالينا الذي لا لزوم له و اعتمادنا على تاريخنا الذي نعتقد انه كان باهرا و نسعد حين نباهي به الآخرين و هي مباهاة لا يمكن أن تستمر أبد الدهر و إنما يقف هذا دليلا على أننا لم نخطُ خطوة واحدة للأمام منذ سنين ، ففي الوقت الذي يتحدث فيه الآخرون عن المستقبل نتحدث نحن عن التاريخ ! و تعيدني هذه النقطة بالذات إلى مقولة تعلمتها من عمي عيسي الفكي علي الميراوي في معرض نصحه لاحد أبنائه الذي استنكف أن اشرح له بعضا من الدروس في المرحلة المتوسطة و هو يكبرني سنا ( ميمان لا يتعلمان يا ابني ، مستحيٍ و مستكبر) فعلام نستكبر من أخذ العلم ممن كانوا قبل سنين وراءنا ولكنهم الآن يتفوقون علينا علما و معرفة؟
مهما يكن من امر فقد اجمع كل حضور جلستنا تلك أننا بحاجة إلى أن نعيد دورة حياتنا العامة ابتداء من البيت ثم المدرسة و انتهاء بالوظيفة ، ففي البيت كنا نتعلم كيف نتسوك وكيف نصلي و كيف نغسل ونكوي ملابسنا وكيف نرتب فراشنا قبل الذهاب إلى المدرسة و كيف نساعد والدينا و إخواننا وأخواتنا الأكبر سنا في تنظيف ساحة الحوش و جزأًً من الشارع ثم تتابع المدرسة الاهتمام بنظافتنا الشخصية و مراعاة الانضباط بمظهرنا و زينا و نظافة مدرستنا وتشجيرها و تغرس فينا قيما عظيمة كالعطف على الصغير و توقير الكبير و إكرام الضيف ومراعاة حرمة الجيران و غير ذلك الكثير ، فاليابان التي اصبحنا نراها كما نرى النجوم لبعدها حضاريا عنا لم تصل إلى وصلت اليه إلا بعد أن سلكت طريق التحضر خطوة بعد أخرى مع المحافظة على ما يراه المختصون صحيحا و سليما و ينسجم مع إرثهم الحضاري و الثقافي وهو ذات الطريق الذي سلكناه في بداية عهد الاستقلال و ما بعده بقليل فقد بدأ اليابانيون أول ما بدأوا “بطريق الأخلاق” و هي مرحلة يتعلم فيها تلاميذ المرحلة الابتدائية حتى الصف السادس الأخلاق و التعامل مع الناس و تحرص المدارس على عدم رسوب أي طالب في أي مادة دراسية حتى الصف الثالث متوسط لأنهم يعتقدون أن هذه المرحلة هي فقط للتربية و غرس المفاهيم وبناء الشخصية و ليس التعليم و التلقين ، كما لجأت معظم المدراس في اليابان إلى الغاء دور عامل النظافة و أسندت مهمة نظافة فصول الدراسة للطلاب ويعاونهم المدرسون في ذلك ويرى اليابانيون أن تنظيف الطلاب لمدارسهم بأنفسهم ( سيعلمهم الاحترام و التواضع والمسؤولية) بالله عليكم الم نكن نسلك و نتبع قبل بضع سنين طريقة مماثلة جدا لما يفعله اليابانيون حاليا ثم جاءنا من جاء بسلم تعليمي أول و ثاني و ثالث و لم يفض أيُ منها إلا إلى تدني مستوى مجمل العملية التعليمية و بعد أن ” دقينا راسنا في الحيطة” عدنا لنبحث عن إعادة كل ما أتلفناه إلى سيرته الأولى و منها هذا “الإتكيت” حيث كنا لا نذهب إلى المدرسة المتوسطة إلا و قمصاننا محشوة على الاردية و حين كان لا يجرؤ احد على المشي فوق النجيلة أو الخروج من شباك الفصل مع الالتزام بطرق بابه عند الحضور متأخرا و الانتظار حتى يأذن الأستاذ بالدخول وعدم قطف الزهور المزروعة بالمدرسة … و هلم جرا.
أدرك تماما غيرة كل المتداخلين على سمعة ” الشخصية السودانية” و حرصهم على عدم المساس بها خاصة اذا جاء ذمنا أو قدحنا من جهة غير سودانية فكم انبرى الكثيرون لأولئك الأدعياء الذين حاولوا التطاول علينا و القموهم كثيرا من الحجارة و لكن يبقى مهماً جدا أن نحتمل بعضنا و ألا نحمل الأشياء فوق ما تحتمل ، فالذي قاله الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج بشأن مظهر بعض العاملين بالخارج صحيح بشهادة الكثيرين ولكن تبقى المهة الملحة و الأكثر أهمية هي كيفية إيجاد ما يلزم من حلول لمعالجة هذه الظاهرة على نحو يجعل الاهتمام بالمظهر سلوكا مستداما وليس “حالة عابرة” تكمل بها الإجراءات للعمل بالخارج فحسب وهذه بالطبع ليست مهمة جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج وحده كما أسلفت. ادلى بعض المعلقين من داخل السودان بآرائهم في ما قاله السيد / حاج ماجد سوار وأبدوا من الحماس ما يبرؤنا نحن معشر المغتربين من كل منقصة خاصة الأطباء و نحن نقول لهم شكرا على حسن ظنكم و لكننا نذكرهم بهذه المناسبة بمقولة “ليس من رأي كمن سمع ” فنحن رأينا ما لم ترون و عرفنا ما لم تعرفون و بالتالي نرجو ألا نُؤاخذ إن جاء رد فعل الكثيرين منا كما وردت في مداخلاتهم مخالفا لما توقعتموه ، و أخيرا ليس لي إلا أن أقول “لكم العتبى حتى ترضون”.
و ليكن السلام و التحية لكم جميعا،،،،
يحيى حسين قدال
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. حقيقة نحنا مجتمع رعاة سلوكياتنا في بلاد الاخرين من ناحية المظهر مخجلة . عراقي خفيف يشف ما تحتة وقصير عند الركبة وراس حافي بهذا الشكل بعض السودانيين يذهب للمسجد للصلاة والبقالة .

  2. بداية عبارة (من يعلم من) مقصود بها المدعو سوار هذا للتوضيح…..
    عودة الي المقال المدافع عن رؤية ما يسمي جهاز المغتربين المخصص اصلا لمص دماء كل من تسول له نفسه الخروج من السودان بعد ان ضيقت عليه الحكومة في معاشه وعيشه
    بالعودة للمقال اللذي لا توجد به معلومة صحيحة غير تعريف الاتيكيت وبارك الله في العم قوقل …يا عزيزي ياتي سؤال مهم هل الجهاز مؤهل لتدريب شخص علي غسل مؤخرته ناهيك عن كيف يلبس او ياكل او اي ضرب اخر من ضروب التعامل الانساني وبالمناسبة هذا ليس بتجني او رؤية اعتباطية للجهاز ولكن مجرد نظرة علي بيئة الجهاز الغارقة في العفانة وبيئته المتسخة دوما وموظفيه المتجهمين اللذين اذا حاولت ان تقول لهم صباح الخير لانتهروك هل شخص يراس هذه البيئة مؤهل للحكم علي طريقة ملبس!!
    يا سيدي العزيز انظر فقط للقنصلية بجدة وموظفيها لتعلم ان موظفي الحكومة هؤلاء مجرد حرامية وقطاع طرق لا يحق لهم الحكم علي اي شئ يخص المغترب من طريقة ملبس او ماكل ولا يحق لهم ولا لجهاز مص دم السودانيين العاملين بالخارح ان يبدوا رايهم في كيف نلبس او نتحدث يكفيهم فقط اموالنا التي نعطيهم اياها سائلين الله ان يرينا فيهم وفي حكومتهم يوم الموقف العظيم ما يسرنا.
    حقيقة انا فخور بكل شاب سوداني خرج مؤخرا وشق طريقه في دنيا الاغتراب لانهم وحسبما اشرت انت ينافسون شعوبا اخري تؤهلهم حكوماتهم لينافسوا وتعاملهم سفاراتهم معاملة انسانية اما شبابنا فحكومتهم لم توفر لهم اي شئ اطلاقا لا تعليم ولا وظائف ولا حتي كلمة طيبة وتاتي بعد هذا وتعايرهم بعدم الاتيكيت!!!!
    ما يختص بالملبس وباقي ضروب الاتيكيت هذا سنناقشه عندما ياتينا ممن نحترمه.

  3. بل هو عين الصواب ومسألة المظهر تحتاج إلى مراجعة ليست لمن يريد إن يذهب للعمل خارج السودان بل تحتاج لمن هم داخل السودان، أذكر في عهود سابقة أن الذي يريد أن يذهب إلى العاصمة الخرطوم لأي غرض لا يذهب إلا وهو في كامل النظافة والمظهر اللائق والذي يريد أن يشاهد مباراة لكرة القدم في ملاعب العاصمة المثلثة أو الذي يريد أن يذهب للترفيه في دار للسينما أو المسرح لا يذهب إلا في الهندام المناسب ولكن الآن حدث ولا حرج.

  4. الأستاذ الفاضل يحيى القدال
    قرأت مقالك الضافي عن تصريح حاج ماجد السوار أمين عام جهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج بخصوص دورات تعليم الإتكيت. ولعلي أشير بدءً إلى منقصة في نهجنا في التعامل مع الآراء المختلفة إذ أننا درجنا على أن نعترض على ما يصدر ممن نختلف معهم سواء أن كان ما صدر صحيحاً أو خطأً وهو أمر يسوقنا إلى مهاوٍ سحيقة تعمينا عن رؤية الحقيقة التي يجب أن نأخذ بها أينما كانت.
    وبغض النظر عن رأيي في حاج ماجد ومن لف لفه فإن مظهرنا كسودانيين في كثير من دول المهجر أصبح مسبةً على وجوهنا وما أوردته من أمثله للمعاينات لديّ الكثير من جنسه وهو يندرج بالطبع تحت مسمى الإتكيت الذي أشار إليه حاج ماجد. ولعله من الضروري التأكيد على أن المظهر الخارجي هو ما يعطي الإنطباع الأول عن الشخص والإنطباع الأول يكون في معظم الأحوال اللبنة الأولى في تقييم الشخص ولذلك فإن كثيراً من الأشخاص من الجنسيات الأخرى يعتمدون المظهر جزءً أساسياً حيث يكملونه بتصفيف الشعر وتناسق ألوان اللبس والعطر الفواح وتشذيب الأظافر ولمعة الحذاء وهي أمور لا تنتقص من رجولة الشخص كما يرى البعض ولا تكلف الكثير من المال كما قد يقول آخرون.
    وكما تفضلت فإن المسألة لن يستطيع جهاز العاملين بالخارج معالجتها لأنها تحتاج إلى إستراتيجية متكاملة تعالج الوضع من جذوره لأن بإمكان كل شخص الاعتناء بمظهره كمتطلب لاجتياز صالة المغادرة ثم يعود سيرته الأولى بعد ذلك والطبع غلاب. ويستوجب ذلك أن نغرس هذا الإتكيت في قلب السلوك الشخص للسوداني كما كان بحيث يكون هو سلوكه الطبيعي يستهجن تلقائياً ما سواه وتأبى نفسه أن يظهر بخلاف ذلك.
    أختم بنقطة هامة وهي أن تصريح الأمين العام على ما فيه من الحقيقة إلا أنه ينطبق عليه المثل السوداني القائل “فراغ ود القلّع، أبوه عريان ويكسّي في الشدر” لأن جهاز المغتربين منوط به الكثير من المهام المعلقة والخدمات المرجوة التي لم يؤدّ منها عشر العشر. وكان الأحرى بحاج ماجد أن يسعى لييسر على المغتربين العقبات الجمة التي تنغص حياتهم والتي تحول إجازاتهم إلى جحيم يجعلك بحاجة إلى إجازة من الإجازة.
    شكراً لك أستاذ يحيى ودمت ،،،،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..