أخبار السودان

السادسُ من أبريل وميثاقُ الدفاعِ عن الديمقراطيةِ !!

مديحة عبدالله

شهد ميدان الاهلية يوم 18 نوفمبر 1985 التوقيع على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية من قبل قيادات احزاب ونقابات والقوات المسلحة. وبالطبع رفضت الجبهة القومية الاسلامية التوقيع على الميثاق، حيث اسفرت عن موقفها المعادى للديمقراطية بكل جرأة ، وسارت فى طريق العداء حتى استولت على السلطة عن طريق الانقلاب .

تفاصيل المحن التى تعرضت لها تجربة الحكم الديمقراطى معروفة،وكذا الصراع المحتدم بين القوى الاجتماعية التى وصلت للسلطة وتنكرت لاهداف الانتفاضة ، وبين القوى التى صنعت الانتفاضة وسعت لتحقيق مطالبها بالطرق السلمية ، لكن لابد من محاولة تقييم ، وطرح السؤال لماذا لم يتم الالتزام بميثاق الدفاع عن الديمقراطية ؟ ولماذا لم تشهد الساحة السياسية حالة دفاع فوري عن النظام الديمقراطى وبالوسائل المجربة من قبل الشعب وهى العصيان المدنى ؟

من دواعى الاسف ان اضطر للاشارة لحديث زين العابدين الهندى حيث قال : ( الديمقراطية لو شالا كلب مافى زول بيقول ليه جر !! ). وقال عن اوضاع الجنود فى الجنوب : (إنهم يأكلون الفئران ، والفئران نفسها هزيلة وليس فيها لحم يؤكل ). وتلك دعوة صريحة للانقلاب العسكرى ، من داخل البرلمان الذى جاء بإرادة شعب الانتفاضة، لكنه لم يحترم اهدافه ولا تطلعاته . ولم يقم بدوره لمحاسبة الحكومات المتعاقبة إبَّان الفترة الديمقراطية عن إخفاقها فى تلبية مطالب الشعب لغلبة الصراع الحزبى وصراح المصالح الضيق.

واذا كان إخفاق القوى السياسية التى وصلت سُدَّة الحكم احد اهم عوامل انهيار النظام الديمقراطى ، فان القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة فى التغيير قد اخفقت هى الاخرى فى ترتيب اوضاعها ولم تسع بما يكفى لتوسيع قاعدة المطالب لتشمل فئات اجتماعية ظلت محرومة من التنظيم وحرية التعبير عن مصالحها الاجتماعية .كما غلب السياسى على الاجتماعى والثقافى فضاعت فرص واسعة لخلق الوعى بالقضايا محل الصراع السياسى .

وثيقة الدفاع عن الديمقراطية ستبقى احد الأدلة على ان الشعب بفئاته الاجتماعية المختلفة ليس قطيع يتم تحريكه من النخب السياسية ، بل صاحب إرادة فاعلة يعرف كيف ومتى يفّعلها لنزع حقوقه وبالطريقة التى يختارها .

الميدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..