أخبار السودان

هل يستطيع المهاجرون لعب أدوار إيجابية لصالح الذين بقوا في الداخل؟

الخرطوم ? أميرة الجعلي
لا تعد ظاهرة الهجرة خاصة ومرتبطة بالسودان فقط، بل هي ظاهرة شاملة في كل الإقليم العربي والأفريقي؛ حيث يشهد البحر المتوسط تدفقات من الهجرة غير الشرعية عبر المراكب نحو أوروبا، مما قاد إلى غرق المئات منهم، وساعد على ذلك اضطراب الأوضاع في ليبيا.
بالنسبة للسودان، فإن معظم السودانيين لا يفضلون المغامرة عبر التهريب، ويفضلون الهجرة المنظمة عن طريق برامج القرعة الاختيارية نحو أوروبا وكندا وأمريكا، ويعتبر الاقتصاد هو العامل الأول لأسباب الهجرة، تليه الرغبة في تحقيق التطلعات بالتأهيل والدراسة وترقية الأوضاع الاجتماعية للأسر، إلى جانب ظروف تدعو لليأس متفجرة من الواقع السياسي المرتبك. ومع ازدياد ظاهرة الهجرة في السودان نسبة لتدهور الوضع الاقتصادي وانعدام فرص العمل، فقد نشأت مراكز كثيرة للخدمات عن طريق وكالات السفر ومراكز الخدمات الأخرى لتسهيل إجراءات المتقدمين.
العامل الأهم والأكثر تأثيرًا هو أن تدفقات الهجرة للخارج تعد نزيفاً للعقول والخبرات والطاقات الشابة المنتجة، في الوقت الذي لم تبدِ فيه الدولة أي اهتمام يذكر بشأن ارتفاع معدلات الاغتراب والهجرة إلى الخارج، وعدم تقديم أي بدائل داخل الوطن، وفي هذا الخضم يعد البعض أن الهجرة ظاهرة صحية ومفيدة للبلاد من حيث اكتساب الخبرات والتجارب وزيادة دخول الأسر وتحويل المدخرات، وكذلك تأسيس مجتمعات سودانية في الخارج، ويمكن للمهاجرين أن يلعبواً دوراً إيجابياً على الذين بقوا في أوطانهم، ربما يدفعون بالتغيير السياسي لكونهم شتات ساخط على الحكومات الوطنية، لكن التجارب تدحض هذا الزعم ولا تدعو للتفاؤل، إذ إن الهجرة فشلت في لعب دورها في التأثير المنشود، في دول مثل العراق ونيجيريا وإريتيريا.
وقد أصاب القلق والتوتر كثيراً من السودانيين الذين تقدموا بطلباتهم عبر برنامج القرعة الاختيارية للإقامة الدائمة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومع مجيء الرئيس ترامب إلى سدة الرئاسة بشعارات تناهض الهجرة ووعود لوقف تدفق اللاجئين قامت بحظر مواطني (7) دول، منهم السودان، من الدخول للولايات المتحدة لمدة ثلاثة أشهر، حتى يتم تقييم تعاون هذه الدول مع مطلوبات الأمن الأمريكي، وقد تصدت المحاكم الفيدرالية لهذا القرار وأبطلته مرتين، ولكن ما يزال كثير من السودانيين مقيمين في وطنهم لعدم حصولهم على (الفيزا) الخاصة ببرنامج القرعة الاختيارية، وقد فسر البعض هذا التأخر لوجود السودان في القائمة التي أصدرها ترامب والتي تشتمل على منع الرعايا السودانيين.
وقال سودانيون استطلعتهم (اليوم التالي)، إنهم حتى الآن لم يتأثروا بهذا القرار، حيث استكمل العديد منهم إجراءاتهم للهجرة، وتتعدد أسباب الذين يتقدمون سنوياً لبرنامج الفيزا الاختيارية، أبرزها الهجرة الاقتصادية لتحسين الوضع وتحقيق التطلعات للعيش في الولايات المتحدة، وكذلك الطامحين للدراسة، ويأتي أغلب المتقدمين من فئة الشباب خاصة خريجي الجامعات من الكليات العلمية الذين يراودهم حلم التأهيل والدراسة والتخصص.
من ناحية أخرى، نشط السودانيون مؤخراً في التقديم لبرنامج الهجرة إلى كندا التي تطبق نظاماً شبيهاً بنظام القرعة الاختيارية، ولكن يقصد كندا أصحاب التأهيل العالي، نسبة لمجانية الدراسة، كما تلاحظ أيضاً هجرة الأسر السودانية للحاق بأبنائهم في كندا وأمريكا خاصة من كبار السن لخدمات العلاج والصحة.
في المقابل، أوقفت أوروبا كل برامج الهجرة المنظمة وقللت من فرص قبول اللجوء السياسي، خاصة بعد نمو ظاهرة التنقل التي أطلق عليها اسم مرذول (الاتجار بالبشر) عبر البحر المتوسط، وتعد ألمانيا وإيطاليا من أكثر الدول الأوروبية قبولاً للهجرة، ولكن مع رفض الشعوب لهؤلاء المهاجرين تأسست أحزاب وجماعات ضغط لرفض سياسة الهجرة، خاصة مع ارتفاع معدلات الجرائم التي يرتكبها المهاجرون.
وقال خبراء اجتماعيون إن قدرة السودانيين على الاندماج في المجتمعات الأوروبية والأمريكية أخذت في النمو والتصاعد رغم الصعوبات التي كانت في الماضي، إذ يميل السودانيون مثل الشعوب العربية الأخرى، للعيش في أحياء الأقليات مما يقلل اندماجهم في تلك المجتمعات، وقد حقق كثير من السودانيين نجاحات مقدرة في مهاجرهم الجديدة، خاصة في الجامعات ومناطق العمل المختلفة.
يشير الكثيرون إلى أن الجيل الثاني من السودانيين في أوروبا وأمريكا الآن لديهم فرص أوسع للنجاح أكثر من آبائهم؛ لأنهم ولدوا ودروسوا في النظام التعليمي وأصبحوا جزءاً من النسيج الاجتماعي للشعوب الأمريكية والأوروبية.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..