مع الانتشار والزيادة المطّردة في أعداد الكليات والجامعات تزداد حملات التشكيك في مخرجات تلك المؤسسات

الخرطوم ? مهند عبادي
انتقادات كثيفة ظلت تجابه التوسع الكبير في مؤسسات التعليم العالي في البلاد، وواجه الطلاب في الجامعات هجوماً عنيفاً واتهامات بضعف شهاداتهم ومستوى التأهيل العلمي الذي يحصلون عليه في الجامعات السودانية، ومع الانتشار والزيادة المطّردة في أعداد الكليات والجامعات تزداد حملات التشكيك والإضعاف في مخرجات تلك المؤسسات التعليمية والقدح في قدرات وتأهيل خريجيها، وهناك تحديات عدة تواجه التعليم العالي بالبلاد وساهمت في إحداث سجال ونقد كثيف اعترى تجربة التوسع في مؤسسات التعليم العالي. ويشير خبراء إلى مجموعة من المشكلات التي تعيق التطور في مسيرة التعليم العالي خاصة في ظل التراجع الملحوظ على المستوى الأكاديمي، ويؤكدون أن هناك فجوة في مجال طرائق التدريس التي تتبعها الجامعات العالمية نتجت بسبب عدم مواكبة البرامج والمناهج لمستجدات العصر، بجانب ضعف مخرجات التعليم، حيث يشكو سوق العمل من تدني مستوى الخريجين الذين لا يناسب كثير من تخصصاتهم متطلبات سوق العمل، ووجود خلل في التوازن بين الكم والكيف، فضلاً عن الاختلال في التوزيع الجغرافي لمؤسسات التعليم العالي، كما أن هناك مشكلات متعلقة بالبحث العلمي أدت إلى انخفاض ومحدودية البحث العلمي لعدم توافر الإمكانيات المادية والاقتصادية، والنقص في أعضاء هيئة التدريس، وعدم توافر الفنيين ومساعدي البحث، وعدم تدريس مادة البحث العلمي في المستويات الأدنى وتدريسها بصورة نظرية، ويرى كثيرون أن هناك عدم مرونة وجمود في الإدارة لاستيعاب مظاهر التجديد، وهناك مشكلات متعلقة بالبرامج التعليمية، إضافة إلى مشكلة عدم توفر الكتاب الجامعي وندرة المراجع والمصادر وغيرها الكثير من التحديات والمشكلات التي تواجه بها ثورة التعليم العالي بالبلاد، ويسهب العلماء والمسؤولون باجترح الآراء والحلول التي يرون أنها مناسبة لتطوير التجربة، ولكن دون أن يكون لذلك أثر واضح على حقيقة الأوضاع في الأرض. حسنا وزارة التعليم العالي ومركز دراسات الإسلام والعالم المعاصر أقاما أمس الأول ورشة عمل حول مستقبل التعليم العالي بالبلاد، شرًّح فيها العلماء والخبراء الحالة وتبني مقترحات الحلول، وأكدت الأوراق على أن التوسع في التعليم أضعف التجربة نسبة لعدم توفر المدخلات المناسبة من موارد بشرية ومادية وتقنية، مما تسبب في تدني الجودة وضعف البنية التحتية وعدم تأهيل وتدريب أعضاء هيئة التدريس، إلى جانب أنها أفرزت تباين الرسالة التعليمية والتربوية بين مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة، وأوصت الورشة بإعادة هيكلة وبناء السلم التعليمي لمعالجة الخلل في البناء وإعادة المرحلة الوسطى ومعاهد التأهيل التربوي ببخت الرضا وتحسين البيئة التعليمية. وقالت البروفيسور سمية أبو كشوة وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي في كلمتها بالورشة، إن الارتقاء للأمام هدف أساسي تعمل الوزارة على تحقيقه من خلال استفادتها من الرؤى التي يدفع بها المختصون لتقويم مسيرة التعليم العالي بالبلاد، مؤكدة أن مراجعة المسيرة أمر واجب حتى تتجاوز الروتين وفتح أبواب جديدة وتجويد التعليم لتمكين الطلاب والخريجين من المساهمة في الحضارة الإنسانية، وشددت أبوكشوة على الجامعات السودانية بألا تعمل على تخريج طلاب للتوظيف وإنما تفتح لهم آفاقاً عبر تأهيلهم للمنافسة في كل مكان بالعالم، من خلال تزويدهم بعلم نافع يهيئ لهم ولمجتمعهم حياة كريمة ومفيدة، وأضافت نحن نعلم أن المستقبل لن يكون لأصحاب المهن اليدوية والحرفيين، وستكون الغلبة للتقنيات العالية والابتكارات، لذا فإن توجهنا يمضي في سياق تمكين الطلاب السودانيين من الدخول في مجال التقانات الحديثة للحاق بركب العالم. وفي السياق قال الدكتور أحمد عبد الجليل الكاروري مدير مركز دراسات الإسلام، إن التعليم العالي بالبلاد يحتاج إلى مراجعات حقيقية واستصحاب النظرة الاستراتيجية لاحتياجات سوق العمل، والعمل بتوازن بين الارتقاء من حيث الكم والنوع، مشيرا إلى أن عدد المقبولين في الجامعات السودانية اليوم يمثل أربعين ضعفاً عن العدد الذي كان في نهاية ثمانينيات القرن الماضي.
حسناً ذلك ما كان من أمر الورشة التي طرقت على القضية التي تشكل هاجسا مستمرا للجامعات السودانية في ظل تمدد سحابة عدم الثقة والتقليل من جودة خريجيها، وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن أغلب المهتمين والخبراء في التعليم العالي يطالبون بالالتزام بأسلوب التخطيط الاستراتيجي ووضع التصورات المستقبلية والاستعداد لمعالجة المشكلات المتوقعة وتنمية القدرة على التصدي لها وإيجاد الحلول لها والتنبؤ بآثارها.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..