بالقالو حمد … عز الامتناع وكرامة الاحتجاج

صدقوني سيداتي آنساتي سادتي أنني أحاول جهد استطاعتي أن أتحدث بكلمات مهذبة لا تخدش الحياء عند وصف الإنقاذ وأهلها ومنتسبيها القدامى والجدد إلا أنني لا أجد طريقا لذلك الحديث المستحيل سوى الصمت . ثم أنني أرجع البصر والبصيرة والحصيلة فأجد الصمت أشد بذاءة فلا ألوى إلا على الركون لأقل الخيارات شرا ونكرا ولا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم
ما أخذته منا الانقاذ وأهلها ومنتسبوها الظاهرون والمستترون والسابقون واللاحقون ؛ ما أخذته منا باعتبارنا شعبا لم يكن بوسعه الاختفاء عن الحياة بالكلية للسماح بمخططاتها النتنة أن تمضي دون مقاومة، كثير جدا … أكثر من أن يقابله أي ثأر أو أي فجر أو انتصار ناهيك عن تعويضات ومحاسبة والخ … سنظل كشعب (وكافراد ينتمون إليه بأقصى درجة ممكنة من الصدق والمسئولية) ها هنا والآن ما دام السودان مبتلى بالوقوع في هذه الرقعة الزمكانية البلوى تحت ربقة هذا النظام الزفت سنظل نفنى ونوجد في طلاب ذلك كله؛ الثأر والفجر والانتصار والمحاسبة العادلة الشاملة والتعويض الشامل المجزي ورد الاعتبار لكل سوداني اذلته هذه الطغمة ودمرت عيشه وحياته
… بيد أن ما أخذ منا كشعب نسترده في هذه اللحظة ، أو أننا نستطيع على الأقل أن نسترده بشكل تراكمي واع ومبصر وذي عزم حتما وفي كل لحظة متاحة تالية . وذلك بشيء واحد فقط هو السحق اليومي الدائم المتلاف .. لكل (فكرة) و (حالة)نهضت وراء هؤلاء و كل (أخلاق) ساندتهم … بدءاً بالجهل والأنانية والخواء وليس انتهاءً بأي تعالٍ نخبوي أو تطرف سلطوي أو نزق للعلوّ على عامة الناس خارج إطار خدمتهم بجدية وصدق
ولعلي أكون قد حاولت محاولة مايكروسوكوبية ضئيلة جدا (ولكنها تظل واجبة علي وجوبا عينيا وإلزاميا في تقديري الذي يضاهيها ضآلة) في مطلع هذا العام الميلادي الجديد في هذا الصدد المهم شديد . فقد أعلنت للملأ الفيسبوكي وللذين هم من حولي على طرقات المدينة أنني قد امتنعت امتناعا احتجاجيا ? وليس لأغراض صحية أو خلافها ? عن تناول السكر الأبيض بشكل كلي وعن تناول الخبز المصنوع من الدقيق المستورد بشكل جزئي وأنني اشجع أي امتناع احتجاجي مماثل .
كما توقعت، وعلى الفور ، اندلعت مناقشات وتعليقات على مستويات عدة حول صواب وخطل وبداهة و(وتأخر) القرار وإلخ من النواحي الصحية والاحتجاجية وجدوى كل ذلك فعلا . حقيقة الأمر أنني أعني الاحتجاج على مجمل سياسات ووجود نظام مثل الانقاذ يرهن بلادنا ومستقبلنا إلى أسوأ المصائر وأقلها جدارة بالتصرف فيها وفينا. وأنوى أن ينداح هذا الامتناع الاحتجاج الحق رأسيا وأفقيا ليشمل المزيد مما يصنف في خانة الضرورات وليشمل المزيد من الناس .. امتناع احتجاجي معلَن ومحرِّض …ولكنني احتج أكثر وبشكل أكثر دقة وتحديدا على أشياء محددة تزيد وضعا معيشيا وصحيا – متأزما أصلا ? سوءا وكارثية. فخلاف التوقعات الموضوعية بزيادات جديدة في أسعار الضروريات التي لا غنى للمواطنين الفقراء عنها رشحت معلومات عن “نزول” مزيد من كميات الدقيق الفاسد لمخابز البلاد ولم أجد ? صراحة ? طريقة أمارس فيها حق وواجب التنبيه على هذه الكارثة سوى الإسراع بهذا الامتناع الاحتجاجي التدريجي
لاحظوا سيداتي آنساتي سادتي أن المواطنين السودانيين الفقراء مطالبون بدفع أسعار أعلى لسلع لا يملكون هم ولا من يبيعها لهم الضمانات الكافية بأنها غير فاسدة؟ فلماذا هذا؟ وإلى متى هذا ؟
إلى متى يظل المواطن السوداني الذي تمارس عليه اشد القبانات والجبايات فداحة في العالم. والذي يدأب الاشرار والفجار منذ ربع قرن علي تجفيف موارد دخله الخاصة والعامة فصلا وتشريدا ومحاربة في اي رزق حلال وتدميرا للمشاريع والبنيات الاقتصادية القومية …. إلى متى تتم مطالبته بدفع الفاتورة الاعلي عالميا مقابل سلع مسرطنة او منتهية الصلاحية او لم يجتهد احد في ضبط جودتها وخدمات رديئة ووهمية وسكن غير صحي ومياه شرب مميتة وتعليم تجهيلي وخدمات صحية ابادوية؟ إلى متى ؟؟
الامتناع الاحتجاجي قد بدأ .. ليس بشخصي الضعيف .. وإنما ببواسل أماجد لن تنحني جباههم ولا ظهورهم لأية عاصفة أو أي موت أو ما دونهما … وبصفته هذه امتناعا احتجاجيا .. من أراد أن يبدأه بسلعة السكر مرحبا ومن أراد أن يبدأه بسلعة الدقيق أهلا ومن أراد أن يبدأه بأي شيء آخر يراه ألف أهلا ومرحبا
فلنعلن إن كان في الإعلان خير ولنكتم إن كان الخير في الكتمان ولنفتح كل النوافذ للحوار والنقاش المفضي إلى تطوير الثورة من حيث المبدأ وإلى إقناع هذا الشعب الكبير بوسائلها وغاياتها ونبذ الحالة الطفلية الممعنة في السذاجة والتي تسرف في ذم الشعب ومدح الأفراد و فرض البدائل الميتة والوسائل والغايات التي لا تعني شعبا تسامى … يا هذا الغمام .
ولسنا في حاجة إلى استدعاء الأمثلة القريبة التي برهنت على نجاعة هذا الطريق الأشد إيجابية رغم سلبيته الظاهرة المفتراة والذي أشبه ما يكون بمعادل موضوعي للمقولة الشعبية .. (بالقالو حمد) .. ولكن لعمري .. لا أجد … أنى تلفتًّ عزا كالامتناع .. ولا كرامة … مثل الاحتجاج …. والله في !

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لولا أني شبه ممتنع عن السكر الأبيض أصلا

    ولولا أني لا أعيش في السودان أصلا

    لكنت أول المثنين معك

    بالمناسبه شوقي بدري قال أنه امتنع عن أكل اللحوم يوم وصول الكيزان إلي السلطة إلي يومنا هذا

  2. اؤيدك بشدة في الدعوة لمقاطعة شراء السكر والدقيق وجميع السلع المعروضة الا ما يسد الرمق, كما ادعو الجميع بعدم استهلاك الكهرباء ووسائل الاتصالات الا للضرورة لافلاس هذه الشركات التي ترفد خزينتهم,كما وادعو من له افكار اخري المساهمة بفكرته وباذن الله ستنجح الثورة الصامتة هذه دون ازهاق الارواح,المقاطعة سلاح يجب استعماله.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..