مرض الخوف

أسماء محمد جمعة

اسوأ شيء في الحياة أن يعيش الإنسان في حالة خوف أي كان نوع هذا الخوف، وهو إحساس مدمر ويحرم الإنسان من أن يعيش حياة طبيعية، وهو كفيل بأن يحطم حياة أية فرد فكيف سيكون حال الشعب كله حين يعيش في خوف؟ مؤكدا سيؤثر الأمر على عطاء المواطنين ويحد من قدراتهم، فالإحساس بالخوف اقسى من أي مرض، وهو يدمر الإنسان أكثر من المرض نفسه، وكلما تخلص الإنسان من الإحساس بالخوف عرف الطريق إلى السعادة، والأمر نفسه ينطبق على المجتمع وما أكثر أسباب الخوف التي تهدد المجتمعات، وما أكثر المجتمعات التي دمرها الخوف، وليس هناك مجتمع يمكن أن نضرب به المثل وقد دمره الخوف أكثر من المجتمع السوداني الذي يعيش الآن في حالة خوف فهو مهدد في معيشته وصحته وتعليمه وسلامته، يعاني الفقر والمرض والجهل والصراعات بجميع مستوياتها لدرجة أنه أصبح (بتخلع) من أي خبر أو إشاعة، فكل حكاية ينسج لها أجنحتها ويجعلها تطير بسبب خياله الذي يعيش في مناخ الخوف.

الأيام الماضية عاشت الخرطوم حالة رعب وخوف عجيبة من حوادث اختطاف وسرقة أعضاء، ورغم أن الأمر ليس سهلا ولا منطقيا، إلا أن الكل صدق وأصبح هناك قلق عام جعل الأسر كلها تعيش حالة ترقب مستمر، من في البيت ينتظر قلقا حتى يعود من خرج خاصة الأمهات، ومن خرجوا لقضاء حوائجهم هم أيضا يلازمهم القلق منذ خروجهم من المنزل وحتى العودة، في الشارع أصبح الكل مركز مع الذين حوله ومع السيارات وكل يتوقع أن يكون هو الضحية القادمة أو المتهم أن كان يقود سيارة، وما حدث قبل أيام بالأزهري يؤكد أن المواطنين أصيبوا بحالة فوبيا جماعية ويحتاجون إلى علاج ليخرجوا من هذه الحالة الغريبة، الغريبة لسيت هذه هي المرة الأولى التي يصاب المجتمع السوداني بهذه الحالة ولن تكون الأخيرة، وعلى قول المثل المصري: (اللي يخاف من العفريت يطلعلو).

هذا الخوف ليس وليد صُدفة وإنما المجتمع مهيأ له، وأخطر شيء في الدولة أن يصبح الخوف واحدا من أمراض المجتمع، فهو يشغل الناس عن كثير من الأشياء وأهم شيء يشغلهم عنه هي الحكومة وفشلها وأخطائها ويحرمهم من المطالبة بحقوقهم بل ويجعلهم يدعمون بقاءها في السُلطة أطول فترة ممكنة فكلما انشغل المجتمع بالخوف نسى أمر الحكومة التي هي نفسها تهيء البيئة ليصبح الخوف قوميا فكما تلاحظون الحكومة لا تمارس التشجيع ابدا مع المواطنين، فليس هناك مسؤول يحدث المواطنين عن إنجازات مبشرة ولا رسائل إيجابية، كل شيء عندهم يثير الخوف.

الخوف أيها السادة تصنعه الحكومة وتقدمه لكم في كل شيء فتأكلونه وتشربونه وتتنفسونه وهي من تكسب، كفى خوفا فليس هناك ما يستدعي الخوف، فعندما قال الشاعر من لا يريد صعود الجبال يعيش ابد الدهر بين الحفر، كان يعني أن من يخاف مقاومة الخوف سيظل يعيش تعيسا، عليه نقول لشعبنا الكريم تحلى بالشجاعة مهما كانت الظروف فهي الدواء الوحيد للخوف.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..