هل ستلجأ الحكومةالسودانية لتبديل القروش مرةأخرى للخروج من الأزمةالتي أوجدتها؟

حكومة الحركة الإسلامية في السودان ومنذ مجيئها للسلطة ظلت تستمد أسباب بقائها في السلطة من خلال الأزمات التي ظلت تفتعلها بغرض صرف الشارع السوداني عن ما يدور بدواوين الدولة وكذلك عن ممارسات وفساد الإسلام السياسي هذا علاوة على صمت القوى السياسية وتهافتها للحاق بركب السلطة أو تسخيرها بواسطة السلطة على لعب دور إبرة تنفيس لوجدان الشارع السوداني كل ما تراكمت عنده طاقة كافية تؤهله للدخول للشارع أملا في تخفيف حدة المعاناة التي أصبحت متلازمة تتنوع حين بعد آخر، ولكن وبعد إستقلال جنوب السودان ومعه كل البترول الذي ظلت تعتمد عليه الحكومة بعد أن جعلته مصدر الدخل القومي الأساس بتعطيلها معظم إن لم نقل كل مشروعات الدخل القومية وفلس الحكومة لحد جعلها تعجز عن دفع ما عليها للأمم المتحدة الأمر الذي تجلى بمنعهم من التصويت في قرراراتها ما حدى بها لإرتكاب افظع جريمة أخلاقية سرقة وبيع بترول جنوب السودان للشركة الإماراتية مؤخرا بعد أن فشلت في تحقيق ذلك سياسيا، هل ستلجأ الحكومة السودانية إلى عملية تبديل قروش جديدة وللمرة الخامسة بطباعة سندات ورقية بدون مقابل مادي لإثبات عدم وجود أزمة إقتصادية في اروقة مؤسساتها؟
المتابع لسياسة الحكومة ومنذ ايام الإنقاذ الأولى في تسعينات القرن الماضي يدرك أن الحكومة ظلت تفتعل أزمات لمعالجة أزمات أخرى موجودة في الواقع الموضوعي “على شاكلة ظاهرة التداخل البيولوجية الفيروسية بحقن المريض بفيروس آخر غير الذي مصاب به حتى يضعف الفيروسان بعضهما الآخر” وهذا بالضبط ما تدأبت عليه الحكومة السودانية، فقد قامت الحكومة السودانية بتبديل العملة السودانية “الجنيه السوداني الأخضر القديم” بجنيهات إنقاذية ” علاوة على طبع فئات اكبر بإسم الجنيه بلغت حتى مائة، خمسمائة، إلى ألف جنيه ـ ثم تغيير الجنيه عدة مرات مع الإختلاف في الألوان ـ ومن ثم تغيير العملة السودانية من الجنيه إلى الدينارـ كما تم تغيير الزمن لاحقا ـ ثمإرجاعها إلى الجنيه بعد إتفاقية نيفاشا 2005م، ثم تبديله بجنيه ما تبقى من السودان بعد إستقلال الجنوب، وفي كل عملية تبديل من هذه العمليات كان الخاسر الوحيد هو المواطن ، فالمواطن يخرج ما ينتجه أو يقدم من عرقه ويقطع من لحمه ودمه للحصول على السندات المالية أما الحكومة فلا تقدم شئ ، فهي فقط تطبع عدد غير محدود من الأوراق ” السندات” أو سمها قروش ورقية، وما أن تحصل على القيمة المادية المقابلة لهذه الأوراق وتبقى هذه الأوراق في يد المواطن المسكين حتى تعلن (الحكومة) عن عملية تبديل قروش وبالتالي تحديد جدول زمني لهذه العملية الفتاكة بالإقتصاد القومي على كل المستويات، ثم لم تلبس أن تعلن عن نهاية الفترة الزمنية المحددة دون أن يتمكن المواطن الواقف في الصف من وصول الشباك ناهيك عن أؤلئك الذين في أقصى الشمال أو الغرب أو الشرق أو الجنوب والذين لم يسمع بعضهم حتى عن هذه العملية القذرة إلى أن تصبح شوالات القروش التي بحوزتهم إلى مجرد ورق، هذا إن لم تطاردهم السلطات وتتهمهم وتساءلهم من أين أتوا بهذه القروش على غباشتهم !! وهذا ما يحدث مرارا.
إن تناولنا لهذه المسألة في هذا الوقت بالتحديد يأتي لتشابه ظروف المرحلة مع نفس الظروف التي تجعل من الحكومة السودانية للقيام بهذه الأدوار”المعالجات” الغريبة بعد أن ربطت الحكومة عملية تصدير نفط دولة جنوب السودان الشقيقة عبر عنابيب النفط السودانية “بمسائل تخصها هي لوحدها “والذي كان من شأنه أن يحافظ على الأقل على سعر الجنيه مقابل الدولار كما هو في جنوب السودان ومنذ الإستقلال 2011م، ولكن الجنيه تجاوز السبع دولارات في السودان وما زال متراجعا، والحكومة ما زالت لم تعطي هذه المسألة أي مساحة في الإعلام حتى يتم تدارك هذه المسألة الخطيرة مما يؤكد الظن أن الحكومة تنوي بالظهور بشئ يمكن أن يضر بحالة المواطن التي لم يحسد عليها، في وقت فيه تظل القوى المعارضة تتردد جيئة وذهابا في أن تكون جزء من القوى الثورية او تلتحق بحكومة المؤتمر الوطني التي هي الأخرى لم تحدد بعد الجهة التي يمكن أن تعلّق عليها فشلها الدائم، بإتهامها حكومة جنوب السودان بزعزعة الإستقرار تارة ، وإتهام الجبهة الثورية والقوى الثورية الأخرى بالمؤامرة مع قوى دولية أخرى لتقسيم السودان طالما سعت هي نفسها لذلك في مؤتمرها الإقتصادي في عام 2004م وإعتماده لوثيقة دولة حمدي العنصرية.
مسألة تدهور الجنيه السوداني أو قل أزمة حكومة المؤتمر الوطني الإقتصادية في السودان والتي ساهمت هذه المرة ومنذ منتصف العام المنصرم في دخول الشعب السوداني للشارع لا يمكن النظر إليها بصورة منعزلة عن السياسة العامة للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية طوال فترة حكمها للسودان، حيث القتل والإغتصاب والتشريد والإفقار لمن تبقوا على قيد الحياة، لذا على المهتمين بالقضيايا السودانية والمختصين بالشأن الإقتصادي ضرورة العمل على توضيح مآلات الوضع الإقتصادي وما يترتب عليه من كوارث تؤدي إفقار ما تبقى من المواطن وعلاقة ذلك بالسياسة العامة لحكومة المؤتمر الوطني.
عبد العزيز النور
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..