اقتصادات الصحف بين اهمال الحكومة و جباياتها

شهدت قاعة الشهيد الزبير للمؤتمرات بتاريخ20 يناير2013 قيام ورشة بعنوان مشكلات صناعة الصحافة فى السودان برعاية و تنظيم المجلس القومى للصحافة و المطبوعات الصحفية ، و شهد الندوة السيد وزير الثقافة و الاعلام د | احمد بلال و عدد كبير من الصحفيين و الناشرين و المهتمين ، عكست المناقشات و المداخلات تشخيص دقيق لمشكلات صناعة الصحافة بدءا بالتحرير و الطباعة و التوزيع ، و قد استأثرت مشكلات الطباعة بالنصيب الاكبر فى المناقشات باعتبارها الاكثر تأثيرآ لارتباطها بالتكلفة ، و التى يشكل مدخل الورق 80% من تكلفة طباعة اى صحيفة ، 20% هى تكلفة بقية المدخلات من احبار و بليتات و كيماويات و عمالة ، تضاف لذلك تكاليف النشر و التحرير، و هى تقريبآ تشكل حوالى 30% من تكلفة الطباعة ، تزيد او تنقص حسب التكلفة الاجمالية لكل صحيفة و ياتى التوزيع بتكلفة حوالى 20%، اذا و بحساب اقرب الى الواقع نورد مثالآ اول : ان الصحيفة التى تطبع ما قيمته 10,000 جنيه يوميآ فانها تتكلف كحد ادنى 3,000 جنيه هى مصروفات ادارية، تشمل الاجور و المرتبات و الكهرباء و الاتصالات و الايجارات و العربات و رسوم الترخيص و المحلية …الخ ، مثل هذه الصحيفة تخسر حتى لو كانت نسبة توزيعها 100% ، و اذا افترضنا جدلآ ان نسبة متوسط توزيع الصحف حوالى 60% ، فهذا يعنى ان الصحف مجتمعة تحقق خسائر يومية تتجاوز 40% من اجمالى التكلفة ، و احسن الصحف توزيعآ تحقق خسائر يوميآ بنسبة تتجاوز 20% من اجمالى تكلفة الطباعة ، لهذا حتى لو مكنت الاجراءات الوزارية المنتظرة بتخفيض التكلفة بنسبة 30% ، ستظل الصحف تخسر ، و فى كل الاحوال ظلت الصحف تعتمد على الاعلان لتغطية جزء من الخسارة ، ولكن اجمالآ فاحسن الصحف توزيعآ و اكثرهن اعلانآ لا تكاد تغطى مصروفاتها ، ولو لا عون من المطابع و شركات التوزيع لتوقفت الكثير من الصحف و اغلقت ابوبها ، مثال ثان : فى دول الخليج تباع الصحيفة ب ( ريالين او درهمين ) ، بتكلفة طباعة تتراوح بين ( 6-8 ) من الريالات او الدراهم ، كيف ؟؟ نصف صفحة من الاعلان فى الصفحة الاخيرة يغطى تكلفة الطباعة او يزيد ، اما ان كان هذا الاعلان فى الصفحة الاولى فالصحيفة تحقق ارباحها قبل ان توزع و بغض النظر عن نسبة التوزيع ، ( صادفت رمضان مرة و كنت جلوسآ فى مكتب احد اعلامنا فى الخليج و هو المسؤول الثانى فى الصحيفة المرموقة ، و كانت حصيلة الاعلان فى يوم واحد مبلغ يتجاوز ما يعادل ال 180,000 جنيه ( بالجديد ) ، وهى لا تقل الا نادرآ عن ما يعادل 100,000 جنيه يوميآ ، فى الجارة مصر ليس امر الاعلان كما فى الخليج ، و لكنه يحقق عائدآ يفوق عشرات اضعاف ما يحققه لدى صحفنا ، اذا اى مناقشة لاقتصادات الصحف ينبغى ان تضع فى الاعتبار امرين مهمين ، اولهما هو كيفية التراضى مع المعلنين على اسعار جديدة للاعلان ، تكون مجزية مقارنة مع الدول من حولنا ، وان تتوزع هذه الاعلانات بعدالة وتحصل قيمتها بطريقة شفافة تمكن الصحف من الاستفادة من عائدها فى الوقت المناسب ، و ثانيهما هو ان تعيد الحكومة النظر فى موضوع الرقابة القبلية ، فهى لا تقدم شيئى ذا نفع للحكومة ، وهى المتضرر الاكبر منها ، وتسيئ الى صورتها وسط اهم شريحة من الشرائح الاعلامية ، و ان يتاح بعد هذا لاى جهة متضررة من النشر ان تلجأ للقضاء كما نص قانون الصحافة و المطبوعات الصحفية لسنة 2007 م ، دون تعسف او تعويق لمسيرة الصحف ، اختتم السيد الوزير الورشة بالتأمين على الحقائق التى تحدث عنها الحضور وابدى اهتمامه شخصيآ و تعهد بالعمل على تذليل العقبات التى تواجه صناعة الصحافة ، كما وعد بعقد اجتماع فى غضون اسبوعين يجمع الناشرين و جهاز الامن للنظر فى موضوع الرقابة و كيفية تفادى مصادرة و ايقاف الصحف ، و اكد على اعتماده لتوصيات الورشة و تبنيها وعرضها من مجلس الوزراء و هى توصيات معقولة وهى ان ترفع الحكومة الجبايات و الرسوم و الضرائب و الجمارك عن كاهل الصحافة ،، وبغير ذلك ستتوقف الصحف عن الصدور ذات صباح و نكون وطن من غير صحافة ، حيث لا يوجد وطن .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..