كُلنا مِدمِنون!

وِفقاً للنظريةُ النفسيةُ لتفسيرُ الإدمانِ فإنّ المُدمِنَ يظلُ حبيساً لسطوةِ لحظةِ النشوةِ الأولى وتأثيرها، ويستمِرُ في التعاطي حتى يصِلَ لِهذا الإحساسُ مرةُ أُخرى، ولأنّ اللحظةَ الأولى لا يُشابِهُها شئُ فى الإحساسُ بها فإنهُ يظلُ سجيناً لحُلِمِ البحثِ عنْ ذلِكَ الإحساسِ الضائعِ بالراحةِ.
هناك أنواع من الإدمان يعرفها الجميع ويحذرون منها، تِلك التي نسمع ع…نها بشكل يومي و يكون العلاج مِنها معروف ومتوفر، كالإدمان على المخدرات و السجائر أو النيكوتين، إدمان على الكافين، أو الإدمان على الكحول.
و لكن إذا طبّقنا هذه النظريةِ النفسية على كثيرِ مِن عاداتِنا لوجدنا أننا مُدمِنونً لأشياءٍ وعادتِ بلا حصر و نستمر في مُمارستها دون أن نعلم أننا مدمنون، ولعلّ أكثرها شيوعاً فى عصرنا هذا الإدمان على ألعاب الفيديو والإدمان على الإنترنت وسماع الأغاني من الموبايل بشكل مُصاحب ولصيق.
يقضي مُعظم أبنائنا ساعاتٍ يومياً على ألعاب الفيديو أو الأتاري والبلاي ستيشن وقد يهملون أعمالهم أو واجباتِهِم العائلية من أجل اللعب فقط و عندما تتم مواجهتهم ومحاسبتهم على كمية الوقت الذي يهدرونه في اللعب يختلقون الأعذار فيدافعون و يبررون بأنهم لا يسروفون فى ذلك، وقد يمتد بهم الإدمان لإستخدام الأعذار الطبية أو الإجازات للحصول على مزيد من الوقت للعب ومن ثم تبدأ عليهم أعراض مرضية متعلقه بكثرة جلوسهم أمام شاشة الكمبيوتر أو التلفاز، كجفاف العين، الصداع، أو آلام الظهرو قد يُعانون من تجاهلهم لوجبات الطعام الرئيسية أو الإستحمام ويشعرون بالغضب أو القلق عندما لا يستطيعون اللعب لأسباب خارجه عن إرادتهم.
أما الإدمان على سماع الأغاني والموسيقى فهو من أخطر أنواع الإدمان لأنه يعزل الفرد تماماً عمن حوله إذ يستحوذ على حاسة سمعه وتركيزة، فنجد كثيراً من الشباب والشابات يضعون سماعات الــ Mb3 او الموبايل على آذانهم طوال اليوم حتى أن البعض لا ينام إلا وتلك الموسيقى تُطرقع على رأسه! وهذه الفئة تُعاني من الصُداع والشرود والإنفصال التام عن الواقع، فنجدهم يهيمون دون وعي وقد يتعرضون لحوادث سير أو التعثر على الطُرق من جراء إنشغالهم بسماع الموسيقى، وقد يُضيع الكثير منهم مُحاضراته ودروسه لأنه يكون حضوراً بجسده فقط وعقله يدندن راقصاً.
أما الإدمان على الإنترنت فهو غير محدد بعمر، ويشمل هذا النوع المُدمنين على مواقع التواصل الإجتماعي كالــ(المُفسبكين) أو المُدمنين على الفيسبوك و(المُغردين) الذين يستخدمون التويتر و (بوردراب) المنتديات، وكذلك المدمنين على (الإسكايب) و (الفايبر) و (الواتس اب) و (الماسنجر) و غيرها من الوسائل المُستحدثه التى نعبر إليها من خلال شبكة الإنترنت بل وأصبحت أكثر سهولة فى التحميل عبر الهواتف النقالة.
ليس كُل المدمنين على الإنترنت هم فقط المراهقين أو الشباب، فقد أصبح الإنترنت عالم فضفاض وسع جميع الفئات العمرية والثقافية لتنوع وتعدد مساقاتِه، فالمدمن على الإنترنت غالباً ما يعاني من مشاكل في النوم، ويشعر بالقلق عندما لا يتمكن من الدخول على الشبكة ويتعرض مُدمن يصاب بعلامات الإحباط كالقلق و إنعدام الثقة بالنفس والحزن وعدم القدرة على تحفيز النفس، وأخطر الأعراض التى تستشري هي العزلة عن المجتمع الواقعي كالأهل والأصدقاء والإنخراط فى تواصل (إفتراضى) عبر أثير الإنترنت مما يؤدي إلى مشاكل في المدرسة أو العمل بسبب كثرة الجلوس أمام الإنترنت حتى أن الكثير من المؤسسات درجت على حظر صفحات التواصل الإجتماعي والإسكايب والماسنجر وغيرها من على أجهزتها بل ووضعت قوانين صارمه تجد أو تمنع من دخول الموظف الى تلك المواقع أثناء ساعات العمل الرسمية.
أتمنى للجميع حياة سعيدة مُعتدلة خالية من الإدمان، وشفى الله جميع المُدمنين الذين لا يُفلحون فكاكاً ولا مقاومةً.

همسات – عبير زين
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. موضوع طريف مع الشكرلكاتبة المقال

    و لكن اسوأ انواع الادمان هو الادمان على الكذب سواءا لخداع الاخرين او “لتحلية الونسة”

  2. كلكم دي شئ تاني لكن انا شخصيا ما معاكم والحمد لله الحاجات الذكرتيها دي كلها ما بصل فيها درجة الادمان ويمكنني الفكاك منها متى واينما وكيفما اردت وان ادمنت شئ فهو القراءة وما يهتم به البعض في 14 /فبراير ويجعلون الاحمر لونهم في هذا اليوم يهمني طول العام ربما نردد مع عاصي أدمنتك !المدمن يكون منفصلا ذهنيا وعاطفياوعقلياو معزولا من الاتصال والتواصل مع الناس ولو اقرب الناس اليه وربما يفقد كل العلاقات الإنسانية.إلا مدمني حب الله ورسوله وحب حلالهم فهنا نجد القلب حاضر والعقل وكذلك العاطفة والوئام والانسجام مع النفس ومع الغير وحب الخير للجميع ..لذا علينا ان ندمن حب الله لنظفر بالنجاة من عواقب الادمان الاخرى …

    اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك واجعلنا من المؤمنين المدمنين عليه

  3. ,,, غايتو يا أستاذه , الحاجه الأدمناها بالجد , ترا مقالاتك الزي دي ,, فلك الشكر
    والتحية ,,, (( فبرافو )) عليك و بالتوفيق ان شاالله

  4. مشكورة على على اختيار الموضوع و جمال التعبير.

    في الموضوع أنا بفتكر أن أجمل ادمان هو ادمان الفكر و ادمان الفكر يخرج الشخص من القطيع و يجعل نظرته للدنيا و الآخرين مختلفة عما كانت عليه و هو داخل القطيع.

    و ليس هنالك دين دعى الناس للتفكر و ادمان الفكر بصورة كبيرة مثل دينا الاسلامي و كما يقول الأستاذ/ محمود محمد طه و بصدق أن السنة الحقيقية لنبينا الكريم ( ص) كانت ادمان الفكر و لكن كان ادمان رسولنا الكريم في القمة.

    علماً بأن أقل صاحب درجة ادمان للفكر يكون بذلك قد خرج من القطيع ووضع أول خطوة في سبيل تحقيق انسانيته بعد أن كان بشراً بين القطيع.

    أنا أزعم بأن الأستاذة عبير من مدمني الفكر و ادمانها هذا جعلها تعبر بكل سهولة و سلاسة و هو ما يطلق عنه السهل الممتنع.

    دمتم بصحة و عافية

  5. فعلا احسنتي اختيار العادات السيئة
    المأساة ان هذه العادات السيئة هي وبال على من حولك الا الاخيرة وبال على نفس الشخص واحيانا على الاخرين.
    ليك التحية أستاذة عبير !!!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..