عشرون عاما على اكتشاف مومياء "رجل الجليد" في جبال الألب

بولسانو/نورنبرج – كاتي كاله وكلاوس تشارنكه – عندما رأى الزوجان هيلموت وايريكا سيمون لأول مرة جثمانا في الجليد في منطقة أوتزتال الواقعة بجبال الألب ، على الحدود بين النمسا وإيطاليا ، لم تكن أهمية هذا الاكتشاف الرهيب قد اتضحت بعد.

ففي التاسع عشر من أيلول/سبتمبر 1991 ، أحدث الزوجان ، وهما من سكان نورنبرج ، انهيارا جلديا أثناء هبوطهما من فوق الجبل. وبعد مرور عام ، ظهر وجه "أوتزي" ، وهو الاسم الذي أطلق على مومياء الجليد التي رصدها الزوجان ، على غلاف مجلة "تايم" تحت عنوان "أسرار رجل الجليد".

وبعد مرور 20 عاما على الحادثة ، كشف "أوتزي" عن العديد من تلك الأسرار ، رغم أن هناك أسرارا أخرى لا يزال يكتنفها الغموض.
تتذكر ايريكا سيمون صياح زوجها آنذاك ، وهو يقول: "انظري ماذا هناك! إنه شخص". لقد اعتقدا في البداية أن هذا الشخص توفى قبل ما يتراوح بين 40 و50 عاما قبل اكتشاف جثته ، وانكشف عنها النقاب الآن بسبب ذوبان الجليد.

لم يكن ذلك رأي سيمون وحدها ، التي تبلغ من العمر حاليا 71 عاما. فالشرطة الإيطالية هي الأخرى لم تبد اهتماما كبيرا بانتشال الجثة ، لاسيما وأن فصل الصيف الدافئ أدى بالفعل إلى الكشف عن جثث ستة متنزهين آخرين توفوا منذ فترة طويلة ، وحوصروا في قبورهم الجليدية.

قالت الزوجة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن السلطات النمساوية أرسلت المومياء إلى جامعة انسبروك للتحقق من أصولها. كان الاعتقاد السائد في بادئ الأمر هو أن "أوتزي" توفى قبل نحو قرن ، نتيجة للحالة الممتازة التي احتفظت عليها الجثة ، ومظهرها الذي يدل على أنها حديثة الوفاة.

غير أنه بعد ذلك ، قال علماء الجامعة إنه من المحتمل أن يكون هذا الشخص من أهل العصور الوسطى ، وهو الرأي الذي أعرب عنه راينهولد ميسنر ، أحد متسلقي الجبال المشهورين الذي ينحدر من هذه المنطقة ، قائلا: "ثمة شيء غير طبيعي بالمرة في هذا الغلام الصغير".

غير أن علماء الطب الشرعي اكتشفوا المزيد من الأسرار الأكثر عمقا مما كان قد يحلم به ميسنر. فقد اكتشفوا أن الجثة ترجع إلى العصر الحجري النحاسي (الكالكوليت) ، ما يعني أن "أوتزي" كان يعيش قبل أكثر من خمسة آلاف عام.

أثار "فروزن فريتز" (فريتز المتجمد) ، كما يسميه بعض الناطقين باللغة الإنجليزية ، ضجة عالمية بين عشية وضحاها. فتلك هي المرة الأولى التي تحتفظ فيها أعضاء بشرية ، من الطبيعي أنها تتحلل سريعا ، بحالتها على مدار مثل هذه الفترة الطويلة للغاية ، مما أثار تلهف العلماء لسبر أغوار تلك الجثة ومعرفة أسرارها.

بيد أنه كانت هناك بعض المشكلات. فعلى مدار أعوام ، اختلفت النمسا وإيطاليا حول جنسية "أوتزي" ، قبل أن يتم تحديد هويته في نهاية الأمر على أنه إيطالي الجنسية.

ولم تنقل المومياء من انسبروك إلى بولسانو إلا في عام 1998 ، حيث ترقد الآن في قاعة خاصة بالمتحف الأثري ، حيث تحفظ في درجة حرارة 6 مئوية تحت الصفر ونسبة رطوبة تبلغ 98% .

واستغرقت دعوى قضائية للمطالبة بتعويض عن اكتشاف الجثة فترة أطول في المحاكم ، إذ لم تنته إلا منذ عامين ، بدفع مبلغ يزيد على 150 ألف يورو (210 آلاف دولار) مقابل اكتشاف الجثة.

كشف العلماء عن معلومات كثيرة بشأن رجل الجليد ، الذي لقي حتفه بسبب كسر في الضلوع وجرح ناجم عن سهم أصيب به في كتفه الأيسر أثناء مطاردته على ما يبدو.

يقع المكان الذي لفظ فيه رجل الجليد أنفاسه الأخيرة قبل نحو 5300 عام على مسافة نحو 90 مترا من الحدود في الجانب الإيطالي. كان هذا الشخص يبلغ من العمر حينذاك 47 عاما ، وهي سن متقدمة في ذلك الوقت.

وقد تم تحليل نحو 95% من حامضه النووي (دي.ان.ايه) باستخدام أحدث التقنيات. ويهتم الباحثون بتعقب أصوله ، وحل ألغاز متعلقة بالأصول الجينية لأمراض منتشرة اليوم ، مثل السكري والسرطان وألزهايمر.
ولا يزال هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج لإجابات. فعلى سبيل المثال ، من كان يطارد "أوتزي" ، وعلام تدل كل هذه الأوشمة الموجودة على جسده؟.

وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..