الجوهرة النوبيىة التي لن يخبو بريقها

الجوهرة النوبية التي لن يخبو بريقها: حمزه علاء الدين: طاب مرقدك .

ما جدوي الشعراء في زمن البأساء والضراء
..إنهم مثلهم مثل كهان ديونيزوس
يهيمون علي وجوههم ..من بلد إلي بلد
…………………………….. هولدرن

لزهرة البستان ..المقهي القاهري الذي تؤمه قبيلة المثقفين المتمردين وأشياعهم .. ديون في أعناق المثقفين والمبدعين السودانيين الذي أحتضنهم طوال عقد المنفي القاهري وما تلاه .. ليضيف هذا المقهي رصيدا علي أرصدة من الحب والتلاقي والترابط بين شعبينا ..
في زهرة البستان .. في منتصف التسعينات كنت علي موعد مع فناننا الكبير حمزه علاء الدين – رحمه الله – وكان كعادته حينما يعبر من كالفورنيا الي طوكيو حيث يدرس الموسيقي النوبية والشرقية في عدة جامعات في هذين البلدين .. كان يعبر القاهرة ..

في الموعد المضروب ذهبت إليه .. بملامحه النوبية الاصيلة التي لم يبدلها نصف قرن من التجوال حول العالم ..وبقامته المربوعه ..ووجهه البشوش . قام وأحتضنني .. ورحب بي الجلوس من المثقفين المصريين و أفسحوا لي مكانا للجلوس .. لكنني فأجأت فناننا الكبير بسؤال لم يكن يخطر علي باله : قبل ما أقعد .. أنت مصري ولا سوداني .. ؟ فأدار وجه يمينا .. ويسارا وهو يشير بأصبعه الي صدغية ..وهو يقول لي : في مصري مشلخ ؟؟؟؟؟؟؟
فهاج الحضور من المثقفين المصريين .. وهم يتضاحكون .. من تعليق حمزه ..يردد بعضهم إيه العنصرية .. دي ؟؟ فقلت لهم : ” أنتو عاوزين تكوشو علي كل الحاجات الحلوه .. ده أبننا ولن نتخلي عنه .. مهما أعطيتموه جوازات سفر ” ..!! والفنانيين والمبدعين والرموز ملك للناس .. ومن حقهم أن يعرفوا مواقفهم .. وأنتماءاتهم .. وليس في هذا عنصرية ..”..

دأب فاروق حسني وزير الثقافة السابق علي دعوة حمزة .. لحفلات سياحية .. يقيمها في الاقصر .. ويحضر هذه الحفلات لفيف من المهتمين بالفن والثقافة والتراث والآثار النوبية .. يقام الحفل وسط المعابد .. والتماثيل .. في طقس .. ساحر بديع ..

وفي نهاية التسعينات علي ما اذكر .. نقل التلفزيون المصري احدي هذه الحفلات .. وتسمرنا في مقاعدنا .. ووقف حمزه علاء الدين شامخا بجلبابه النوبي الاحمر .. مستحدثا ذاك الجلباب التراثي القديم .. وفي يده الطار ومن خلفة فرقة من أمهر العازفين .. خليط من النوبيين والمصريين والاوربيين .. وما اجمل نبرات عوده .. حمزة من أمهر عازفي العود في العالم .. ربما ينافس في مقدراته فناننا العملاق محمد الامين .. والعراقي نصير شمه .. , تسمرنا امام الشاشات .. ننصت بحب شديد بصوته الرخيم وعزفه البارع .. ومن ذاك الموقع الساحر .. كأنه يخرج من التواريخ الغابره .. حيوات عديده .. من مراقدها .. ويبعثها في الناس فيتمثلونها .. وعدا بالآتي الذي يحمل وعدا بمستقبل متجدد لهذه الحضارة العظيمة .. الاولي في العالم التي علمت البشرية .. فنون الحياة ..

في السبعينات انتبه العالم لهذا العملاق النوبي .. ومن الولايات المتحدة .. أشتهر حين قامت احدي شركات الاسطوانات بعمل تسجيل له .., وزع منه مليون نسخه .. حيث ايقظ الموسيقي النوبية من ثباتها .. هذا الرافد الاصيل من الموسيقي السودانية .. الموسيقي التي أسهم في إرساء دعائمها النوبي الاكبر خليل فرح ..
ظل حمزه بجلبابه وطاقيته وعوده .. , رافعا رايات الثقافة النوبية .. , يعيش في كنف التراث .. يضفي عليه من مقدراته العلمية .. والعبقرية .. يضرب الطار .. ويجترح الاوتار ويؤسس من الموسيقيين الاجانب والسودانيين .. حواري .. ومحترفين .. وعلماء في الموسيقي النوبية .. وما أعظم المقاصد .. وما اروع حياته .. وما حققه فيها .. , إبن كلابشه .. إبن العائلات الموزعة بين السودان ومصر .. أختار أن يحمل رسالته للعالم .. وللنوبه ان حافظوا علي إرثكم العظيم وتراثكم الثر وموسيقاكم الجميله …

حمزه علاء الدين أسم من ذهب وجوهرة لن يخبو بريقها برحيلها …. ستظل متوهجة وستعرف الاجيال تلو الاجيال قدر قيمتها .. اكثر من الحكومات والنظم التي لا تحترم عباقرتها .. ولا تعرف عنهم شيئا الا بعد رحيلهم ..
نم هانئا حمزة علاء الدين فقد انجزت رسالتك علي الوجه الاكمل .. وصعدت الي العالمية بجلبابك النوبي وبعلمك وكفاحك وما أعظمه من درس تتعلمه الاجيال . طاب مرقدك حمزة علاءالدين تحفك دعوات أبناء شعبك بالرحمة والمغفرة من رب كريم ورحمك الله حمزه علاء الدين .

ابراهيم علي ابراهيم
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ندع الله أن يغفر للموسيقار النوبي الكبير علاء الدين حمزة .

    يا أخوي ابراهيم مصر حقتنا وحبيبتنا ونحن ( النوبيون) أقدم من الاقباط في مصر .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..