عصام عيسي رجب : من أي ينبوع أرتوي هذا الشاعر !!؟

” .. كم مرة راق بن الغناء بفنجانها .. وهي ترنو لصورتها في السواد البهي ..”

حين أبحرنا وراء البحر
قالت بلدة طيبة
ليتهم لم يجدوا ريح الرحيل
لا ولم يشرخوا الروح أسي
وأستداروا بغتة واحدة
إنما العاشق من آب
ومن – أم تراهم أوصدوا
تلك القلوب
وقديما كان في الناس الوطن
ع .ع رجب

بدأ عصام عيسي رجب مسيرته الابداعية كشاعر بشكل متميز ومتفرد , وشكل إمكاناته وملكاته بسياج محكم من الثقافة والفكر ومضي الي الترجمة والتراث وغيرها من علوم , مما أهله لإحداث إنقلابا في بنية القصيدة الحديثة .. وجاء بقاموس جديد متخلصا من قاموس الستينات الذي تكرر , وكذا الاسلوب .. والتكنيك .. والانتقالات , وبعث في قصيدته روح الفنتازيا .. التي جعلتها تنفذ من روح الرتابه التي سيطرت علي الشعر (السوداني ) طويلا .. , وجاءنا بقصيدة طازجة .. بالقدر الذي جعل أحد الرموز الشعرية الوضاءة في قامة الشاعر محمد المكي ابراهيم يقول انه لو أستمر في كتابة الشعر لكتب شعرا يماثل ما كتبه عصام , إقرأ يا رعاك الله مقالا له : ( صحيفة الخرطوم 15 يونيو 2000) يقول :

” يكتب عصام شعرا حداثيا متفننا ليس بينه وبين شعرنا الستيني إلا قليل الشبه , ولكنني أشعر داخل عظامي أنني لو بقيت أكتب الشعر لربما توصلت إلي شيء يشبه ذلك الشعر .. ” ….ويضيف المكي : ” شاعر لا يكتب بأسلوبك ولا يستوحيك ولكنك تحس بقربه اليك وتعبيره عنك بأفضل ما تستطيع وقد غمرني ديوانه الاول ( الخروج قبل الاخير ) بتلك المشاعر واستولي علي خيالي زمنا وحرك يدي لا لأكتب فقط وثيقة أعجابي وإنما أيضا تعاطفي مع الجيل الذي يمثله ”

” وحدثني عودا علي الحزن
ماقالت الطير للعاشق المستباح
حين تفيأ ظلحرازته والجراح جراح ” ..

عصام عيسي رجب .. وحيد شعره .. ( شركة خاصة محدوده ) ولا يجرؤ أحد علي القول بتمثله لشعره .., وقد أغنانا محمد المكي ابراهيم شاعر اكتوبرالمجيد واحد الرواد الذين تعلمنا ..عصام وأنا وجيله علي يديه .
ويبقي السؤال : من أي نبع أرتوي هذا الشاعر المسكون بالجمال.. والذي أنسرب ..واختفي بملكاته وحلق بعيدا عن السرب .إذ أتسمت قصيدته بقدرمن البساطة والعمق .. التوازن – بين مدارس وفنون الشعر – والالتزام بروح شاعرية منضبطة تجاه خصوصيتها وجمالياتها وفرادتها , ومن يحبون الشعر الحديث سيجدون متعة لا تضاهييها متعة في شعرة , فقد جمع بين جوانح قصيدته قواسم عدة من ملامح الشعر الحداثي بتراكيبه المختلفة . وبعيدا عن الحزلقات ” المزعجه ” وغرس للإيديولجيا التي أعتادها البعض
وفي بنية فنية محضه .. تمضي قصيدته .., وهي ليست الصماء.. الجافه إنما أرتوت من فيض نبعه الدافق .. , ففي رسائلنا الادبيه قبل عقدين أيقنت انه أي مجد ينتظر هذا الشاعر .
إنه الشاعر الذي أستعد لمعاركه الشعرية بأسلحة لاتخطي أهدافها .. , أعتكف في منفاه الاختياري علي صومعة أمتلأت بموسوعية ثقافية شاملة .., يترجم كتابا لمالكلوم اكس .. وهو يتتبع سير تاريخ الافريكان أميركان .. ويتنقل بين بيروت والشام بحثا عن منتدياتها وشعراءها ويلتقي هناك شوقي بزيع وعلوية صبح .. و كالدرويش المتجول فيصومعته .. فهو يقرأ أدونيس .. ويتتبع ادب اميركا اللاتينية ..وشيخهم جارثيا ماركيز .. وشطحات سلفادور دالي ومدارس الفن التشكيلي ويرافق المتنبي
.. , واضح في قصوالحطيئة وعروة بن الورد والتجاني يوسف بشير ومحمد عبد الحي ورفاقهم , وهيأت له الاقدار صحبة جمعت بين صديقنا الراحل معتصم الفاضل الجلابي والشاعر عبد الله الصيخان والشاعر نصارالصادق الحاج..وثلة من الشعراء والنقاد والمبدعين .. حتي انهم أسهموا في تشكيل تجاربهم وتطويرها بما خلقوا من أجواء ثقافية تماثل مدرسة حداثية في الابداع بلا مسمي ..

” إبتسمي
لا شيء يجمل العاشقين
الزائلين عن الوقت والذاكرة
حين تراخيت أكفهم
عن سلال الغناء
غير إمتشاق إبتسامتهم
والوقوف طويلا بباي النداء ”

هذه ليست دراسة في شعر عصام عيسي رجب , لكنها إضاءة أستوجبها غيابه الطويل عن الساحة الثقافية وإن هو موجود بأعماله حيث أصدر ديونان من الشعر ومما يؤسف له لم تتم التغطية الاعلامية والصحفية بما يتناسب وحجم شاعر يعد أحد رواد جيل الثمانينات .. إن صح ذلك , وكذلك غياب النقد عن تناول أعماله وأعمال الجيل من المتميزين .. , وكلما وردت كلمة النقد تأسينا وأصابنا كثير الحزن علي فقدنا لإثنين من الصحفيين المتخصصين في النقد والتخطيط الثقافي والابداعي وإنتاج الصفحات الثقافية علي مدي الثلاثة عقود الماضية هما الصديقان : سامي سالم وأحمد عبد المكرم .. طيب الله ثراهما ..
عصام عيسي رجب : تحية وأحتراما

[email][email protected][/email]

نمازج من أعماله علي هذا الرابط :

http://www.rufaaonline.com/vb/forumdisplay.php?f=130

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..