أخبار السودان

برلمانات خارج التغطية

نعمة صباحي

العمل بقانون الطواري يعتبر تعطيلاً ضمنياً لفعالية الدستور على كثرة ثقوبه التي صُممت على مقاس العيون الرئاسية.. والآن بعد خروجه من حلبة الظار التشريعية التي كانت تحرق للمشير ما ينعشه من رائحة البخور.. فقد أصبح يرقص بعيداً عن شرعيته المنقوصة على أنغام مارشات رفاق السلاح ويطرب لجلالات إنقلابه على نفسه !

إذ أن وضع البرلمان الإتحادي ومجلس الولايات بات مثل ركاب حافلة نفد وقودها وتعطلت
ماكينتها فنزل سائقها يهيم في خلاء موحش بحثاً عن المعين.. ولكنه إستبقى الركاب في مقاعدهم كرهائن قد يحتاجهم لدفع مركبته بلا وقود وبدون ماكينة دائرة ليقطع بهم بقية المشوار في حالة فشله في وجود المنقذ !

فالخطاب الأخير للرئيس لم يشر الى وضع هذه الهيئة النائمة أصلاً على ظلال السلطة التنفيذية.. ولم تكن تستيقظ إلا باللكزة لآداء واجب التصفيق أثناء النعاس ومن ثم دعك العيون إستعداداً للتهليل والتكبير لما تفرضه الحكومة من تعسف على المواطن.

ولأن البشير غير مهموم إلا بنفسه.. لم يشر في ظل دولة إنقلابه الجديد لطبيعة العلاقة بين البرلمات الولائية والحكام العسكريين وهي هيئات أصبحت في هذا الوضع القاتم كالمعلقة التي هي ليست معرسة ولا مطلقة على رأي جدتي بنت صباحي عليها الرحمة!

فتباين السلطات بين العسكروالتمثيل النيابي أياً كانت وضاعة صلاحيته لا يحتاج الى نظارة مكبرة.

فما قيمة دعوة الهيئة التشريعية إذن للإنعقاد في السادس من مارس الحالي وهي خارج التقطية الدستورية التي التهم شبكتها قانون الطواري الذي عسكر السلطات تصعيداً من الولايات لتنتهي عند المشير أو تتنزل منه الى عسكره في تلك الولايات اللهم إلا أن يكون الهدف من الدعوة هو استنطاق النواب بهتاف تأييد الإنقلاب عليهم.. ولا غرو في حدوث التأييد ذلك حتى قبل الإنعقاد المزمع .. فنجد أن النائب المشاكس ابو القاسم برطم أول من غرد مخالفا كتلة التغيير التي يتزعمها وأفصح بدون مقدمات عن تأييده لما جاء في خطاب الرئيس البشير وكأن قانون الطواري سيكون أحن صدراً على المتظاهرين الشباب وهو النائب الذي نازع أحمد بلال وزيرالداخلية السابق منددا بالمعالجات الأمنية القمعية للإحتجاجات وهو ذات برطم الذي شد في الجدل الساخن مع صلاح قوش أثناء إستجوابه أمام البرلمان مستنكراً وحشية التعامل مع شباب الشارع ..فما الذي كسر شوكة الرجل خلال ايام معدودات وجعلها تلين صوب مرحلة العسكرة البشيرية ..هل هوالعشم في دخول التشكيلة الجديدة على أحسن فروض حسن الظن في النائب العنيد..هذا إن تجنبنا سوء الظن فيه بالقول أنه قد تعرض للإستمالة من أصحاب العصا باسلوب جعله يستجيب جبراً بعد أن عصى دهراً !

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..