مقالات متنوعة

إجتماع سري بين (عبود ونميري) مع البشير

ياسر عبد الكريم

إجتماع سري بين (عبود ونميري) مع البشير

من مصادرنا الخاصة جدا من داخل كافوري بعد أن عاد البشير الى قصره في كافوري من مكتبه بالقصر الجمهوري في تمام الساعة الثانية بعد الظهر وبعد يوم حافل من الأحداث العاصفة وتقارير أمنية محبطة تتحدث جميعها عن مظاهرات عمت جميع مدن السودان وعجز الأمن من إخمادها وهذا يرجع للتكتيك الذي إنتهجه تجمع المهنيين الذي سبب له توتر وقلق هذه الأيام تطلّب وجود طبيب دائم معه بالإضافة الى الممرضة وهذه الايام زادت عدد مرات دخول الطبيب عليه حيث يقوم بقياس الضغط والسكر والتحاليل وأخذ عينات وإرسالها الى المعمل وفي أثناء وجود الطبيب ظهرت رائحة جميلة كالمسك وتزداد شئيا فشئيا وحدثت مفاجأة بعد أن تفتحت اسارير البشير ظهر له الرئيس عبود ثم ظهر له الرئيس نميري رحمهما الله وقال لهما وهو مرعوب من هذا الظهور أصبروا حتى يخرج الطبيب فقاطعه نميري لا تقلق يا سعادتك ان شئت تركته وان شئت صرفته لانه لا يستطيع ان يرانا ولا يستطيع ان يفهم ما نقول ..إنصرف الطبيب من تلقاء نفسه عندما سمع همهمات لم يفهمها

وبدأ الإجتماع : كان عبود ناضر الوجه وكان نميري كذلك ناضرا ورائقا

وقالوا للبشير بسوط واحد : أهلين بك يا سعادة الرئيس عمر البشير

البشير : كيف تقولون لي (سعادتك) وأنا خدمت تحتكم وأنتم الاقدم والأكبر…أهذا تواضع منكم؟

فقالوا له : لأنك حظيت بفرصة لم نحظى نحن بمثلها وهي فترة حكم دامت (30عاماً) فهذه كفيلة بأن نحترمك ولكنها للأسف كانت خصما عليك وزادت من حسابك نسبة للفشل الذي لازمك في هذه المسيرة

البشير : وبدأ يفكر في تلك السنيين التي مرت وكانها أمامه . ورفع رأسه وقال لهم أنا الان وصلت من المكتب ولم اتناول اي وجبة هذا اليوم حتى الآن فهل تتناولون معي الغداء فهو جاهز على السفرة

وقالوا له : بعد أن ضحكوا نحن لا نأكل الا في المكان الذي أتينا منه وأكلنا يختلف تماما عن الذي تأكلونه وهو درجات كل حسب أعمالك وإنجازاتك في الدنيا وإحترامك لشعبك .

البشير : هل أنتم تعيشون في الجنة؟

عبود : نحن في مكان لا نفصح عنه ولكن في العموم نحن سعداء ومرتاحين جدا ولكن لم يغضبنا غير الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب السودان الذي لا يستحق كل الذي جرى ويجري له الآن

البشير : ولماذا أذاً أتيتم الى هذا الإجتماع ؟ وما هي أجندته؟

عبود : نحن نتابع الذي يحدث في السودان ولقد أقلقنا كثيرا وحضرنا لكي نقدم لك بعض النصائح التي أُمرنا بها

النميري : ياعمر ماهذا الذي يحدث في السودان؟ المرحلة التي يمر بها السودان لم يمر بها منذ الإستقلال وسأترك الحديث لأخي الأكبر عبود . فكان عبود أكثر نضارة وحيوية من نميري مما لفت نظر البشير

البشير : كيف يكون عبود أكبر منك ويظهر بهذه النضارة والحيوية

نميري : هذا ما لا أريدك أن تقع فيه .. عبود لم يظلم أحدا وكانت فترت رئاسته قليلة جدا مقارنة بعدد السنيين التي حكمت أنا فيها وعبود لم يكن له جهاز أمن يقمع كما قمعت أنا وأنت وكنت أنت الأسوأ وعبود لم يقتل أحدا . وعبود من أول مظاهرة خرجت في العاصمة ورأها من باب غرفته وتفاجأ منها ثم فقال كل هؤلاء لا يريدونني أنا ؟ !! إذاً ها أنا أعلن لكم لقد تركت الحكم بالرغم من أنه أنجز ما لم تنجزه أنت طيلة فترة حكمك… وعلى العموم هذا ليس موضوع الإجتماع ..

نميري مخاطبا عبود : أخي عبود أترك لك الحديث

عبود : ياعمر أوصلت حال البلد الى الحضيض في جميع المجالات بسبب التهورات والقرارات الهوجاء ولم يجمع الشعب على أمر كما أجمع اليوم بأن الوضع أصبح كارثياً تفشي الفساد والظلم والعنصرية وعطالة وفقر ومجاعة تدهور في الصحة وتدني التحصيل العلمي الى أدنى مستوياته وحروب في كل مناطق السودان

البشير : في أيام حكم نميري كانت في حرب الجنوب

النميري : لكنني لم أدعوا اليها بإسم الدين وأجعلها حرب دينية ومات فيها ألاف من شباب السودان على انها حرب مقدسة ثم كنا نراعي الجوانب الإنسانية وملتزمون بمعاير الحروب فأنتم صلبتم الجنوبيين في الأشجار بإسم الدين وحرقتم القرى بأطفالها ونسائها بإسم الدين . ثم ثانيا أين هو الجنوب الآن الذي حشدت له الألاف ألم يذهب ؟

عبود : لو تركنا الجنوب جانبا ما الذي يحدث في دارفور قتل مواطنيين لأتفه الأسباب كما قلت أنت بنفسك والذين قتلوا في دارفور عشرة ألاف هل تعلم أنا عندما يقتل مواطن سوداني واحد أحس بأن هذا المواطن كأنه أحد أبنائي لأنني مسؤول عنه أمام الله . وعندما تنتهك بيوت الناس الآمنيين كأن هذا البيت هو بيتي

في هذا الأثناء دخلت الممرضة وطلبت من البشير تناول الوجبة لكي يأخذ حبوب الأعصاب التي أصبح يتناولها منذ 15 نوفمبر بصورة مقلقة فثار فيها وهو متوتراً وقام بطردها ثم أغلق الباب من خلفها

عبود : متسائلا يا عمر لو تركنا الحرب في الجنوب ودارفور وكردفان وغيرها ماهي إنجازاتك خلال (30 سنة)

البشير : أنشأت خزان مروي وبدأ يُعد وهنا أخرج النميري ورقة وقلم وبدأ يكتب ما يقوله البشير شركة جياد مياه بورسودان تعلية خزان الرصيرص بناء جامعات هنا ظهر الغضب على وجه النميري فقاطعه ووقف من الكتابة

النميري : أولا ليس لدينا وقت كتير لأننا مكلفين بساعات محدودة وسنرجع أولا لا داعي للف والدوران جميع هذه المشاريع التي ذكرتها والتي سوف تذكرها كانت بقروض وحتى وصلت ديون السودان (55 مليار دولار) وستكون ديون في أعناق الأجيال القادمة

عبود : إذا كانت كل المشاريع التي تتفاخرون بها بقروض ولدينا ما يثبت ذلك أين ذهبت عائدات البترول والتي وصلت الى أكثر من (80 مليار دولار) ؟ هل ذهبت لتطوير مشروع الجزيرة ؟وهل تم تطوير الخطوط السودانية أم في البحث العلمي؟ هل يعقل يا عمر حتى الآن لا يوجد بالعاصمة صرف صحي ؟ هل وصل بالسودان الحال أن يتسول الغذاء من دول الجوار وأن تشتغل الدولة رزق اليوم باليوم ؟ وتذهب أنت تتسول من الخليج ويتم إستقبالك بأسوأ صورة لأنك أصبحت عبء عليهم؟نحن نعلم موارد الدولة ذهبت في الفساد والشراء السياسي في حين أنه الناس تموت في المستشفيات والأطفال تتسرب من التعليم.

عبود : ياعمر تصل مرحلة إنه تأجر ميناء السودان وأراضي السودان الزراعية للأجانب بحجة الإستثمار لعشرات السنيين وجميعها تحوم حولها شبهة الفساد ودون أن يلتمس المواطن أي فائدة من هذا الإستثمار ويقومون بزراعة في هذه الأراضي يعتبر إنهاك للتربة وإستهلاك للمياه

البشير : نريد جذب الإستثمار بأي طريقة

النميري : ولماذا لا يكون بشروط أفضل بحيث لا تأثر على مستقبل الأرض والمياه الجوفية أنا بستغرب ياعمر كم مرة قمت بزيارة إلى أديس وكيجالي وكثير من الدول الأفريقية ألم يكن لديك غيرة وطنية ؟ فهل عندما حاربت هذه الدول الفساد ونمت وتطورت إحتاجت للإعلان عن حالة الطوارئ ؟ أم احتاجت للإرادة السياسية فقط؟
عبود : ياعمر عدد السودانيين الذين قتلتهم خلال (30سنة) وهي فترة حكمك لم يقتلوا منذ الإستعمار التركي .
البشير : بان على وجهه الإندهاش وسأل كيف هذا الكلام؟

لأول مرة أرى عبود غاضباً : ليس المقصود بالقتلى من قتلتهم بالرصاص فقط في مظاهرات 2013 أو (عدد 50)الذين قتلوا في الأونة الأخيرة أو من قتلوا نتيجة التعذيب في المعتقلات أو من قتلوا في دارفور أو جبال النوبة .. بل جميع الذين قتلوا بسبب الفساد يعتبروا قتلى بسببكم مثلا في حوادث الطرق نسبة لعدم صلاحيتها أو بالأمراض لإستخدامهم مواد مسرطنة ودخولها بطريقة غير نظامية أو من ماتوا ولم يجدوا الدواء أو الذين قتلوا في مناجم الذهب أو الذين قتلوا في البحار بحثا عن وضع آمن وأفضل أو الذين قتلتهم العصابات الليبية هؤلاء أنت من قتلهم

عبود : يا البشير أنصحك نصيحة وأخيرة لأننا لا نستطيع العودة مرة أخرى الى هنا أرحل … وقدم نفسك الى المحاسبة أنت ومن معك تجار الدين فلا تنسى اننا سنأتي يوم الحساب كما ولدتنا أمهاتنا ولكن حساب الدنيا قد يخفف عنك ويلات عذاب يوم القيامة

عبود : يا البشير يا أخوي حفاظا على وحدة السودان ودماء السودانيين إستمع لشعبك وأرحل وأنا أستغرب كيف تحكم شعبا لا يريدك أن تحكمه . هل تعلم إنتفاضة أبريل 1985 إستمرت ثلاثة أسابيع فقط وثورة أكتوبر إستمرت أقل من شهر فقط ويمكن أن تسأل النميري هاهو أمامك.

البشير : سكت ثم رفع رأسه ثم قال سأذهب بعد إنتخابات 2020

عبود : مستغربا … مظاهرات عمت جميع السودان وبالرغم من القمع والقتل إلا انها مستمرة ودخلت شهرها الثالث وتقول إنك ستذهب بإنتخابات نزيهة فهذه نكتة سخيفة أنت وانا نعلمها , بإختصار الأندال المستبدين لن يذهبوا بالإنتخابات لأنهم لم يأتوا بالإنتخابات أصلاً ؟ وكيف تكون إنتخابات نزيهة وتريد الشعب أن يصدقها وانت من كوّن لجنتها ونظامك سيشرف عليها ؟ وقبل أن يغادرا برائحتهما الجميلة نصحوه بأن يسقط بس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..