مقالات سياسية

حتى لا نتكيّف مع الدم..!!

معيار التقدم والتطور في كل دول العالم بل ومفتاح هذا التقدم هو حقوق الإنسان. لم يتقدم ما عُرف بـ(العالم الأول) إلا بعد سيادة حقوق الإنسان. حقوق الإنسان بمعناها الشامل.

قتل روح واحدة بغير وجه حق يُمكِّن بكل يسر من اسقاط أقوى الديمقراطيات في العالم، وبلغ العالم مرحلة أن يدور الجدل حاليًا حول إلغاء عقوبة الإعدام لأنها تُنافي حقوق الإنسان وبات لها يوم عالمي.

ومن المفارقات القاتلة أن عدد الذين قُتلوا في السودان تحت ظل حكومة إسلامية يفوق التصور، بل تحوَّل الأمر إلى استباحة كاملة للأرواح بدلًا عن تحريمها الذي نصت عليه النصوص التي ترفعها الحكومة شعارات ومرجعية.

حجم الدم المسفوك خلال السنوات الأخيرة من حكم البشير والذي واصلت فيه اللجنة الأمنية للمخلوع بأعنف مستوى هو في خلاصته المُرة أن القتل أصبح عبثيًّا وأن القتل هو الحل بالنسبة لسلطة مستبدة تريد أن تحكم حتى لو كان فوق جثث الشعب.. سنوات الإنقاذ الدموية انتهت إلى (لا قيمة للإنسان) وهذه الحالة باتت معيار التعامل بين الأجهزة الأمنية والعسكرية والمواطن الأعزل.

وقيمة الإنسان التي أهدرتها سنوات الإنقاذ انتهت تراكميًّا إلى ثورة شعبية أسقطت رأسها ولا تزال “تلاوي” في بقاياها.

المطلب الرئيس والذي ينبغي الضغط باتجاه تحقيقه مهما كلف الثمن هو استعادة كرامة وقيمة المواطن السوداني، وليس استعادة الثقة بينه وبين السلطة.

الحكومة الانتقالية مطلوب منها أن تضع رؤية شاملة وصارمة جدًّا فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وهذا لا يُمكن أن يتم ابتداء إلا بتفعيل المحاسبة بشكل حاسم لا يستثني أحدا.

قضية العدالة لا بد أن تبدأ بوقف هذا الدم الذي يسيل كل يوم.. القتل المجاني للعزل وضرب النار لأتفه الأسباب ينبغي أن يتوقف الآن ولا ينتظر اتفاقا أو وثيقة.

قيمة الإنسان هي الأولوية القصوى.. وأي خطوة نحو الأمام تتجاوز حجم الدم الذي سُفِك وتغضُّ الطرف عن العدالة، لن تفيد بل سوف تلحق ضررا خطيرًا.

إذا لم يتم التعامل بصرامة في قضايا الدم المسفوك عبثًا فسوف يضطر كل فرد أن يأخذ القانون بيده، وسوف يتحول مشهد الدم اليومي إلى مشهد طبيعي مثله مثله أي مشهد درامي يُشاهَد على التلفاز، وإن بلغنا مرحلة أن نرى مشاهد الدم والقتل طبيعية فلن يسلم أحد.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..