مقالات سياسية

إلا بالمدنية..!!

تظل المعضلة الكبرى حتى بعد التوصل إلى اتفاق وضعية المجموعات المسلحة. فعليًّا قوات الدعم السريع ووضعيتها تأخذ حيزاً واسعاً في التفاوض بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري.

والحديث عن تبعية الجناح المقاتل لجهاز الأمن المعروف بهيئة العمليات للقوات المسلحة أو تخييرهم بين الدعم السريع أو الحل كما كان يدور في سابق الأيام هو حديث لا يذهب بعيدًا عن ما سيكون عليه الوضع بعد تشكيل الحكومة الانتقالية.

كل قوة مسلحة خارج القوات النظامية المعروفة (الجيش والشرطة) هي عبء أمني وسياسي كبير وواحد من معرقلات التسويات التاريخية.

الآن السودان يعج بالجيوش والمجموعات المسلحة.. فليس فقط وضعية الدعم السريع أو هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن بل أيضًا وضعية جيوش الحركات المسلحة التي انخرط يعضها في التفاوض وبعضها رفض وفضَّل أن يكون بعيدًا محتفظًا بقواته إلى حين تشكيل الحكومة المدنية.

هذا الملف الشائك المتعلق بمصير هذه الجيوش والمجموعات المسلحة يحتاج إلى حسم نهائي حتى لو تأخر قليلًا، لا يتحمل ملف الجيوش المتعددة أي اتفاقيات مائعة حتى لا تحدث الانتكاسة.

إن أسوأ ما خلَّفه البشير وغادر ليس فقط الاقتصاد المتهالك أو تآكل مؤسسات الدولة، بل أخطر ما خلفته سياساته هو وجود قوة مسلحة مبذول لها من الامتيازات ما يفوق جميع القوات المسلحة النظامية، ورغم أن البشير أفسح الطريق لبناء ترسانة الدعم السريع كي ترد له الجميل يوم كريهة إلا أنها أول من رفعت يدها منه وسقط سريعًا.

وجود قوة بمواصفات الدعم السريع هو أكبر معرقل للعملية السياسية وتبعًا لذلك سوف تتعقد العرقلة بمواقف الحركات المسلحة التي تملك كذلك جيوش موازية.

هذه الثورة العظيمة التي لا يزال اليافعين يموتون لأجل مطالبها هي فرصة تاريخية وعظيمة للانتقال إلى مرحلة بناء مكتملة الأركان، هي فرصة لأن يعبُر الجميع بالتساوي إلى عملية سياسية التنافس فيها بالبرامج وليس بالأسلحة الثقيلة أو الكثرة الضاربة.

لا أدري ما حجم العبء الذي سيقع على عاتق الحكومة الانتقالية فيما يتعلق بقضية الجيوش المتعددة، لكن بالضرورة أن يكون من الأولويات التي تحتاج إلى حسم نهائي.

لذلك فإن أي اتجاه لتوسيع صلاحيات العسكريين على حساب الحكومة المدنية لن يسهم في الحل بقدر ما سيكون عليه الحال في وضع السلطة المدنية.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..