ما بين (أميرة) و(مهند)

وترجلت (أميرة الفاضل) وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي عن كرسي الوزارة بعد رفض قبول استقالتها لأشهر خلت وهي التي عرف عنها ادارتها المميزة لهذه الوزارة المؤثرة في المجتمع والتي تهتم بمشاكل الكادحين والغلابة في مجتمعنا فنحن في بلد ينتشر فيه الفقر بصورة كبيرة اضافة إلى الكوارث الطبيعية والعديد من الازمات التي تخلف عبئا كبيرا على وزارة الرعاية الاجتماعية وعرف عن (أميرة) مواقفها القوية تجاه برامج وزارتها نحو المجتمع فكان لها (ملاسنات) قوية مع اعضاء البرلمان الذين انتقدوا برامج وزارتها تجاه الفقراء وصرف الصندوق بجانب ديوان الزكاة كما انها وجهت انتقادات حادة لوزير المالية علي محمود بسبب ايقاف وزارته لتمويل عدد من برامج الوزارة ومنها دعم الاسر الفقيرة. وحول التأمين الصحي والحد الادنى للمعاش ايضا دافعت اميرة بشدة عن انتقادات عدد من النواب حول اداء صناديق الضمان الاجتماعي الواقعة تحت ادارتها بعد أن تم توجيه سهام النقد لهذه الصناديق التي اغفلت عن المهام التي انشئت من اجلها واصبحت تتاجر في الاراضي والسكر على حد وصف بعض النواب. وبالرغم من الاشكاليات الكثيرة في الوزارة الا أن اداء (أميرة الفاضل ) كان مقدرا واستطاعت انجاز العديد من المشاريع التى تصب في صالح الفقراء والمساكين. وبالرغم من حاجة الوزارة لها فحسنا فعلت بتقديم استقالتها فهي قد سنت سنة حسنة ظلت غائبة ردحا من الزمن عن مخيلة اغلب الوزراء والمسؤولين في السودان فنادرا إن لم نقل مستحيلا أن نسمع عن استقالة وزير، (فالكنكشة) هي القاسم المشترك بينهم.
عندما علمت أن استقالة الوزيرة (اميرة) كانت بسبب تفرغها لوالدتها التي اصبحت في حاجة اليها وكان يمكن أن تسد محلها بجيش من المربيات والشغالات، ولكم اكبرت فيها هذا الفعل جدا فهي ليست امرأة عادية تعمل في وظيفة عادية، فبالرغم من الشهرة وكرسي الوزارة الوثير فقد ركلت كل ذلك (المجد) لتجلس في الجنة تحت اقدام والدتها وتترك عملها كوزيرة .
وفي ذات المنحى، ولكن من جانب آخر، فقد كان هناك من يبحث عن العمل من أجل (والدته)، (مهند) صبي في السادسة عشرة من عمره خرج للبحث عن عمل من اجل امه فهو يتيم كما عرفت من صديقي (الخواض) الذي حكى لي قصته انه التقى بمهند بإحدى طلمبات الوقود بحي العمارات بالخرطوم اثناء وقوف عدد من السيارات وأنه بنظراته البريئة تقدم نحوه وابلغه أنه يريد عملا، اي عمل، حتى لو ينظف المنزل أو يغسل الملابس، المهم عمل. وعندما اعتذر له بلطف بأنه لا يجد له عملا يناسبه سأله عن دافعه للعمل فقال له (مهند) “من اجل والدتي المريضة والتي تقرر لها اجراء عملية لإحدى عينيها وتكلف مبلغ (350) جنيه، فأريد أن اعمل من اجل علاجها ولا امد يدى لأحد”. صاحب احدى السيارات الفخمة التي كانت تقف في الطلمبة سأله كذلك (مهند) عن عمل وعندما استفسر عن السبب قرر أن يمنحه مبلغ (250) جنيه لكن (مهند) رفض بشدة وقال له “لم آتِ لأشحد، أريد عملا فقط”. وهنا تدخل صاحب الطلمبة بمنح (مهند) مبلغ (100) جنيه واكتمل مبلغ عملية والدته لكنه رفض أن يستلم المبلغ واصر على الرفض بالرغم من تدخل الجميع لاقناعه بأخذ المبلغ. صاحب العربة الفخمة الذي منحه المبلغ الاول قال له “اعتبر المبلغ سلفية ورجع لي بعد تشتغل حتى لا تتأخر عن اتمام العملية” لكنه اصر على رفضه استلام مبلغ (350) جنيه، وفي كلمات مؤثرة قال “يا جماعة انا بس عايز شغل” وادخل يديه في جيبه واخرج مبلغ (40) جنيها وقال “القروش دي اشتغلت يومين مع صاحب مطعم كنت اغسل له الصحون بديلا عن احد العمال واليوم العامل عاد للعمل بالمطعم”، كأنه يريد اقناعهم انه يستطيع أن يعمل اي شيء من اجل تحقيق حلمه في علاج والدته من عرق جبينه.
وبالرغم من تدخل جميع من كان متواجدا بالطلمبة الا أن (مهند) اصر على رأيه بل غادر المكان وسط دهشة الجميع .
قاسم مختلف
ابحثوا معي عن (مهند)، فصبي في عمره يمتلك هذه القناعة التي قل ما توجد في شخص في عمره الصغير يستحق منا ومن وزارة الرعاية الاجتماعية الكثير لنقدمه له، وقصته هذه تستحق أن تروى لأشخاص يمتلكون (الكنوز) لكن يفتقدون (القناعة) .
[email][email protected][/email]
الفرق واضح
03-13-2013 12:37 AM
كمال كرار
قرأت عن اغتصاب بعض النساء في معسكرات دارفور ، فركبت ( الصعب) ، ودخلت إلي المعسكرات البائسة وسمعت القصص التي لا تخطر علي بال أحد . ثم دونت الملاحظات ودرستها وعرفت أن معظم عمليات الاغتصاب تتم أثناء رحلة الفتيات لجمع الحطب للطبخ أو للتدفئة . رجعت إلي بلدها واخترعت موقداً للطبخ لا يستخدم الحطب وإنما مواد محلية موجودة بالمعسكرات ، وتكفلت بتصنيعه بكميات كبيرة ثم وجدت طريقة لتوزيعه بالمجان علي نساء المعسكرات . فألقت حجراً مهماً في بركة المعاتاة الساكنة والصامتة التي ( بهدلت) النساء والرجال في دارفور .
وسمعت ( سادنة ) عن معاناة النساء في نفس المعسكرات ، فركبت ( طيارة ) بصحبة التنابلة ، واقتصرت رحلتها السياحية علي عواصم الإقليم ، حيث نزلت في الإستراحات الفارهة ، وخاطبت وفود مجلوبة لا علاقة لها بالمعسكرات ، ووقفت أمام الكاميرات تتبسم وتعلن عن نهاية معاناة نساء المعسكرات ، وعن خطط قادمة لتحفيظ القرآن والزواج الجماعي داخل المعسكرات .
وواحدة ثالثة قرأت ( ولم تسمع ) عن اغتصاب فتيات دارفور ، فعملت منظمة تكونت جمعيتها العمومية من أخواتها وبنات عمها وخالاتها وبنات جيرانها ، وسجلتها ( باللفة ) ، ثم كتبت (مقترحاً ) لجهة مانحة ، وهندست ميزانية معتبرة ، وانتهت الأموال في ورشات عمل في فنادق خمسة نجوم ، تحدث فيها خبراء الإغتصاب وعلماء النفس وآخرون تخصص ورش ، ثم انتهي المولد بالجملة المعهودة ولا زال الإغتصاب مستمراً ، بينما لم تستفد أي مغتصبة من أي مليم أحمر أو بنفسجي .
وسمعت ( وزيرة ) عن معاناة النساء بالإقليم المنكوب ، وحدثها العالمون ببواطن الأمور عن طابور خامس يسعي لزعزعة الأمن والإستقرار فأوصت بحصار المعسكرات والتضييق علي من فيه ، إما رحلوا أو ماتوا .
وفهم الجنجويد ، ما يحيط بالمعسكرات ، فتوالت هجماتهم ، إن وجدوا ما يسرق سرقوه ، وإلا خطفوا البنات وزعزعوا الحبوبات ، ثم رجعوا إلي قواعدهم بالعربات .
وقبضت السلطات ذات مرة علي نسوة ، كن يتحدثن بالصوت العالي عن العطش والجوع والحرب المستمرة بلا نهاية ، وجرجرتهن إلي سجون كادوقلي والأبيض بتهمة التجسس . لا قدموهن للمحكمة ولا أطلقوا سراحهن والمعني واضح .
وأعلنت نفس السلطات عن قدرتها علي تقديم العون الإنساني للبؤساء في دارفور دون الحاجة لعون خارجي ، ثم رأي أحدهم لافتة تفيد بأن العون الإنساني يتبع لوزارة الداخلية ، ففهم أن العون الحكومي يعني بندقية وطلقة وربما خازوق في ظل التحرير الاقتصادي واقتصاد السوق وسارق ومسروق
الميدان
all F words are not enough to comment