
بلا حدود
ثبت بالدليل أن الشهادات الأكاديمية وإن كانت من كبرى الجامعات العالمية ليست مقياساً دائماً للنجاح، وينطبق ذلك على معظم من تولوا كبرى المناصب بالدولة، وأعني هنا مجلس وزراء حكومة حمدوك تحديداً، حيث فشل الكثير من الوزراء من أصحاب الكفاءة في إثبات أن (الشطارة الأكاديمية) يمكن ان تكون بوابة العبور لنجاحهم كوزراء وتنفيذيين.
فشل الوزراء الذين تمت إقالتهم والذين لا زالوا في حبل الوزارة تتحمله قوى إعلان الحرية والتغيير بصمتها على تجاوزات من كلفته بتشكيل الوزارة ومنحته الضوء الأخضر لقيادة البلاد في أحرج مرحلة سياسية في تاريخها.
وذات الخطأ يتحمله رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك، بإصراره على تنفيذ سياسات خاطئة لا تتوافق وطبيعة دولة في حجم السودان، بتباين ثقافاته وبيئته وإختلافات إنسانه وتنوع إثنياته، بجانب اعتماده لبرنامج غير البرنامج الذي وضعته حاضنته السياسية قوى إعلان الحرية والتغيير. وتحديداً خطأ تطبيق روشتة صندوق النقد الدولي او البنك الدولي، فهي سياسة لا تنسجم مع جميع الدول ولا في جميع الأحوال، وحمدوك أكثر من غيره يعلم سبب عزوف المانحين عن الالتزام بما سبق وتم الإعلان عنه من تدفقات مالية لحكومة السودان، إضافة للضائقة الاقتصادية التي مرت بها جميع دول العالم بلا استثناء وتداعيات جائحة كورونا التي ضربت اقتصاديات كبرى الدول.
أخطاء قاتلة سيدفع ثمنها الجميع ما لم تتم معالجتها بأسرع السبل منعاً لأي احتمالات لحدوث فوضى أو إستمرار لحالة الإحتقان التي يعيشها الشارع جراء الوضع الاقتصادي شبه المنهار.
ثقتنا متوفرة بأن الكثير من المعالجات الفورية ستحدث، لأن أي إهتزاز لا قدر الله، من شأنه أن يؤدي إلى الفوضى التي يتحاشاها الجميع عدا أصحاب الأجندة والذين يعملون لأجل ذلك بإخلاص متناهي ولحسن الحظ فهم أقلية.
وهذا يدعونا لفتح العديد من الملفات الهامة التي أغفلها رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك عمداً أو سهواً، عسى أن تجد إهتماماً مسؤولاً لحلحلة العالق منها، وتجنباً لسقوط محتمل في فخاخ القادم، وأعني الملف الاقتصادي والذي وضح تماماً أنه (شعرة معاوية) التي تربط المواطن بالحكومة الانتقالية، وفشل هذا الملف حتى الآن مستمراً رغم كل التوصيات المستمرة التي تم رفعها من خبراء اقتصاديين، وإصرار حمدوك على تنفيذ روشتة البنك الدولي التي حذر منها الخبراء بالداخل والخارج، بل وحتى موظفو البنك الدولي.
أحد الملفات التي لم يتم التعامل معها بالشكل المطلوب هو ملف لجنة إزالة التمكين ومحاربة فساد واسترداد الأموال، رغم ضمها للعديد من الاسماء الملتزمة سياسياً وأخلاقياً، وأسباب الفشل تعود لعدم تركيز واهتمام مجلس الوزراء مع عملها، إضافة لتجاهل أعضاء اللجنة لفتح ملفات في غاية الأهمية، وتغاضيها عن البعض الآخر مع سبق الاصرار والترصد، والهمس الذي صار جهراً عن اسماء بعينها داخل اللجنة تعمل ضد فتح الكثير من الابواب المغلقة والتي تقبع بداخلها مصالح طائفة غير قليلة من أهل النظام المباد، ما نتج عن ذلك ضياع الكثير من الحقائق والملفات والمستندات الهامة.
سبق وأن طالبنا في هذه المساحة قبل أيام بضرورة معالجة أوضاع هذه اللجنة باعتبارها الساعد الأيمن والعمود الفقري للحكومة فيما يتعلق بتفكيك بنية النظام السابق ودحر الفساد واسترجاع أموال وأصول الدولة لدى الأفراد والمؤسسات بالداخل والخارج.
الوضع عموماً غير مطمئن، وتلوح في الأفق بوادر ثورة ثالثة مالم يتم تدارك الوضع، وعلى حمدوك وحكومته الحذر من غضبة الحليم.
الجريدة
تأمُلات
تمكين المستهبلين (1)
كمال الهِدي
لم تعد قرارات اللجنة المنوطة بإزالة التمكين مقنعة ولا منصفة.
ولا أدري إلى متى سنستمر في خداع أنفسنا بأن هؤلاء النفر يفككون تمكيناً، أو يزيلون نظاماً فاسداً مُجرماً نكل بالسودانيين على مدى ثلاثة عقود، في الوقت الذي نلاحظ فيه كل يوم أن اللجنة المعنية والحكومة برمتها تعملان على تمكين (المستهبلين)!
هل سنواصل التخدير والتفاؤل (غير الحذر) وخداع الأنفس إلى أن تخرب سوبا بالكامل، أم ماذا يا شعب السودان الثائر؟!
قبل أشهر عديدة كتبت بمستندات محددة عن ممارسات بالغة السوء للجنة إزالة التمكين وتفكيك (لانظام) الثلاثين من يونيو في وزارة التخطيط العمراني، وأوضحت كيف أنهم ظلموا موظفاً ونصبوه مديراً لإحدى الدوائر ثم أقالوه من وظيفة لم يتبوأها أصلاً، بينما ظل شاغل المنصب الفعلي (قريب المخلوع) في مكانه قبل أن يحصل على وضع أفضل في الوزارة.
وقد استأنف الموظف المعني للجنة وزودها برسائل رؤسائه التي تؤكد أنه لم يشغل طوال فترة عمله بالوزارة المنصب الذي أُقيل منه، لكنهم لم يعيروا ذلك الاستئناف أدنى اهتمام أو يردوا على صاحبه.
هذه حادثة واحدة من حالات ظلم عديدة وقعت في وزارة التخطيط العمراني.
هذا بخلاف المعاناة التي تسببت فيها اللجنة للعديد من موظفي الوزارة القابضين على جمر القضية والمتمسكين بشعارات ثورة ديسمبر المجيدة والمعاكسات اليومية التي وجدوها.
وقبل يومين تمدد الظلم ليشمل عدداً مهولاً من العاملين في الطيران المدني.
فقد صدر ت أمس الأول قائمة ضمت 56 مفصولاً من الطيران المدني.
ولأن الشينة منكورة دائماً فقد سارعت لجنة التفكيك بالهيئة إلى إصدار بيان نفت فيه أي علاقة لها بهذه القائمة.
كما نفى رئيس سلطة الطيران المدني إبراهيم عدلان علاقته بالقائمة المذكورة.
فمن الذي أصدر القائمة ونشرها على الملأ!
ألا تعد مثل هذه الممارسات استهتاراً بهذه الثورة العظيمة وتضحيات شهدائها الأبرار!
هذا الكشف العشوائي يعد كارثة وشيكة ستحل بالبلد بأكمله وليس الطيران المدني وحده.
فهذا قطاع حيوي لا يقبل التلاعب أو القرارات غير المحسوبة.
وحسب العاملين في القطاع أن السودان سوف يخضع لتفتيش دولي في شهر يونيو المقبل، فكيف سيواجه الموظفون الجدد الذين ربما يجهل بعضهم أبسط تفاصيل وظيفته.. كيف سيتعاملون مع المفتشين الدوليين وبماذا سيجيبون على أسئلتهم!!
هل فكر ت السلطات المعنية في مثل هذا الأمر وانتبهت لمدى خطورته على البلد!!
وماذا ينتظر رئيس سلطة الطيران المدني ورئيس لجنة تفكيك التمكين في القطاع عادل المفتي إن لم يكونا طرفاً فعلاً في إعداد هذه القائمة!
ألا يستوجب مثل هذا الفعل استقالة المسئول الذي لا يُشار في أمر بهذا الحجم!
إن لم يتقدم مسئولون في حكومة ثورة بإستقالتهم في مواقف كهذه فمتى سيترجلون عن كراسيهم!!
مثل هذه القرارات والممارسات القبيحة تؤشر إلى أمور تجري تحت الطاولات.
ولا يُستبعد أن تكون العملية برمتها تصفية حسابات من أي من المسئولين، سيما أن مياهاً غزيرة قد جرت تحت الجسر منذ تعيين عضو مسار الوسط عدلان رئيس السلطة مكافأة له على انتمائه للمسار التفاوضي المكون من (شخصين لا ثالث لهما).
هناك من يرون أن القرار المُجحف في نظرهم ربما كان بسبب الرغبة في الثأر والانتقام من بعض الإدارات مثل الصلاحية التي رفض منتسبيها القبول بمدير جديد لدائرتهم لا يرونه مؤهلاً لقيادة الدفة.
وفي قسم النقل الجوي أُقيل معظم العاملين، وترأس شخص يُثار جدل كثيف حول الطريقة التي تعين بها في الطيران المدني قسم البضائع الخطرة.
والأغرب من الخيال أن يتم تعيين أشخاص تعدوا السبعين في مناصب مستشارين مثل عماد عبد الحميد الذي يتقاضى راتباً خرافياً بالإضافة للامتيازات الأخرى.
وهناك عادل سيد أحمد الذي عاد للعمل بالهيئة بعد صدور قرار إعادة مفصولي الصالح العام وظل لفترة قصيرة استقال بعدها واستلم مستحقاته، لكن بعد تعيين ابن دفعته عدلان كرئيس للطيران المدني عاد عادل مجدداً للطيران المدني ليصبح مديراً لدائرة السلامة.
قضى قرار الفصل (الذي لم نجد له أباً حتى الآن) بإحالة 15 مراقباً جوياً للمعاش، بالرغم من الكلفة العالية لتأهيل المراقب الجوي.
ولا أظن أن عدلان يعرف مثل هذه التفاصيل أو ينتبه لأهمية الاحتفاظ بأصحاب المؤهلات في مثل هذا المجال بالرغم من أنه عمل كمراقب جوي سابقاً، قبل هجرته لأمريكا التي عاش فيها لثلاثة عقود انقطع فيها عن العمل في مهنته الأصلية.
نعلم جميعاً أن جميع مؤسساتنا ووزاراتنا إمتلات بالكيزان حتى فاضت خلال العقود الثلاثة الماضية.
ونحن أول من يدعو لتطهير البلاد من هؤلاء الفاسدين المجرمين.
لكن ذلك لا يعني أن تُكلف مجموعة بإعداد التقارير حول موظفي جهة بعينها ليتم تعيين من أعدوا التقارير لاحقاً في وظائف زملائهم الذين كتبوا حولهم التقارير.
هذا تضارب مصالح لا يخفى على أي طالب سنة أولى إدارة.
فما دمت سأكتب تقريراً لأجد نفسي غداً في مكان الشخص الذي كتبت فيه التقرير السلبي فالشيء الأكيد أن النفس اللوامة ستدفع صاحبها لتلفيق التهم من أجل إخلاء الوظيفة لنفسه.
أعرف مفصولاً من الطيران المدني يحمل مؤهلاً عالياً وقد تدرج في السلم الوظيفي على مدى سنوات طويلة وهو صاحب خبرات لا تخطئها العين.
وبالرغم من سنوات عمله الطويلة في الطيران المدني لم يتعرف أبناء هذا الموظف الذين بلغوا سن الجامعات حالياً حتى يومنا هذا على الطائرة من الداخل.
فهل سمعتم طوال عيشكم في سودان العجائب بأي كوز لم يسافر أبناؤه خصماً من ميزانية الدولة لمختلف الوجهات العالمية سواءً للسياحة أو العلاج أو الدراسة؟!
شخصياً لم أسمع به.
. ولابد من طرح سؤالين هامين حتى قبل أن نأتي بالجزء الثاني من المقال: ما معنى أن تصدر لجنة واحدة بيانيين بتوقيعيين مختلفين؟
. وما هو مصير من فصلوا بقرار (مجهول)؟
. تخيلت نفسي مكان أحدهم فلم أعرف ما إذا كان علي أن أرتدي ملابسي صباحاً وأتوجه لمكتبي، أم أكمل (النومة)!
. فلا أحد من السلطات العليا يبطل أو يؤكد القرار، وكل ما (قدروا) عليه شوية إنشاء (اللجنة تعمل بمهنية….).. في لجان وحكومات ذات مهنية تصدر بيانات ناقصة بهذا الشكل، إلا إذا كانت تستغبي شعبها!!
. وضحوا موقفكم بجلاء وكفاية استهبال.
عذراً على نزول المقال بالخطأ أسفل مقال الأخت هنادي.