أهم الأخبار والمقالات

حان وقت الحساب يا قادة قحت

صديق الزيلعي

تشكل عضوية أي تنظيم أعلى سلطة فيه، وهي ما يعرف بالجمعية العمومية التي تجتمع دوريا، لتناقش خطاب الدورة ، وتقيم أداء القيادة خلال الدورة المنتهية ، ثم تنتخب القيادة الجديدة. أما في الأقطار الديمقراطية فالشعب هو مصدر السلطات، ويختار قيادته دوريا في الانتخابات، بعد مناقشة اعمالها. ويقرر من سيقود في المرحلة الجديدة. ولأننا ثورة ، سلمنا القيادة لمن وقع على ميثاق الحرية والتغيير. ولم تأت تلك القيادة بانتخابات، ولكنها أتت باتحاد بيننا (كشعب وكقيادة حراك) وفق برنامج محدد، في تلك اللحظة المفصلية من تاريخ ثورتنا.
تطوّر الاحداث والمواقف يجعلنا ننتبه للمخاطر المحدقة ببلادنا. والآن حان وقت مراجعة التجربة، وتصحيح المسار، تحت شعار فلنقرأ الماضي لتشكيل المستقبل. هذا المقال يدعو لتبني حملة واسعة تطلب من قيادة قحت تقديم كشف حسابها ليقرأه شعبنا، ومن ثم يحدد موقفه حسب تقييم ما تم خلال عمر الثورة.

في الأول من يناير 2019 تم توقيع ميثاق الحرية والتغيير، الذي شكل برنامجا للثورة ويتضمن: التنحي الفوري للبشير ونظامه، وقف الحرب بمخاطبة جذور المشكلة ومعالجة آثارها ، وقف التدهور المعيشي وتحسين حياة المواطنين، تدابير للانتقال من نظام شمولي الى نظام تعددي ، إعادة بناء المنظومة الحقوقية، علاقات خارجية متوازنة والبعد عن المحاور، إلغاء القوانين المقيدة للحريات وتقديم الجناة لمحاكمات عادلة. تشكل بناء على هذا الميثاق أكبر تحالف في تاريخ بلادنا. أعطت جماهير شعبنا ثقتها لهذه القوي المتحالفة وفي قلبها تجمع المهنيين السودانيين ( ايقونة الثورة). هذه الثقة لم تكن شيكاً على بياض، وانما كانت التزاما يرتبط بتنفيذ هذه المهام وعدم التنكر لها.

نجحت الثورة في عزل رأس النظام، ولكن اللجنة الأمنية للنظام نفذت انقلابا ونصبت نفسها كسلطة حاكمة. واستمر الصراع ضاريا، ومارست اللجنة الأمنية كل أساليب القمع والتآمر والضغط لتنفرد بالحكم، ولكن شعبنا القمها حجرا ورفض تسلطها. في قمة ذلك الزخم الجماهيري الرافض لسيطرة العسكر تبنت بعض أطراف قحت التفاوض معهم ونتجت وثيقة دستورية معيبة قننت الشراكة. بهذه الوثيقة صارت قحت هي الحاضنة الرسمية للحكومة ، ومعترف بها من المجتمع المحلي والإقليمي والعالمي. وبهذه الصفة نصارع من اجل تصحيح قحت في إطار تصحيح كافة مسارات الثورة.

لم تتوقف المسألة عند التفاوض والوثيقة الدستورية المعطوبة. بل صار العسكر يتقدمون بإصرار وقوة عين وينتزعون ما ليس لهم حسب الوثيقة، والحكومة التنفيذية وحاضنتها السياسية يتراجعون في انكسار ويفشلون في تحقيق ما اتفقنا عليه. وتتحول المسألة من ملهاة لمأساة حين يتبجح العسكر صباح مساء عن فشل الفترة الانتقالية، التي وضعوا كافة المتاريس امامها، وعملوا بجد لإفشالها.

أدى تفاقم الازمات المعيشية والأمنية والسياسية للتفكير الجاد في مسيرة الثورة. وارتفع عاليا شعار تصحيح مسار الثورة الذي التفت حوله كل القوى الحية في بلادنا. هذا التصحيح يستلزم مراجعة كل التجربة ، وتحديد عوامل الخلل، ومن الذي تسبب فيها، وابتداع منهج جديد قادر على اصلاح كل ذلك، وعلى انشاء مؤسسات مبنية على الشفافية والعلنية والجماعية.
لا يمكن بناء ديمقراطية بلا أحزاب. ويشهد التاريخ لأحزابنا صراعها المستمر ضد حكم الاسلامويين. يسجل التاريخ أيضا انقسامات احزابنا، وتحالف بعضها مع النظام البائد. كما تعاني احزابنا من انعدام الديمقراطية داخلها. ولسنا من دعاة ابعاد الأحزاب عن قيادة الثورة، ولكن في نفس الوقت الأحزاب مكون من المكونات الثورية وليس المكون الوحيد. وهناك جهات ثورية لم توقع على الميثاق ولكنها ساهمت في الثورة. كما ان الكوادر التي وصلت لقيادة قحت عبر مكونات معروفة ، لا تملك الحق في الاستمرار والتمسك الأعمى بمواقعها. فروح الشفافية والعمل الجماعي والنقد والنقد الذاتي ضرورية لاي تنظيم. فالمعروف ان هناك أحزاب أساسية جمدت نفسها أو انسحبت من قحت. وهناك ثماني تنظيمات أعلنت سحب ثقتها من المجلس المركزي. ولكن الأقلية المسيطرة على كامل التحالف تصر ان تمضي في طريقها غير مهتمة بكل تلك المواقف. الآن حان الوقت لإلزامها بسماع الصوت الآخر.

لجان المقاومة هي أحد أهم الاجسام التي قادت الثورة ، والتي دافعت عنها في أصعب الظروف، وصمدت امام عنف العسكر ، ولا تزال الحارس الأمين لثورتنا. وهي الممثل الحقيقي لشبابنا العظيم. هذه اللجان يجب ان يكون لها موقعها القيادي والاصيل في العملية الثورية ، وان تكون في قلب قحت وان تمسك بمقودها. وهنا يجب ان نستمع لرؤاها حول اصلاح مسار الثورة، ومؤسساتها. وان نواجه ، بحزم ، الجهات التي تحاول السيطرة عليها،

اقترح حملة قوية في كل المنابر والمؤسسات، تتزامن مع مواكب ذكري الثورة في 19 ديسمبر، تطالب القيادة الحالية لقحت بتقديم كشف حسابها، وماذا حققت ، وأين فشلت، ولماذا وصلنا لما وصلنا اليه. وان تقدم مقترحاتها لإصلاح ما تم افساده. وان يطرح ذلك علنا ولكافة أطياف الشعب السوداني واحزابه ومنظماته. وتعقبه حملة مناقشة جماهيرية واسعة، تقول فيها الجماهير كلمتها، وتحدد مظاهر الخلل وطرق علاجها، ومقترحاتها حول كيف نعيد ثورتنا لمسارها الصحيح.

اعتقد هذه آخر فرصة للقيادة الحالية لتسمع صوت الرفض القوى لها في الشارع ، وأيضا الرفض من منظمات وقوى أساسية. فشلها في الانتباه لذلك والتحرك على ضوئه سيكون له انعكاسات خطيرة عليها ، وعلى مسار ثورتنا، ويهدد بانفجار كامل الموقف، في ظل هشاشة امنية معروفة ، وتربص من جهات مجرمة معادية للشعب ولثورته.
[email protected]

 

 

‫3 تعليقات

  1. تقديم المدنيين لاستقالاتهم من السيادي ومن الشركاء ،،،واقالة او استقالة الافراد في مركزية قحت قبل 19ديسمبر ،،سيساعد في تخفيف الاحتقان والغضب.ويعطي قحت فرصة جديدة..للمراجعة والتصويب البداية جديدة.

  2. ((لا يمكن بناء ديمقراطية بلا أحزاب. ويشهد التاريخ لأحزابنا صراعها المستمر ضد حكم الاسلامويين. يسجل التاريخ أيضا انقسامات احزابنا، وتحالف بعضها مع النظام البائد. كما تعاني احزابنا من انعدام الديمقراطية داخلها))
    ما هذا التناقض يا دكتور زيلعي تقول لا ديمقراطية بلا أحزاب وأحزابك منعدمة الديمقراطية بداخلها؟ كيف لفاقد الشيء أن يعطيه؟؟
    لقد سبق أن بينا في عدة تعليقات خطل هذه المقولة (لا ديمقراطية بلا أحزاب) التي لا يقول بها إلا المتحزبون وهم لا يزيدون في جملتهم عن 10% من المواطنين الذين يحق لهم التصويت فكيف تحكُم الديمقراطية الحزبية بنسبة المشاركة هذه الضئيلة وسط كثافة سكانية تتراوح مابين 40 و50 مليون نسمة أي ديمراطية تقوم على مشاركة 5 مليون مواطن متحزب فقط؟؟ كيف يحكم 5 مليون 45 مليون مواطن؟ هل هذه ديمراطية؟ هذه برجوازية النخب الحزبية! ألم تسمع بموقف السكرتير العام للحزب الراحل المرحوم محمد ابراهيم نقد الذي كان ينادي بديمقراطية حزبية لكن موسعة تستوعب الكل المتحزبين وغير المتحزبين وهم الأغلبية ذات المصالح الحقيقية في توجيه آليات الحكم نحو المصالح الحقيقية لكافة فئات وقطاعات الشعب! وهذه كانت خطوة مناسبة لوقتها ولكنها اليوم تتقاصر عن مطلوبات ثورة التغيير الشامل في كل شيء سياة حكم وثقافة وأساليب حياة وأولها أساليب الحكم السابقة وكلها سوء في سوء شمولية كانت وديمقراطية حزبية طائفية. وعليه فإن لم يتم نبذ هذه (الديمقراطية؟؟) فسنكون وكأننا لم نثر وما زلنا ندور في الحلقة المفرغة التي ستدور بنا وندور معها وستنتهي بنا حتماً يوماً إلى مثل النظام الذي أسقطناه تواً ..
    ونواصل ،،،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..