أخبار السودان

الشهيد طارق.. الحياة أصبحت غير صالحة للحياة

عطبرة: عمر الفاروق

“أمي ما في حاجة الموكب سلمي، وأنا ماشي في نص الموكب” هكذا رد صانع ألعاب نادي الشرقي، أحد أندية الدرجة الأولى بمدينة عطبرة والطالب بالسنة الثالثة بجامعة وادي النيل، بكلية الهندسة قسم التصنيع، طارق أحمد علي، على مكالمة والدته التي دعته للعودة إلى المنزل، خوفاً من تعرضه لمكروه، أثناء مشاركته في احتجاجات سلمية، لكن تلك كانت آخر مرة يتحدث فيها الشهيد طارق ووالدته.

بعد نحو عامين من استشهاد طارق أحمد علي، تخرج زملاؤه بكلية الهندسة بجامعة وادي النيل.
عرضت والدته نعمات عبد الوهاب، الموظفة ببنك الأسرة، على “الحداثة” عدداً من شهادات تكريمه من قبل ناديه، في كثير من الأوقات، خلال استضافتها لنا بمنزلها كانت دموعها تنم عن محاولات سيطرتها عليها، “طارق أكبر أبنائي، متقبلة رحيله، فهو ضحى بشبابه الغض من أجل أن تسود العدالة، ربنا يعوض شبابه الجنة”، تقول والدته.
تضيف عبد الوهاب وهي تمسح دموعها، “طارق لم يكن له أي انتماء سياسي، رغم أنه كان غاضباً من النظام السابق، شارك في المظاهرات دفاعاً عن الحق وبحثاً عن مستقبل أفضل للجميع، أحس أنه قُتل بشكل مقصود”.

عندما دخلنا إلى منزلها وجدنا والدة الشهيد طارق تجلس وسط عدد من أصدقاء وزملاء ابنها، تسألهم عن الامتحانات وسير الدراسة وسط إطراقات منهم ولحظات صمت رهيب تمر بين الفينة والأخرى.

“طارق كان أطيب إنسان، دائماً مبتسم.. الجميع يحبه”، يقول عاصم أحمد (22 عاماً) صديق ودفعة الشهيد بجامعة وادي النيل. يضيف أحمد لـ”الحداثة”، “أدينا صلاة الجمعة بمسجد الميناء البري، ثم خرجنا في مظاهرة سلمية، وخلال عمليات الكر والفر أصبحنا في مكانين مختلفين، اتصلت به هاتفياً قال إنه بخير”.

لكن لم تمر دقائق كثيرة على تلك المكالمة بين الصديقين، حتى اخترقت رصاصة أطلقت من الخلف، رأس طارق قريباً من مدرسة الخدمات الثانوية، نحو الساعة الرابعة من عصر الجمعة 21 ديسمبر 2019، وهو اليوم الثالث منذ انطلاق الاحتجاجات بمدرسة عطبرة الصناعية في الأربعاء 19 ديسمبر.

“عندما أتيت ونظرت إليه علمت أنه فارق الحياة، لم أزل مذهولاً وحزيناً على وفاته، بعدها حملناه على ركشة، قبل أن يتم نقله عبر سيارة لاندكروزر إلى مشرحة مستشفى عطبرة، بعدها عدنا بجثمانه إلى المنزل، حيث احتشد عشرات الآلاف في موكب تشييعه، أتمنى أن يتم القصاص من قتلته، رغم أنه صديق لا يعوض”، يسرد أحمد تفاصيل صديقه الذي كان يسكن معه في منزله بحي الطليح.
كان أحمد يتحدث لـ”الحداثة” من أمام منزل أسرة طارق، حيث رسمت جدارية للشهيد، فقال “لقد ضرب على رأسه من الخلف من مسافة قريبة”.

بعد أمتار من مدخل كلية الهندسة بجامعة وادي النيل، خلّد زملاء طارق زميلهم بجدارية ضخمة، كُتبت عليها عبارة “الحياة ليست صالحة للحياة”.

وكان طارق قد قُتل على يد رجال أمن، في الحادي والعشرين من ديسمبر 2018، خلال بداية الثورة السلمية بمدينة عطبرة شمالي البلاد والتي اطاحت بنظام البشير الذي حكم ما يقرب من الثلاثين عاماً.

الحداثة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..