أخبار السودان

مصابو الثورة.. التضحية مستمرة

مع انطلاقة ثورة ديسمبر المجيدة، قدم الثوار تضحيات جسام وأصيبوا فداءً للوطن والبلاد. كل قطرة دم، كل آهة انطلقت من حنجرة، كل ألم ووجع؛ كان بمثابة وردة تزهر في أرض السودان. وبحسب آخر الإحصاءات؛ بلغ عدد مصابي الثورة (2720) مصابًا ومصابة.

يقول المصاب محمد أحمد العبيد، وهو مهندس معماري يبلغ من العمر (30) عامًا، إنه أصيب بطلق ناري في الفخذ الأيمن يوم فض الاعتصام، وأضاف أنه قبيل عملية الفض؛ وجد نداءً للثوار بضرورة التوافد لساحة الاعتصام لحمايته. ذهب محمد ووجد السماء تمطر والكهرباء متعطلة، وتجول بين المتاريس إلى موعد صلاة الصبح التي قام بأدائها في مسجد جامعة الخرطوم، وعندما بدأ الهجوم تحرك محمد لنفق الجامعة حيث بدأ الضرب بالذخيرة الحية، تراجع بعدها إلى دار الخريجين حيث أصيب، أسعف في عيادة “الكهرباء”.

يؤكد محمد أنه لم يعد بعد لحياته الطبيعية، لأن الرصاصة تسببت بكسر مركب في الفخذ وتلف في العضلات، ولم يتعافى بعد.

أوجاع ومرارات

وروى مصاب آخر يبلغ من العمر (25) عامًا، سنشير إليه بالاسم المستعار “أحمد”، لـ”ألترا سودان”، تفاصيل إصابته برصاصتين في اليد والرجل يوم فض الاعتصام في حزيران/يونيو 2019، قائلًا: “أصبت في متراس الصمود جوار مركز التدريب المهني، وجلست بجوار “الكهرباء” إلى حين الخروج بجانب قيادة البحرية، كنت برفقة ثلاثة مصابين آخرين، ثم توجهنا إلى حي بري واستقلينا سيارة تابعة للجيش، ومنها إلى مستشفى رويال كير، حيث تم تحويلي إلى مستشفى شرق النيل، مكثت بعدها في البيت ثلاثة أيام، إلى حين موعد العملية في المستشفى الدولي”.

وأكد أحمد إن علاجه لن يكتمل إلا بتركيب مفصل في اليد، مشيرًا إلى تعقيد العملية وعدم توافر إمكانية عملها بالداخل، وأن عليه الانتظار إلى وقت مناسب، لكي لا يضطر لتغيير المفصل كل خمسة أعوام.

وقال أحمد، إن مجموعة من المصابين كانت متواجدة داخل لجنة شكلها رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في كانون الأول/ديسمبر 2019 لعلاج مصابي الثورة، وكانت برئاسة وزير الصحة السابق أكرم التوم وممثل لقحت ولجنة الأطباء المركزية، وأكد أن عمل اللجنة بعد إقالة وزير الصحة السابق توقف.

الجدير بالذكر أن جدلًا كان قد أثير في وقتٍ سابق بوسائل التواصل الاجتماعي، حول تسلم منظمة مصابي الثورة موادًا تموينية منتهية الصلاحية من رئاسة مجلس الوزراء، وقال أحمد، إن المنظمة كان يجب أن تستلم (150) كرتونة، وتم تسليم (148) من قبل كبير مساعدي كبير مستشاري رئيس الوزراء “أمجد فريد”، والذي أكد أن بقية الكراتين سيقوم بإيصالها لمصابين آخرين.

ويقول أحمد، إنهم أثناء عملية تفريغ الكراتين؛ تفاجؤوا بوجود مواد فاسدة وبعضًا من الفئران داخل المواد التموينية، وبعد عملية التعبئة تحصلنا على (138) كرتونة، وواجهنا مشكلات في عمليات التعبئة والترحيل. وتابع بالقول “من هنا بدأت فكرة تكوين جسم خاص بمصابي الثورة”.

العلاج.. وعلاج الأخطاء الطبية

وجدت “ألترا سودان” مسؤول المكتب الطبي لمنظمة مصابو الثورة، مصطفى أحمد خليل، حاملًا لعددٍ من الأدوية وفي طريقه إلى زيارة ثلاث مستشفيات، لإيصال الدواء لمصابين آخرين، وعلق قائلًا: “لا يشعر بمصاب إلا مصاب مثله، وهذا هدفنا الأول، المصاب يعالجه المصاب”. ومن جانبه، قال إن عدد المصابين الذين تم حصرهم منذ انطلاقة ثورة ديسمبر المجيدة (2720) مصابًا، لم يتلقوا جميعًا العلاج اللازم، بسبب موجة جائحة كورونا الأولى وإغلاق المستشفيات، الشيء الذي تسبب بعودة عدد من المصابين للولايات. وتابع مصطفى قائلًا: “تجرعنا مرارة عودة المصابين لولاياتهم بجروحهم وعملياتهم غير المكتملة”، وأكد أن ثمةً مشاقًا في عودتهم، تتمثل في عودة المصاب وهو مريض أكثر مما كان عليه لغياب الخدمات الصحية.

وزاد بالقول: “إن ترحيل المصاب أو المصابة يمثل تحديًا لعدد من الأسباب، منها توفير السكن المناسب الذي يجب أن يكون مهيئًا وبجوار مراكز تقديم الخدمات الطبية، وبمواصفات خاصة لعدم قدرة البعض على صعود السلالم، إضافة لارتفاع تكاليف السكن، وتبلغ تكلفة بعض الشقق (85,000) جنيهًا، بجانب تجهيز سيارة خاصة لنقل المصابين وتوفير كراسي متحركة ونقالات طبية، وأكد لـ”الترا سودان”، وجود عدد من المبادرات لتقديم الدعم النفسي للمصابين، لكن، كانت ذو طابع فردي، ولم تستمر، مع غياب الرعاية والتأهيل والعلاج النفسي.

ووصف مصطفى الحكومة الحالية بالسيئة وبأنها لا تمثل أو تشبه التضحيات الجسام التي قدمها الثوار إبان الثورة، مشيرًا إلى أن تفكيرهم الحالي محصور في العلاج بطريقة سلسة دون تأخير.

وبالعودة إلى سير عمليات العلاج، يؤكد أن العلاج الذي قدم في وقتٍ سابق كان رديئًا وسيئًا، ويتم الآن معالجة الأخطاء الطبية.

ويقول مصطفى، إن ثمةً حالة ستخضع لتركيب “جبيرة” لم توضع في مكانها الصحيح، ووجود فرق يعادل ثلاثة سنتيمترات، مما سيضطره للخضوع لعملية إصلاح أخرى، وبعد انتظار معافاة الجرح وعمليات النظافة، ستكون هناك عملية أخرى لإصلاح الخطأ الطبي.

وقال مضيفًا: “وعدنا بعضنا البعض بمعالجة ما يمكن علاجه بالداخل، وسنعمل على أن تتلقى الحالات التي تتطلب علاجًا خارجيًا ما يلزم لسفرها”، مشيرًا إلى وجود (11) حالة تتطلب علاجًا في النخاع الشوكي، ولا توجد جهة داخل السودان تقبل بعلاجها إلا في دول معينة مثل ألمانيا وبريطانيا.

الترا سودان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..