مقالات وآراء سياسية

فى محاكمة البشير وأعوانه أعطنى قاضياً جيد وقانوناً سيئاً !!

عبدالرحمن حسين دوسة
مستشار قانونى

1)

لم يكن أكثر المتفائلين وأكبرهم عشماً ممن دبروا إنقلاب يونيو 1989 أن يحلم بأن يظل على قيد الحياة لأكثر من شهر بعد سقوط النظام وذلك بالنظر لشناعة الجرائم المرتكبة وهى جرائم أقل ما يقال أنها غريبة ودخيلة على إخلاق الشعب السودانى وخطيرة للغاية بحيث تصل عقوبتها الى الإعدام في كل الشرائع التي درسناها وتلك التي لم ندرسها.

إزاء تلك الجرائم، كان في وسع مولانا تاج السر الحبر – النائب العام – أن يدخل التاريخ من الباب الذى دخل منه لويس أوكامبو – أول مدعى عام لمحكمة الجنايات الدولية – حينما قاد بمهنية فائقة وشجاعة نادرة هيئة الإتهام في قضية طغاة الإرجنتين الذين دبروا إنقلاباً عسكرياً في سبعينات القرن الماضى وهو إنقلاب يماثل إن لم يطابق يومياته حكم الإنقاد.

لقد كان بين يدى النائب العام قضية مكتملة الأركان، أمامه عسكرى أهوج غير منضبط قرر في ساعة نزق أحمق من فجر الثلاثين من يونيو 1989 أن يغتال آمال وتطلعات الشعب السودانى ويصادر حريته ويقوض دستوره محطماً كل قيم الديمراطية التي تواضعت عليها البشرية عبر التاريخ وذلك لتمكين نظام حضارى قمىء إحتار إبليس الذى هو من نار في مرجعية ذلك النظام.

الحال، أنه ورغم خطورة الجريمة ووضوح القانون وتوافر البينات، آثر النائب العام أن يفتتح القضية التي ظل الشعب السودانى يترقبها لأكثر من ثلاث عقود بمرافعة إتهام لا يلقيها وكيل نيابة مبتدئ أمام محكمة نظام عام في جنحة الإتجار بالخمور البلدية.

طوال حياتى المهنية، إستمعت وقرأت الكثير من المرافعات وما أستطيع تأكيده بكل ثقة أن مرافعة مولانا الحبر لم تكن الأفضل. لقد حاولت أن أفهم ما يريد ولكن بدون جدوى. فقد تحدث الرجل في كل شيء إلا القانون، بالبلدى لقد كان كيسه فاضياَ.

From nothing comes nothing

للأسف، فقد إتسم أداء فريقه بالضعف والتردد وعدم الثقة والبعد عن المهنية وربما الجهل بالقانون، لكن الأهم والأخطر أنه لم يبد من المسئولية والجدية ما يتناسب مع خطورة القضية أو يلامس آمال وتطلعات ضحايا الإنقاد في القصاص بل ولا حتى مع شعارات وأهداف وغايات الثورة، وللمفارقة فقد كان فريقه أكثر ألقاً وحماساً في قضية الفساد التي أدين فيها البشير لعامين فقط في الإصلاحية.

إذن يكاد ينعقد الإجماع – إن لم ينعفد بعد – أن ضعف الإتهام هو ما حفز الدفاع على تجاوز آداب المرافعة والخروج عن أصول المحاكمات ليتقدم – على نحو هزلى وإستعراضى – بعشرات الطلبات والإعتراضات، القصد منها خدمة التكتيك الذى بنى عليه الدفاع قضيته ألا وهو إضاعة الوقت وتشتيت الإنتباه وإمتصاص حماس الشعب وفقدان الثقة في القضاء وإستدراجه لإستفزازات معلومة النتائج.

لئن كان ما سبق هي بعض عوارض الخلل في الإتهام والدفاع، بيد أن ذلك لا يحول من دون الحديث عن القضاء الجالس والحكم الدى أصدره ولكن بشئ من الإستطراد الذى لا يخلو من الإيجاز – إن صح التعبير-

(2)

أعطنى قاضياً جيداً وقانوناً سيئاً، عبارة شائعة ومتداولة في أوساط الأنظمة الأنجلوسكسونية وهو النظام الذى ينهض عليه إرثنا القانوني وممارساتنا القضائية، وبطبيعة الحال فإن ما ترمز إليه هذه العبارة هو تأكيد وتعظيم دور القاضي في إختلاق وصناعة القانون خلافاً لما هو مستقر في النظام المدنى Civil Law الذى يحصر دوره فى التفسير والتطبيق.

بعيداً عن أداء الإتهام والدفاع والذى نعتناه بالضعف، الثابت أن المحكمة كانت فى وضع صعب يلزمها التعامل مع مادة التقادم السيئة السمعة والتى سنها الإنقاذ عن قصد لحصانة نفسه. رغم ذلك فإن ما يحمد للمحكمة أنها أفلحت فى إصدار حكم سليم برفض اعتراض التقادم وهو الحكم الذى أيدته فيما بعد محكمة الاستئناف.

هذا الحكم، وإن اتفقنا معه في المنطوق إلا أن الحيثيات كانت غير مقنعة أو كافية مقارنة مع منطق الدفاع الذى كان يبدو فى الشكل لا المحتوى أكثر تماسكاً وتناسقاً.

لو كنت جالساً على كرسى مولانا عصام – قاضى المحكمة – لترفعت عن الإنزلاق فى غلوطيات الدفاع غير المنتجة وأصدرت حكما فوريا ببطلان مادة التقادم وما ترتبت عنها من حصانات، مستحضراً من إرثنا القضائى العبارة التي كان يرددها بأستمرار مولانا أبورنات بأن القاضي ما هو فى نهاية الأمر إلا قانون ناطق تقوده العدالة:

The judge is speaking law driven by equity

هكذا فعل القضاة مع الطغاة فى كل مكان، إذ قرروا من دون تردد في كل من باكستان وبورما والفلبين وشيلى وبنغلادش وحتى في بولندا مع الجنرال يارزولكسى، أن القانون حينما يكون سيئاً فينبغى على القاضى الجيد الإلتفات عن النص وإستدعاء العدالة بإعتبار أن العدالة هى أم القوانين بل ومصدر كل الحقوق التي إكتسبتها البشرية.

Equity is the law of laws and from Equity all rights follow

واجه الرعيل الأول من قضاتنا قضايا مماثلة تعارض فيها النص الصريح مع موجبات العدالة المطلقة فآثروا العدالة على القانون وعطلوا النص وكل ذلك موثق فى سوابق قضاتنا من أمثال مجذوب حسيب، عبدالمجيد إمام، عثمان الطيب، بابكر عوض الله، صلاح شبيكة الخ بل وحتى إحكام القضاة الأنجليز من إمثال توماس كريد وشارلس سيشل آخر سكرتير قضائى

هذا النهج كان يحثنا عليه كثيراً مولانا دفع الله الرضى خلال محاضراته قائلاً: : A good judge prefers Equity to Law ثم يضيف معللاً ذلك بالقول laws sometimes sleep but Equity never أى أن القوانين قد تخطئ أحياناَ بينما العدالة لا تخطئ أبداَ.

لعل الأنجليز – حيث نتمنى لمدرستهم القانونية – كانوا أكثر وضوحاً فى هذا الشأن إذ لم يكتفوا بتقديم العدالة على القانون وإنما قاموا بتشكيل محاكم خاصة بتطبيق قواعد العدالة المطلقة – Chancery Courts – وذلك لتصحيح القانون حينما يخطئ.

Equity is the correction of some part of the law where by some reason is defective

الثابت أن ما حرم الشعب السودانى من رفع هذه القضية لأكثر من ثلاثين عاماً هو أنه – أى الشعب – لم يكن مخيراَ ولم يمتلك حرية إتهام البشير ومن ثم فإن حرمانه الآن من هذا الحق بدعوى التقادم لا يترتب عليه فقط إنكار العدالة وإنما ينطوى على دعوى صريحة للطغاة للتشبث بالسلطة وممارسة القهر والإستبداد لأطول فترة ممكنة حتى تتقادم الجرائم وفى ذلك مكافأة لهم علماَ بأن من المبادئ الأساسية فى القانون أن المجرم لا ينبغى أن يستفيد من جرائمه والذى يجبر قهراً على الطاعة لا يفقد حقاً.

Wrongdoer should not drive any benefit from his own wrong and that he who compelled to obey losses no right

وإذا كان لا بد من إعمال مادة التقادم – وهو رأى لا إقره – فالمنطق يقول أن سريانه يبدأ من التاريخ الذى إمتلك فيه الشعب حرية إقامة مثل هذه الدعوى ضد البشير.

(3)

نأتى للدفع الخاص بجزئية الجريمة الوقتية والمستمرة هى من أوهى الدفوع التى تقدمت بها هيئة الدفاع، إذ لا نعرف قانوناَ جنائياً يصنف أو يبوب الجرائم على هذا النحو، وما تعلمناه هو أن التقدير متروك للقاضى كى يستخدم القواعد الذهبية للتفسير ويستنبط من النص مقصد المشرع.

أوضح مثال لما نقوله هو ما فعله مولانا صلاح حسن فى القضية التى رفعها جوزيف قرنق وآخرين ضد حكومة السودان بشأن دستورية تعديل دستور عام 1964 المؤقت وحل الحزب الشيوعى السودانى.

لم يرد فى ذلك الدسنور ما يفيد صراحة أن بعض نصوصه مرنة Flexible تقبل التعديل وأخرى جامدة Rigid لا يمكن تعديلها، إلا أن ذلك لم يمنع القاضى العالم من أن يصدر حكماَ بأن النصوص الواردة فى الباب الأول من الدستور بشأن الحريات والحقوق الأساسية نصوص جامدة لا يمكن للبرلمان أو غيره من تعديلها ليصبح هذا الحكم سابقة تاريخية يدرسها النصارى فى بلدانهم.

إذن فإن مثل هذه التصنيفات والتعريفات يكشفها فقه القضاء لا فقه القانون وقد عرف القضاء الجريمة المستمرة – إحياناً تسمى المتلاحقة – بأنها الجريمة التى تتكون من فعل يقبل الإستمرار فترة من الزمن ويتطلب تدخلاً متجددا من إرادة الجانى للإبقاء على حالة الإستمرار وهى فى الواقع تكرار لفعل واحد مرات عدة يظل فيه المتهم مرتكباً الجريمة فى كل وقت والعبرة هنا فى الإستمرار والتدخل المتتابع والمتجدد للحفاظ على الوضع.

للمزيد من التوضيح، إذا تخلف أحد منا عن إبلاغ ميلاد إبنه فهى بلا شك جريمة يعاقب عليها القانون ولكن القانون لا يبين عما إذا كانت هى جريمة وقتية تخضع للتقادم أم أنها مستمرة لا يسرى عليها قواعد التقادم.

القانونى المتمرس قاضياً كان أم محامياً يمكنه بسهولة أن يستنبط قصد المشرع من خلال النص وفى أنها جريمة مستمرة إستمراراً تجددياً وبالتالى يمكن ملاحقة مرتكبها فى أى وقت ولا يجوز الإحتجاج أو الدفع بالتقادم وقس على ذلك جريمة حمل السلاح وغيرها، هذا أمر واضح ومفهموم لمن يريد أن يفهم

إذا كان ما أوردناه صحيحاً – وأعتقد أنه كذلك – فلا توجد جريمة تنطبق عليها صفة الإستمرارية كالجريمة التى إرتكبها البشير وأعوانه، ولو أن هيئة الدفاع إمتلكت الحد الأدنى من إخلاقيات المهنة لبحثت عن دفع آخر أقل إفلاساً بدلا من التهييج والإستفزاز الذى شاهدناه فهى تكتيكات كيزانية تصلح لبناء الأوكار وبيوت الأشباح لا دولة المؤسسات والقانون.

(4)

تكمن أهمية وخطورة هذه القضية والدفوع المثارة فى أنها سترسم معالم الطريق لمئات القضايا المرفوعة حالياً والمتوقعة والمتوقعة فى المستقبل، أذ أن معظم جرائم الإنقاذ الخطيرة أرتكبت خلال عهد التمكين فى تسعينات القرن الماضى وتسرى عليها مدة التقادم بفهم فريق الدفاع، وفى حال قبول أى محكمة فى أى قضية أخرى بهذه الدفوع سيمثل ذلك صدمة كبيرة وعميقة للشعب وهزيمة لشعار العدالة التى طالب بها الثوار,

أغامر بالقول أن الهزل الذى يجرى حالياً على الساحة القانونية غير مطمئن ومن الواضح جداً أن اضعف حلقات الثورة ووريثتها الحكومة الإنتقالية هو ملف العدالة والقانون بدأً من الوثيقة الإنتقالية المشوهة وإنتهاء بالمحاكمات الهزلية، واذا كان لا بد من إصلاح جذرى وعاجل فالبداية من رئيس القضاء والنائب العام إذ لا تستقيم مؤسسات الدولة وعود القانون أعوج.

‫5 تعليقات

  1. الأستاذ المستشار عبد الرحمن حسين دوسة نتفق معك على صحة قرار القاضي عصام الدين في القول بأن جريمة الانقلاب على السلطة جريمة مستمرة ولكن لا يمكن القول بأن حيثياته (أي تسبيبه القانوني لوصفه الجريمة التي يحاكمها بأن جريمة مستمرة) ضعيفة، لأنه لم يقدم حيثياته لهذا الوصف أصلاً! هو قرر، وبحق، أنها جريمة مستمرة، وهي كذلك بالفعل، ولكنه لم يقدم حيثيات لذلك لا من الفقه ولا من القضاء (السوابق) ولا من التشريع (النص)، وبالتالي لا يمكن وصف حيثياته بأنها ضعيفة إلا إذا كنا نعني بأن ضعفها هو عدمها أو العكس!
    ببساطة يمكن تعريف الجريمة المستمرة، لأغراض التقادم المسقط للدعوى، من الناحية الفقهية (jurisprudential) حيث من الممكن جداً بالمنطق الفقهي البسيط أن نجد له تطبيقات في القضاء حول العالم. وهو البحث عن معنى الاستمرارية ليس من داخل مكونات الجريمة أو عنصريها (ركنيها) المعنوي والمادي، فليس هناك جريمة مستمرة أو مؤقتة بطبيعتها. في كل جريمة يسبق العنصر المعنوي العنصر المادي، حيث يستمر القصد الجنائي إلى أن يتم ارتكاب الفعل المادي للجريمة وينتهي هنا فتكون الجريمة قد اكتملت بتحقق ركنيها ولا يتصور أن يستمر (ارتكاب) الفعل المادي بعد تمامه إلا بتكراره, فإن قلنا بالتكرار فسنكون من الناحية النظرية أمام جرائم متكررة وليس جريمة واحدة حتى لو افترضنا في كل مرة من المرات المتكررة للفعل المادي توفُّر ذات القصد الجنائي (نية الاستيلاء على السلطة) الذي ارتكب به فعل (الاستيلاء) في المرة الأولى والذي تم واكتمل في تلك المرة الأولى بالفعل وذلك باستلام السلطة والسيطرة بقوة الدولة على جميع مقاليد الأمور. عليه فلابد من التماس تبرير فقهي لوصف الجريمة بأنها مستمرة من عدمه بالنظر إليها من خارجها، من حيث كونها تم كشفها ولم تتم محاكمتها مثلاً ومن حيث إمكانية محاكمتها من عدمها، أو لم يتم كشفها أو تم كشفها ولكن لم يعرف فاعلهابعد، أو عرف ولكن لا قدرة على السيطرة عليه ومحاكمته حيث تمثلت جريمته في الاستيلاء على كافة سلطات الدولة. وطالما أن الوصف بالاستمرارية والوقتية مرتبط بمفهوم وفلسفة التقادم في منع المحاكمة بسبب التراخي والتقاضي عنها مما يعد تخلياً أو عفواً، إن شئت، عن الجاني. بحيث لا يجوز بعد كل ذلك التراخي والتخلي الذي يبلغ درجة العفو أن نتراجع عن ذلك ونرر محاكمته! وععليه تعتبر الجريمة مستمرة بحيث لا يبدأ سريان مدة التقادم بالنسبة لمحاكمتها طالما لم يمكن محاكمتها لسبب من الأسباب، ومنها عدم القدرة على الجاني أو عدم العلم به ومعرفته كما في البلاغات التي تدون ضد مجهول، علماً بأن الإبلاغ عن الجريمة هو قطع لسريان مدة التقادم في حالة المتهم المعلوم ولكن ليس في حالة المجهول إلا من يوم كشفه أو ظهوره وإقراره بارتكاب الجريمة وتخليه عن الركن المادي الذي ظل تحت سيطرته مانعاً بذلك إمكانية محاكمته. وهذا هو الحال مع كافة جرائم الانقلابات من قبل كل من لا يملك السلطة القانونية لإلغاء الدستور الشرعي وتقويض النظام القائم عليه باستناء الشعب الذي يملك دائماً السلطة القانونية والشرعية الثورية ليفعل ما يشاء في حدود بلاده. وعليه فإن من يرتكب جريمة الانقلاب إذا لم يكن ابتداء هو الشعب – وفعل الشعب هذا يسمى ثورة أو انتفاضة وليس انقلاباً – أي لو قامت بالانقلاب مجموعة زاعمة بأنها ثورة أو مدعية بأنها مؤيدة من الشعب بعد انتخابات أجرتها بدستور من صنعها خلاف الدستور الذي ألغته، فلا ينفي ذلك عنها جريمة الإنقلاب – إلا في حالة واحدة وهي تنازلها بعد اقرارها بالجريمة عن السلطة المغتصبة واعادة السلطة إلى الحكومة الشرعية أو تمت انتخابات بالدستور الشرعي وتم انتخاب حكومة ديمقراطية جديدة ولم تقـــم الحكومة الشرعية، سواء القديمة التي اغتصبت منها السلطة وأعيدت إليها أو الحكومة الديمراطية الجديدة – بمحاكمة الانقلابيين، فتبدأ مدة التقادم المسقط ولا يجوز محاكمة الانقلابيين بعد مرور مدة التقادم بدءاً من تاريخ اعادة السلطة المغتصبة أو تاريخ استلام السلطة بواسطة الحكومة الشرعية الجديدة.
    هذه ملاحظة أولى على مقالتك والملاحظة التالية ستكون على مفهومك الخاطيء لكيفية عمل نظام التراتبية القضائية(stare decisis) وكيفية اتباع وتطبيق السوابق القضائية (precedents) وتنطعك على موقف القاضي عصام الدين بقولك لو كنت مكانه لفعلت كذا وكذا وهذا يعكس فعلاً عدم خبرتك القضائية أو القانونية أمام المحاكم وأنك لم تجلس يوماً على مثل كرسي الرجل ولم تنل الخبرة التي نالها، فلو تصرف بمثل ما قلته لضحك عليه كل زلنطحية محامي الانلابيين وفلولهم ورقصوا طرباً لجولة من الاستئنافات الناجحة التي تعيد لهم الثقة في الاستمرار باستراتيجية التشويش وكسب الوت و وبث دعاية عدم جدوى استمرار المحاكمة.

  2. الملاحظة الثانية المشار إليها تبدأ أولاً باقتباساتك من أقوال من رجال النظام القانوني الانجليزي الذين تتمنى لهم أو تنتمي إليهم كما ذكرت ولا تجيد لغتهم والتي اذا لم يعبر بها بشكل صحيح فسينقلب المعنى رأساً على عقب أو يذهب بعيداً عن المقصود خاصة إذا كنا بصدد مصطلح فني وقانوني تحديداً، كما في العبارتين أدناه بالاضافة إلى عنوان المقال، فهي عبارات وإن عرف المراد منها بثقافة القاريء إلا أنها غير صحيحة لغوياً أو نحوياً – علماً بأن أهم أدوات القانوني هي معرفته اللغوية عموماً والفنية الاصطلاحية على وجه الخصوص.
    (Equity is the correction of some part of the law where by some reason is defective).
    (Wrongdoer should not drive any benefit from his own wrong and that he who compelled to obey losses no right).
    ثم نأتي إلى قولك:
    (لو كنت جالساً على كرسى مولانا عصام – قاضى المحكمة – لترفعت عن الإنزلاق فى غلوطيات الدفاع غير المنتجة وأصدرت حكما فوريا ببطلان مادة التقادم وما ترتبت عنها من حصانات، مستحضراً من إرثنا القضائى العبارة التي كان يرددها بأستمرار مولانا أبورنات بأن القاضي ما هو فى نهاية الأمر إلا قانون ناطق تقوده العدالة):
    لقد صرفت كلاماً كثيراً وجهداً ضائعاً في غير محله عن العدالة المطلقة(equity) والطبيعية (natural justice) وأنهما تسودان على القانون وعدالته (justice ) لتصل إلى نتيجة تفز نحوها قفزاً (وقلباً للهوبة وشقلبة) وكأنها اكتشاف خطير لم يفطن إليه أي قانوني غير الذين ذكرتهم واستشهدت بهم على أنهم ضربوا بالقانون وعدالته عرض حائط العدالة المطلقة أو الطبيعية. وهذا كلام قانوني لم يفهم شيئاً عما قام به هؤلا الأفذاذ ليس تمرداً منهم على القانون ولا قفزاً على النصوص، بل ممارسة لواجبهم الدستوري كقضاة دستوريين؛ لأنهم إن فعلوا ذلك بالفهم الذي يصوره كاتب المقال، فإنهم بذلك لم يعودوا قضاة بل مشرعين يعطلون النصوص ويلغونها أو يتجاهلونها بمزاجاتهم أو بحسب رؤيتهم الخاصة في بسط العدالة! ا- لنر ماذا يقول عنهم ناشراً بذلك فهمه الخاطيء بشكل فاضح:
    (واجه الرعيل الأول من قضاتنا قضايا مماثلة تعارض فيها النص الصريح مع موجبات العدالة المطلقة فآثروا العدالة على القانون وعطلوا النص وكل ذلك موثق فى سوابق قضاتنا من أمثال مجذوب حسيب، عبدالمجيد إمام، عثمان الطيب، بابكر عوض الله، صلاح شبيكة الخ بل وحتى إحكام القضاة الأنجليز من إمثال توماس كريد وشارلس سيشل آخر سكرتير قضائى)!!
    إنه لم يميز لماذا وكيف تجرأوا على فعل ذلك، إن صح، وبالتالي لم يشر إلى أنهم فعلوا ذلك بوصفهم قضاة دستوريين يجلسون في دوائر دستورية ومعلوم لطلاب القانون الصف قبل النهائي أن أول مهام القضاء الدستوري هي تصحيح أو ابطال القوانين المخالفة للدستور ومباديء العدالة التي يتضمنها، وأنه لي مسموحاً لأي قاض يجل في محكمة مدنية أو إدارية أو جنائية أن يتجاوز أي نص قانوني منتج في الدعوى يحتج به الخصوم أو يقول لهم لن أطبق هذا النص لأنه مجحف أو غير دستوري أو مجافٍ للعدالة الطبيعية أو المطلقة، أو يصدر حكماً بإبطاله. إن قاضي المحكمة العليا مولانا عصام الدين رئيس المحكمة الخاصة بجريمة مدبري انقلاب 30 يونيو 1989م لو تصرف بحسب رأي كاتب المقال لاستنكر طلاب القانون قبل المستشارين القانونيين على مولانا عصام مقامه في المحكمة العليا ولتوارى منه خجلاً زملاؤه في المحكمة العليا عندما يدعَوْن للنظر في الطعون المرفوعة لها ضد حكمه (لا سمح الله) ببطلان مادة التقادم المسقط للدعاوي بناء على رغبة كاتب المقال. ولقد ضرب الكاتب مثلاً بمولانا صلاح حسن في قضية حل الحزب الشيوعي وكان عليه أن يفهم من موضوع الدعوى أنها دعوى دستورية وبذلك يعلم مدى غباوة المقارنة بين وضع القاضي صلاح الدين حسن رئيس الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في القضية الدستورية الشهيرة والقاضي عصام الدين محمد ابراهيم قاضي المحكمة العليا رئيس المحكمة الجنائية الخاصة بمحاكمة جريمة انقلاب الأنجاس.

    1. اخى خرونق
      احترم رأيك ولكنى لم اعتاد الرد على أشخاص لا يرغبون الكشف عن هويتهم ويفضلون الاسماء المستعارة

  3. ولن تستطيع الرد لذا تتعلل بحجج! المهم كشف العلم أم كشف الوجه والاسم؟ هذا تحجج جاهل يخشى الاعتراف بجهله!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..