أخبار السودان

نازحات: بيع الشاي بدخله الضعيف أرحم من المعارك ومعاناة المعسكرات

مداميك – عواطف محجوب

يعود كفاح المرأة السودانية إلى ستينيات القرن العشرين، عندما فازت بحق المشاركة السياسية (١٩٦٤)، وحق المساواة في الأجور نظير المساواة في الأعمال (١٩٦٩)، وهما معلمان بارزان من بين كثير غيرهما. إلا أنه مع تسلم الجبهة الإسلامية الوطنية مقاليد السلطة عبر انقلاب عسكري عام (١٩٨٩)، تغير كل كذلك. حيث تعرضت حركة المرأة السودانية لانتكاسة عندما أبطلت العديد من إنجازاتها، وقد شكل الإسلام السياسي تحدياً غير مسبوق لتحرير المرأة في السودان.

وعلى الرغم من هذه الظروف المتردية، فقد دأبت عدة منظمات واتحادات ومراكز مناصرة لحقوق المرأة، على قيادة حملات جريئة عمت أرجاء البلاد للتصدي للعديد من القضايا الملحة التي واجهتها المرأة وما تزال، مثل مجموعة الضغط (لا لقمع المرأة)، المنظمة السودانية للبحث والتنمية، ومركز سيما للتدريب وحماية حقوق المرأة والطفل.

قالت ستنا آدم إن العيش في معسكرات النزوح من أصعب المراحل التي يمر بها أي نازح ترك سكنه الذي كان يأويه، وفر إلى ملاذ أكثر أماناً، ولكن تظل معسكرات النزوح مثل السجن، لأنها تحرك مقيد، وتنتظر من حين لآخر الدعم من منظمات العون الإنساني، وتضيف ستنا لـ (مداميك) أن بداية الحرب في دارفور كانت فترة قاسية عشنها في الإقليم، كان عنوانها الخوف والموت والدمار، ولم يكن أحد بمأمن من نيران البنادق، وكان الناس على استعداد دائم إما للقتال أو الهروب.

وتردف قائلة: “أتذكر اللحظات الأولى لاندلاع الصراع، كنا نتابع بخوف كبير الحشود العسكرية، توقفت المدارس لفترات طويلة، فقد الناس مواشيهم ومصادر دخلهم، وهرب الكثيرون منهم إلى مخيمات النزوح، وساد اليأس وعدم اليقين”. وتواصل ستنا أنها أرادت التحرر من هذه القيود ورويداً رويدا، وبدأت تتحرك وتنتقل من هنا وهناك حتى استقر بها المقام في منزل أحد أقربائها بمنطقة أمبدة دار السلام. وتقول ستنا إنها تركت معسكر النزوح رغبة منها في مستقبل أفضل لها ولابنائها الخمسة.

تتابع ستنا أنه وبعد العيش سنوات طويلة في معسكر (كلمة) بجنوب دارفور، لاحظت أن العمر يمر دون أي تحسن في حالهم، وبعد مرور أسبوع فكرت أن تخرج للعمل بغية الحصول على قوت لها ولابنائها، بعد وفاة رب الأسرة، واستقر بها الحال في العمل بمهنة بيع الشاي، والحمد لله تمكنت في وقت وجيز من الاعتماد على نفسها، وقامت باستئجار غرفة وصالة، كما تمكنت من إدخال اثنين من أبنائها المدرسة، والابن الأكبر أصر على أن يلتحق بالعمل لمساعدتها في تربية أشقائه، وأصبحت الأمور أفضل بكثير، وأبناؤها متفوقون في الدراسة.

أما آمنة حسن، العائدة من مخيم الشوك، فترى أن أصعب اللحظات كانت حينما تفزع هي وأبناؤها حينما يسمعون أصوات الرصاص، وتري في عيون أطفالها الفزع والخوف، وتقول: “لم نشعر بالأمان إلا حينما انتقلنا إلى المخيمات، لأن القوات الأمنية تحرسها من أي اعتداء غاشم، وطوال وجودي في المعسكر كانت تراودني فكرة الخروج من المخيم والفرار إلى منطقة أكثر أماناً، وتحقق ذلك”.

تضيف: “غادرنا إلى الفاشر، ومن ثم تمكنت من الذهاب إلى الخرطوم، ظللت أعمل ليل نهار من أجل أبنائي الأربعة بعد مقتل زوجي في أحد المعارك، الآن قطعت شوطاً بعيداً في تربيتهم، نجحت الابنة الكبيرة وتدرس الآن في المستوى الثالث بجامعة أم درمان الإسلامية، ولدي ابن ممتحن للشهادة هذا العام، وابن وابنك في مرحلة الأساس، وأنا عازمة على تعليمهم جميعاً ليعتمدوا على أنفسهم مستقبلاً”.

تركناها وفي عيونها لمسة حزن وألم لفراقها الأهل والأحباب بمدينة دارفور، وتتمنى العودة إليها قريباً بعد أن استقرت الأحوال.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..