مقالات وآراء سياسية

ما اشبه الليلة بالبارحة (2)

(مكين تيراب ومتلازمة الفشل)

طارق الامين علي ادريس

كنا نعتقد ان الاخ مكين تيراب سيكون مختلفا عن غيره وافضل من من سبقوه ، وسيحقق على الاقل بعض الانجازات لصالح شريحة المغتربين بوصفه رجل اتت به الثورة ، ورشح من قبل رئيس مجلس وزرائها ، والاهم من ذلك كله باعتباره من قدامى المحاربين المغتربين في المملكة ، ويعلم معاناتهم ومشاكلهم وهمومهم الا انه للاسف لم يحقق اي انجاز يذكر ولم نسمع منه سوى التصريحات والاعلانات الصحفية والاعلامية والظهور في وسائل الاعلام المختلفة التي سأمنا ومللنا كمغتربين مايتناول ويطلق عبرها من تصريحات لاتساوي قيمة المداد المكتوبة به، ليس ذلك فحسب بل ان الرجل اسهم بسبق اصرار متعمد في تعميق وزيادة حدة الخلاف بين مكونات بعض الجاليات السودانية في بلاد الاغتراب بانحيازه الصريح والواضح لفئة معينة دون غيرها في تجاهل واضح للقانون وللاعراف والتقاليد الراسخة بشان تكوين الجاليات بالمهجر وبدون مراعاة للاتزان المطلوب والتمثيل النسبي والخبرة والتعدد والتنوع الذي تذخر به الجالية ومكوناتها واصدق مثال على ذلك ماحدث في جالية المنطقة الشرقية باصداره لقراره رقم (5) الذي الغى بموجبه قراره الاول رقم (34) في تصادم وتعارض صارخ لاتخطئه عين فاحصة على الرغم من تنبيهه اكثر من مرة لخطورة ماقام به ، وانه لايمكن قيام اي جالية بالمهجر بدون الوصول للحد الادنى من التوافق المطلوب بين مكوناتها .
اعتقد ان الاخ مكين فشل في تحقيق ابسط مايتطلع اليه المهاجر السوداني ، ولم يقف على مسافة واحدة من الجميع كما اوضحت رغم الكتابة اليه وتنبيهه لخطورة ذلك من أكثر من جهة حادبة على المصلحة العامة،وانه ينبغي عليه استدراك الوضع ومعالجة الخطأ بقرار جديد يلغي قراره رقم (5) تحقيقا للتوازن المطلوب بالاضافة الى ان ماسماه مؤخرا عبر المؤتمر الصحفي وتناولته وسائل الاعلام والميديا ووسائل التواصل الاجتماعي بحزمة مصفوفة غير مسبوقة لدعم المهاجرين السودانيين ينطبق عليه بحق ماتضمنته الاية الكريمة (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب) نعم مجرد سراب كسابقاته من الوعود والمصفوفات التي اعلن عنها من سبقوه مثل (كرار التهامي ، وحاج ماجد سوار، بدءا من عهد تاج الدين المهدي ) نعم مجرد أوهام طالما لم يصدر قرار تنفيذي من رئيس مجلس الوزراء او المجلس السيادي بانفاذها وبدء تطبيقها ( اما ان نظل تحت رحمة وزارات الدولة واجهزتها المختصة بتداخلاتها العميقة وكسبها من المغترب وماتجنيه من ايرادات ضخمة منا وذر الرماد في العيون فهذا وضع لم يعد بمقدور اي مغترب الصبر عليه ولعل اصدق مثال على ماتقدم : النفرة غير المسبوقة وتزاحم وتدافع المهاجرين السودانيين بمختلف شرائحهم وفئاتهم لدعم اقتصادهم الوطني بالتحويل عبر الجهاز المصرفي بالسعر الحر الذي اعلن عنه مؤخرا وعدم وجود مايناسب هذا الموقف الوطني العظيم من قبل الدولة ووزارة المالية والبنك المركزي الامر الذي جعل الكافة يندمون على مابدر منهم من تدافع والعودة بقوة مرة أخرى للسوق الاسود .
ان ما اعلن عنه الاخ مكين مؤخرا وسماه مصفوفة دعم للمغترب ليس الاول ولن يكون الاخير كذلك وهو بالمقابل ليس منة من الدولة او من احد على المهاجر السوداني بل حق اصيل من حقوقه الضائعة والمهدرة لسنوات على الرغم من تضحياته الكبيرة وقضاء اروع واجمل سنوات العمر بعيدا عن الوطن والاحبة والاهل، والحقوق تنتزع انتزاعا بالطبع ولايطالب بها ، وان مااخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة، واعتقد ان المهاجر السوداني وصل للقناعة الكافية بضرورة استرداد حقوقه وانتزاعها انتزاعا
ان هموم ومعاناة واوجاع المهاجرين السودانيين المستمرة المتواصلة لسنوات طويلة والعمل على معالجتها تتطلب ارادة غلابة حقيقية ، وقرارات تنفيذية شجاعة ، ورجال شجعان اشاوس في الوقت نفسه مؤمنين بالمبدأ لايتلونون ولايساومون ولايخشون في الحق وحقوق المغترب لومة لائم ولايقفون مع جهة دون الاخريات ، أما الامساك بالعصا من منتصفها ، والتلويح بمفاتيح الحلول والمعالجات الوسطية عديمة الفائدة ، والالقاء بنا في لجة من السراب الخادع ، وسلسلة من المؤتمرات الصحفية والوعود التي لاتسمن ولاتغني من جوع فهذا مانرفضه بشدة جملة وتفصيلا ولايجد منا في الوقت نفسه اي احترام او تقدير فاما أن نكون او لانكون .
اعتقد ان مكين ومن معه لايملكون الارادة الحقيقية القادرة على تحقيق حلم وطموح المهاجر السوداني وتخفيف معاناته، ولا الافق الثوري الذي يسمح بالاستفادة من المغترب السوداني كمعول بناء حقيقي لبناء الوطن وديمومة نهضته ، ولا الرؤية الكلية والتصور الاستراتيجي والتخطيط الشامل الكافي لجعل بيئة الاغتراب بيئة جاذبة ومشجعة وداعمة لاقتصاد الوطن، واننا بالمقابل لم نشهد حتى تاريخه اي انجاز حقيقي للاخ مكين منذ توليه منصب الامين العام وعندما اقول انجاز فعلي فانني اعني الانجازات التي تمثل ذرورة سنام مطالب المهاجر السوداني وتلك التي تقض مضجعه وتؤرق منامه بالفعل ولا اعتقد بانها خافية على احد فقد كتبنا عنها كثيرا وتناولتها الاقلام وجفت من مدادها الصحف
اعتقد في الوقت ذاته انه قد آن الاوان على مكين ومن معه الترجل وافساح المجال للغير لاخفاقهم في احداث اختراق حقيقي يعيد الاتزان المفقود والثقة الغائبة اصلا بين المغترب والدولة ، وان الحكومة الانتقالية بدورها عجزت ولم تقدم اي شي فعلي للمهاجر السوداني على الرغم من مرور اكثر من سنتين ، وتجاهلت بصورة متعمدة الدور الباذخ للمغترب السوداني في ثورة ديسمبر المجيدة ، واننا كمغتربين وفي هذه المرحلة تحديدا لن نغفر ولن نسامح ونطالب بقوة بحل الجهاز او المفوضية بمسماها الجديد وتسريح موظفيها وتدويرهم على مؤسسات الدولة المختلفة وتحويل مباني الجهاز القائمة حاليا الى مستشفى للمغتربين يتبع لجامعة المغتربين ، والاستعاضة عن الجهاز والمفوضية بادارة في وزارة الخارجية تسمى ادارة شئون الهجرة تتكون من عدد(5 ) موظفين فقط مدير وامين عام وثلاثة موظفين عبر ومن خلال نافذة الكترونية تنجز فيها كافة معاملات المغترب ، مع ضرورة الدعوة لمؤتمر جامع للمغتربين في اغسطس من هذا العام 2021 لتقييم التجربة ومراجعة ماتم اتخاذه من قرارات سابقة والخروج بالتوصيات المطلوبة ومن ضمنها دعوة المهاجرين السودانيين في جميع منافيهم لتكوين شركات المساهمة العامة والشراكات الذكية فيما بينهم وبين المستثمرين الاجانب وذلك للاستثمار في المجال العقاري والزراعي والصناعي والتجاري وتكوين الشركات المهنية المتخصصة وضرورة قيام الدولة عبر وزارتها المتخصصة بتعديل قوانين الاستثمار والشركات واسماء الاعمال والعلامات التجارية والتعاملات الالكترونية ليستوعب الطفرة الاقتصادية القادمة باذن الله من هجير رحم المهاجر القصية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..