أخبار السودان

الاستثمار في السودان .. بين البيئة الجاذبة والتعقيدات القانونية

الخرطوم – عواطف محجوب

اتفق خبراء اقتصاديون وأكاديمون على أن التعديلات التي أدخلت على قوانين الاستثمار منذ العهود السابقة وحتى اليوم، غير مشجعة وطاردة للاستثمار الأجنبي بسبب التعقيدات الإدارية والمشاكل المختلفة، مثل عدم توفر البنيات الأساسية وعدم الاستقرار الاقتصادي، مؤكدين أن قانون الاستثمار الحالي لا يُلبي متطلبات المستثمرين الأجانب بالشكل الذي يشجعهم للعمل في السودان.

كما أكدوا ضرورة خلق بيئة مناسبة للمستثمرين لأن الاقتصاد السوداني واعد، وأنه لابد أن تكون هناك قوانين مشجعة وإجراءات مبسطة، ليتمكن السودان من جذب المزيد من الاستثمارات الفاعلة لخدمة الأهداف الاقتصادية.

وكان المجلس العسكري الانتقالي في السودان قد أدخل تعديلاً في 2019 على قانون تشجيع الاستثمار لسنة 2013، شمل إعفاءات وتسهيلات للمستثمرين. وتضمن التعديل، إعفاءات جمركية للمشاريع الاستثمارية، ومنح المشروع إعفاء من الرسوم الجمركية على تجهيزات المشاريع، كما منح المشروع الإعفاء من الرسوم الجمركية لوسائل النقل، باستثناء المركبات الإدارية.

وفي مطلع العام الجاري، سارعت وزارة التجارة الأمريكية عبر قسمها المختص بإدارة التجارة الدولية على موقعها الإلكتروني، واأضافت دليلاً مفصلاً عن السودان والفرص المتاحة للأعمال والتجارة والاستثمار فيه للمرة الأولى بعد (25) عاماً من القطيعة الاقتصادية.

في الوقت ذاته، بعث وزير الاستثمار، الهادي محمد إبراهيم، رسائل مطمئنة بأن بلاده وضعت حلولاً عاجلة لمعالجة المشاكل التي تواجه المستثمرين، لافتاً إلى أن مشروع قانون الاستثمار الجديد في مرحلة الإجازة، ويتمتع بميزات تفضيلية تصب في مصلحة المستثمرين. وأكد أن الدولة تعمل حالياً على إيجاد حلول ومراجعة لكافة مشاكل الاستثمارات، خاصة الأجنبية التي صدر فيها قرار نزع أو تقليص للمساحات.

بالمقابل، يرى الخبير الاقتصادي، والأستاذ بجامعة أم درمان الأهلية، د. أحمد حامد، أن هناك تعديلات عديدة أدخلت في السابق على قوانين الاستثمار، لكن تنزيلها على أرض الواقع كان فيه قصور، لأن أي تعديل يحتاج للمتابعة والتنفيذ، على أن تكون هناك امتيازات كثيرة جاذبة للاستثمار، لأن تهيئة مناخ الاستثمار تتمثل في توفر البنيات التحتية وتحقيق الاستقرار على أسعار الصرف، وأن يكون هناك اقتصاد معافى لجذب الاستثمارات الهادفة.

وحذر حامد، في حديث لـ (مداميك)، من العوامل المؤثرة على جذب الاستثمارات، وأضاف: “منذ إعلان سياسات التحرير، ظلت قوانين الاستثمار لا تحمي الصناعة المحلية ولا تشجع المستثمر، لأن المستثمر لابد أن يتأكد أن سوق السلع محمي، ويضع في الاعتبار الإنتاج المحلي هل هو محمي، لأن التعريفة الجمركية تفرض قيوداً واشتراطات فنية، ومثل هذه القيود المفروضة على التعريفة الجمركية لا تحمي المنتج المحلي”.

وأشار إلى أن مسودة قانون الاستثمار لا توجد بها حماية كافية للإنتاج المحلي، وتمت مناقشة هذا الأمر مع الجهات المعنية، مؤكداً أن الإجراءات التي تتبناها الدولة لا تحفز الإنتاج المحلي ولا تعطيه الحماية الكافية ليكون قادراً على المنافسة والتخفيف من الضرائب المختلفة، لأنها تؤدي لزيادة التكاليف، موضحاً أن أي مستثمر قبل الدخول في أي استثمار يراقب وضع السوق والإنتاج المحلي لكي يسترد عائد استثماره ويحقق ربحاً، داعياً القائمين على أمر الاستثمار إلى خلق بيئة مناسبة لجذب المزيد من الاستثمارات للقطاعات ذات الأولوية.

ويؤكد خبراء اقتصاد أن الكرة الآن في ملعب السودان، خاصة بعد رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، حيث بدأ يتوافد للبلاد مستثمرون ورجال أعمال عرب ومن دول أجنبية من أمريكا وأوروبا، ويبدون رغبتهم في الاستثمار، ولابد أن تكون القوانين مواكبة ومشجعة للمستثمرين.

في الأثناء، تنطلق غداً فعاليات الاجتماع التحضيري لملتقى (الاستثمار في السودان: الفرص والتحديات) بالخرطوم خلال الفترة من (3 إلى 4) أبريل 2021، برعاية وزارة الاستثمار، تمهيداً لمؤتمر باريس.

ويبحث الاجتماع التحضيري عرض المنصة التي سيوفرها الملتقى المزمع انعقاده في باريس مايو المقبل، والذي من المُنتظر أن يفتح آفاق الاستثمارات المشتركة وفرص الاستثمار بمشاركة رجال أعمال وشركات من السودان مع نظرائهم من فرنسا وبعض البلدان الأوروبية.

كما ينظم المركز السوداني الأوروبي لدراسات السلام (ملتقى الاستثمار في السودان) بالتنسيق مع عدد من الغرف التجارية الصناعية الفرنسية بالتعاون مع الحكومة الفرنسية.

وتقدر الاستثمارات الأجنبية في السودان بـ (74) مليار دولار حتى عام 2017. وهي متنوعة: زراعية، ونفطية، وتعدينية، وغيرها، وتملكها شركات من مختلف دول العالم، إلا أن الصين تتصدر البلدان من ناحية حجم ومبلغ الاستثمارات الأجنبية في السودان. وتلي الصين، السعودية، التي ضخت نحو (26) مليار دولار خلال الأعوام الخمسة الماضية، ولديها كبريات المشروعات الزراعية.

مداميك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..