أخبار السودان

تحفظات (سيداو).. هل تفرغ الاتفاقية من محتواها؟

ظلت المطالبة بالمصادقة على المواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية الداعمة لحقوق النساء، واعتبارها مرجعية عند معالجة مسألة قضاياهن وعلى رأسها سيداو والبروتوكول الأفريقي؛ محل جدل وخلاف لسنوات. ويعد السودان من الدول القليلة التي لم تصادق على تلك الاتفاقية لأسباب سياسية ودينية، وعلى الرغم من اعتراف السودان بدور النساء وحقوقهن منذ وقت مبكر؛ إلا أن خطوة الموافقة على اتفاقية سيداو جاءت متاخرة، بيد أنها وجدت تأييداً واسعاً، مثلما وجدت المعارضة أيضاً.

وأجاز اجتماع مجلس الوزراء الأخير بروتوكول حقوق المرأة في أفريقيا الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، كما أجاز اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) مع التحفظ على المواد (2)، (16)، (29/ 1)، في وقت رأت عدد من الأجسام النسوية أن المواد المتحفظ عليها لا يوجد بها مسوغ أو تفسير منطقي سوى تكبيل الاتفاقية وإفراغ محتواها وجعل توقيعها وعدمه سيان. وطالبت الدولة بالإسراع في إنشاء الأدوات اللازمة لإنفاذ المعاهدة، وسن القوانين الداعمة لها، ودعت التنظيمات النسائية المختلفة لمناهضة التحفظات.

وتنص المادة 2 على أن كل الدول التي تصادق على هذه المعاهدة يجب عليها إظهار نيتها الحقيقة للمساواة بين الجنسين في دساتيرها المحلية، وأن يتم إلغاء كافة القوانين التي تسمح بالتمييز بناء على الجنس، وأن تسن هذه الدول قوانين بهدف الحماية من أي تمييز يتم ضد المرأة. كما أن على الدول المُصدقة على الاتفاقية إنشاء محاكم ومنظمات مجتمعية بغرض ضمان حماية فعالة للمرأة ضد أي ممارسات تميبزية، ويجب عليها أيضًا اتخاذ خطوات حقيقية تجاه الأفراد، والمؤسسات، والمنظمات التي تمارس التمييز ضدهن.

بينما تهتم المادة 6 بجميع أنواع التمييز ضد المرأة في جميع الأمور المختصة بالزواج وتكوين أسرة. فتكفل هذه المادة لكل من الزوج والزوجة (نفس الحق في الزواج، واختيار شريك الحياة بحرية)، (وتكفل لهم نفس الحقوق والواجبات أثناء الزواج أيضًا إذ قررا الانفصال)، (ولهم نفس الحقوق والواجبات في كونهم والدي الأطفال)، (نفس الحق في حرية اختيار عدد الأطفال والمدة بين إنجابهم إذا قررا إنجاب أكثر من طفل)، (نفس الحقوق والواجبات كزوج وزوجة متساويين في اختيار اسم للأسرة، وتحديد المهنة)، (نفس الحقوق لكلا الزوجين في التعامل مع ممتلكات الأسرة من حيث الحق في امتلاك، حيازة، إدارة، التحكم، التمتع وحرية التصرف في هذه الممتلكات، سواء أكان هذا التصرف مجانياً أو بمقابل ما).

وتختص المادة (29/1) التي تم التحفظ عليها بأي نزاع ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف بشأن تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية، ولم تتم تسويته عن طريق التفاوض، يقدم بناء على طلب واحدة منها إلى التحكيم، إذا تعذر على الأطراف خلال ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم، الاتفاق على تنظيم التحكيم، فيجوز لأي من هذه الأطراف إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية بطلب وفقا للنظام الأساسي للمحكمة.

وأعلنت اللجنة التنفيذية للاتحاد النسائي السوداني، دعمها وتأييدها للخطوة التي رأتها انتصاراً لنصالات النساء، وفي ذات السياق أعلنت رفضها أي تحفظ على أي مادة من الاتفاقية، وقالت إن المادة (٢) هي روح الاتفاقية، إذ تضمنت شجباً صريحاً للعنف ضد المرأة ووضعت التدابير اللازمة لوضع الاتفاقية موضع التنفيذ، وبدونها تصبح الاتفاقية حبراً على ورق، وهو قصد صريح لإفراغ الاتفاقية من مضمونها وتجريدها من أدواتها التي تمكنها من النفاذ على أرض الواقع.

وأضافت: “كذلك المادة (١٦) التي هي لحم الاتفاقية وسداتها، فهي تبين بشرح واضح الحقوق الواجب حمايتها حتى لا يكون هناك تغول أو لبس في مقاصد الاتفاقية، فالتحفظ على هذه المادة هو طمس لمعالم الاتفاقية ووضعها في مقام المبهم، أما المادة (29/1) فإن التحفظ عليها لا يعني سوى الإمعان في المخالفة إذ ليس هناك هدف واضح من وراء التحفظ”.

من جانبها، أعلنت مبادرة (لا لقهر النساء)، رفضها أي تحفظ يخص المصادقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، مؤكدة أن المصادقة على كل الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان هي استحقاقات واجبة الإيفاء. واعتبرت المصادقة خطوة هامة تحققت بفضل تضحيات الشعب السوداني وثورة ديسمبر المجيدة، وأضافت: “لا للردة عن التزامات الدولة تجاه مكتسبات النساء وهو تعارض واضح مع الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا لسلام السودان”.

إلى ذلك، رحبت المفوضية القومية لحقوق الإنسان بالمصادقة التي وصفتها بالمهمة، وقالت إنها تتطلع إلى المصادقة على الاتفاقية دون إبداء أي تخفظات، وذكرت بقاعدة عدم جواز التحفظ على المادة 2 التي تعد من المواد الجوهرية في المعاهدة. وأضافت: “يترتب على استبعاد هذه المادة استبعاد أي أثر إيجابي للاتفاقية برمتها، وبالتالي إفراغ المعاهدة من مضمونها في حماية وتعزيز حقوق النساء”.

وأكدت أن التحفظ على المادة 16 من شأنه الانتقاص من حقوق النساء وكرامتهن. وأعلنت المفوضية أنها ستتقدم لمجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين بمذكرة شاملة في هذا الخصوص. وأكدت كذلك ضرورة الإسراع بتكوين المحلس التشريعي باعتباره المؤسسة المصادقة على التشريعات والمعاهدات الدولية.

مداميك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..