أخبار السودان

تسليم متهمي فض الاعتصام للنيابة.. تحقيق للعدالة في السودان أم تهدئة للشارع؟

واشنطن: مصطفى هاشم

بعد نحو عامين من رفعهم شعارات “حرية، سلام، وعدالة” عاليا خلال الثورة السودانية، اتخذت السلطات السودانية خطوة لتحقيق العدالة في مقتلهم أثناء فض الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة.

ويرى عضو مجلس السيادة السوداني والمتحدث باسمه، محمد الفكي سليمان، في حديثه مع موقع “الحرة” أن تسليم الجيش تقريره حول نتائج التحقيق في قتل المتظاهرين، في 2019، وتسليم سبعة متهمين فيها للنيابة، “دليل على أن مجلس السيادة والحكومة السودانية مصممان على تطبيق العدالة باعتبارها أحد المطلوبات الأساسية التي نادت بها الثورة السودانية”.

لكن المتحدث باسم حزب المؤتمر السوداني و”قوى الحرية والتغيير”، نور الدين بابكر عبر لموقع “الحرة” عن خشيته من أن تكون الخطوة “فقط لتهدئة الشارع” بعد الأحداث الأخيرة، منتقدا في الوقت ذاته طول مدة تنفيذ العدالة، ومطالبا بإصلاح المؤسسات العسكرية والعدلية.

وجاء القرار الأخير، بعد مقتل شخصين خلال تفريق مظاهرة شارك فيها المئات، الثلاثاء الماضي، أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم، أثناء الذكرى السنوية الثانية لعملية فض اعتصام أوقعت عشرات القتلى.

وتضم معتقلات السجن الحربى التابعة للجيش السوداني بالإضافة إلى المتهمين السبعة، 92 عسكريا آخرين يشتبه في مشاركتهم في قتل وإصابة متظاهرين، الأسبوع الماضي.

ومع استعداد الجيش لتسليم كل هؤلاء للعدالة، تشير بعض أصابع الاتهام إلى ما تصفه بـ”جهات سياسية” وراء تنظيم إحياء الذكرى الثانية للاعتصام، وحث الشباب على الاقتراب مرة أخرى من قيادة الجيش، وتطالب بمتابعة التحقيقات للكشف عن تلك الجهات.

ويوضح عضو مجلس السيادة السوداني والمتحدث باسمه محمد الفكي سليمان لـ”موقع الحرة” أن “الذين تم تسليمهم هم الأشخاص الأساسيين المتهمين بإطلاق النار، “لكن ربما تظهر خلال التحقيقات أسماء أخرى، من الذي فوضهم ومن الذي أعطاهم التعليمات، وهي أسئلة متروكة للتحقيقات”.

ويضيف: “أما بالنسبة للأشخاص الذين تم تسليمهم في الأحداث الأخيرة، فهؤلاء كانوا من جانب الجيش، ويعتبرون شهود عيان لأنهم كانوا في موقع الحدث ولم توجه لهم اتهامات، لكن هناك أشخاص آخرين غير مخول لي بالحديث عنهم، فالنائب العام هو الذي يستطيع أن يتحدث عن هذا الأمر من خلال التحقيقات عن المتهمين الآخرين”.

لكن بابكر يشير إلى أن خطوة تقديم الجيش للمتهمين “جاء بعد مطالبة النائب العام لكشوفات الضباط والعساكر الذين كانوا متواجدين في تأمين مبنى القيادة العامة، ورفع عنهم الحصانة لمثولهم أمام القضاء”.

“تأخير تحقيق العدالة”

الخطوة التالية بعد تسلم النيابة العامة تقرير الجيش هي استجواب المتهمين وفتح بلاغات جنائية فى مواجهتهم بمقتضى المادة 130 المعتلقة بالقتل العمد، والمادة 186 المتعلقة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

ويطالب بابكر النيابة بتحديد موعد محاكمات المتهمين، للوصول إلى العدالة، “التي تأخرت كثيرا وغابت عن عهد الحكومة الانتقالية الأولى”، مشيرا إلى أن تأخير العدالة يعني “تغييبها”.

ويتفق معه سليمان أن هناك تأخيرا في تحقيق العدالة ويقول إنه “أمر غير مرض لنا أيضا في مجلس السيادة، لكن يجب ألا ننظر له على أنه أمر متعمد. هذا بسبب التخريب الممنهج الذي طال هذه الأجهزة في كل المؤسسات ومنها الأجهزة العدلية”.

وعبر البعض، ومنهم بابكر، عن مخاوفه من أن يكون التحرك السريع هذه المرة بهدف تهدئة المطالب السابقة بكشف المتورطين عن حادثة فض الاعتصام الأولى، لكن سليمان يقول إن “العدالة لا يمكن أن تتجزأ وأنا أعتقد أن الشعب السوداني لديه من النضج ما يكفي، لا يستطيع أحد أن يتعامل معه بطريقة التكتيك السياسي”.

وأكد سليمان أن هناك “رغبة كاملة في تحقيق العدالة ولدينا الجرأة في تحقيقها، وبالتالي هذه الخطوات كلها نحن سرنا فيها وعملنا جنبا إلى جنب مع الأجهزة الأمنية والعسكرية والعدلية كافة في سبيل تحقيق هذا الأمر”.

إصلاح المؤسسات

ويرى بابكر أن الأهم من تقديم المتهمين للعدالة هو إصلاح المؤسسات العسكرية والقضائية، محذرا من أنه إذا “لم يتم إصلاحاها وإعادة تعريفها، سنشهد تكرار مقتل متظاهرين”، مطالبا “باستثمار الحادثة الأخيرة للضغط على المؤسسات العدلية والعسكرية لتنفيذ العدالة كلها سواء في الخرطوم أو دارفور وكافة الولايات”.

وقال بابكر إن إصلاح المؤسسات العسكرية واحدة من مهام الوثقية الدستورية وبرنامج الحكومة الذي وضعته، مشيرا إلى أنه “كلما طال أمد إصلاح هذه المؤسسسات، ستستمر في أن تكون مهددة للعملية الانتقالية واستقرار البلاد لأنها من أخطر المؤسسات والتي لا يزال فيها النظام البائد”.

ويقول: “نعم الأجهزة العدلية تحتاج لعملية إصلاح مثلها مثل أجهزة الدولة كافة التي تحطمت تماما بفعل النظام السابق”.

وأضاف “عملية إحقاق العدالة تسير جنبا إلى جنب مع عملية إصلاح المنظومة العدلية وهي كلها أشياء نعمل عليها”، مشيرا إلى أن لجنة تفكيك النظام السابق “أقالت عددا من القضاة ووكلاء النيابة، وهناك تعيينات لأسماء جديدة وتدريب للحاليين”.

الحرة

 

‫3 تعليقات

  1. ((وتسليم سبعة متهمين فيها للنيابة، “دليل على أن مجلس السيادة والحكومة السودانية مصممان على تطبيق العدالة))؟؟!
    كدا خلينا من مجلس السيادة، إنت شخصياً كعضو فيههل تعرف الذين سلمهم العسكر وكم عددهم ورتب الضباط فيهم؟؟؟ يا خي قول المكون العسكري والحكومة ممصممان …. وبعدين انت دخلك شنو غير اسم المجلس الذي حشرته دون علم أعضائه بما يجري من جرائم العسكر!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..