أخبار السودان

كورونا السودان.. السلطات في مواجهة الجدل والاتهام

الخرطوم: ندى رمضان

أثار قرار الإغلاق الجزئي الذي أعلنته لجنة الطوارئ الصحية حفيظة كثيرين، فوصفوا القرار بأنه سياسي ويهدف لقطع الطريق أمام الحراك الثوري التصعيدي الذي انطلق عقب فض إفطار أسر الشهداء بالرصاص والقوى المفرطة، مما أسفر عنه مصرع شهيدين ليُضافا إلى قائمة الشهداء التي ينشد الثوار تحقيق القصاص لهم منذ عامين ولم يتحقق، بينما حمّل آخرون الحكومة مسؤولية التراخي والسماح لقادمين من الهند بالدخول للخرطوم عبر مطار الخرطوم القومي، مما زاد من المخاوف من انتشار السلاسة الهندية.

واستنكر كثيرون تزامن القرار مع امتحانات الأساس وما يترتب عليه من تأجيل للدراسة في ظل الأوضاع الاقتصادية ومضاعفة الأعباء المادية على الأسر خاصة التي تعول أكثر من طالب وطالبة، فضلاً على تردّي الأوضاع بالمؤسسات الصحية وافتقارها لأبسط المقومات.

يقول الصحفي المهتم بالقضايا الصحية محمد سعيد حلفاوي: “الشهر الماضي وصل عشرات الأشخاص من ليبيا إلى مطار الخرطوم، وعندما عرض عليهم موظفو الحجر الصحي الانتقال إلى مركز العزل المؤقت للتأكد من عدم الإصابة بفيروس كورونا رفضوا ذلك، بل تجرأوا وحطموا مكاتب الموظفين وغادروا إلى منازلهم”. وأكد أن الحكومة تواجه منذ العام الماضي إشكالات متعلقة برفض القادمين الانتقال إلى الحجر الصحي. واعتبر أن يد الحكومة مغلولة من ناحية السلطة القوية ومن ناحية توفير الإمكانيات التي تساعدها على استضافة القادمين لأن الخطط الموضوعة غير كافية لمتابعة القرارات من حيث التفاصيل.

وأضاف: “تعتبر مواجهة الكوارث الصحية والوبائيات أمراً ملحاً في الدول الخارجية عدا السودان الذي تعامل بمنتهى الاستهتار مع الوباء لدرجة صعود ركاب الطائرة وهم يحملون نتيجة فحص ايجابية لكورونا”.

ومنعت السلطات المصرية سيدة في شهر رمضان دخول واضطرت سودانير إلى إعادتها في رحلة استثنائية إلى الخرطوم لأن موظف المستشفى الذي أصدر التقرير كتب عبارة (رصدت) بدلاً من (إيجابية) باللغة الإنجليزية.

وأضاف حلفاوي: “كشف وباء كورونا مدى انهيار المؤسسات التي تدار على الطريقة العشائرية، وبدلاً من أن تعي الحكومة الدرس تمادى الإهمال وطال كل شيء حتى مطار الخرطوم أصبح قبلة للفوضى ويمكن للأشخاص دخول صالة المغادرة في أي وقت ناهيك عن اتخاذ التدابير الصحية لدرجة أن الطائرة المغادرة يتم شحنها بالذهب المهرب”.

وحول قرار اللجنة العليا للطوارئ الصحية الذي قضى بإغلاق الجامعات والمدارس ودور العبادة قال حلفاوي إن الحكومة غائبة عن التأثير الإعلامي وحتى الآن بعد مرور ساعات على القرار تبخل السلطات بشرح دوافع القرار لأنها لا تملك أي خبرة لإدارة الدولة. وزاد: “لن نطالب الحكومة بخطتها لكن على الأقل يجب عليها متابعة قراراتها”. ونوه إلى أن إدارة الدولة مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة.

ونبه إلى أن وزير الصحة الأسبق أكرم التوم كان تحدث في هذا الجانب كثيراً ويعد أحد المسؤولين الذين شرحوا الإغلاق والقرارات والوباء بشكل مبسط أدى إلى اهتمام الرأي العام.

وعاد حلفاوي ليؤكد أن الوضع أسوأ مما كان عليه في عهد أكرم التوم بمراحل في ظل تضخم كبير وندرة دوائية وارتفاع الأسعار والوضع المعيشي الكارثي وقرارات حكومية في الطريق بزيادة أسعار الوقود لأن صمتها محير وتخفي شيئاً مريباً.

وطبقاً لتلك الملابسات والتحديات الشائكة طالب أطباء في وقت سابق بالضغط على وزارة الصحة والسلطة الانتقالية، بكل وسائل المقاومة السلمية لفرض (حظر تجوال كامل) لمدة ثلاثة أسابيع قابلة للتمديد في ولايات: الخرطوم، الجزيرة، والبحر الأحمر، للسيطرة على جائحة كورونا، بعد بلوغ نسبة الوفيات أعلى من المعدل العالمي (7%)، وطالبوا بحل اللجنة العليا للطوارئ الصحية وتشكيل لجنة وزارية عليا للتحكم في الجائحة، على أن تكون برئاسة الحكومة التنفيذية المدنية ومشاركة الأجسام المهنية والثورية.

وشددت رابطة الأطباء الاشتراكيين، على ضرورة إغلاق مطار الخرطوم وميناء بورتسودان والمعابر البرية مع كل دول الجوار، ومنع السفريات الداخلية من وإلى أماكن الإغلاق إلا بغرض الإمداد والمعونات الإنسانية وفقاً للضوابط، وطالبت بتحسين بيئة العمل في المؤسسات الصحية ومراكز العزل بتوفير الأدوية المنقذة للحياة، وتوفير ميزانية التسيير الكافية، وتوفير معينات حماية الكوادر الصحية، وتفعيل نظام الفرز والإحالة، بجانب دفع مرتبات وحوافز العاملين بمراكز العزل والمؤسسات الصحية عموماً، مع توفير ميزانية الفحص العشوائي، وتجهيز وإعادة تدريب فرق الاستجابة السريعة وتوفير الميزانيات اللازمة لعملها.

ودعت إلى إعادة تشغيل كل المرافق الصحية ومراكز العزل مع زيادة السعة الاستيعابية لكل المراكز الأولية والثانوية والعناية المركزة، وتمسكت بتطبيق قانون طوارئ كورونا، وزيادة السعة الاستيعابية للمعامل الخاصة بالفحص، مع خطة تمدد لتوفير خدمات الفحص بالولايات، لكن ضربت الحكومة بتلك المطالبات عرض الحائط دون أن تحرك ساكناً حتى وصلت الأزمات ذروتها وليصبح الجميع في انتظار المجهول حال لم تقم السلطات بما يليها من واجبات وأن يلتزم المواطنون بالاشتراطات الصحية باعتبارها الضامن الوحيد لكبح جماح جائحة الموت.

مداميك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..