أخبار مختارة

فساد الوحدات الإيرادية (وزارة الداخلية مثالاً) من فساد وزراء المالية (د. الركابي مثالاً)

حسين أحمد حسين

مدخل

لا غنى لدارسي الاقتصاد وطلابه المعنيين بدارسة واقع الفساد في السودان في الوقت الراهن، من الرجوع المستمر لدراسة عالِمينا الجليلين إبراهيم الكرسني والواثيق كمير عن الفساد في السودان. حيث ترقد هناك في بحثهما المهم “الفساد كعنصر خامس لعناصر الإنتاج” المفاهيم والآليات والمنهج والخلاصات الدقيقة لفهم هذه الظاهرة المدمِّرة لمجتمعنا السوداني (1).

وهى ظاهرة لعمري من خطورتها أقسم نبينا الكريم محمد صلوات ربي وسلامه عليه أنْ لو أنَّ شخصاً شريفاً قد اقترفتها (وحاشى للشرفاء أن يفعلوا) لقطع حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أياديهم.

حيثيات

تُقِر كافة تقارير المراجعة القومية في السودان بخطر التجنيب على تحقيق أهداف الموازنة العامة. ويا لكم أوصى المراجع العام السوداني باتخاذ الإجراءات اللازمة لتغيير أداء وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، وتبني نظام محاسبي واستقدام نظم وبرامج مالية بصورة فاعلة وفق المعايير العالمية؛ كاشفاً بذلك عن المشاكل والمعوقات والتحديات التي تواجه عمل التحصيل الإلكتروني في الإيرادات العامة من الوحدات الإيرادية في الخرطوم وبعض الولايات الأُخرى؛ ولكن لا حياة لمن تنادي.

وقد حدثناكم في مقال سابق عن مَن الذي جلب أجهزة التحصيل الإلكتروني الغير مطابقة للمواصفات والمعايير العالمية التي يتحدث عنها المراجع العام أعلاه من داخل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بالاتفاق مع بعض أفراد/شركات تابعين لجهاز الأمن القومي السوداني (2).

بعض فساد وزارة الداخلية عن طريق التجنيب

جاء بالراكوبة الموقرة بتاريخ 7 فبراير 2019 “أنَّ المراجع العام قد أقرَّ بعدم تمكنه من مراجعة إيرادات التحصيل الإلكتروني الخاصة بوزارة الداخلية منذ بدء العمل به في العام 2015 وحتى 2018، حيث اتهم الداخلية بتجنيب إيرادات النقد الأجنبي الخاصة بالمطار، الأجانب، السفارات، الجوازات، السجل المدني، حماية الحياة البرية، المرور السريع، المباحث، الأدلة والتي بلغ في إجمالها 299 مليار و414 مليون جنيه …” (3).

وهذا فساد وحدة واحدة فقط من الوحدات الإيرادية للدولة التي يجب أن ترفد الموازنة العامة بمليارات الجنيهات، التي لو حُسبت كنسبة من الإيرادات العامة لأيِّ سنة لتململ لها في قبورهم أصحاب الهمم العالية من وزراء المالية والتخطيط الاقتصادي ووكلائهم من الرعيل الأول حتى زمان د. عبد الوهاب عثمان؛ الذي نحسب أنَّه وليٌ من أولياء الله الصالحين ضلَّ طريقه للإخوانوية ذات غفلة من الزمان.

وزير المالية ف أ/ د. الركابي يخوِّل وزارة الداخلية التجنيب بخطاب مخاتل

ميزانية الركابي ... كاريكاتير عمر دفع الله
ميزانية الركابي … كاريكاتير عمر دفع الله

ما يجدر ذكره هنا أنَّ منبع الفساد/التجنيب أعلاه مقنَّن (للأسف) في خطاب – ركيك الصياغة وملئ باللَّف والدوران في محاولة يائسة لتمويه الجرم – صادر من مكتب وزير المالية والتخطيط الاقتصادي وموقع بواسطة الفريق أول د. محمد عثمان سليمان الركابي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الأسبق بتاريخ 27 نوفمبر 2017، والمعنون لوزير الداخلية، يخوِّل فيه الأول الثاني تجنيب إيرادات وزارة الداخلية بصورة أو أخرى، الأمر الذي نتج عنه الفساد الذي يتحدث عنه المراجع العام بعاليه؛ وهو أمر لو يعلم دافع الضرائب السوداني أنَّه مستمرٌ حتى كتابة هذه الأسطر (أحرف الخطاب منسوخة أدناه، وهناك صورة طبق الأصل لخطاب الوزير المعني أدناه أيضاً).

“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.، ،،،

الموضوع:- التحصيل بنظام التحصيل الإلكتروني (E15)

“في إطار استخدام تطبيقات تقانة المعلومات {والإصلاحات} كأحد أهم أدوات تطبيق مفاهيم الاقتصاد المبني على المعرفة وأحكام الرقابة بغرض تقوية وتطوير الأداء الاقتصادي والمالي وبهدف التحول بشكل كامل الى استخدام تطبيقات تقانة المعلومات في كل العمليات التي تقوم بها الدولة في النواحي المالية والاقتصادية تحقيقاً لمبادئ الشفافية والمحاسبة والتوظيف الأمثل للموارد وتنفيذاً لتوجيهات مجلس الوزراء بخصوص إصلاح الدولة. وبحمد الله قد نجحت وزارة المالية  وفي تشغيل نظام التحصيل الإلكتروني ونظام حساب الخزانة الواحد والنظام المالي للدولة ونظام المرتبات المركزي.

في البدء يسرنا أن نزجي لكم جزيل الشكر للتعاون الكبير في اتخاذ تطبيقات تقنية المعلومات المالية وأهمها نظامي التحصيل الإلكتروني ونظام الخزانة الواحد. كما نرجو وفي إطار ولاية وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي على المال العام أن يتم تضمين كل تحصيل الشرطة تحت مظلة التحصيل الإلكتروني ليشمل مستشفي الرباط الجامعي وجامعة الرباط الوطني وشركة الوكيل وغيرها من الجهات الشرطية التي تتعامل في الالمال العام. علماً بأنَّ استخدام نظام التحصيل الألكتروني لا يعني توريد الأموال إلى حساب الحكومة إلاَّ أنه مطلوب كأداة وحيدة لإبراء الذمة في تحصيل الأموال العامة. عليه نرجو توجيه منسوبيكم بالإلتزام باستخدام نظام التحصيل الإلكتروني الخاص بوزارة والتخطيط الاقتصادي فقط لأغراض تحصيل الأموال العامة.

{وتفضلوا} بقبول وافر الشكر والتقدير،،،

فريق أول

(إمضاء)

د. محمد عثمان سليمان الركابي
وزير المالية والتخطيط الاقتصادي

معنون إلى:-

السيد/ حامد منان محمد الميرغني

وزير الداخلية” (4).

(1) Research Report No. 72 El-Wathig Kameir Ibrahim Kursany CORRUPTION AS A “FIFTH” FACTOR OF PRODUCTION IN THE SUDAN The Scandinavian Institute of African Studies Uppsala 1985.

(2) (الراكوبة: تحذير لدكتور حمدوك من تعيين إبن خالته الكوز “عبد إبراهيم” وكيلاً أولاً للمالية والتخطيط الاقتصادي).

(3) (الراكوبة: المراجع العام يتهم وزارة الداخلية بتجنيب 299 مليار و414 مليون جنيه).

(4) صورة من خطاب الركابي لوزير الداخلية (المصدر وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي):

وزير المالية ف أ/ د. الركابي يخوِّل وزارة الداخلية التجنيب بخطاب مخاتل
وزير المالية ف أ/ د. الركابي يخوِّل وزارة الداخلية التجنيب بخطاب مخاتل

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..