مقالات وآراء سياسية

يظهر ان السياسيين السودانيين كفار أولاد كفار..

عبدالعزيز عبدالباسط

برغم الانكار المصري المتواصل فكل الشعب السوداني علي يقين تام بان ملف السودان لدي الحكومات المصرية المختلفة ظل ملفا مخابرتيا لايعرف طريقه الي وزارة الخارجية المصرية وهو امر ظل يثير حفيظة السودانيين جميعا وبعد محاولة اغتيال الرئيس الاسبق حسني مبارك في أديس أبابا (يونيو 1995) إنتقل ملف السودان ليدار بشراكة فعلية بين قيادات الامن الوطني الذي يتبع لوزارة الداخلية والمخابرات المصرية معا وهذا الامر أسهم في إضعاف الدبلوماسية الشعبية وادى الي ضعف الدور المصري في السودان.. وجراء تلك الممارسة ضعفت معلومات مصر عن الحياة السياسية فى السودان وظل دورها متواضعاً تجاه قضايا دولة جارة مهمة مثل السودان الذي يمثل عمقا امنيا استراتيجيا ومهما للدولة المصرية وتلى ذلك احتلال مصر لمثلث حلايب السوداني في (1992) وقامت اثيوبيا باحتلال الفشقة الصغرى والكبرى في وقت متزامن لاحتلال مصر للمثلث السوداني ويعتقد كثير من السودانيين ان ذلك تم بتحريض من “حسني مبارك” شخصيا عبر “عمر سليمان” مدير المخابرات السابق الذي نصح اثيوبيا بعدم شكوى السودان الي مجلس الامن لعدم جدوى ذلك وعلي اثيوبيا أن تكسب اراضي سودانية فذلك خيرا لها الف مرة من المتاهات في اروقة مجلس الامن الدولي .
منذ ذلك التاريخ ظلت العلاقة بين الخرطوم والقاهرة بحالة شد وجذب لم يتناسى معها السودانيون ان مصر دولة احتلال تنظر الي السودان كحديقة خلفية للتوسع وظلت سحائب الخلافات متصاعدة و مريرة ومستمرة حتى وقت قريب وقد زاد الطين بلة مسارعة مصر لفتح سفارة لها قبل جميع دول العالم بدولة جنوب السودان الوليدة الامر الذي اظهر مصر وكأنها كانت تنتظر هذا الحدث المؤلم لكل السودان علي احر من الجمر وتلى ذلك زيارة رئيس الوزراء المصري الدكتور “عصام شرف” الشهيرة لاثيوبيا لاجراء محادثات حول سد النهضة الذي كان حينها مجرد فكرة على الورق الاثيوبي خارقا بذلك الاتفاق التاريخي الملزم بين السودان ومصر بان لا تتحرك اي دولة منفردة دون الاخرى في كل ما يتعلق بخصوص ملف مياه النيل وبعد ذلك جاء الاجتماع الشهير للدكتور” محمد مرسي” بالقيادات السياسة في مصر للتشاور حول سد النهضة وقد دعى فيه الحضور صراحة الي بث الفتنة بين القبائل الاثيوبية وارسال رجال مخابرات بدلا من الدبولماسيين ويومها اخذ كل الشعب السوداني ما حدث في هذا الاجتماع الذي وصف الموقف السوداني “بالمغرف”بان “الكلام ليك ياجارة” وطلب حينها البعض بوقف حالة الحب من طرف واحد والتي يكنها السودانيون لمصر وقد ظل التعكر مضطرم بين البلدين بسبب مثلث حلايب وغيره من الممارسات المصرية تجاه السودان .
لقد سبق لمصر ان اعترفت في (21 فبرايل 1958) عبر مندوبها “عمرو لطفي” امام مجلس الامن في احقية السودان ممارسة سيادته الكاملة علي مثلث حلايب وقد وضعت السودان حينها مثلث حلايب ضمن دوائر السودان الانتخابية ومارس سيادته الفعلية عليه حتي العام 1992 دون أن تبدي مصر أي رفض او اعتراض على ذلك ولهذه الاسباب تجتهد مصر الان في تمصير المثلث السوداني المحتل وترفض اي تفاوض عليه وترفض اللجوء لاي تحكيم دولي بشأنه لعلمها اليقني انها سوف تخسر هذا الملف في اول جلسة لمحكمة العدل الدولية..
الشعب السوداني كله أمس واليوم وغدا يصر على أحقيته في مثلث حلايب ويجدد شكواه ضد مصرسنويا الي الأمم المتحدة في ما يخص حلايب وبرغم ذلك يرفض بشدة أن تتحول المنطقة لبؤرة توتر تسوق للتصعيد مع جارته الشمالية لكن سياسة ضبط النفس التي يمارسها السودان في هذا الشأن لها نهاية والصبر له حدود حتي لو امتنعت السلطات السودانية التصعيد الان بسبب خطر أكبر يمثل مساساً بالأمن القومي السوداني المائي برغم ان المعلوم لكل سوداني ان هذا الخطر علي مصر اكبر لكن كل سوداني يرى تحت وازع اخلاقي تربى عليه ترجئة هذا الملف الي حين درء ذلك الخطر الاكبر المتمثل في سد النهضة الاثيوبي.
ان الموقف المشرف للسودان الان تجاه مصر في قضية سد النهضة يفرض على مصر واجب أخلاقي علي أن تكف عن التعاطي مع السودان على أنه مجرد فناء خلفي لها وبأن تنهي سيطرتها على مثلث حلايب على الفور وان تقوم بسحب قواتها من حلايب التي احتلتها اثناء انشغال السودان في حرب أهلية طاحنة.
الغريب ان مصر الان تشكي الان من اسباب مشابهة لتلك التي بسطت فيها سيطرتها على مثلث حلايب حين تدعي ان اثيوبيا استغلت انشغالها بمشاكلها الداخلية وشرعت في بناء سد النهضة..
حتي اتفاقية الحريات الأربع هي حريات التنقل والإقامة والعمل والتملك وضعها السودان مباشرة حيز التنفيذ منذ اليوم الأول لتوقيعها بين البلدين فيما ظلت مصر تمتنع عن تطبيقها حتي اليوم وهذا أمر نحن لن نجد له مبررا سواء انه نوع من الاستعلاء المصري على السودان وكأن مصر لا تأخذ مصالحها بجدية ولا تنظر للفوائد المرتجاة من السودان والسودانيين لكن في الحقيقة ان مصر لم تعر عبر تاريخها بالا لمصالح السودان الا في حالات الضرورة التي تهدد مصالحها الذاتية وتضع امنها القومي في “خانة اليك”وما نحن بصدده اليوم من تقارب سوف تتكسر اشرعته ساعة وجود اي انفراجة في ازمة سد النهضة الحالية ساعتها سترمي مصر السودان وراء ظهرها وتعود “حليمة لعادتها القديمة” في الوقت الذي يظل فيه السياسي والمفاوض السوداني من اغبى وأبلد السياسيين علي وجه البسيطة والمثل يقول “لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين” لكن يظهر ان السياسيين السودانيين كفار أولاد كفار..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..