مقالات وآراء

ما هو المطلوب لكي تنجح سياسات الإصلاح الاقتصادي الضرورية؟

د. الحسن النذير

مرة ثانية نرجع لهذا المقال، نسبة للتردي المستمر لسعر صرف الجنية مصحوباً بتضخم خارج عن السيطرة.
هذا المقال غير موجه للحكومة الانتقالية، لانها تفكر بطريق اتجاه واحد، كأنما سياساتها الإصلاحية، ان جاز التعبير، منزلة وغير قابلة للنقاش. وللاسف، هذة الحكومة “ملكية اكثر من الملك”!! ولم تكلف نفسها ببذل جهد يخفف من آثار سياساتها القاتلة ولا نقول المرة. قبلت بخمسة دولارات كمظلة أمان شهرية للفقراء! أي 62 سنت يومياً!  ولم تتمكن من تطبيقها!
والكريه في الامر، التعذر بان المحروقات والدقيق يهرب الي دول الجوار! أين الاجهزة الامنية? لماذا لم يقدم شخص واحد من المهربين لمحاكمة؟. أين الشرطة، الجيش، الدعم السريع، جهاز المخابرات؟! والكهرباء زاد سعرها، 600% رغم عدم توفرها، هل يتم تهريبها ايضاً؟
نحن مع ضرورة ضبط الموازنة الداخلية والخارجية وتصحيح سعر الصرف وتوحيده. مع كل ذلك، لكن ليس بطريقة الصدمة القاتلة. هناك وسائل اخري للإصلاح الاقتصادي لا تتعارض مع أهداف روشتة الصندوق والبنك الدوليين ولكن ليس بالطريقة المؤلمة والمستعجلة، خاصة في ظروف دولة خارجة من النزاعات ومحاصرة عالميا، اقتصادياً وسياسياً لثلاثة عقود. وهذة لها اعتبارها المقدر لدي المجتمع الدولي، اذا وجد ساستنا الشجاعة والقدرة علي توفير المعلومات الضرورية المبررة.
في تاريخ الفكر الاقتصادي History of Economic Thought”
ليس هنالك شيء منزل، والمخارج من الازمة الاقتصادية الكبري التي قدمها كينز، تمت عبر تدخل الدولة الكثيف في الشأن الاقتصادي لزيادة الطلب الكلي. والعولمة المدعومة من اللبرالية الجديدة خلقت  وفاقمت من الازمة المالية العالمية في 2008، وما زالت آثارها باقية، مما ادخل مفهوم العولمة بطريقته المتوحشة، في مأزق تعاني منه كل اقتصادات العالم، وخاصة النامية منها والناشئة.
وعلماء الاقتصاد في الغرب لا يتمسكون بثوابت ارثوذكسية كاقتصادي “الصدمة” عندنا.  يبدو انهم، اي اقتصاديينا، مع الاعتذار، غير متابعين كما يجب لتاريخ الفكر الاقتصادي. ما زالوا يتقوقعون في بطن “دعه يعمل دعه يمر” مقولة “آدم سمث” التي مرت عليها عدة قرون.  نأسف لهذة اللغة الجافة، لكننا مضطرون لإيقاف مبررات “الجراحة العميقة” التي ما عادت قابلة للتسويق في ظروف بلادنا!
في تقديرنا المتواضع، يجب وعلي وجه السرعة عمل الآتي:
– “السعي” لتشجيع الانتاج، خاصة الزراعي والصناعة التحويلية ، وتحسين البنية التحتية والنقل بالسكك الحديدية والإمداد الكهربائي    من اجل زيادة الانتاج، رفع قيمة الصادرات وتشجيع الاستثمار.
– البدأ في الإصلاح المؤسسي في الخدمة العامة   واصلاح قوانين الاستثمار،
– السيطرة علي صادر الذهب ومعاملته كسلعة سيادية مثل البترول،
– وقف التهريب، بقوانين رادعة تصل الي السجن الطويل والغرامة الرادعة ومصادرة المقبوضات  ومصادرة الطائرة اذا كانت شركة الطيران  متورطة، (وتغيير كل العاملين في المطار، ما عدا برج المراقبة الجوية. ) وتشغيل لجان المقاومة في الرقابة والتفتيش.
– من اجل رفع قيمة الصادرات وضمان الحصول علي حصيلة الصادرات، يجب إرجاع مؤسسات التسويق (شركة الحبوب الزيتية، شركة الصمغ العربي، مؤسسة القطن، مؤسسة تسويق الماشية واللحوم)
– منع الاستيراد بدون تحويل قيمة Nill Value, ومنع استيراد السلع الكمالية وغير الضرورية،
– تقديم حوافز للمغتربين، وتشجع الاستثمار وعلي أساس دراسة معمقة تعرض عليهم للشفافية والمشاركة والتجويد،
– اصلاح الجهاز المصرفي، ليكون داعماً للاستثمار والإنتاج وجذب مدخرات المغتربين،
– العمل علي توفير احتياطي بالنقد الأجنبي لدعم قيمة الجنيه تجاه العملات الاخري خاصة عن طريق التحكم في عائدات الذهب وسلع الصادر الاخري وضبط الواردات في حدود السلع الضرورية فقط.
– التحكم في عرض النقود وتبديل العملة لارجاع الكتلة النقدية للجهاز المصرفي، مع التحوطات اللازمة(عدم طباعة الفئات الكبيرة، تحديد سقوفات لسحوبات الكاش وضبط التحويلات الكبيرة بوثائق ثبوت للتعاملات التجارية )، كما هو معمول به في دول العالم المتحضر، مع توسيع الشمول المالي.
اذا تمت هذة المعالجات سريعاً قد تحقق سياسة الإصلاحات الاقتصادية بما فيها، سعر الصرف الموحد المدار، بعض النجاح، وقد يستقر سعر الصرف ويبدأ التضخم في الانحسار.
– ولكي نتجنب الأثر السلبي للتضخم المنفلت، يجب مراجعة سياسات  دعم السلع الاستراتيجية خاصة الادوية، الخبز، الكهرباء وخدمات النقل والمواصلات، عبر وسائل غير تضخمية، مثل الإصلاح الضريبي والسيطرة علي علي موارد المؤسسات الاقتصادية التي تسيطر عليها القوات النظامية، وعبر “بطاقات تموين” للشرائح الضعيفة كما هو معمول به في مصر مثلاً “دون رفض من صندوق النقدوالبنك الدوليين”.
– يجب انشاء وحدة لتحليل السياسات Policy  والتنبؤات الاقتصادية.  Analysis & projections Unit ووحدة لإعداد المشروعات في حال غياب وزارة للتخطيط كما هو الحال “عملياً” الآن.
– يجب اعداد خريطة استثمارية تحدد برامج، فرص وأولويات مشروعات الاستثمار علي المستوي القومي والولايات ، وان تكون متاحة الكترونيا بعد إجازتها بواسطة المجلس التشريعي إن سمحت السلطة الانتقالية بقيامه.
هذة بعض الخطوات الضرورية “وليست بالكافية”، للخروج من مأزق التدهور الاقتصادي المريع الذي تعاني منه بلادنا والمسغبة التي يرزح تحت نيرها معظم المواطنون السودانيون الطيبون.

‫2 تعليقات

  1. شوف دفاع عدل خارجية والباقي يشتغل الحكومة تصرف على هذه الوزارات فقط. باقي الوزارات من الناس وانتهى الموضوع

  2. معزرة يا دكتور …هم لو قادرين يعملو دا كلو كان جابو الهواء لى نفسهم ..قرار من كلمتين …ارفع الدعم…ياخى مقالك دا لو قروهو ساكت نفسم يقوم…ربنا يصلح الحال

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..