مقالات وآراء سياسية

رئيس الوزراء هل جاء ليخدم الامبريالية ام لينهض بشعبه؟

احمد بطران عبد القادر

السودان بلد مأزوم لسنوات مضين بسبب الكوارث الطبيعية والمجاعة والحروب الاهلية واختلالات إدارة الدولة السودانية وخضوعها لاملاءات الخارج وقد عجزت الانظمة المتعاقبة عن اخراجها من عنق الازمة لان معظمها انظمة شمولية مستبدة فاقدة للرؤية والهدف وغير مستشعرة مسؤولياتها تجاه المجتمع وتطلعاته في التنميه المتوازنة والديمقراطية المستدامة وغير مهتمة بخدماته الأساس من تعليم وصحة وغذاء وبنيات تحتية متطورة
حتي جاءت للحكم بانقلاب مشؤوم الجبهة الإسلامية القومية فعمقت الجراح وفاقمت الأزمة ووضعت البلاد في حصار إقتصادي ضاغط وعزلة دولية محكمة واججت الصراع وكسته اثواب دينية وجهوية هتكت نسيجه الاجتماعي وازكت نار العنصرية والحروب العبثية فازلت العباد واضاعت البلاد وغيبتها في غياهب الجهل والخمول والعطالة وأورثتها تجربة مسخنة بالجراحات العميقة وكدنا نفقد الأمل بيوم مشرق بعد فقدنا الجنوب كجزء عزيز علي النفس والذات حتي اندلعت ثورة ديسمبر المجيدة والتي التزمت بالسلمية وحضارية الاحتجاج وقوة الإرادة وجودة التنظيم حتي اسقطت نظام الثَّلاثِين من يونيو 1989 الاجرامي وقررت تفكيكه ومحاسبة منسوبيه واسترداد الأموال المنهوبة من خزائنهم والقصاص منهم للدم الطاهر ثم التوجه نحو الإصلاح القانوني والمؤسسي وتحسين مستوى الخدمات الاساس ومعاش الناس والانعاش الاقتصادي بالتنمية واستغلال الموارد البشرية والطبيعية وتوظيفها للنهضة الشاملة في عملية البناء والتعميير
وانفاذ هذا البرنامج بكافة الوسائل والسبل المتاحة خلال فترة الانتقال لانتاج وضع افضل وحياة كريمة مرتكزين علي عاملين الانفتاح الخارجي ومدخله بناء علاقات خارجية متوازنة تتسم بالاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والعامل الاخر الاعتماد علي البدائل والخيارات الوطنية والشراكة مع الرأسمالية الوطنية المنتجة واعادة بناء مؤسسات القطاع العام ومنظومات المجتمع المدني والتعاونيات الخدمية والزراعية وشركات المساهمة العامة
كل هذا يقع علي عاتق حكومة الانتقال والتي اهملت بعضه وغفلت عن اكثره وانشغلت بغيره فتعقد المشهد وتفاقمت الأوضاع لتصبح اكثر سوءا من ذي قبل
الجيل الشبابي المناضل الحر الشريف الذي كان شعلة التغيير الجذري يراقب الوضع عن كثب ولا يرى تغيير حدث يضاهي حجم التضحيات العظيمة التي قدمها شعبنا الأبي فيبزل مزيد من الفعل الثوري المنتج حتي لا تحدث ردة او انحراف عن مسار التغيير المنشود ويضع الحلول الناجعة للأزمة الاقتصادية التي تهدد بنسف السلام والسلم المجتمعي وترشح البلاد لمزيد من الحريق لكن حكومة الانتقال لا تلتفت لذلك وتسير بخطي بطيئة كسيحة لا تلبي طموحات التغيير ولا تطلعات الشعب لوضع افضل مرضي يضع حدا لمعاناتهم ويوقد شموع الأمل في ان الاتي أجمل

ورئيس مجلس الوزراء الذي يمثل رمزية الحكم المدني ورأس الرمح في عملية التحول الديمقراطي لا يحتفل بجماهير الثورة ولا يلتقيها الا خلسة في ابواب مغلقة تثير الشك والريبة..! كما انه بعيد كل البعد عن الحاضنة السياسية لحكومة الانتقال متمثلة في الحرية والتغيير ولجانها المتخصصة فقد سير الثوار الشرفاء عشرات المواكب للقصر الجمهوري ومجلس الوزراء لاسقاط سياسات رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية والمطالبة بتوجهات اقتصادية بديلة تتماشى ومطلوبات الثورة في العدالة الاجتماعية فلم يكلف السيد رئيس مجلس الوزراء بمخاطبة المواكب والحشود التي تأتي اليه في مقر اقامته ولم يلتزم ببرنامج اللجنة الاقتصادية للحرية والتغير ولا توصيات المؤتمر الاقتصادي كما انه لم يتفضل بعقد لقاء مفتوح مع جماهير الشعب السوداني يشرح وجهة نظره في لماذا يتبني نهج التحرير الاقتصادي وسياسات رفع الدعم عن السلع والخدمات؟ ليترك المواطن الكادح تحت رحمة الرأسمالية الطفيلية المتوحشة..!
ولئن كانت فلسفة التحرير الاقتصادي ووصفة البنك الدولي تقوم علي فرضية المنافسة الحرة فإنها تهدف للتحكم في سياسات الدول بالمنح والغروض الغير منتجة وفق شروط قاسية تسفر عن تفكيك هكيلة الدولة وخصصت قطاعاتها المنتجة لصالح الرأسمالية الطفيلية المحلية وسندها الإقليمي والدولي وبذا تصبح الدولة عاجزة عن القيام بواجباتها في تقديم الخدمات الأساسية من تعليم وغذاء ودواء وتعتمد في بقائها والصرف علي سلطاتها و مؤسساتها بفرض الجبايات المرهقة والضرائب الباهظة والرسوم المستفزة وتحويل حياة شعبها الي جحيم لا يطاق وبيئية خصبة لظهور الفساد بكافة اشكاله وصوره وانتشار الجريمة المنظمة والعابرة للحدود
ولئن كان الامر بهذه الخطورة لماذا يستجيب السيد رئيس مجلس الوزراء لهذه السياسية وهو الخبير الاقتصادي والموظف الاممي؟
فهل السيد رئيس الوزراء جاء ليخدم اجندة الامبريالية وحلفاءهم ام جاء لينهض بشعبه ويحقق أحلام ثورته البهية؟

الشارع الثوري رافض لهذه السياسات وكذلك جماهير شعبنا وعملا بنظرية درء المفاسد مقدم علي جلب المصالح قرر مقاومتها ومواجهة السلطة القائمة حتي التراجع عنها والا السقوط.. وقد علت وتيرة التصعييد الثوري ليبلغ ذروته في٣٠يونيو٢٠٢١م فهل ستحدث استجابة لمطالب شعبنا؟ ام سنشهد مزيد من الدماء و التضحيات ليسفر فجر الخلاص معلنا انتصار ثورة الشعب في موجتها الثانية؟!

الغرفة المشتركة للحراك الثوري

‫2 تعليقات

  1. كل الدلائل تشير الي ان عبدالله حمدوك رئيس الوزراء جاء ليخدم الامبريالية وليس لينهض بشعبه !!!!!!!!!!!!!!!!! اكثر من سنتين في الحكم والمحصلة صفر .نعم نعم عسكر اللجنة الامنية معوق كبير اتقدم الانتقالية ولكن حمدوك هذا الذي صفقنا له وشكرناه وكبرنا وهللنا له قتلنا مرتين مرة بالبرود ومرة بالغموض وعدم الشفافية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..