مقالات سياسية

مسكين .. حصان طروادة !!

معادلات
علي يس

كانت خدعةً شيطانيّة ..

على ألسن البُسطاء السُّذّج ، وضعوا عبارة “شُكراً حمدوك” ، مباشرةً بعد مسرحيّة مضاعفة الرواتب ، للمعلمين و لبقية العاملين بالخدمة المدنيّة ، و كان ذلك الإجراء الأخرق هو النافذة التي دخلت عبرها عاصفة التضخُّم (و الغريب أن ذلك تمُّ على يدي رجلين يُوصفان بأنهما من عُلماء الاقتصاد!! حمدوك و البدوي، مع أن أصغر بائع خُضَر في زاوية من السوق يعلم أنَّ زيادة الرواتب  في ظل خزانة خاوية و إنتاج صفري كحال السودان ، يعني فقط طباعة عملة بدون تغطية ، مجرّد ورق سيكتشف الناس سريعاً أنه لا يغنيهم من جوع)..

كان الشيطانُ حاضراً ..

حين نادى العقلاء بتغيير العملة كإجراءٍ حتمي لا بُدَّ منه قبل أي تفكير في مكافحة المضاربة في الدولار، و إيقاف عشرات الماكينات التي تستخدم في تزييف العملة الوطنية ، فضلاً  عن إعادة مئات المليارات المتسكعة خارج النظام المصرفي إلى البنوك، إلى غيرها من أهدافٍ عديدة يحققها تغيير العملة ، كان جواب ذلك النداء صمتاً مطبقاً من رئيس الوزراء و وزير ماليته ، و إعراضاً حاول بعض معاونيهما تبريره  بمبرر واهٍ ، هو عدم  توفُّر (تكلفة طباعة العملة) .. كان الناس ، حتى البسطاء منهم ، يعرفون أن ذلك ليس هو السبب ، كانُوا يعرفون أن أطنان العملة خارج المصارف تحرسها “البندقيّة”، و أنّ تغيير العملة (خطٌّ أحمر) لن يسمح به “لوردات الحرب” الذين لا تزدهر شركاتهم و أعمالهم إلا في ظل فوضى تداول النقد .. و كان القليلون فقط يعرفون أن رئيس الوزراء لم يُؤتَ به لكي يغيِّر العملة أو يعالج أمراض الاقتصاد ، بل جيءَ به لغرض آخر ، بدأ عامّة الناس يكتشفونه هذه الأيام …

المساكين الذين يظنون – و هم يسمعون شنشنات جبريل ابراهيم  الممجدة لرموز حكومة اللصوص و المدافعة عن حقهم في الاحتفاظ بما سرقوه ، كالمنزل الذي كان يسكنه علي عثمان مثلاً – يظُنُّون أن “جهةً ما” قد دسّت في حكومة حمدوك الأخيرة “حصان طروادة” ممثلاً  في جبريل ابراهيم .. لا يعلمون أن حصان طروادة  الحقيقي هو من جاء بجبريل و بمريم الصادق وزراء في حكومته .. و لا يعلمون أنَّ خطوات الهبوط الناعم لن تنتهي حتى يعود لصوص المؤتمر الوطني و الحركة المتأسلمة  حُكَّاماً من جديد، و لا عزاء للسُّذّج الذين يُقسِمون بالأيمان المغلّظة أن الكيزان (لن يشُمُّوها)!! .. الكيزان في قلب الحكومة الآن ، فالعبرة ليست باللحى و لا بالمسابح يا هؤلاء ..

ما يسمُّونه اليوم بــ(رفع الدعم) .. مع أنه ليس هنالك أصلاً دعم لأي سلعة حتى يرفعوه ، ليس إلا خطوةً ، ضمن خطواتٍ كثيرة  آتية ، “لاستتابة” الشعب من ذنبه الأعظم المتمثل في الثورة على اللصوص القتلة ، و حمله على الندم على ما اقترفت يداه ، و استعطاف الكيزان حتى يرجعوا ليحكموه مرةً أخرى ..

إطلاقاً لا يمكن فهم من يجري من تجويع للناس و تضييق عليهم إلا  في إطار السيناريو أعلاه ..

ستنفجر ثورة الشارع ، و لكن – للأسف – سوف يتم تجييرها لمصلحة  اللصوص و إعادتهم إلى كراسي الحكم كــ “منقذين”.. فيا لتفاهة المنقلب!!

المواكب

‫2 تعليقات

  1. و الله يا استاذ علي لو أكل الناس الحيوانات النافقة في الشوارع ثم بدأوا يأكلون بعضهم بعضاً فلن يعود الكيزان للحكم مرة أخرى، يمكن للشباب أن يسقطوا هذه الحكومة ثم يأتوا بأخرى و يسقطونها و بتالتة و رابعة و خامسة و لكن أن يحكم الكيزان مرة أخرى فهذا خيال (أسود) جامح لن يتحقق….
    أستاذ علي، هذا جيل ليس جيلي و لا جيلك… وصدقني سيعبرون بهذه البلاد إلى حيث يشاءون.

  2. حصان طروادة هو الذي اتي بجبريل إبراهيم ومريم الصادق ،هذا أبلغ تشخيص للمهزله التي تجري في بلادنا اليوم وشكرا حمدوك…
    مقال رائع يكشف لنا كمية الخداع والغش الذي يمارسه الارزقيه والمنتفعين الذين تدثروا بلباس الثوره واذاقوا شعبنا الضيم والكربه والذل حتى يصيبه الندم على ثورته ضد الكيزان انها مؤامرة مكتملة الأركان…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..