مقالات وآراء

”الحكومة الذكية..”

حديث المدينة ـ عثمان ميرغني

لو قدر الله لك أن تزرونا في مقر صحيفة “التيار” بالخرطوم، فأول ما قد تلاحظه الزحام في شارع لا يزيد طوله عن مائة متر.. عشرات من الرجال وقليل من النساء يحتشدون يومياً هنا ولساعات طويلة، غالبهم الأعظم ينتظر إكمال إجراءات تسجيل “جمعية تعاونية” في المبنى الحكومي المجاور لنا..

تسجيل “جمعية تعاونية” عمل يحتاج إلى بطولة.. يبدأ من الحي، لجنة التغيير والخدمات، ثم ينتقل إلى المحلية ثم يأتي هنا إلى المسجل في المبنى المجاور لنا.. الإجراء قد يستغرق شهوراً عدة.. لماذا؟

لماذا إذا احتاج شاب أو مجموعة إغلاق طريق في الحي أو رئيسي لا يكلفهم سوى بضع دقائق لجلب “لساتك” وإحراقها في الشارع العام.. بينما إذا أراد هؤلاء الشباب أنفسهم تكوين جمعية تعاونية ليزرعوا وينتجوا فدونهم خرط القتاد؟

هل يحتاج الأمر إلى مال أو دعم دولي أو ذكاء..

هل تحتاج الحكومة إلى عون دولي ومؤتمرات برلين وباريس لإصلاح الإجراءات الحكومية القاتلة لروح الإنتاج والتي تبث الإحباط في الشعب السوداني وتتلتهم عمرهم بلا طائل.. لماذا لا يستطيع الشباب أو أية مجموعة تكوين جمعية تعاونية عبر تطبيق إلكتروني .. يسجلون فيه أسماء أعضاء الجمعية وبياناتهم، وتراجعها الجهة المختصة في ساعة ثم تمنحهم الموافقة المبدئية إلكترونيا ثم تمنحهم الموافقة النهائية بعد بدء العمل فعلياً.

الأمر لا ينحصر في تسجيل الجمعيات التعاونية وحدها، بل في كل الإجراءات الحكومية العقيمة التي تهدر عمر الإنسان السوداني في السعي بين المكاتب الحكومية وجمع توقيعات وأختام لا فائدة منها سوى تأكيد سلطة “الأفندي” فوق مصالح الشعب والوطن.

أقترح على المهندس خالد عمر وزير شؤون رئاسة الوزراء أن يوجه دعوة لبيوت الخبرة السودانية العاملة في مجال البرمجيات وتطوير النظم، للبدء فوراً في تصميم خارطة الطريق لإنجاز “الحكومة الذكية” Smart Government وليس “الحكومة الإلكترونية”.. فالحكومة الإلكترونية لم تعد مواكبة للعصر، الأجدر أن ننتقل إلى مرحلة الحكومة الذكية.. تماماً كما انتقلنا في السابق مباشرة من عصر الهاتف إلى الموبايل دون المرور على جهاز النداء ” البيتجر” Pager.

من العجز أن نؤجل ما يمكن إنجازه الآن بلا رهق أو حاجة لأموال طائلة، مثل مشروع “الحكومة الذكية” ومع قلة تكاليفه فهو عظيم الفائدة ويحقق واحداً من أهم أركان النهضة وبناء دولة السودان الحديثة.

التيار

‫6 تعليقات

  1. وفقك الله يابشمهندس ….دايرن الاقتراحات الايجابية اكثر من الكلام في السياسية والهرطقة ….كلنا نعرف الداء محتاجين للدواء والبداية في الاقتراحات البناءة….اعتقد الامارات شغالة ببرناج افكار وعلى ماأعتقد في واحدسوداني في هذا البرناج….الى الامام…العوائق كثيرة…لكن رب فكرة يلتقطها الآخر.

  2. هذا شئ معروف أنّ إنجاز المعاملات إلكترونياً يوفر كثير من الجهد، لكن هذه الحكومة الذكية التي تتحدث عنها تحتاج الي بنية تحتية، كهرباء وإنترنت، هذين اهم عنصرين في الاقتصاديات الحديثة.

  3. الحمدلله، السودان بخير ،طالما يوجد أمثال عثمان ميرغني قامة في الوعي والادراك والفهم. بوركت استاذي.

  4. كلامك منظقي يا باشمهندس عثمان. ولكن نحن في السودان للاسف الشديد نتدهور يوميا الى الخلف عوضا عن التقدم مثل كل الدول التي فاقتنا الان وتقدمت من حولنا. ابسط مثال خدمات البنوك والتي من المفترض ان تكون في قمة التكنولوجيا نجدها ايضا متخلفة ودائما الشبكة طاشة هو الشعار الدائم لهم.
    تخلف شركات الاتصالات وعدم مواكبتها للنهضة الحاصلة في العالم الان وغلاء اسعار النت والكثير من مثل ذلك يعوق اي تنمية متوقعة لهذا الوطن المنكوب من قبل حكامه. ونسال الله أن يصلح حالنا وان يأتي لنا بالحاكم العادل المتعلم بكيفية نهوض وطنه وليس من يتبع تعليمات وروشتة صندوق النقد الدولي.

  5. كما ذكرت يا باشمهندس الهدف الأساسي من الأختام و التوقيعات تأكيد سلطة الأفندي (الحكومة) و اذلال المواطن و اشعاره بأنه عبد و مملوك للدولة و يجب ان يتقبل الإهانة و الإذلال من سكات و الا سيكون مصير معاملته سلة القمامة، و للاسف في أواخر سنوات العهد البائد معظم الشركات الخاصة و البنوك صارت تمارس نفس هذه الأساليب الدكتاتورية علي المواطن صاحب الحق و سيد الجلد و الرأس.
    الحكومة الذكية او الإلكترونية في المقام الاول و قبل الحديث عن الامكانيات و الانترنت و الكهرباء، تعني تغيير العقليات القديمة المسيطرة و ازالة البيروقراطية العقيمة التي تسري في اوصال الخدمة المدنية و للاسف هذا يعني الأستغناء عن عشرات الآلاف من العواجيز و عطالي الوزارات و المصالح الحكومية و رغم أن أدوارهم لا تتخطي شرب الشاي و الجبنة و قراءة الجرائد و القطيعة و طق الحنك إلا أنهم سيحاربون التطور و سيقاتلون من اجل ابقاء الوضع كما هو.
    الامل كبير في شباب الثورة العظيم في كنس هذه العقليات المتحجرة و النهوض بهذا الوطن العملاق من كبوته و لتكن البداية عند جيرانك المسؤلين من تسجيل الجمعيات التعاونية حيث نوجه نداء إلي الشباب الغيور في هذه اللجنة إلي إنشاء صفحة فيسبوك او موقع الكتروني لتوجيه المتعاملين و توفير الدعم المطلوب و تسهيل إنجاز العمل و تدريجيا سيتم التحول المطلوب

  6. اعتقد لا مانع من ان تقوم انت بعمل تطبيق بدلا من المهندس خالد سلك لانه مشغول بالسياسه. ولطالما الفكرة انت صاحبها افضل ان تتبناها وبعلاقاتك ممكن ان تصل لاصحاب القرار ونحن من خلفك ندعمك بكل ما نملك
    الامن والاستقرار لوطننا الحبيب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..