مقالات وآراء

سفري السبب لي أذايا

صباحكم خير – د ناهد قرناص
قبل سنوات كانت صديقتي تنوي (الرحول) الى مسكن آخر ..كان علي مساعدتها في (تستيف العدة ) ..اذا بي افاجأ بكميات الطقوم الجميلة الجديدة التي لم يستخدمها أحد ..شئ طقوم شاي وشئ طقوم عشاء ..هذا غير ما لا يخطر على بال بشر من أنواع أكواب العصير والصواني باحجامها ومقاساتها المختلفة ..(ايه دا يابنتي ) قالت لي بكل فخر (دا نتيجة التجوال بين بلدان الدنيا) ..(شوف ازاي ؟ وليه ما بتستعمليها ؟ ) ..ضحكت وقالت (يا بتي في السودان دا ..العدة السمحة دي ما بتنفع …السودان دا بس تنفع معاهو صحانة العضم دي).
هل لاحظتم مثلي ان السوداني يسافر ويلف العالم ..تعجبه الأفكار في كل بقاع الدنيا ..ولما يرجع الى السودان لا يفكر في نقل التكنولوجيا ..هناك حالتان لا ثالث لهما لمتلازمة السوداني العائد من الخارج ..اما يركن كل ما أتى به من تلك البلاد على جنب ..واكل في (صحن العضم) ..او لملم ما يليه من (عقاب ) وطار الى بلاد الاغتراب مرة أخرى ..وبس خلاص.
أفكار السفر و(صحانة العضم) هذه قفزت الى ذهني وأنا اقرأ خبر أفرحني جدا لكنه جعلني أتوجس خيفة ..الخبر يقول ان شركة لوفتهانزا الألمانية بصدد عمل زيارة للسودان لكي تقدم النصح والمشورة لقطاع النقل الجوي ..هاجسي الاكبر ..ان تقوم الشركة بعمل الدراسة الكاملة ..وتقدم النصائح الذهبية في النهوض من القاع ..وكيفية اصلاح الخطوط الجوية والعودة مرة أخرى الى الأجواء العالمية .. ..تقوم الشركة بكل هذا المجهود ..وتغادر الى موطنها ..وطوالي يتم رفع ما قالته فوق (رأس الفضية )..ويغرفوا لينا في صحانة العضم.

في العهد البائد كان هناك ما يدعى بـ(الاطلاع على تجارب الآخرين ) ..وهي أسفار يقوم بها الوزير الجديد وطاقمه الى دول أخرى متقدمة في شأن وزارته ..حصص المطالعة هذه مرحلة مهمة في بداية الاستوزار ..وبعدها تبدأ مرحلة حضور المؤتمرات وورش العمل ..وقبل ان تنعكس نتائج حصص المطالعة على حصص الانشاء ..اما تتم الاقالة او اعادة التدوير الى كرسي جديد وبعدها تبدأ الاسفار للاطلاع على تجارب دول أخرى في التخصص الجديد ..وهكذا دواليك ..والمحصلة صفر كبير وتحكرنا في منصب (الطيش) بامتياز.

ذلك عهد مضى ..وأظلنا عهد جديد استبشرنا فيه خيراً أن أغلب الوزراء فيه مستوردون من وراء البحار ….لذلك كانت دهشتنا عظيمة في الخيبات التي تتالت على ظهرنا واحدة تلو الأخرى ..يبدو ان ( صحن العضم )فكرة …والفكرة لا تموت …والله يا جماعة نحن شعب يستحق ان يعيش بكرامة ..نستحق الرفاهية ..نستحق ان تكون هناك مشروعات حديثة في بلادنا ..دول الجوار ذهبت بعيداً في مجال التنمية طرق وكباري ومنشآت ومصانع واستثمارات أجنبية ووطنية ..ليه ؟ لأنهم عندما يسافرون ..يأتون بتجاربهم من الخارج ويطبقونها على أرض الواقع في بلادهم ..لا يوجد لديهم (صحون عضم )..الافكار الجيدة يطوعونها حسب مقدرتهم وبيئتهم ..ويستفيدون من كل شاردة وواردة.
اما نحن طالما هناك (ناس عضم ) سنظل شعارنا (سفري السبب لي اذايا)
الجريدة

تعليق واحد

  1. الشعوب التي نهضت اعتمدت على انفسها فقط، ونحن لم نصل مرحلة دولة بعد، وإن بدأنا، ولكن تم تدمير ذلك بواسطة عصابة الفطيسة الترابية النتنة النجسة وتحالف عصابة فار الفحم مع عصابة اولاد هدية اللصوص.
    على الجميع الوقوف خلف حمدوك والتشبث به فهو كان خيار الثوار وسيظل خيارهم، خاصة بعدما لمح به وأشار اليه ضمنياً في تواصله الثوري الأخير مع الشعب السوداني والذي حمل تفاصيل مشهد كمشاهد افلام عصابات المافيا حيث يكيد جميع أعضاء العصابة لنيل مقعد الريئس،وحمدوك ليس بريئس عصابة ولكنه مُمثل الثوار والشعب الذي إختاره الشي الذي اثار حفيظة أعضاء تكتلات العصابات التي تتقاتل للسيطرة على السلطة، حمدوك يشهد له الجميع بالنزاهة والوطنية والتربية السليمة والعين المليانة، وطبعاً ود هدية اللص، حين رشّح حمدوك لمنصب من قبل في الوزارة، أراد ان يجرجر رجل حمدوك للوحل ومن ثم يقول للجماهير (اهو حتى حمدوكم طلع حرامي)، ولكن حمدوك الله لطف به، وهو ادرى بالصحيح من الخطأ، وقيض الله له اكبر من منصب وزير مالية وهو هبة الله للشعب السوداني، هذه الهبة التي تمت بذر بذرتها في تربة خصبة ولكن حولها حشائش سامة طفيلية تمتص غذاء اي نبتة تُزرع بجانبها، ولكن هنا يأتي دور المزارعين (الجماهير) في العمل معاً لإزالة هذه الحشائش لتهيئة البيئة المناسبة لها والإلتفاف حولها ورعايتها مهما إمتدت جزور هذه الطفيليات إليها لقتلها وإعاقة نمؤها؛ بناء دولة من الآساس شي يفوق أبعاد تفكير العامة الذين تتوقف بصيرتهم عند حاجتهم الآنية وإن كانت من ضمن أساسيات الحياة، فما أحدثته عصابة الفطيسة الترابية النتنة النجسة من دمار وزادت عليه تحالف عصابة فار الفحم مع عصابة اولاد هدية اللصوص هو تدمير مُمنهج للمجتمع السوداني مادياً وإقتصادياً (سوى كان داخلياً او خارجياً) واخلاقياً وعلمياً وفكرياً ودينياً وسياسياً؛ فكيف لك لنا ان نتوقع ان يقوم شخص واحد باصلاح كل هذا الدمار في عامين او عشرة اعوام، ما انحزه حمدوك يستحق ان يتمسك به الشعب السوداني اكثر من قبل، فهو يقاتل جميع الخونة والجواسيس والعملاء والمنافقين واللصوص والمجرمين والإنتهازيين داخلياً من المدنيين، ودع عنك ما يقابلهم من الناحية الأخرى ممن يحملون سلاحاً سوى كان شرعياً او غير ذلك وبقاتل ايضاً تكتلات دول خارجية تتربص بالسودان وتستغله وتبتزاه من ضمنها دول في محيطه العربي والأفريقي وحتى دولاً أوروبية وكذلك أمريكا؛ حمدوك لم يمارس اي دور سياسي من قبل، ولكنه خلال عامين نجح وتعلم الكثير وإكتسب خبرة تجعله يأتي بأشياء جديدة خلاقة ومبتكرة؛ جميعنا اسأنا فهم حمدوك واصبناه بساهم التراشق المُتسرع كعادة العامة المتلهفين لتغييرات ثورية آنية، ولكن بما أن المهمة تفوق جميع تصورات الصعاب، ولكنها لا تصل حد الإستحالة لكي تُنجز، علينا أن ندعم حمدوك بقوة لان ما قام به حمدوك من عمل وما لمسته وحست به الجماهير من تواصل ثوري عبر خطاب حمدوك الأخير، جعلنا نقدّر جثامة العبء المهول الواقع على كاهل حمدوك وحده، فهو لا تسانده قوى حزبية ولا قوى سياسية ولا مليشيات مسلحة ولا تكتلات عسكرية وأمنية، فقط جماهير الثورة والشعب السوداني المسحوق، ذلك البوح الضمني الذي بثه حمدوك جعلنا نتمنى أن يستمر في تواصله الجماهيري الذي اعاد الأمل في الثورة التي ظن الجميع انها أُجهضت، ولكنها جنين يكاد يتشكّل ببط في رحم الصبر الجماهيري المطلوب في هذا الوقت، ولا يدري به الا حمدوك، لذلك نتمنى أن يستمر في تواصله مع الجماهير حتى يواسيها ويدفعها نحو طريق الأمل ومنها يكتسب هو القوة الدافعة المطلوبة التي تعينه على الإستمرار للوصول لجهة العبور الآمن لبر مطالب الثورة والشعب السوداني الصابر.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..