مقالات سياسية

المدروك في أقوال حمدوك..!

عثمان شبونة

* لا يضر رئيس الوزراء عبدالله حمدوك إطلاق لسانه بالمزيد من هواجسه وهمومه المتعلقة بإدارة الدولة في المرحلة الإنتقالية؛ والتي أقر بصعوبتها من خلال مبادرته الأخيرة ذات السبعة محاور.. والأهم من إطلاق الكلام هو أن يلملم ثقة الشارع فيه (لو استطاع).. فالمواقف الثابتة القوية صانعة الفروقات على الأرض لصالح الشعب هي المحفل لكسب التأييد والسند؛ سواء لحمدوك أو لغيره.. ومكاشفة الشعب بكل العقبات التي تحول بينه وبين الممكن لن تزيد من خساراته المكتسبة بغفلاته وهشاشاته إن لم تنقصها.. فكلما تأخر في إعانة نفسه بالشعب تمكن العسكر والجنجويد (المرتزقة) من تعقيد الأوضاع أمام التحولات التي ينتظرها أهل السودان.. وهي تحولات دُفع من أجلها الثمن بالدماء.. وكفى.

* كيف لنا الوثوق في حمدوك وقد أفلت الكثير من يده؛ فكان إفلاتاً خاذلاً لثورة ديسمبر العظيمة وشعاراتها؛ حتى وصل به الحال لمُرِّ الشكوى.. فقد بث شكواه من خلال المبادرة بواقعية مدروكة للكل حين وصف الأزمة التي تعيشها البلاد (بالمخيفة).. وزاد بالقول: (إن الشراكة السياسية في السودان بين المدنيين والعسكريين لا تسير في خط مستقيم وتواجه تحديات كبيرة).

* والتحديات هنا تؤشر لصورة فشل في المشهد الكلي للحكومة الإنتقالية.. أما الجزئيات فكثيرة متشابكة؛ فحمدوك نفسه ظل (جزءاً من تعقيد المرحلة الإنتقالية بهوانه على نفسه وليس زهده) وقد فصّلنا في ذلك عبر مقالات سلفت.. كما أن حمدوك في قوله الآنف يتغافل كالعهد به؛ إذ لا يوجد (سياسيين) في الشراكة التي أشار إليها؛ إنما إنتهازيين (عسكر قتلة مع مدنيين يتلاعبون بالزمن ــ المكان) وينقصون الأنفس والثمرات! فما المُنتظر لجميع خطوط الشراكة سوى (اللولوة)؟ ما المُنتظر من شراكة الدم غير النحس والهباء؟!

(2)  

* للخروج من دوامة الأزمات والمعضلات السياسية والإقتصادية والأمنية؛ وإنقاذاً لمسار الفترة الإنتقالية المُستهَل بالإعوجاج من كافة لاعبيها؛ لم يخترع حمدوك جديداً سوى أنه تكلّم بالمعلوم من الأزمات؛ وأشار لمنغصات ومشاكل تؤشر للعسكر (المُتلككين) في الحكم ويدهم  الطولى في التأزيم والتهديم داخل (زريبة السلطة)؛ كما تؤشر من جهة لفشل حمدوك ذاته كشخصية بطيئة ترى العلل والأخطار وتدور حولها كثيراً بلا هِمّة.. ثم بعد هذه الفترة من البرود يأتي حمدوك مُكاشفاً بالمدروك.. و(أن تأتي متأخراً أحياناً؛ فالأفضل ألا تأتي) أو كما أقول.

* محاور عدة طرحها حمدوك في مبادرته تتصل بقطاعات كلها مهمة وواجب إصلاحها فوراً؛ في مقدمتها القطاعات العسكرية والأمنية  كعقبة كؤود تعترض المنشود في إصلاح (القطاعات الأخرى) وتؤجل أي تحوُّل ديمقراطي..!! كذلك محاور الإقتصاد والعدالة (المعلقة) والسياسة الخارجية وردت في المبادرة؛ ولا ننسى تطرقه للمجلس التشريعي (الذي تأخر كثيراً) وها نحن ننتظر إنقضاء مدة الشهر التي قطعها حمدوك ليكون المجلس واقعاً.. بالإضافة إلى ذلك تطرقت المبادرة لملفات واجب العمل لإصلاحها؛ تتصل بالفساد المهول وتفكيك نظام 30 يونيو الإرهابي.

* من خلال الرصد نستطيع القول أن المبادرة حُظيت بترحيب من قطاعات واسعة.. وفي رأيي أن المطلوب بعجالة أكثر هو القضاء على مصيبة إسمها المليشيات؛ فوجودها قاصمة أمام إصلاح القطاع العسكري والأمني نفسه؛ وأمام التحولات المرجوة ليكون السودان دولة محترمة.. وحمدوك لا يستطيع لوحده تحصين هذه الدولة؛ لكن لديه الكثير ليفعله (إذا هبّ من غفوته).. ليس المطلوب منه تذكيرنا بالمدروك من مصائب العسكر والمدنيين بين حين وآخر.. إنما المطلوب منه التخلص من ظاهرة (صمته المريب) واختراق ما يخافه بروح ثائر؛ لا بروح العلاقات العامة والتراخي وحدها.. صحيح أنه في مبادرته الأخيرة حاول يتلمّس درباً لعصب الموضوعات الحية التي تهم سواد أعظم من الشعب وتقلق العسكر..! وقد حملت بعض الكتابات حفاوة بالمبادرة (بمحدداتها ومهدداتها) وأكبر المهددات عندي أن العسكر والجنجويد (يحكمون) وبيننا وبينهم ثأر عظيم..! أكبر المهددات أن يستمر القتلة منهم منفلتين. 

أعوذ بالله
[email protected]
المواكب

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..