أخبار السودان

حلول عملية لمنع تطورالاحتكاكات بين الرعاة والمزارعين:جنوب كردفان مثالاً

تقرير: محمد حسين كباشي ادم
ظل التداخل والاحتكاك بين المزارعين المستقرين  والرعاة هو السمة السائدة في كل اطراف السودان التي تقوم على الزراعة والرعي المتجول  لذلك كانت شرارة الاحتكاكات والمواجهات والاقتتال ومن ثم الحروب هي السمة المتكررة والسائدة في جل ولايات دارفور، ولايات كردفان ، النيل الابيض واحيانا النيل الازرق، ما سلمت من ذلك الا مناطق اقصي شرق وشمال السودان.
واساس الاحتكاك انه ولاسباب تتعلق بالتغيرات المناخية والتوسع السكاني وزيادة القطيع القومي اصبح الرعاة في حاجة الى مناطق اوسع للرعي واصبح المزارعون في حاجة الى مساحات اوسع للزراعة بسبب من زيادة الطلب على الغذاء و ايضا تطور ادوات الحرث والزرع مما يجعل الموارع الصغير متمكنا من زيادة مساحته المزروعة. و مع  ظهور هذاه الاسباب والتطورات اصبح الاحتكاك امرا لا مفر منه مثلمل يقع في دارفور و جنوب و غرب كردفان و النيل الابيض و منطقة ابيي. الا ان هذه الظاهرة ليست جديدة وكان الحل ياتي بجلوس الحكماء من كل جانب من الادارة الاهلية يقدرون الخسائر التي وقعت على المزارع جراء دخول الماشية على الارض المزروعة و يتم السداد و يمنع التطور. الان وقد شاع السلاح الناري و انتشر وسهلت الحركة و التواصل اصبح كل احتكاك قابلا للاشتعال لقتال مرير و ضحايا كثر. الا ان ولاية جنوب كردفان اتخذت اخيرا خطوة تخرج بها من هذه الدائرة الشريرة.

فقد شهدت الفترة الأخيرة توترا ونزاعا حادا نتج عنهما عنف وقتل  بين قبيلة القرون والجرون بسبب عدم ترسيم المراحيل والمسارات وغياب تحديد اماكن النزل والمرعي بالإضافة الى التوسع في مجال الزراعة والتعدي على المراحيل فضلا عن الزيادة الكبيرة في اعداد الماشية  بجانب ضيق الرقعة الجغرافية في المساحات الآمنة للرعي مما أدى إلى تبادل الاتهامات  بين الطرفين الراعي والمزارع.
” حقيقة نحن في حاجة إلى وضع خطة واستراتيجية لرسم المراحيل بطريقة قانونية وبمشاركة أصحاب المصلحة من الطرفين الرعاة والمزارعين والإدارة الأهلية لوضع ضوابط  قانونية صارمة للمخالفات تجنب الاحتكاكات” وفقا للاستاذة حميدة خاطر دلدوم  من ادارة الإرشاد الزراعى ونقل التقانات  بولاية جنوب كردفان
و اوضحت ان من الأسباب  التي جعلت العلاقة متوترة بيت المكونين في منطقة ولاية جنوب كردفان وهو أنشاء مراحيل  بديلة بخلاف السابقة ذلك نسبة لضيق الرقعة الجغرافية الآمنة للرعي

و يشير الخبراء الى ان ضيق المساحات يعود الى ان الحرب وانتشار مناطق العمليات والالغام والنهب المسلح كلها ادت الى تضييق المساحة التي يتحرك فيها الطرفان الرعاة والمزارعون فضلا عن التغيرات المناخية الكثيرة والتوسع السكاني
وتقول الخبيرة حميدة ان احد اسباب النزاع الاخير في جنوب كردفان يعود ايضا الى ابرام اتفاقيات وعقودات دون الرجوع للقواعد (الإدارة الأهلية) فضلا عن إشتراك الحيوان والإنسان في مشرب واحد بما يزيد من فرص الاحتكاك.
ويقول  دكتور سامر حميدة على مدير إدارة الانتاج الحيواني بجنوب كردفان انه و لنتمكن من معالجة مشاكل النزاع  الذي يدور سنويا بين الرعاة والمزارعين يجب ان تتبع خطة للاعادة سياسة النظر في  ترسيم المسارات والمراحيل السابقة وتعويض المزارعين مزارع بديلة نسبة لعبور المرحال  لمزارعهم، بجانب تغيير ثقافة النمط التقليدي للماشية وادخال سلالات محسنة ذات جدوى اقتصادية عالية دون تقافة الكثرة في عملية التفاخر والتباهي من غير عائد اقتصادي للدولة.ايضا هذا الأمر ينطبق للمزارع في تقليص المساحات الزراعية  و التركيز على تركيبة محصولية اقتصادية  للاستفادة من المساحات و ان كانت صغيرة.
واضاف سانر ان من بين الأسباب  التي ادت الي خلق جفوة  بين الرعاة والمزارعين “الزيادة المطردة في اعداد الماشية فوق حمولة المرعي” بالإضافة الى الكثافة السكانية والتوسع في المساحات الزراعية لسد الفجوة في الأمن الغذائي  وطمس المعالم التاريخية السابقة.
واشار الى “ان العلاقة بين القرون ( الماشية) والجرون (المزارع التقليدية) تكاملية” ومن الطبيعي هجرة الرحل من الجنوب الي الشمال فى فصل الامطار والخريف و هو عرف وثقافة متبعة من الرعاة المتجولين بحثا عن الكلا وهروبا من الذباب الضار ( التسيتسي) في فترة الخريف.

و يضيق السيد صديق بابكر رحال ان معالجة النزعات والاحتكاكات وسط شريحة المزارعين والرعاة في الولاية جاءت من خلال “ترسيم المراحيل ووضع بواكم (اي) علامات واضحة”  لتحديد المسارات او المساحات التي يسمح للماشية الرعي والظعن والاقامة فيها ابان فترة الزراعة الى انقضاء فترة الحصاد وانه لفض النزاع  تم تحديد أماكن النزل والمخارف (من كلمة خريف) وفرض عقوبات رادعة للمخالفات وتفعيل دور الإدارة الأهلية وتشكيل لجان مشتركة من الإدارات الأهلية والأجهزة الأمنية للمتابعة والتقييم.
فيما عبرت الإدارات الأهلية عن تقديرها للمجهودات والخطوات التي اتبعتها الحكومة في ترسيم المسارات والمراحيل ووصفتها بالإيجابية  وانها ستحد من الاحتكاكات. وو لكن قيادات من الادارة الاهلية ترى ان “المشكلة الأساسية تكمن في انتشار الأسلحة الكبيرة والخفيفة في أيدي الرعاة وهو مهدد أمني للمزارع والمواطن العادى.”
وكشف ممثل الرعاة ادم العاقب ادم ان الزراعة والثروة الحيوانية مرتبطين مع بعض وما حدث من نزاع وخلافات سببها الحرب الطويلة أثرت على الرعي والزراعة وإذا اكتمل السلام وجمع السلاح المنتشر في ايدي المواطنين تعود الحياة والعلاقة الي طبيعتها.
لذلك ومعالجة لهذا الامر وتحديد المسارات بصورة قاطعة اطلقت الولاية بقيادة الدكتور حامد البشير ابراهيم خطة ترسيم المسارات و التي دشنها الشهر الماضي السيد  عبدالله ابراهيم خميس  المدير العام لوزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية بالتعاون مع منظمة كير لتكون ضربة البداية في ترسيم المسارات وتحديد أماكن النزل  بالمرحال الغربي .
وقال عبدالله في تصريح لـ (سونا) ان  ترسيم المراحيل والنزل له أهمية كبيرة اذ يساهم في تقليل النزاعات والاحتكاكات  التي تحدث  بين الحين والآخر وسط الرعاة والمزارعين وتحدد حركة الرعاة في رحلاتهم الموسمية من الجنوب الي الشمال وبالعكس.

واضاف خميس ان المرحال يبدأ من الجانب  الغربي منطقة دميك والتقاطع متجها  شرقا  بطول 35 كيلو وتجري المساعي لتنفيذ( 65) كيلومتر بالاتجاه الشرقي وتتطلع الوزارة اعتماد المراحيل وتسجيلها في خارطة الوزارة ضمن الأصول.
وتتكون العملية من وضع اعمدة بصورة واضحة تبين مناطق سير الماشية والرعاة و تدل على ان من قام بالزراعة داخل ذلك الحرم انما يعرض محصوله وزرعه للخراب وان من خرج بماشيته عن هذا المسار انما هو يعتدى على المزارعين ويعرض نفسه للعقوبات
تسمى الاعمدة (البواكم) وبدات زراعة الاعمدة ذات الالوان الواهية و التي يمكن رؤيتها من مسافات بعيدة  منذ يوليو ةما زال العمل فيها مستمرا حتى و توجد عدة و يتكون العنود من مواد خرسانية شبيهة باعمدة الكهرباء قديما   و القصد من استخدام الالوان الزاهية هو التوضيح و لتكون عاكسة يجري تميزها من مسافات بعيدة. و ربما بسبب هذه الاعمدة و انتشار السلام فقد سجل اخر حدث من احداث العنف بين الجانبين _يوليو من العام الماضي في منطقة خور الورل.
من جانبه أوضح أحمد ابوعجوب مستشار منظمة كير التي تعمل في قطاع الموارد الطبيعية مشروع بناء السلام وتمكين الاقتصاد للمجتمعات المتأثرة بالنزاعات ان  ترسيم المسارات والمراحيل يقع ضمن تدخلات المنظمة في بناء السلام والحد من النزاعات والمشكلات بين المزارعين والرعاة والاستفادة من استخدامات الأراضى.

فيما اشاد عمدة كيقا لبن ابراهيم رمضان  بهذة الخطوة التي تعمل الإدارة الأهلية من أجلها لضمان السلامة المرورية للماشية وحفظ الأمن والتعايش السلمي بين  المواطنين. وأشار إلى أن ترسيم المرحال يحدد المسافة بين الرعي والزراعة ويقلل نسبة المشاكل. وكشف البدوي الازيرق رئيس اللجنة التسييرية لاتحاد الرعاة ان ترسيم المعالم مرحلة متقدمة تحد من الخلافات وتنظم التعايش السلمي وتحول دون وقع الاعتداءات .

سونا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..