مقالات سياسية

مصالحة الإسلاميين.. دعوة من لا يحترمون الشعب

أسماء محمد جمعة

هذه الأيام انبرى البعض يدعو للمصالحة مع الإسلاميين رغم كل ما فعلوه بالسودان وشعبه ورغم تاريخهم السادي الملئ بالغدر والخيانة، أصحاب الدعوة بعضهم قادة في الأحزاب السياسية وقادة في الحركات المسلحة إن جاز لنا أن نسميهم قادة، ولكن لم نسمع مواطناً طرح هذه الفكرة أو أيدها. وحقيقة لا أدري كيف يفكر هؤلاء، ولكن المؤكد أنهم من النوع الذي يعيش لنفسه ويعمل لمصلحته، وليس لديهم إحساس بالشعب يجعلهم يخجلون مما يقولون ودعوتهم فيها عدم احترام له واستخاف بما خسر خلال 30 سنة.

ألم يسلْ دعاة المصالحة أنفسهم كيف يمكن للشعب أن يتقبل ذلك، فالأمر يحتاج إلى مقدرة واستعداد نفسي، وهذه يحددها حجم الجريمة ونوعها وعمقها في النفس، فمن قتل شخصاً مع سبق الإصرار والترصد ليس مثل الذي قتل بالخطأ، والمصالحة عادة تتم بين من دخلوا في صراعات ونزاعات نتيجة ظروف وأسباب خارجة عن إرادتهم أو فرضها ظرف معين. ففي مثل هذه الحالات لا يفقد الناس القدرة على الجلوس من أجل المصالحة والوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، بل دائماً تكون هناك رغبة واستعداد لإتمام الأمر، وقد يتمكنوا من الوصول إلى تسوية تؤدي إلى خلق علاقة أقوى.

الأمر مع الإسلاميين يختلف فهو حدث مع سبق الإصرار والترصد، لذلك ترك حفرة عميقة في نفوس مكونات الشعب، وقد مارسوا ضده كل أشكال العنف والحرمان والإذلال والقهر والقتل والإفساد والإفقار والعزلة والتجهيل، ورفضوا تماماً توسلاته لهم بمراجعة أنفسهم وتغيير نهجهم وأصروا على الاستمرار حتى دخلوا في مواجهة مفتوحة معه، وواجهوه كما يواجه عدو عدوه وسخروا كل إمكانات الدولة ضده، وحين انتصر لم يسلموا ويعتذروا ولم يطلبوا المصالحة والصفح بأنفسهم، بل ظلوا ينكرون وقاومون بشراسة وذهبوا إلى أبعد من ذلك، فهم الآن يشنون حرباً غير شريفة على الدولة والمجتمع غير مهتمين بالخسارة الفادحة التي يتكبدانها، أليس كل هذا كافٍ لأن يرفض المجتمع فكرة المصالحة.

كل هذا الشعب مقتنع بأن من مصلحته إجراء مصالحات اجتماعية بين جميع مكوناته وطي صفحة الماضي السوداء، ولكن ليس مع الإسلاميين فمصالحتهم تفوق طاقة البشر، فهم بعد كل ما فعلوا غدارين ولا يؤمن لهم جانب وتاريخهم حافل بالغدر والخيانة، وحتى لو (قرش الشعب العطرون) وتحمل مصالحتهم سيلدغونه كما فعلوا من قبل، وهذه المرة لدغتهم ستكون قاتلة وحينها لن ينفع الندم ولن يجد الشعب الفرصة التي توفرت له الآن للتخلص منهم.
إذا أراد دعاة مصالحة الإسلاميين قبول الشعب بالفكرة عليهم بإصلاح كل الأخطاء التي ارتكبوها وإعادة كل الشهداء الذين قتلوا في عهدهم وكل ما سرق ونهب وهدم، ببساطة عليهم إعادة السودان إلى وضعه الذي وجد عليه عام 1989، بعدها ستكون المصالحة ممكنة، وإلا فعفواً لا مجال لمصالحتهم، وعلى الداعين لها السكوت وعدم ترديد هذه الكلمة حتى يشملهم غضب الشعب.

عموماً مصالحة الإسلاميين لن تخدم غرضاً بل هي ضد المصلحة العامة، وحقيقة لا خير يرجى منهم وتكفي تجربة خمسين سنة، ويجب مواصلة النضال والعمل بوعي للوصول للديمقراطية فهي وحدها من سيعرفهم بحجمهم.

الديمقراطي

تعليق واحد

  1. (عموماً مصالحة الإسلاميين لن تخدم غرضاً بل هي ضد المصلحة العامة)
    يا اسماء ما قلتيه عن مرارات صحيح، ولكن لا بد من تحكيم العقل:
    أنا شخصيا مع خروج اليمين واليسار من الساحة السياسية فكلهم ذوو عقلية واحدة، بل شباب الثورة اصبح يهتف ضد جميع الاحزاب! بصراحة الاعتقاد أن الكيزان حالة خاصة وبقية الاحزاب تختلف كلام فيه عدم دقة شديدة!
    في ظل الظروف الراهنة وللقارئ الحصيف للخريطة والوضع الجيوسياسي فلا بديل للمصالحة الا الاحتراب والعداء في صفوق الشعب الواحد.. اذا كنتي تعتقدي أن ما يحدث من تمزق داخلي هو شي بعيد عن هذا المشهد السياسي الكئيب وحالة الاحتراب ولغة الكراهية السائدة تكوني مخطئة، نار تشتعل في الشرق فتنطفئ لتظهر في الغرب، وتأجيج مستمر للعنصرية والقبلية والجهوية، وانفلات فاحش للتضخم وازمات متواصلة في مقومات الحياة الرئيسية تبدأ من لقمة الخبز الى ظاهرة الوسخ التي من المخجل جدا ان الناس اصبحوا يتداولها في السوشال ميديا حول العالم..الخ
    لو كان هناك توافق لا اعتقد ان هذا البؤس كان سيحدث، لأن هناك من يبني وهناك من يكسر بسبب عدم اتساق المعادلة التوافقية بين شعب يعيش على ارض واحدة..
    هذا الطراش الشديد من لغة الكراهية للاسف لا يضر من آذوا البلد ونهبوا ثرواتها بل يضر اشد الناس ضعفا ممن لم يعودوا يأكلوا اكثر من وجبة واحدة وفقيرة في اليوم..
    الوضع حساس ودقيق.. اتمنى عندما تتحدثي في الشأن العام توسعي النظرة وتشوفي مين المتضرر من الوضع السياسي الراهن. الفكرة المطروحة محاسبة كل من أخطأ بسيف القانون ولا يفلت مجرم من العقاب أما من لم يجرم ولم يدان فلماذا نجنده بهه الطريقة الجاهلة ضد السودان، فالسودان للجميع ولا يوجد أحد له افضلية على الاخر.. أما اذا كان الشخص قد حاد عن الطريق فدونه القانون!
    يأخت أسماء : اما دولة القانون أو على الوطن السلام!!!!!!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..